«مصر» في عهد «نقطانب» الأول ٣٨٠-١–٣٦٢ق.م
نخت-نبف | خبر-كا-رع |
ولما تولى «نقطانب» عرش «مصر» لم تكن أحوال السياسة الخارجية تدعو إلى التفاؤل كثيرًا، وإذا صرفنا النظر عن «جلوس» وخلفه المسمى «تاخوس» اللذَين لم تجن منهما «مصر» شيئًا؛ فإن مصر لم تكن على تحالُف مع أية دولة، أما الفرس فعلى العكس من ذلك فإنهم بعد نهاية الحرب مع «أفاجوراس» أخذوا يقومون باستعدادات للقيام بحملة جديدة للاستيلاء على «مصر»، ومن أجل ذلك طلب إلى اليونان استدعاء «خابرياس» من «مصر».
على أن استدعاءه لم يكن في تلك اللحظة دليلًا على أن الفرس يريدون إعلان الحرب على «مصر» في الحال؛ وذلك لأن الأحوال لم تكن مواتية للفُرس وقتئذٍ، فقد كان تحريرُ مدينة «طيبة» اليونانية في عام ٣٧٩ق.م، مضافًا إلى ذلك الاضطرابات الهيلانية التي أعقبتْ ذلك، ثم النشاط الخارجي الذي أظهرتْه مملكة «أثينا» وقتئذٍ، وهو ذلك النشاط الذي كانتْ نتيجته قيام إمبراطوريتها البحرية الثانية عام ٣٧٧ق.م؛ كل هذه العوامل كانت سببًا في تحويل أنظار السياسة الفارسية مؤقتًا لِمدة طويلة نسبيًّا عن «مصر»؛ وفضلًا عن ذلك فإن الاستعدادات الحربية نفسها للقيام بالحملة على «مصر» قد تطلبت من الفرس وقتًا طويلًا، وفوق كل ذلك نجد أن القيادة العامة للجيوش الفارسية قد تغيرت مرتين.
والآن يتساءلُ الإنسانُ ما القوات التي كانت تحت إمرة كل من «فارنابازوس» ومساعده «إفيكراتيس»؟ يدل الإحصاءُ الذي عمل في معسكر «عكة» على حسب ما ورد في «ديودور» على النتائج التالية:
هذا، ونجد أن «فارنابازوس»، قد أَغلق بأسطوله في وجه المصريين كل أمل في التحوُّل من جهة البحر المتوسط، وعلى أية حال لم نجدْ أن «نقطانب» قد قام بأية محاولة بحرية، وعلى ذلك فإن النجاح الوحيد الذي كان ممكنًا أن يحرزه الفرس هو السيطرة على البحر.
وتدلُّ الأحوالُ على أن جيش «فارنابازوس» قد أَخذ في الزحف قبل مُنتصف شهر يونية، وهو التاريخُ الذي يَبتدئ فيه ظهورُ بشائرِ الفيضان، وكل ما يمكن قولُهُ هنا: أن رياح الخماسين التي تكون على أَشُدِّها في شهر أبريل قد أجبرت القائدَ الفارسيَّ أن يُؤَخِّرَ بدايةَ الحملة حتى شهر مايو.
ومن ثم نرى أن المصريين قد أصبحوا ولا عون لهم إلا جيشهم، وكان أخوفُ ما يخاف «نقطانب» وقتئذٍ هو أن تحيق به هزيمةٌ في الأرض المصرية السهلة المنبسطة، ولا شك في أن قيمة هذه الحروب وقيادتها كانت تنحصر في «إفيكراتس» الأثيني، يُضاف إلى ذلك أن الجيش المصري — على حسب الظواهر — كان أَقَلَّ عددًا من الجيش الفارسي، ولم يُشِرْ «ديودور» — وهو الذي قَدَّرَ عدد الجيش الفارسي بقيادة «فارنابازوس» بنحو ٢٠٠ ألف، هذا عدا الجنود المرتزقة — إلى أهمية جيش «نقطانب» وعدده.
وحينما وصل «فارنابازوس» إلى هذا الإقليم، ورأى هو وقُوَّادُهُ الفرع «البيلوزي» وما عليه من حمايةٍ منظمة، وجُنُود عديدين؛ فإنهم تخلَّوا عن كل فكرة فكروا فيها لاقتحام طريق لهم من هذا المكان للدخول في «مصر»؛ وعزموا على أن يدخلوا من فرع آخر من فروع النيل، وقد وطدوا العزم على الدخول من باب الفرع المنديسي الواقع في الجهة الغربية من الفرع البيلوزي، ويقع تقريبًا في الامتداد الجنوبي من الطريق المؤدية إلى «منف» وهي الطريق التي ستتلاقى فيها كل قوات «فارنابازوس»، هذا فضلًا عن أن شاطئه العريض كان ملائمًا — بصفة خاصة — لرُسُوِّ السفن، غير أن الفرس وجدوا أن الفرع المنديسي كان كذلك محصنًا، على غرار الفروع النيلية الأخرى تحصينًا متينًا، ولم يكن هناك أمل في اقتحامه إلا بالهجوم المفاجئ؛ ولذلك وضع مشروعٌ آخرُ لهجوم مفاجئ.
ولم يلحظ أن السفن الفارسية قد ضايقها أُسطولٌ مصريٌّ ما، والظاهر أن مثل «نقطانب» هذا كان كمثل «أوكوريس» بعد هزيمة «أفاجوراس» قد تَخَلَّى عن اتباع سياسةٍ بحرية ترمي إلى الدفاع عن بلاده، بل وضع كُلَّ همه في جمع كل ما لديه مِن قوة برية على أديم «مصر» للدفاع عنها.
وإذا استعرضنا ما كان يَدُورُ بخلد «فارنابازوس» وقواده من ظنون وأوهام بالنسبة للقائد «إفيكراتس» فإنها في مجموعها تكون في صالح الأخير؛ إذ قد أظهرت جمود رفاقه، ومن أجل ذلك فإن كل هجوم عليه من لسان قواد الفرس يصبح لا قيمة له، وعلى أية حال فإن حقنا أن نتساءل فيما إذا كان «إفيكراتس» وأصدقاؤه عندما عادوا إلى بلاد الإغريق قد اخترعوا أو بالغوا في سرد قصته مع القواد الفرس بقصد فائدة شخصية، وربما تكون القصة كما يأتي: الظاهر أن رئيس الجنود المرتزقين من الإغريق لم تقع عليه أية مسئولية في الخيبة النهائية التي لاقتها الحملة، بل على العكس كان يقع كل اللوم على «فارنابازوس» وأن «إفيكراتس» عندما نصح بالإسراع في القيام بالضربة القاصمة بعد تدهور المقاومة عندما فم فرع النيل المنديسي؛ كان — في الواقع — يقترح الطريقة الوحيدة لإنهاء الحرب بنجاح باهر، ولكن لم يُؤخذْ باقتراحه.
