النضوج الجنسي
بعد انقضاء فترة الاضطراب في مرحلة البلوغ، يتم النضوج الجنسي الذي يتميَّز بالانصراف إلى شخصٍ آخر يتركَّز فيه ويُشبع فيه الحب والرغبة الجنسية؛ فالنضوج الجنسي يُصاحبه طلب شخص المحبوب.
ويتم النضوج عند الذكور بسرعةٍ شديدة، بينما يظل كامنًا عند الفتاة فترةً قد تطول إلى حدٍّ ما؛ نظرًا إلى الظروف الاجتماعية.
وفي بعض الأحيان يتعلَّم الشاب المسألة الجنسية بعقد الصلة مع بنات الهوى.
هذه الصلة جنسية بحتة لا تُشبع الرغبات النفسية، وتختفي فيها شخصية الغانية والشاب. وهي — إلى جانب ذلك — صلة مؤقَّتة ليس فيها دوام أو مسئولية. ويفعلها الشاب في الغالب كأنه يرغب في إخفائها عن نفسه وعن الناس، ويعقبها الندم. ثم هي عمل صبياني. وأكثر بنات الهوى يبدين مظاهر صبيانية.
مهما يكن من شيء فالصلة بالعاهرات لا تخلق علاقةً يترتَّب عليها مسئولية، ولو قصر الشاب علاقته بعاهرةٍ واحدةٍ فقط فلا يترتَّب مع ذلك وحدة حقيقية، بل وحدة ظاهرية؛ لأن الاتحاد على أي الحالات مؤقَّت، ولا يترتَّب عليه مسئولية اجتماعية، أو جزاء أدبي.
والزواج بطبيعة الحال يُمثِّل نهاية التطوُّر الجنسي واستقرار الشخصية السليمة، وفي الزواج عنصران أساسيان؛ الحب، والصلة الجنسية. والحب مقدَّم على الصلة الجنسية، وهو أقوى عامل في الاستقرار والدوام، وفي ذلك يقول تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً (الروم: ٢١). فالزوجة تُكمل الزوج، يجد فيها ما ينشد من راحةٍ بعد اضطراب، وسكون بعد ثورة. أمَّا المودة فهي الرابطة الحقة التي ينحلُّ الزواج معها إذا انعدمت. وعلماء النفس المحدثون على هذا الرأي من تقديم المودة على الصلة الجنسية.
ويختلف الزواج عن مجرَّد الصلة بالمرأة تلك الصلة المؤقَّتة؛ إذ له قيمة عامة نتيجة الإعلان في الزواج، أمَّا الصلات الأخرى فإنها تجري في الخفاء، ثم يتحد الزوجان ويتخذان اسمًا واحدًا، وهذا الاتحاد عند المسيحيين أشد منه عند المسلمين الذين يُبيحون الطلاق، لهذا يقال «مدام فلان»؛ أي أن الزوجَين أصبحا شيئًا واحدًا، بعد أن كانا شيئَين، وبدل «أنا» و«أنت» يُصبحان «نحن»، وكلاهما ينصرف إلى رغبةٍ واحدةٍ هي «الولد». وليس «الولد» ملك الأم وحدها، أو الأب وحده، بل هو ابنهما جميعًا، وبذلك تنتهي حياة الزوجَين إلى حبِّ شخص واحد، بل إلى المعيشة من أجله، ذلك هو «الولد».