(١) تاريخ القارة الأمريكية
كان سكان الأمريكيتين دومًا من المهاجرين، ولقد وصل الإنسان العاقل للعالم الجديد
عقب رحلة
في أرجاء العالم القديم، ودخل أمريكا الشمالية منذ حوالي أربعين ألف سنة على أقصى تقدير؛
١ إذ تكثر المواقع الأثرية التي تعود لأقدم من عشرة آلاف سنة في الأمریكيتین.
٢
وتضم الأمريكيتان أشكالًا متنوعة وكثيرة من المناخات والبيئات، وتدل التنقيبات الأثرية
الحديثة على أن أنماط الحياة في الأمريكيتين كانت على درجةٍ كبيرةٍ من التنوُّع؛ فقد
عرفت حياة
الصيد البري وصيد الأسماك وجمع الطعام، وقد توصل بعض سكان أمريكا الأوائل إلى معرفة الزراعة
بصورةٍ مستقلة عن العالم القديم، ولكن العلماء ما زالوا مختلفين حول توقيت حدوث هذا التطوُّر،
ولو أنه قد حدث على كل حالٍ بعد اكتشاف الزراعة في الشرق الأدنى القديم، وبحلول عام ٢٠٠٠ق.م.
كانت قد تطورت أمريكا الوسطى (شكل
٧-١) فصار بالإمكان عندئذٍ أن تنشأ جماعات مستقرة وكبيرة.
٣
(٢) أشهر القبائل الأمريكية وأشهر عاداتها
انتشرت في العصور القديمة بالقارة الأمريكية العديد من القبائل التي كانت تأكل لحوم
البشر، خاصَّة في شمال أمريكا.
٤ وقيل إن العديد من القبائل الهندية من كندا وأمريكا الشمالية مارسوا أكل لحوم
البشر، ومنهم: هنود الجونكيان في شمال شرق أمريكا الشمالية، وكواكيوتل، وقبيلة
Athapaskans،
وقبيلة
Iroquois وقبيلة
Hurons وتعد قبيلة كواكيوتل هي أكثر القبائل تناولًا للحوم البشر
وهذا بالدليل القاطع؛ إذ يعتمد الهيكل الاجتماعي لهذه القبيلة على فكرة أكل لحوم البشر،
فهم
يصورون العالم كمكانٍ لتناول الطعام، ويُنظر إلى الرجل على أنه أحد الكائنات التي يُؤكل
لصلته
بالكائنات الخارقة، وهم لا يرضون بأدنى من ذلك كطعام لهم، وللسيطرة والهيمنة على هذه
الفكرة
لا بد من التدخل الديني؛ ولذا تتبنَّى تلك القبيلة العديد من الأساطير التي تُمارس في
ظل طقوس
واحتفالات معينة يتم فيها تناول اللحوم البشرية.
٥
(٢-١) الشامان ودوره في قبيلة كواكيوتل
تعتقد قبيلة كواكيوتل أنه بمقدورها السيطرة على الطبيعة الثنائية لحياتهم من خلال
الشامان
ذي القناع، وذلك من خلال الراقصات وشخصيات آكلي لحوم البشر؛ لأن هؤلاء الأفراد يتكونون
من
جزءين؛ الجزء الجسدي «ممثلًا في الجسم الآدمي» والشق الخارق «ممثلًا في الرجل المُضحى
به»،
وهذ هو ما يُعرف بالبنية الثنائية للمجتمع، ودور الشامان في ذلك هو السيطرة أو التوسُّط
بين
القسمين؛ البشر الذين يؤكلون وفي نفس الوقت يشاركون في فعل القوة الخارقة بالعبور بين
العالمين وينتهي بهم الأمر أن يُؤكلوا فيحصلوا بذلك على هوية الخارق.
٦
(٢-٢) شعب الهنود الحمر بشمال أمريكا
شعب الهنود الحمر المسمَّى هورون
Huron عاش على ضفاف البحيرات الكبيرة الواقعة فيما
يُسمَّى اليوم ولاية أونتاريو في أمريكا الشمالية، أسطورة الخلق لديهم تُحدِّثنا أنه
في البَدْء
لم يكن هناك إلا الماء وبه كانت تعيش الحيوانات المائية
٧ (شكل
٧-٢).