وأخيرًا لدينا اعتبارٌ آخرُ عن الغرض الذي كان يرمي إليه «فارنابازوس» وهذا الغرض قريبٌ من الاعتبار السالف الذكر؛ وذلك أنه كان يرى محافظة على شرف الجيش الفارسي أنه لا ينبغي أن تفتح «مصر» ثانية بما تظهره الجنود الهيلانية من مهارة ونشاط، وبخاصة عندما يكون الفضل راجعًا إلى «إفيكراتس» وجنوده المرتزقين في الاستيلاء على الحصن الذي بفتحه دخلت الجنود الفارسية أرض «مصر»، ومن ثم فكر فيما يحيق بسمعة الفرس إذا استولت الجنودُ المرتزقة وحدهم على عاصمة الملك ونهبوها! وعلى أية حال فإن مقاومة «فارنابازوس» للقائد «إفيكراتس» مهما كانت خاطئة في مجموعها في عدم نيل النجاح النهائي، فإنه يمكن تفسيرها بأسباب مقبولة، أما عن مسئولية «إفيكراتس» فسنرى أنها لم تسمح كلها بسبب رفض مقترحه في توجيه الجيش الذي كان يقوده.
على ذلك مكث القتال زمنًا طويلًا حول التحصينات، وكانت ريح الشمال قد حلتْ فعلًا وأخذتْ تَشتَد، وبدأ النيلُ في الارتفاع شيئًا فشيئًا إلى أن وصل إلى نهاية شاطئيه، وأخيرًا أخذت المياهُ تغمر الإقليمَ المجاور، وكان النهر دائمًا يحمي «مصر» بدرجة عظيمة بزيادته الغزيرة، ولكن الفرس لأجل أن يعودوا القهقرى انتظروا حتى منتصف شهر سبتمبر، وهو التاريخُ الذي يصل فيه النيلُ إلى منتهى زيادته، أو على الأقل يصلُ إلى درجةٍ عظيمةٍ في فيضانه، والواقعُ أنهم كانوا قد اضطروا أمام تدفُّق المياه الجارفة إلى الانسحاب.
وقد وجدنا أن «تيموتيوس» كان لا يزال في خدمة الفرس في عهد حكومة «أكستنيس» فيعام ٣٧٣–٣٧١ق.م، وعلى ذلك فإن إقامته في الجيش الفارسيِّ كانت قد امتدَّ أَمَدُها، ولم يُحدثنا «ديودور» ولا الخطب التي ألقيتْ ضد «تيموتيوس» عن أي تفصيلٍ خاصٍّ بهذه الحملة الجديدة التي قام بها الفرسُ على «نقطانب» الأول، هذا فضلًا عن أننا لم نجد أن الجيش الفارسي الإغريقي قد قام في أيَّة جهة بزحفٍ على «مصر»، والظاهرُ أن كل ما حدث كان ينحصر في قيام بعض مناوراتٍ واستعداداتٍ ليستْ هامة في معسكر «عكة» بقيادة «تيموتيوس» وقواد ملك الفرس بالاشتراك سويًّا.
وعلى أية حال نجد أن «نقطانب» الأول قد أمضى في سلام وحرية مدة الثماني عشرة سنة التي حكمها ٣٧٩–٣٦١ق.م، والواقع أنه قد قُضِيَ على أزمة عام ٣٧٤ق.م بالفشل من جانب الفرس لأسباب منوعة؛ أولًا: طول مدة التعبئة الفارسية التي كان يعرقلها تردُّد القيادة العُليا، مما سمح للفرعون أن ينظِّم على مهل مقاومته للعدو في الدلتا، وقد كان توقُّف العمليات الحربية بعد سُقُوط قلعة «منديس» يرجع إلى قرار «فارنابازوس» ومِن ثم هُيئت الفرصةُ للمصريين أن يعاودوا الكَرَّة بالهجوم بقوة وشدة متناهيتين، ومِن المحتمل كذلك أنَّ تراخيَ «إفيكراتس» وعدم رغبته في قيادة الجيش بسبب رفض القائد العام الفارسي مقترحاتِه، كان السببَ في فشل الحملة، والسببُ الحاسم في نجاة «مصر» هو فيضانُ النيل الذي جعل أية حركة حربية على «مصر» ضربًا من المستحيل، وهذه هي المرةُ الوحيدةُ التي نرى فيها — في خلال هذه القصة — أن النصر كان في المعسكر المعادي للإغريق.
ولكن إذا استثنينا أن «مصر» قد نالت سلامتها بسبب النظام الدفاعيِّ الذي سَلَّحَها به فيما سبق القائدُ «خابرياس» الأثيني؛ فإن الجنود المرتزقين لم يهزموا في واقع الأمر؛ وذلك لأن أعمالهم الباهرة في بداية الحرب لم يمحها إلا الكبرياءُ الوطنيُّ والخوفُ السياسيُّ الذي أظهره «فارنابازوس» قائدهم الأعلى، وكذلك قد يرجع إلى حِقْدِ رئيسهم المباشر «إفيكراتس» على القائد الأعلى «فارنابازوس».
هذه نظرةٌ عاجلةٌ عن حروب «نقطانب» الأول لصد الفُرس عند محاولتهم كرة أُخرى احتلال البلاد.
حالة مصر في عهد نقطانب الأول ومركز الإمبراطورية الفارسية
لا نزاع في أن «مصر» قد وصلت إلى أعلى ذروة في عهد «نقطانب» الأول، وقد بدأ في عهده عصرٌ جديدٌ في تاريخ إقامة المباني الضخمة وإنتاج الفن الرفيع، وقد وصلت إلينا معلوماتٌ مختلفةٌ عما لا يَقِلُّ عن مائة أثر من عهد هذا الفرعون، وسنتحدثُ عنها فيما بعد، ويُلحظ هنا أنَّ العلاقةَ السياسية بين «مصر» وبين الدويلات الإغريقية لم يعرف عنها شيءٌ يُذكر حتى عام ٣٦٦ق.م، ويبدو أنَّ ذلك يتناقضُ مع ما كانت عليه «مصرُ» مِنْ عِلَاقاتٍ مع هذه الدويلات في عهد الفرعون «أوكوريس»، ولا يُمكن تفسيرُ ذلك بقِلَّةِ ما لدينا مِن مصادرَ فقط؛ فمنذ صلح الملك الذي عقده في عام ٣٨٦ق.م لم توجد في بلاد الإغريق أيةُ ولاية على اتصالٍ ببلاد الفرس إلا وكانت في حِلف مع «مصر» خوفًا من سطوة الأولى وطغيانها.
أما في «مصر» فإنه على ضوء هذه التطورات في الإمبراطورية الفارسية قد ظهرت في مصر حالةٌ جديدة.
وقبل أن نتحدث عن الأحوال السياسية التي نشأتْ عن ذلك يجب أنْ نتحدث هنا عن الآثار التي خلَّفها لنا الفرعون «نقطانب» الأول في أنحاء البلاد أولًا؛ وذلك لأن هذه الأحداث السياسية التي حدثتْ كانت في عهد ملكٍ آخرَ غير «نقطانب» وهو الملك «تاخوس».
آثار الملك «نقطانب» الأول «نقطانبيس»
قبل أن نتحدث عن آثار الملك «نقطانب» الأول يجدر بنا أن نَلفِت النظر إلى أنه على الرغم مِن عَدَمِ التفرقةِ بين اسمه واسم «نقطانب» الثاني في كُتُب التاريخ الحديثة؛ فإنه يوجدُ فرقٌ بَيِّنٌ في الكتابة المصرية القديمة، فنجد أن «نقطانب» الأول يُسَمَّى «نخت نبف» ويُسَمَّى الثاني «نخت حر-حبت».
