من قضايا الأدب الحديث: مقدمات ودراسات وهوامش
«ولكن «الحداثة» تعبيرٌ عربي لا ينطبق كل الانطباق على المودرنية، ويختلف معناه باختلاف مستخدميه، وإذا كان قد اتخذه بعض الكُتاب عَلمًا على كتاباتهم، فليس معنى ذلك أنهم يعنون به مدرسةً بعينها من مدارس الأدب الحديث؛ أي الأدب الذي ابتعد عن المحاكاة واتخذ منهجًا من هذه المناهج الجديدة. وما أكبرَ الفارقَ بين إنتاج إدوار الخراط الذي ارتبط اسمه أكثر من غيره بما يُسمى أدب الحداثة، وبين أعمال جمال الغيطاني الذي يبتدع أساليب ووسائل فنيةً تجعله ينتمي إلى أكثر من مدرسةٍ من هذه المدارس، وإن لم يقُل لنا إنه من أرباب الحداثة ولا من دُعاتها، بل — وهذا من مفارقات التاريخ الأدبي — إنه يقول بعكس ذلك!»
يناقش «عناني» في هذا الكتاب مجموعةً من القضايا المتعلقة بالأدب الحديث برزت في النصف الثاني من القرن العشرين، وارتبطَت بألوانٍ أدبيةٍ جديدة ازدهرت بعد الحرب العالمية الثانية. ومن أهم هذه القضايا قضية المصطلحات التي نشأت في الأدب الغربي، واستعارتنا لها واستخدامها في كل آونة، سواءٌ أدركنا دلالتها الحقيقية أم لا. ولعل أبرز هذه المصطلحات مصطلحا «الحداثة» و«الخطاب» اللذان استُخدما في النقد الأدبي العربي المعاصر على نحوٍ مغاير عما يَعنيه في الأدب الغربي. كما يُلقي «عناني» الضوء على قضيةٍ أخرى، هي الشعر بين الفصحى والعامية، مؤكدًا على أن شعر العامية ازدهر بالتوازي مع شعر الفصحى، وبينما كان شعر الفصحى يُمثِّل الشعر الرسمي، مما ساعده في الحفاظ على البقاء والاستمرارية، كان شعر العامية يُمثِّل الشعر الشعبي الذي كُتب باللهجات العربية المحلية المتأثرة باللغات القديمة التي دخلَت العربية عليها. وإلى جانب هاتَين القضيتَين، ناقش «عناني» العديد من القضايا الأدبية الأخرى بمنهجيةٍ وبأسلوبٍ علمي، والتي نتعرف عليها باستفاضةٍ في هذا الكتاب.