(٣) الأضاحي البشرية من خلال الرسوم الصخرية
عُثر على أشكالٍ متنوعة لرسوم صخرية توضح ممارسة عادة التضحية البشرية، وذلك ضمن
النقوش الصخرية في منطقة أولمبيك لشالكاتزينجو في موريلوس المكسيك (شكل
٧-٣) تؤرَّخ بحوالي (٩٠٠–٥٠٠ قبل الميلاد) تنطوي على مناظر لبعض طقوس
التضحية البشرية، وتصوير للعديد من المشاركين في تلك الشعائر القربانية، وربما كان لهذه
الطقوس ارتباطات أسطورية وسياسية تتعلَّق بالحكم والزعامة في المنطقة.
٨
أوضحت الرسوم والنقوش الصخرية في منطقة
Chalcatzingo الوضع الاجتماعي والدور الرمزي
للأضاحي البشرية، وأوضحت كذلك احتمالية أن تكون تلك الأضاحي البشرية قد تم تقديمها كطعام
للإله؛ إذ تظهر الشخصيات مرتدية الحد الأدنى من الملابس التي بالكاد تغطي منطقة الأفخاذ
والساق، ورغم ذلك كان هناك حرصٌ على ارتداء عصابات الرأس الذهبية، والأكاليل وشرائح تزين
الأذرع، وكانت هذه من زينة وملابس صفوة ونخبة المجتمع هناك لا سيما الحكام. وهكذا كانت
الأضاحي في
Chalcatzingo تجسِّد نوعًا من التناقض؛ فالأضحية المقدمة للإله قد تكون من الأسرى
وفي هذه الحالة تُحرم من أي حلي أو متاعٍ أو ملابس ترتديها، وقد تكون شخصًا ذا مكانة
اجتماعية عالية
ومن ثم يرتدي ما خفَّ من الثياب ويرتدي إكليلًا أو عصابة ذهبية وحلي الأذرع
٩ (شكل
٧-٤).
ولقد ارتبطت الأضاحي البشرية كذلك بالتجدد والخصوبة الزراعية والعطاء، فبتقديم الأضحية
البشرية يعتقد أهل
Chalcatzingo أنهم بذلك يضمنون هطول المطر، وخصوبة الأرض الزراعية ووفرة عطائها.
١٠
(٤) حضارة المايا
استوطنت شعوب المايا مناطق أمريكا الوسطى والشمالية بما فيها من بليز والسلفادور
وجنوب
المكسيك وغرب الهندوراس، تعود أقدم مستوطنات المايا إلى حوالي ٢٠٠٠ قبل الميلاد، والمايا
هو
اسم حضارةٍ قامت شمال جواتيمالا وفي أجزاء من المكسيك حيث الغابات الاستوائية وهندوراس
والسلفادور، وهذه المناطق موطن شعب هنود المايا، وقد بلغت تلك الحضارة أوجها سنة ٧٠٠ق.م.
وكان وصول الإسبان والأوروبيين إلى الأمريكيتين سببًا في تدمير هذه الحضارة. وتنقسم حضارة
المايا زمنيًّا إلى ثلاث مراحل هي: «ما قبل الكلاسيك – الكلاسيك – ما بعد الكلاسيك» وتمتد
هذه
الفترات زمنيًّا ما بين ١٠٠٠ إلى ٢٥٠٠ عام ما بين نشأة وتقدم ثم انهيار حضارة المايا.
١١
ككل الشعوب الزراعية القديمة كانت شعوب المايا الأوائل يعبدون آلهة الزراعة، وكانوا
يقدمون لها القرابين لاسترضائها، وكان لديهم اهتمامٌ بالنجوم والفلك، وكانت ملاحظات العرافين
أو الفلكيين تتنبَّأ لتبشرهم بالأحداث والساعات السعيدة في كل أنشطتهم الحياتية، ولا
سيما
الزراعة أو الحرب، وكانت أهراماتهم تُشبه التلال المصنوعة من الدبش والحجارة وفوق
قمتها المذابح والمعابد المسقوفة، وكانت تشيد في قلب المستوطنات ليقوم الكهنة بتقديم
التضحيات للآلهة فوقها؛ لهذا أقاموا الأهرامات الكبيرة الحجم في موقع الميرادور في الأراضي
الواطئة من جواتيمالا، وتعتبر من البنايات الضخمة لقدماء المايا.