هذا، ونجد أن «مانيتون» قد نطق الأول «نقطانبيس» ونطق الثاني «نقطانبوس» وقد اختلف الاسمان في بادئ الأمر على المؤرخين، ولكن في النهاية أصبح مِن المؤكد أن «نقطانب» الأول هو «نخت نبف» بالمصرية و«نقطانب» الثاني هو «نخت حر-حبت».
وسنُحاول أن نذكر آثارَ الفرعون «نقطانب» الأول على حسب ترتيبها التاريخيِّ بقدر المستطاع، وسيلحظ القارئُ في كتب التاريخ أنه إلى عهد حديث جدًّا كان الأول يحل محل الثاني والعكس بالعكس ومن أجل ذلك نلفت النظر إلى هذه الملاحظة الهامة.
(١) إدفو
يوجد في معبد «إدفو» نقشٌ مؤرخٌ بالسنة الأولى من عهد «نقطانب» الأول «نخت نبف» وقد دُوِّنَ في عهد «بطليموس» الحادي عشر «سوتر الثاني»، وهذا النقشُ خاصٌّ بإهداءِ قطعةِ أرضٍ للإله «حور» صاحب «إدفو»، وهو محفورٌ على الجِدار الخارجيِّ من السور الشرقي، وقد جاء فيه ذكرُ الملوك «نقطانب» الأول والثاني و«دارا» الفارسي.
وقد جاء في هذا النقش على لسان الإله «حور» ما يأتي: «جميلٌ هذا الأثر الذي أقمته لي وإن قلبي لمرتاحٌ لذلك سرمديًّا»، وبعد ذِكْر الأسماء الملكية يقول الملك «نقطانب» في إهدائه: «لقد عمله بمثابة أثره لوالده «حور بحدتي» الإله العظيم رب السماء، عمل له ناووسا فاخرًا من الجرانيت ومصراعًا بابُهُ مِن خشب الصنوبر ومُطَعَّمٌ بالنحاس، ومُغَشًّى بالذهب، ونقش عليه الاسمُ العظيمُ لجلالته، وفي مقابل ذلك وهبه الإلهُ ملايين من الأعياد ومئات الألوف من السنين أبديًّا.»
(٢) نقراش Naukratis
لوحة من الجرانيت الأسود خاصة بتتويج الملك في سايس والهبات لمعبد الإلهة «نيت».
وهذه اللوحة تمتاز بجمال كتابتها وغرابة نقشها؛ وذلك لأنها تحتوي على عدد كبير من الكلمات التي نجد فيها أن الهجاء التقليدي بالإشارات المقطعية قد حل محله الأحرف الأبجدية وحدها، وقد عزا الأستاذ «أرمان» هذا الإغراب في الهجاء إلى رغبة الكُتَّاب المتأخرين في الكتابة بأُسلوبٍ قديم بقدر المستطاع، على أنه لا تكادُ توجد أيةُ نقوش قديمة تحتوي على كتابات مثل التي نُقشت بها اللوحة التي نحن بصددها الآن. وقد قال «ماسبرو» عند فحص نُقُوش هذه اللوحة: إن هذه الكتابات سببُها — على ما يظن — معرفةُ الكاتب بإغريق «نقراش» واختلاطه بهم، ويقصد بذلك معرفته بحروفهم الأبجدية، وهذا الرأيُ الأخيرُ قد رفضه رفضًا باتًّا الأثري «بيل» الذي أظهر بحق أن كتابات لوحة «نقراش» توجد في نقوش أُخرى معاصرةٍ لها أو ترجع إلى العصر الساوي، وقد استخلص من هذه الحقيقة أن هجاء كلمات اللوحة هو مصري خالص، والواقع أن استنباطه لا يتمشى مع المنطق؛ وذلك لأن الكتابات التي نحن بصددها قد انحصرتْ في فترة قصيرة من التاريخ المصري نسبيًّا، وكل ما دلل عليه هو أن مثل هذه الكتابات كانت منتشرة أكثر مما أراد الإدلاء به «ماسبرو».
وعلى أية حال فإن وجود مثل هذا الهجاء لأول مرة لا بد لوجوده من معنًى في هذا الوقت الذي كانت فيه «مصر» قد أخذت تتصل بالثقافة الإغريقية، وبخاصة عندما نعلم أنَّ هذه الثقافة قُوبِلت بالترحاب في البلاط الفرعوني، ولا أَدَلَّ على ذلك مِن أن «ديودور» الصقلي قد حَدَّثَنا بأن «بسمتيك» الأول كان مِن كبار المعجبين بالثقافة الهيلانية، لدرجة أنه ثقف أولاده بهذه الثقافة الإغريقية.
ويُخيل إلينا أنه في العصر الساوي كان يوجد نفرٌ من المصريين قد تأثروا بنوعِ الكتابة التي كان يدون بها الأجانب الذين أتوا إلى بلادهم، وبخاصة ما كانت تنطوي عليها من بساطةٍ مدهشة، ومن ثم اتخذ مبدأ الكتابة بالحروف الأبجدية من وقت لآخر في الكتابات الهيروغليفية في هذه الفترة وأحيانًا فيما بعد، غير أن هذا المبدأ قد تُرِكَ جانبًا في نهاية الأسرة الثلاثين لسبب أو أكثر من الأسباب التالية: أولها: حكم التقليد الذي كان المصري يحافظ عليه بكل ما أوتي من قوة. ثانيًا: ثورة المصريين على كل ما هو إغريقيٌّ بدافع الوطنية المصرية، وذلك عندما غزا الإغريقُ البلاد وتسلطوا عليها. وثالثًا وأخيرًا: لُوحظ أن كتابة اللغة المصرية القديمة بحروفٍ أبجديةٍ فقط مؤلفة من حروف ساكنة؛ قد تسبب تضحية سهولة القراءة بدلًا من البساطة، وبذلك كان ضرر هذه الطريقة أكبر من نفعها، وهذا الاعتبار الأخير سواء أكان فعالًا أم لا فإنه على ما يظن يرتكز على أساس؛ وذلك لأن تركيب الكتابة المصرية القديمة العادية بما لها من مخصصات وإشارات تدل على كلمات خاصة، هذا بالإضافة إلى الاختلافات التقليدية في الكتابة لكلماتٍ مختلفة تحتوي على نفس الحُرُوف الساكنة يجعلها أكثر سهولة في قراءتها من كتابتها بالحروف الأبجدية؛ وذلك أن مجرد النظر للمعتاد على قراءة اللغة المصرية يكون كافيًا للتمييز بين الألفاظ ومعانيها.
السنة الأولى الشهر الثاني عشر اليوم الثالث عشر من عهد جلالة «حور» قوي الساعد، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، السيدتان (المسمى) مفيد الأرضين، حور الذهبي (المسمى) الفاعل ما ترغب فيه الآلهة، «خبر كا رع» بن «رع» «نقطانب» «نخت نبف» العائش أبديًّا، محبوب «نيت» الآلهة الطيبة سيدة «سايس»، رمز «رع» المحسن، وريث «نيت»، لقد اختارت جلالته من الشاطئين ونصبته حاكمًا على الأرضين، ووضعت صلها على رأسه، وهي التي تأسر له قُلُوب العظماء، وتخضع له قلوب عامة الشعب وتمحو كل أعدائه.
وإنه ملك قوي حامٍ ﻟ «مصر» وجدار من البرنز على كلا جانبي «مصر»، القوي جدًّا، والعامل بساعديه ورب السيف الذي ينغمس في الجمع، ومن يهيج عندما يرى أعداءه، أنه واحد يقطع قلوب المتمردين، ولكن يهب النعم لمن هو مُوَالٍ له، ومن ثم ينامون (؟) حتى طلوع النهار معتمدين على صفاته الباهرة دون أن يضلوا سبيلهم، ومن يجعل كل الأراضي يانعة عندما يشرق (مثل الشمس)، ويحفظ الناس في عافيةٍ بخيره (؟) وكل العيون تنبهر عند النظر إليه مثل «رع» عندما يشرق من الأفق، وحبه يفتح (كالزهر) كل يوم، لقد أعطى الحياة لأجسام الناس، وهو الذي تفرحُ الآلهةُ عندما تراه، وإنه ليقظٌ في البحث عن إنعامات لمحاربيها، ومن يدعو كهانها لأجل أن يشاورهم في كل مهام المعبد، ومن يعمل على حسب نطقهم دُون أن يكون في أذنه وقرٌ مِن كلماتهم، وهو ذو قلبٍ مستقيمٍ على طريق الإله، بأن مساكنهم (أي الآلهة)، ومقيم جدرانهم، وممد بوفرة موائدهم، وصانع أوانيهم المقدسة، ومنشئ قربانًا من كل الأنواع، وهو الإله الأوحدُ صاحب المعجزات العدة، ومن يقدم له نور الشمس ثناء، ومن تُظهر له الجبالُ ما في جوفها، ومن يقدم له المحيطُ مياهَه، والبلاد الأجنبية تقدم له فيضها، وإنه يشرح صدورهم في أوديتهم.
- (١)
عشر الذهب والفضة والخشب، والخشب المشغول، ومن كل شيء يأتي من البحر اليوناني، ومن كل السلع التي تفد لأملاك الملك في المدينة المسماة «حنو» (غير معروف موقعها).
- (٢)
عشر الذهب والفضة وكل الأشياء التي تنتج في «بي-امروي» المسماة «نقراش» على شاطئ «عنو» (على الفرع الكانوبي)، والتي تحسب لبيت الملك (أي التي يجبى منها ضرائبُ الملك)، لتكون وفقًا لمعبد والدتي «نيت» أبديًّا، وذلك فضلًا عما كان موجودًا مِن قبل، ودَعْهَا تحول إلى نصيب (خاص) يساوي ثورًا وإوزة «رو» مسمنة وخمسة مكابيل «منو» من النبيذ بمثابة قربانٍ يوميٍّ دائم، وتوريدها يكون في خِزَانة والدتي «نيت»؛ وذلك لأنها سيدةُ المحيط، وأنها هي التي تهب خيره (أي أنها هي التي تهب «مصر» الخير الذي يحضر عبر البحار).
وقد أمر جلالتي أن تحفظ أوقاف معبد والدتي «نيت» وأن كل شيء قد عملوه في الأزمان السالفة يستمر حتى يستمر ما عملته لأولئك الذين سيكونون مدة أبدية السنين، وقد أمر جلالته أن يسجل ذلك على هذه اللوحة التي يجب أن تُوضع في «نقراش» على شاطئ «عنو» وعلى ذلك ستذكر طيبته حتى نهاية الأبدية.
من أجل حياة وثبات وعافية ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر كارع» بن «رع» «نخت نبف» «نقطانب» العائش أبديًّا، ليته يمنح كل الحياة وكل الثبات وكل السلطان وكل الصحة، وكل انشراح الصدر، مثل «رع» أبديًّا.
وقد تحدثنا عن هذه الضرائب في مكانها، (راجع: مقال أرمان-فلكن A. Z. XXXVIII, p. 127).
(٣) وادي حمامات (السنة الثالثة)
يوجدُ نقشٌ على صخور «وادي حمامات» في مغارة مؤرخ بالسنة الثالثة من فصل الزرع، اليوم الرابع من عهد جلالة ملك الوجه القبلي والوجه البحري، الإله الطيب رب الأرضين «نقطانب» الأول، ويشاهد في المنظر الإله «آمون» جالسًا على عرشه بوجهه نحو اليمين، وقد نقش على يمينه: «آمون رع» رب تاج الأرضين … إلخ.
(٤) منف (السرابيوم – السنة الثالثة)
عثر الأثري «بركش» على لوحة من اللوحات التي كانت موضوعة في سرابيوم «منف» في قلعة «القاهرة» ضمن الآثار التي كانت محفوظة فيها، وقد بدأت بالكلمات التالية: في السنة الثالثة اليوم الأول من شهر بشنس من عهد الملك «نقطانب» الأول الذي نصبها عن موت العجل «أبيس» الذي ولدته البقرة! …
(٥) منف (السرابيوم – السنة الثالثة)
(٦) منف (السرابيوم – السنة الثالثة)
(٧) وادي النخل (السنة السادسة)
(٨) محاجر طرة (السنة الثالثة)
(٩) السرابيوم (لوحة مؤرخة بالسنة الثامنة)
(١٠) الأشمونين (السنة الثامنة)
لوحة من الحجر الجيري
(١١) إهناسيا المدينة؟ (السنة الثامنة)
وقد جاء عليها ذكرُ «سماتوي تفنخت» وهو أحدُ أفراد أُسرة شهيرة، وجاء فيها ذكرُ بلدة «إهناسيا المدينة» (وقد عثر عليها في مدينة «غراب» بالفيوم).
(١٢) إدفو (؟)
(١٣) قفط
لوحةٌ مؤرخةٌ بالسنة السادسة عشرة مِن عهد الملك «نقطانب» الأول، وهذه اللوحةُ مصنوعةٌ من الحجر الرمليِّ عُثر عليها في خرائب «قفط»، وهي الآن محفوظةٌ بالمتحف المصريِّ، وارتفاعُها ٤٢ سنتيمترًا وعرضها ٢٠ سنتيمترًا، وأعلاها مستديرٌ ويُشاهَد فيه قرصُ الشمس المجنح، ويُلحظ أن الصلين منفصلان من قرص الشمس ويُحيطان بطغراء الملك «نقطانب» الأول، وعلى اليمين نقش «بحدتي» (أي الإله «حور» المنسوب إلى «إدفو»)، ويشاهد كذلك في الجزء الأعلى المستدير تحت قرص الشمس الإله «مين» واقفًا ومعه النقش التالي: «الإله «مين» صاحب «قفط» الإله العظيم رب السماء ورب انشراح الصدر.»
وكذلك يشاهد الإله «حور» بن «إزيس» و«أوزير» واقفًا برأس صقر ويتقبل ترحاب الملك «نقطانب» الأول مُعطَى الحياة مثل «رع» أبديًّا، ويُلحظ أن هذا الملك يلبس قبعة الحرب واقفًا وهو يقدم لهذين الإلهين رمز الحقل ومعه المتن التالي: «يقدم لوالده الحقل الذي عمله له مُعطَى الحياة مثل «رع».»