١٢
وكان لدى زعمائهم الدينيين فكرة عن الزمان؛ إذ كانوا يعتقدون أن الماضي يعد بمئات
الآلاف
من السنين، بل لعلهم توصَّلوا إلى فكرة أن الزمان ليس له بداية. وقد بَقِيَت لنا ثلاثة
من كتبهم،
وهي مدوَّنة على ورق مصنوع من لحاء الشجر ومطوي بعضه على بعض، وتتحدث هذه الكتب عن طقوسهم
وهي
تُعطينا فكرةً عن ماضيهم، أما بقية القصة فلا بد لنا من لملمتها بما بين أيدينا من وسائل،
مثل
التأريخ بطريقة الكربون المشع، وعلم الآثار، والنقوش الحجرية المحفورة بكتابةٍ تصويرية
بدأ
العلماء الآن بفك رموزها. وتشير الأدلة المجمعة إلى أن الكتابة كانت تُستخدم لأغراضٍ
أخرى
أيضًا، ولكن لم يكتشف أي كتاب عن التأريخ أو عن التنبؤ بالغيب. وتعد مدينة تشيتشين إيتزا
من
أشهر مدن المايا، ويبدو أن مجتمع المايا كان يتكوَّن من عددٍ من الدُّوَيْلات الصغيرة
المبعثرة،
كانت آخر معاقلهم في يوكاتان.
١٣
(٩) تقديم الأضاحي البشرية
ولقد اشتهرت تشيتشن إيتزا كذلك بطقوسها وممارساتها العقائدية التي كان أهمها تقديم
الأضاحي البشرية؛ وكانت طريقة تقديم القربان لدى شعب تشيتشن إيتزا بشعة، حيث يجتمع كبير
المقاتلين وملك القوم وكاهنهم وبعض الحرس وأبناء الملك في رأس الهرم، ثم يأتون بالأضاحي
البشرية التي سيقدمونها ويضعونها على مكان مرتفع في رأس الهرم ويأتي الكاهن ويقرأ التراتيل
والتعويذات؛ ومن ثم يهوي بسكينة على صدر الشخص المُضحَّى به ويشقه ويكسر الضلوع ويقطع
الشرايين
عن القلب ثم يخرجه، والضحية لا تزال حية؛ ومن ثم يهوي أحد الحراس بفأسٍ على رأس الضحية
فيقطعه ويهوي به من أعلى الهرم، ومن ثم يهوي بالجسم من أعلى الهرم، وهناك من يستلم الرأس
بطريقة بهلوانية في أسفل الهرم؛ ومن ثم يقوم الكاهن بوضع القلب على مشب أو موقد ليشتعل
القلب ويحترق وبهذا يكون قد قدم القربان إلى آلهتهم.
٢٠
ولقد اشتهرت تشيتشن إيتزا بالاهتمام بالجماجم الآدمية.
٢١ ورسم أجزاء الجسم البشري والعظام في العديد من الأعمال الفنية وربما كان الدافع
إظهار القوة والانتصار على الأعداء، كأفعال دالة على الانتقام من مثل ما جاء في رفوف
الجماجم في مرتفعات غواتيمالا؛ إذ كان التركيز على نقش جماجم بشرية عدة فاتحة فمها لبثِّ
الخوف في قلب العدو.
٢٢ ولا يخفى على أي زائرٍ للمكان مدى الروحانية والرمزية التي يتمتَّع بها، ويتبدَّى
ذلك سواء من خلال الأعمال الفنية أو المنشآت المعمارية التي شيدها شعب تشيتشن إيتزا.
٢٣
ولقد عبرت الأعمال الفنية في معبد تشيتشن إيتزا عن العبادات والعقائد التي آمن بها
شعب
تشيتشن إيتزا والتي كان على رأسها تقديس الأسلاف؛ ففي «شكل
٧-٩» يتبين جزء من منظرٍ عُثر عليه
في المعبد ركز فيه الفنان على إظهار أحد الأشخاص يعلو رأسه تاج ريشي؛ مما يشير إلى اعتباره
شخصية مقدسة، ويمسك في يده مجموعة من الرماح وثعبانًا فاغرًا فاه.
٢٤
(١٠) حضارة الأزتك
كانت إمبراطورية الأزتك في طور التوسُّع عندما وصل إليها الأوروبيون، وقد سحرتهم
بغرابتها
وإنجازاتها كما أثارَت الرعب في نفوسهم.
٢٥ والأزتك
Aztec هي قبائل الهنود القديمة (شكل
٧-١٠) التي عاشت في أراضي
المكسيك منذ القرن الحادي عشر وحتى بداية القرن السادس عشر، وأقاموا هناك واحدةً من أعظم
حضارات العالم والتي لا تزال آثارها موجودةً حتى الآن.
٢٦ وقد أنشأ الأزتك العديد من الأماكن الرائعة التي أشهرها وأعرقها معابد أشبه
بالأهرامات كانوا يقصدونها للعبادة وإقامة الطقوس والتي لا تزال موجودةً حتى الآن. كما
توصل
الأزتك لمعلومات قيمة للغاية في علم الفلك والرياضيات.