وفي الجزء الأسفل من اللوحة نقش مؤلف من ثلاثة أسطر أفقية جاء فيها:
(١٤) بلوزيوم (الفرما)
عثر الأثري «كليدا» على معيار وزن من الجرانيت الأسود في «بلوزيوم»، وجهه الأعلى مقببٌ ومسطحٌ مِن أسفلَ ويبلغ ارتفاعُهُ ١٧٧ ملليمترًا وقُطره ٣٢ سنتيمترًا وقُطرُهُ الأسفلُ ٢٧٥ ملليمترًا ووزنُهُ الحالي = ٣٢ كيلوجرام، وقد عُثر عليه في خرائبِ المدينة على سطحِ الأرض، وقد نقش عليه متنان بالمصرية القديمة باسم «نقطانب» الأول، أولهما جاء فيه: «الملك الكامل» رب الأرضين ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع».
(١٥) «بتوم» (تل المسخوطة)
وُجدت قطعةٌ مِن لوحة صغيرة من الحجر الجيري الأبيض في تل المسخوطة، وهي محفوظةٌ الآن بمتحف «الإسماعيلية» تحت رقم ٦٨٦ عليها الاسمُ الحوري للملك «نقطانب» الأول.
(١٦) «بتوم»
(١٧) «المنجات الكبرى» الواقعة غربي «القنطرة»
(١٨) «قنتير» الواقعة شمال «فاقوس»
لوحة الملك نقطانب «نخت نبف» الأول
عُثر على هذه اللوحة خلال أعمال الحفائر التي قامت بها البعثة الألمانية عام ١٩٣٩م، في «الأشمونين»، وهي مصنوعةٌ من الحجر الجيري الأصفر المائل إلى السمرة، ويبلغ طولها ٢٫٢٦ مترًا وعرضها حوالي ١٫١٥ مترًا، وسمكها حوالي ٠٫٥٢ مترًا.
«بحدتي» «الإله العظيم، المبرقش الريش، رب السماء»، كما نقشت بينهما العبارة التالية: «ليته يعطى الحياة لكل واحد.»
المنظر الذي على اليمين: يشاهد في هذا المنظر الملك يقدم صورة آلهة العدل للإله «تحوت» وللآلهة «نحمت-عاوي»، ويُلحظ أن الملك الذي يرى وهو يخطو إلى الأمام؛ يرتدي قميصًا قصيرًا، ويتدلى من حزامه الذيلُ التقليديُّ ويحلي عنقه عقد بسيط، وعلى رأسه خوذةُ الحرب محلاة بالصل، وقد مثل الملك بيديه مرفوعتين، في اليسرى صورة رمز العدالة واليمنى ممتدة إلى الأمام نحو «نحوت»، ونقش فوقه: «الملك الكامل رب الأرضين «خبر-كا-رع» ورب التيجان «ونخت نبف» الممنوح الحياة والسلطان مثل «رع».» ويحلق فوق رأس الملك صقر منتشر الجناحين، والجناح الأيسر منتشرٌ إلى الأمام والأيمن إلى أسفل، ونقش أمامه «بحدتي الإله العظيم»، ونقش خلف الملك: «كل للحماية والحياة والسلطان تكون خلفه كما هي خلف «رع»، أن الأبدية مع كل انشراح القلب سرمديًّا ملكك.»
ونقش أمام الملك عموديًّا: «تقديم العدل لربة العدل، ومنها يعيش وأنه يعطي الملك الحياة.»
أما الإله «تحوت» — الذي يشاهد في الصورة — فقد مثل قابضًا بيده الممتدة على صولجان الحكم «واس» ويقبض بيده اليسرى المتدلية على رمز الحياة، ويُلحظ أنه يرتدي قميصًا ضيقًا وحزامًا أملس وذيل ثور، وكذلك يحلي رقبته عقد بسيط، وعلى رأسه تاج بقرنين في وسطهما قرصُ الشمس.
ونقش فوق «تحوت» سطر عموديٌّ جاء فيه: «(١) أعطيك سني الحياة الأبدية منضمة مع الحياة والسلطان»، (٢) «تحوت» صاحب العظمة المزدوجة رب «الأشمونين» ابن «رع» سيد الدل، (٣) رئيس الآلهة، ومن حقق العدالة لتاسوع الآلهة، (٤) الإله العظيم رب السماء.
ونقش أمام «تحوت» أفقيًّا: «أعطيك الملك العظيم في حياة، وثبات وسلطان لأجل أن تقيم العدل على هذه الأرض.»
ويقف خلف الإله «تحوت» الآلهة «نحمت-عاوي» تخطو وئيدًا بقدمها اليسرى، وقد ارتدَت على رأسها غطاء غريبًا في بابه.
وقد نقش فوقها ما يأتي: «(١) أمنحك قوة «منتو»، وقوة مثل تلك التي لابن «إزيس» (٢) «نحمت-عاوي» القاطنة في «الأشمونين» وعين «رع» التي في جبهته (٣) ورئيسة البيت الذهبي، الفاخرة المقر، سيدة السماء، وسيدة الأرضين التي تمنح الحياة والثبات والسلطان مثل «رع».»
ونقش أمامه: «إني أمنحك إشراق «رع» في السماء دون أن يشرق عدوك أبديًّا.»
ونقش خلف «نحمت-عاوي» في سطر عمودي (ويحتمل أن يكون ذلك كلام «تحوت») كلام: «لقد منحتك أن يغسل قلبك (أن يكون فرحًا) في كل الأراضي وذلك لتعيش وتجدد مثل «رع».»
الصورة التي على اليسار: يشاهَد فيها الملك يتسلم أَعيادًا ثلاثينية من «تحوت»، ومن الآلهة «نحمت-عاوي»، ويُلحظ أن الملك «نقطانب» يلبس نفس الملابس التي يلبسها في الصورة التي على اليمين، ويقبض بيده اليُسرى المتدلية على علامة الحياة، ويرفع يده اليُمنى ليتسلم من الإله «تحوت» علامة العياد الثلاثينية، ونقش فوقه: «الإله الكامل رب الأرضين «خبر-كا-رع» رب التيجان «نخت-نبف» مُعطَى الحياة والسلطان مثل «رع» ونقش خلفه في سطر عمودي نفس الصيغة التي نُقشتْ في الصورة التي على اليمين.
ونقش أمام الصقر الذي يحلق فوق الملك: ««بحدتي» الإله العظيم.» ويلبس الملك الذي يرى وهو يخطو إلى الأمام نفس الملابس التي يلبسها في المنظر الذي على اليمين، ويقبض بيده اليسرى على جريدة نخل، يكتب عليها بقلم في يده اليمنى السنين، ويشاهد في الجزء المنحني من جريدة النخل شريطان يتدلى منهما الردهتان اللتان يتألف منهما رمزُ العيد الثلاثيني، وقد نقش فوقه في سطر أُفُقي: (١) «إني أعطيك عمر «رع» وسني «آتوم» (٢) «تحوت» المضاعف العظمة سيد «الأشمونين» ورئيس «حرست؟» ورئيس (؟) … (٣) والذي يخلق كل ما هو كائن، الإله العظيم رب السماء.»
ونقش أمام «تحوت» عموديًّا ما يأتي: (١) «تسلم الأعياد الثلاثينية التي أعطاها إياك والدك «تحوت» أبديًّا، (٢) إني أكتب لك أعيادًا ثلاثينية مثل (تلك التي للإله «رع») يا بني المحبوب إن سنيك ملأى بالحياة والثبات والسلطان لجلالتك، مع القوة كلها أبديًّا أبديًّا.»
وترى الآلهة «نحمت-عاوي» وقد صورت بالصورة نفهسا التي على اليمين، وقد نقش فوقها ما يأتي: (١) «إني أعطيك البطش مثل «تحوت» وعمرك مثل عمر «رع». إن «نحمت-عاوي» التي في بيت «رع» قوية في القصر، وهي التي تخلق الكائنين والتي تحمي المدينة (؟) سيدة كل الأرضين وربة كل الآلهة.»
ونقش أمامها: «إني أعطيك ملك والدك «رع» بنصر أبدي.»
ونقش خلفها (ويحتمل أن ذلك كلام «تحوت»):
بيان: «إن مملكة «آتوم» في ساعدك وعلى رءوس الأراضي الأجنبية كلها دون أن تمد يدك إلى كل الأراضي أبديًّا.»
متن اللوحة
(أ) من سطر ١–٧، أول تاريخ ورد على اللوحة هو السنة الرابعة: ونقش تحت هذين المنظرين السالفي الذكر متن مؤلف من خمسة وثلاثين سطرًا
وهاك ترجمتها:
(١) السنة الرابعة الشهر الثاني من فصل الفيضان في عهد جلالة «حور» القوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري، نبتي (العقاب والثعبان)، (المسمى) الذي يزين الأرضين «حور» المسيطر على نوبتي (أي ست) (المسمى) الذي يعمل ما تحبه الآلهة «خبر-كا-رع»، ابن «رع» سيد التيجان (المسمى) «نقطانب» الذي يعيش أبديًّا مثل «رع» المحبوب من ملك الوجه القبلي أبديًّا، وملك الوجه البحري سرمديًّا رب أرباب «الأشمونين» والقاضي والوزير ورب العدل؟ «تحوت» المشرف على القردة، إن الإله الكامل يعيش، ابن «تحوت» نتاج (٢) سيد «الأشمونين» والذي يُرشد الأرضين، ومن جماله مثل جمال «شو» ابن «رع»، وإنه صورة «رع» الحية التي على الأرض، نتاج ثورة الآلهة ومن رفعه الإله ومن حمله رئيس الملايين (أي الإله «شو» الذي رفعه «رع»؟)
ومن أعطى … (٣) ومن أحضر صور آلهة هذه الأرض بوصفه ملك الأرضين، والذي … بيوت الإله الذي أعطاه «شو» الملك على عرشه في الجدار الأبيض (منف) الإله الكامل صورة «رع» والبيضة الممتازة لسيد الحياة، وأنه «تحوت» الذي خرج هو من جسمه، وأنه حامي مَن يجلس على عرشه، وكل حياة بجانب الإله في … وعندما يشرق «رع» تأتي الحياة لكل فرد في مملكته من على كرسي «رع»، والذي يعطي للإله أجسامها، والتي صورها أُنشئت فيها من أجلك (؟) ومن ثم تتبعها كُلُّ الناس، ومن يأتي إليهم بنيلٍ عظيمٍ في ميعاده … من رغب، أن الحياة … في قلب «رع» (٥) ومن قلبه تعرفه بسبب ذلك الآلهة، ومن ثم يحبون أولاده، ومن أعطوه مملكة الأبدية والحكم السرمدي بوصفه ملك الأرضين حاكم الشواطئ؛ لأنه ابنُ رب الحياة، وأنه «تحوت» الذي يحب الإله الكامل، (أو الذي سيجعل الإله الكامل يعيش)، شديد القوى … الأقواس التسعة … ومَن الفزعُ منه عظيم في أجسام الذين يجهلون قوته (؟) الملك القوي الذي يضرب عدوه، العظيم الاسم، الفاخر اللقب، وأنه أمير حلو الحب.
ومَنْ بنظرته تتهللُ كل الناس كأنه «رع» عندما يُرى مشرقًا، وهو «رع» القدسيُّ الوجه (؟) للملك بوساطة التضرع … جلالته لأجل (؟) روحه، ومن يقلع إليه أهلُ الوجه القبلي وأهل «مصر» السفلي ينحدرون إليه، وعلى رءوسهم أشياؤهم الثمينة في حين أنهم يرجون منه حياتهم، وكان جلالته في هم (؟) وكان حول «مصر» بمثابة حائطٍ من النحاس (؟) منذ … بفضل قيادة الملك «خبر-كا-رع» الذي يعيش أبديًّا مثل «رع».
تعليق: يحتوي هذا الجزء من المتن فقط على تاريخ، وهو السنةُ الرابعةُ من حُكم الملك «نقطانب»، كما يحتوي على نعوت عدة لهذا الفرعون، وينتهي هذا الجزءُ كبقية الأجزاء التي تشملها هذه اللوحة باسم الملك، ومن ثم يستنبط أن متن اللوحة قد وضع في صورة شعرية، وأهم ما يلحظ في موضوع هذه الفقرة أن الملك قد أعاد تماثيل الآلهة، إلى ما كانت عليه بعد أنْ كان الفرسُ قد اتخذ مكانة بارزة بجوار الإله «تحوت» الذي أُقيمت اللوحة في مقاطعته، وكذلك الإله «رع» بوصفه الإله المسيطر، وقد كان يعبد الإله «شو» في المقاطعة الثانية عشرة من مقاطعات الوجه البحري.
(ب) من سطر ٧–٩ من هذه اللوحة
زيارة القائد «نخت نبف» لمدينة «الأشمونين» (قبل تَوَلِّيه الملك)
أتى جلالتُه إلى مدينة «حرست» (٨) زمن الملك الذي كان قبله عندما كان قائدًا، وقد أراد جلالتُه أن يكون بمثابة المخلص الذي هزم عدوه، وقد أراد أن يكون الحاكم الوحيد … تل للأرض الخاصة بسكان المدينة، وعندما انتصر على الأعداء خلص عظماء المدينة، وأحيا صغارَها الذين كانوا في محنة في زمن الملك الذي كان قبله.
«ابن رع» سيد التيجان «نقطانب» الذي يعيش مثل «رع».
يُفهم من هذه الفقرة أنها تقريرٌ عادي، عن حادثة كانت قد وقعتْ ولم تحمل تاريخها، غير أنها — لا بد — كانت قد حدثتْ قبل التاريخ الذي ذُكر في صدر اللوحة، وفي عهد ملك قد حكم من قبل، وكل ما تَدُلُّ عليه هذه الفقرةُ أنها تُحدثنا عن زمنِ بؤسٍ تَحارَبَ المصريون فيه بعضهم مع البعض الآخر، ومن المحتمل أن المتن الذي نحن بصدده كُتب تخليدًا لحادث وقع ولعب فيه «نقطانب» — بوصفه قائدًا — دورًا بارزًا على أعداء مليكه، وكان فيه النصرُ حليفه، ومن ثم أراد أن يُظهر ما فعله من خير لأهل «الأشمونين».
وتَدُلُّ شواهدُ الأحوال على أن المقاطعة الخامسةَ عشرة — أو على الأقل عاصمتها — كانت في جانب حزب الملك، ونعرف أن «نقطانب» الذي كان مسقط رأسه «سمنود» قد حارب فيما سبق بقوة من الجنود المرتزقة ملك الفرس لحساب ملوك الأسرة التاسعة والعشرين التي يرجع أصلها إلى بلدة «منديس» الواقعة في شرقي الدلتا.