٢٧ وفي سنة ١٣٢٤ أقام الأزتك قرية فوق جزيرةٍ أسموها «تينوكتيتلان» تطوَّرت بعد
ذلك وأصبحَتْ مدينة كبيرة وهي مدينة «نيو مكسيكو» العاصمة الحالية.
٢٨
(١١) تقديم الأضاحي الآدمية أعلى معابد الأزتك
تقول الفلسفة الأزتكية إن الجسد البشري شكَّل مخزونًا حيًّا للقوى المقدسة في العالم،
وكان
القلب والرأس متلقيين لمصادر القوة والتجدُّد في الطبيعة.
٢٩ ولقد استندت الديانة والحياة اليومية الأزتكية على فكرتين هما: تكرار صنع
الآلهة في الخلق والتدمير، وتغذية الآلهة عبر تقديم هبات من الطاقة المقدسة.
٣٠ وكان الشكل الهرمي من أهم الأنماط المعمارية التي أتقنتها واستمرت عليها قبائل
الأزتك وربما كان لذلك دلالته العقائدية لديهم؛ فالهرم هو مركز الطقوس الدينية ويصح هذا
الأمر على الأرجح على مدينة تيوتيهواكان.
٣١ ويوضح «شكل
٧-١١» إعادة تخيل لما كان عليه المعبد ذو الشكل الهرمي لديهم.
٣٢
وكانت ديانة الأزتك تتطلَّب تقديم الأضاحي البشرية،
٣٣ ولقد أثبتت أحدث الاكتشافات تقديم الأضاحي الآدمية أعلى معابد الأزتك.
٣٤ وكان هذا الأمر يتم بصورةٍ فظيعةٍ تُقطع فيها رءوس الضحايا وتُنتزع قلوبهم من
صدورهم وهم أحياء، بغرض إرضاء الإله وتجديد قوته.
٣٥
وهناك العديد من الأعمال والمصنوعات الفنية الهامة لدى الأزتك التي ارتبطت بطقوس
تقديم
الأضاحي البشرية كان من بينها علبة حجرية تُستخدم لإحراق قلوب البشر وتخزينها، وكانت
أساطير
الأزتك تقول إن الآلهة قد اضطرت للتضحية بنفسها لكي تمنح دماءها غذاءً للشمس، فكانت هذه
الطقوس المريعة إعادة تمثيل لتلك الأسطورة.
٣٦
ولقد عبد الأزتك إلهًا مكرسًا للحرب، وأقاموا له معبدًا فخمًا فوق مصطبة عالية مشيدة
من
الحجارة المتراصة، ترتفع فوق مباني المدينة لتكون موضعًا متميزًا يليق بضحايا إله الحرب،
كانت تقوم أمام معابد الأهرامات تلك ساحات واسعة يتجمَّع فيها الأزتك لمشاهدة الطقوس
التي
تُراق فيها دماء الضحايا فوق درج المعبد.
٣٧
وكانت الطقوس تتم بعد أن يعتلي المُضحى به درجات سلم المعبد، ويتم انتزاع قلب الضحية
البشرية وهو لا يزال ينبض، ويُلقى على سلالم المعبد لتتخضَّب درجات السلم بالدماء حتى
يصلَ
القلب إلى الأرض، وكان اعتقاد الأزتك أن من يُضحي بنفسه أو يتم تقديمه كأضحية من الرجال
أو
النساء فهو خالد لأنه ضحى بنفسِه لنيل رضا الإله، كانت الطقوس تتم بلا رحمةٍ ودون هوادة
فبمجرد صعود المضحى به ووصوله إلى أعلى المعبد يُذبح وينتزع قلبه ويُلقى به متدحرجًا
عبر
درجات الهرم، وهذا هو الموت الوشيك الذي صعد ليناله سواء كان برضاه أو مرغمًا عليه.
٣٨
(١٣) نظريات حول سبب التضحية بالبشر لدى الأزتك
مارست شعوب وحضارات أمريكا الجنوبية كالمايا والأنكا والتولنك والأزتك التضحية البشرية،
وكان الأزتك أكثرها ممارسة لهذه العادة من حيث العدد وربما يعطي التقويم الأزتكي تفسيرًا
مهمًّا لأسباب الإفراط بالتضحية البشرية لدى الأزتك، إلا أن علماء التاريخ يذكرون أسبابًا
ونظريات أخرى أهمها:
٣٩
-
أن الأزتك كانوا يفتقدون في غذائهم إلى البروتين؛ لذلك حاولوا التعويض عن ذلك
بأكل لحوم البشر حيث كانوا يقومون بأكل أجزاء من جسم الضحية، إلا أن بعض
العلماء يدحضون هذه النظرية بالقول إن غذاء الأزتك كان حقًّا يفتقر إلى البروتين
الحيواني، ولكنه كان غنيًّا بالبروتين النباتي.