(ﺟ) من سطر ٩–١١
«نقطانب» يتسلم الصل الملكي
لقد طلب إلى أمه «وسرت» «نحمت-عاوي» عين «رع» … في المدينة (يقصد هنا «قفط»!) وعندما أصبح ملكَ الوجه القبلي والوجه البحري بسنين عدة بوصفه حاكمًا طيبًا لهذه الأرض؛ سار إلى المقر الملكي (١٠) و(الملك الحالي؟) الذي كان في القصر، ثم أصدر منشورًا (؟) عن الذي حدث فيه، ولكن بعد أن سمح له والدُهُ «تحوت» المزدوج العظمة ورب «الأشمونين» ووالدته «وسرت» «نحمت-عاوي» (أن يكون بمثابة ملك للوجه القبلي أبديًّا وملكًا لوجه البحري سرمديًّا)؛ رغب جلالتُه في صل على رأسه؟ وقد خشي قوته الناس في كل الأراضي، وكذلك أقوام الأقواس التسعة.
الملك «خبر-كا-رع» الذي يعيش أبديًّا.
تعليق: في هذه الفقرة لا بد أن نذكر أن الآلهة «وسرت» قد قامتْ بعمل طيب للملك، وقد حدث ذلك عندما وضعت الصل على جبينه، وذلك على غرار ما عملتْه مع والده «رع» إله الشمس فيما مضى، وهذا الحادثُ ليس فيه غرابة؛ وذلك لأن كل ملك بوصفه ابن الشمس كان لا بد أن يضع على جبينه الصل ليحميه من الأعداء، غير أن هذا الحادثَ له مدلولٌ خاصٌّ وذلك أن «نقطانب» لم يكن من دم ملكي، بل كان مجرد جندي، وعلى ذلك فإن الإلهة «نحمت-عاو» هي التي حصلت له على عرش الملك، وذلك بوضع الصل على جبينه، وقد قامتْ هذه الإلهةُ بمنحه فضلًا خارقًا للمألوف — كما سيأتي بعد (سطر ١٧).
ومن معنى هاتين الفقرتين نفهم أن الإلهة «نحمت-عاوي» ومعها الإله «تحوت» والإله «رع» قد قاموا بتتويج «نقطانب» ملكًا على «مصر»، فهل ينبغي أن يكون إعلانُهُ ملكًا قد حدث في «مصر» الوسطى بقيادة أو بمساعدة مقاطعة «الأرنب» الواقعة في «مصر» الوسطى؟ وإذا كان الأمرُ كذلك فإنه يكون من المفهوم السبب الذي جعل «نقطانب» يقوم بأعمال البناء الجديدة التي أقامها في «الأشمونين»، وهكذا نرى أن قوة «مصر» العُليا بالموازنة مع «مصر» السفلى والأراضي الأجنبية؛ قد انعكستْ صورتها في حادثة تاريخية.
(د) من سطر ١١–١٥
الملك «نقطانب» يُقيم معبدًا للآلهة
لقد عمله بمثابة أثره لأمه «وسرت» «نحمت-عاوي» العظيمة في (الحماية؟) … في … التي حمايتها؟ المملكة الخاص ﺑ … في الآلهة، عين «رع» سيدة السماء وأميرة كل الآلهة … ﻟ «رع» لأجل … والخوف منه (أي «رع») قد وضع في الآلهة والناس، وقد أقام له (الملكُ) بيتًا في وسطه قاعةٌ من حجر «قيس» وعمدها (أي عمد الواجهة) من (الحجر الجيري الأبيض الجميل)، وكلُّ واحد منها مزخزفٌ بأربعة وُجُوه «حتحور» (موشاة بالذهب) وسقف جميل المنظر، ومُطَعَّم بكل حجر ثمين ومزخرف بخشب الصنوبر ومطعَّم بالذهب وواحد … طرقه؟ حول هذه القاعة مُغَشَّاة بالذهب، ومطعمةٌ بكل الأحجار الفاخرة، رقعتُها (رقعة القاعة) مكسوة بالمرمر كأنها الماء … يقال لها … ولمعانها مثل الأشعة (عندما يراها) كل الناس؟
وقاعة (قاعة عمد) (؟) سقفها من الحجر الجيري الأبيض وعمد السماء الأربعة … كشيء جميل مزين بخشب الصنوبر ومغشًّى بالذهب ومطعم باللازورد (القاشاني الأزرق) والذهب وحجر (أبخا)؟ … وواحدة … قاعة محراب (؟) من الحجر الجيري الأبيض ومصراع الباب من خشب الصنوبر (المغشى بالذهب) وكل هذه … منقوشة (؟).
ب … وعمل جلالتُه حديقةً جميلة في الردهة الأمامية خارج هذا البيت، وكل شجرة ونخلة تنبت … وكل نبات يخرج (فيها؟) … هذا البيت هو أُفُق ربة (زوجة؟) حاكم القصر …
(وقد عمل ذلك)؛ أي ابنة المقدس؟ ابن «تحوت» رب التيجان «نقطانب» (العائش أبديًّا).
(ﻫ) من سطر ١٥–١٨
الآلهة ينشرح قلبها للبناء الجديد
(ولم يعمل مثيلُهُ) منذ الأزل، وهو (أي البيت؟) على الأرض مثل أُفُق «آمون-رع» في السماء، وأنه (مثل) أرض «بنت» التابعة لها سيدة «حرست» وأنه أفق صل الجبين الخاص بالإله «رع» الذي فيه «ونو» الوجه القبلي، وقد عمل لها مكانًا عظيمًا (محرابًا) … وكان قلب «رع» في فرح عندما نظر ابنته، ولأنه عمل ما ترغب فيه في هذا البيت يوميًّا؛ ولهذا السبب أعطيت إياه مملكة ملك الوجه القبلي.
وهذه الآلهة، كان «رع» و«تحوت» … أمامها على حسب ما عمل لها ما يحبه قلبها نهارًا وليلًا، (كما جاء في سطر ٢١)، ويعمل لها في هذا البيت ما يحبه قلبها … في «حرست» وكل ما خرج (من المعبد) (كانت الآلهة منشرحة به) وكل ما دخل في البيت، فإن قلب الآلهة لا يكون مكتئبًا من أجله، والقُرُبات المختارةُ التي أُحضرتْ تكونُ مثل التي من «بنت» (وقد عملها)؛ أي الملك «خبر-كا-رع» الذي يعيش أبديًّا مثل «رع».
تعليق: يلحظ أن هذه الفقرةُ ابتدأتْ بجملةٍ تُعتبر أنها خاتمةٌ لوصف ما سبق، يُضاف إلى ذلك أن المؤلف لم يقدم لنا أيَّ بيانٍ ملموسٍ، وقد ذكر لنا فقط في سطر ١٦ المحراب، ثم يُكرر تلميحاتٍ عتيقة ذات صبغة أُسطورية خاصة بالأشمونين، ثم يتحدث عن ترتيبات لتزيين المعبد، وفي هذه الفقرة تظهرُ الإلهة «وسرت» بوصفها ابنة «رع» الذي يظهرها بوصفه ملكًا قويًّا، غير أنه لم يأخذ مكانه في المقدمة هنا، وعلى أيَّةِ حال فإن إنشاءَ هذه الفقرة غامضة المعنى.