-
نظرية أخرى تقول بأن الأزتك كانوا يستعملون التضحية البشرية كدعاية لهم
لإثارة الرعب في نفوس أعدائهم، وأنهم كانوا يبالغون في إعداد الأضحية لأجل بث
الخوف وإضعاف مقاومة أعدائهم.
-
وهناك نظرية أخرى ومؤيدوها هم من أحفاد الأزتك
في المكسيك، وترى هذه النظرية أن جميع ما ذكرَتْه الكتب عن التضحية البشرية لدى
الأزتك هو كذب وتدليس قام به المستعمرون الإسبان لتشويه صورة شعوب الهنود
الحمر في الأمريكيتين وتبرير المجازر التي قاموا بها بحق هذه الشعوب، وربما تكون
هذه النظرية محقةً نوعًا ما؛ حيث إن الإسبان أسهبوا وبالغوا في وصف بربرية شعوب
الأزتك، ولكن تبقى هناك حقيقة أن الكثير من نقوش ورسوم التضحية البشرية مأخوذٌ
من معابد وآثار الأزتك نفسها.
٤٠
ولقد تم العثور على معبدٍ داخل بناء يتوسط مدينة المكسيك، وهو معبد صغير مستدير الشكل
كان
مخصصًا لإله الرياح؛ ومن ثم اتخذ نمط هذا المعبد شكل الدوامات أو شكلًا يرمز إلى الدوامات
(شكل
٧-١٣) وفيه عثر على الكثير من دلائل تقديم الأضاحي البشرية.
٤١
(١٤) قبيلة شوار (جيفارو)
توجد غرب الأمازون في البرازيل بأمريكا الجنوبية وهي قبيلة متوحشة بدائية، عندهم
موجة من
الطقوس المتوحشة تُسمى تسانتسا، بحيث يصطادون عادة رءوس أعدائهم من البشر ويقطعونها،
ثم
يُزيلون عظام الجمجمة ثم يحشونها بالرمال الساخنة لتخفيفها (شكل
٧-١٤) وفي النهاية يخيطون
الشفتين، ثم يعلِّقون الرأس على شجرةٍ بحيث يكون حجمه تقريبًا مثل حجم التفاحة
٤٢ (شكل
٧-١٥ وشكل
٧-١٦).
وفي شمال «بيرو» — غرب أمريكا الجنوبية — عرفت عادة التضحية بالأطفال؛ فقد عُثر
في شمال
بيرو على جماجم العديد من الأطفال التي كانت قد قدمت كأضحيةٍ ضمن الممارسات الدموية التي
مورست هناك منذ آلاف السنين
٤٣ (شكل
٧-١٧).
ولعل هذه الجماجم كانت قد استخدمت كنوعٍ من الوساطة بين البشر وبين قوى الطبيعة؛
ففي هذا
العصر استقر السكان في قرى معينة طوال السنة، معتمدين بشكلٍ أساسيٍّ في غذائهم على الزراعة
فلا بد أنهم مارسوا طقوسًا دينية خاصة لزيادة المحصول وهذا المعتقد ما زال موجودًا لدى
سكان
المايا في دولة جواتيمالا، حيث يتم الاحتفاظ بثلاث جماجم على مذبح الكنيسة، ويعتقد السكان
أنهم يمثلون أسلافهم الموقرين، وخلال وقتٍ معين من السنة الزراعية يتم تسيير إحدى الجماجم
في
موكب عبر القرية ويحدث ذلك ليلًا بواسطة رجال القرية (كبار السن)، ويتم تقديم الجمجمة
على
طبق كبير وتتسلمها فتاة في سن الزواج، ويتم إعداد وليمة تقليدية وتوضع الجمجمة على مائدة
منفصلة مع أفضل الطعام، ومن الواضح أن هذه الشعيرة ما هي إلا إحدى ظواهر الخصوبة؛ حيث
مَن
تقوم بإجراء القداس امرأة قادرة على الإنجاب؛ وبالتالي الربط بين خصوبة المرأة والأرض.
٤٤