(و) من سطر ١٨–٢١
الملك «نقطانب» يحبس قربانًا للآلهة
ولقد (جعل إقامة وتجهيز) هذا البيت ﺑ … وأتى جلالته (؟) … وجلالة هذه الآلهة أدخلت بيتها الذي بناه لها، ولم يعمل له مثيلٌ في الأزل، وقد قَرَّبَ قُربانًا عظيمًا من الخبز والجعة والثيران والعجول والإوز والخمر والسدر وكل الأشياء الجميلة … (وسكان «الأشمونين» يهللون) … بأزهار السوسن عندما كان الإكليل على رءوسهم، الرجال مثل النساء، وصوت تهليل هذه المدينة وصل إلى السماء في حين أن نساء «الأشمونين» (؟) كُنَّ عطشى إلى … الذي خرج من «رع» … آلهة … التي كانت تتعطش إلى جمال … (جماع؟) وقد عظمت؟ ما كان قد حدث؟ … لأجلها رجالًا ونساء لتجعل قلبها يتهلل كل يوم وكل ليلة وإن «نحمت-عاوي» المحبوبة من «تحوت» والإلهة «نوت» في انشراح من أجل ذلك الذي قد عمل لها، وهو الذي عمله ابنها والذي تحبه وهو ابن الإله «تحوت».
«رب التيجان «نقطانب» العائش معافًى وصحيحًا مثل «رع» أبديًّا».
تعليق: تعودُ بدايةُ هذه الفقرة إلى ما جاء في السطر الحادي عشر بمثابة تكملة، ويستمرُّ الكلام على أنه تفصيلٌ للقُرُبات التي أُهديت للمعبد، أما عن المعبد نفسه فلمْ يُذكر لنا عنه أية معلومات، اللهم إلا عن القُرُبات التي كانت لا بد أن تقدم للآلهة، وسكان المعبد قد غمرهمُ السرورُ مِن أجل الهدية الملكية، حتى إن أصواتَ التهليل قد ارتفعتْ إلى عنان السماء، وقد عبر الآلهةُ عن سُرُورهم، وبخاصة الإلهة «نحمت-عاوي» بوصفها سيدة المعبد.
(ز) الأسطر ٢١-٢٢
الآلهة تبرهن للملك على شُكرها
التعليق: هذه الفقرة تحتوي على أُنشودة نطقت بها الإلهة «وسرت»، وتنتهي برغبة تريد تحقيقها للملك، والواقعُ أنها فيما سبق قد نجتْه من أعدائه، ومن ثم كان عليها أن تحميه بعد ذلك وتمنحه حُكمًا سعيدًا وتهبه عمر الإله «رع»؛ أي الخلود، أما منحها إياه مملكة الإله «شو»؛ فإن ذلك يُشير إلى «سمنود» مسقط رأس الملك «نقطانب»، وهي في المقاطعة الثانية عشرة من مقاطعات الوجه البحري (انظر كتاب أقسام مصر الجغرافية في العهد الفرعوني ص٨٢)، أما «منف» فهي البلدةُ التي تُوِّجَ فيها، وأما ما فعله الملكُ للآلهة في مقابل ذلك فهو ما قدمه لها من إقامة معبد ومده بالقربات.
(ﺣ) من سطر ٢٢–٢٥
كان المعبد مقر راحة للمعبود
تعليق: تبتدئ هذه الفقرة بوصفها تقريرًا حقيقيًّا يصف البناء، ثم ينتقل مباشرة إلى تمييز هذا المعبد وعلاقته بالآلهة الأزلية، وقد وصفه بأنه يَكاد يكون فيه التلُّ الأزليُّ، وجزيرة اللهيب في بحر المدى الذي أشرقتْ منه الشمسُ للمرة الأولى، غير أنَّ هذا المكان المقدس ليس فيه هذه الأشياء، بل ما ذكره عبارة عن تشبيه، ثم يذكر لنا بعد ذلك الإله «رع» في بادئ أمره عندما كان طفلًا وخلفه تاسوعه، وذكر التل الأزلي والإلهة «نيت» التي يصفها أنها بقرةُ السماء التي تحمل في «رع» كل يوم، غير أن كل ذلك لا يتفقُ مع ما جاء في ثامون الإلهة «تحوت» في «الأشمونين»، وخلق العالم الذي يتلخَّص في أن الشمس في الأزل، قد خرجتْ من زهرة بشنين من التل الأزلي، في حضرة ثمانية الآلهة الذين يتمثلون في أربعة ضفادع ذكور وأربع ثعابين إناث.
(ط) من سطر ٢٥-٢٦
الملك يريد إعلان الانتهاء من بناء هذا المعبد
تعليق: بهذه الفقرة ينتهي تاريخُ البناء، ولا بد أن نفهم هنا أن ما ذُكر من سطر ١١ إلى سطر ٢٥ يقص علينا حوادثَ وقعتْ في الماضي، وعلى ذلك لا ينبغي علينا — لهذا السبب — أن نعدها شيئًا سيقع في المستقبل.
(ى) من سطر ٢٦–٢٨
السنة الثامنة – الآلهة تسير إلى المعبد
تعليق: يُفهم من هذه الفقرة أن البناء — أو المعبد — قد تم بناؤُهُ في أربعة أعوام، وأخذت الآلهةُ مكانها فيه في فرح وسرور وأعياد، واشتركت فيها الآلهة، وهذا المتن يذكرنا باللوحات التي أقامها الملك «تهرقا» تخليدًا لإقامة معبده في بلاد النوبة للإله «آمون» فقد استمر بناؤُها عدة سنين قبل أن يحتله الإله «آمون»، وقد أُقيم له الاحتفالُ بافتتاحه بعد إتمامه.
(ك) من سطر ٢٨-٢٩
الملك نقطانب الأول يحبس أوقافًا على ثمانية الآلهة «ثامون الأشمونين»
لقد أمر جلالته أن يستقر الآلهةُ الثمانية وهم عظماءُ الزمن الأزلي الأولى في بيتهم العتيق حتى يستريحوا فيه، وقد جَهَّزَهُ بحاجياته من الذهب والفضة وكل الأحجار الثمينة، وقد عمل قُرْبَانًا عظيمًا مِن كل شيء جميل لأجل أنْ تفرح أرواحُهُم، وكل الناس في المدينة (الأشمونين) كانوا في اغتباطٍ، ورَجَوُا الصحة لجلالته من أرواحهم، وطلبوا للملك أن يكافأ بالقوة والنصر لأجل أن يكون جلالته في حياة وثبات وقوة مثل «رع» أبديًّا.
تعليق: تتضمنُ هذه الفقرةُ أمر الملك بحبس أرزاقٍ على ثامون بلدة «الأشمونين»، وهم الآلهةُ المحليون — وعلى رأسهم «آمون» — وقد أمر بأن يبقَوا في معبدهم الأصلي؛ وذلك لأجل أن ينال الملكُ رضاهم ورضاء أهل «الأشمونين» الذين كانوا يُقَدِّسُونهم.
(ل) من سطر ٢٩–٣١
الملك «نقطانب» يضع الحجر الأساسي لمعبد جديد للإله «تحوت»
السنة الثامنة، الشهر الثالث من فصل الشتاء (٣٠) لقد أقام جلالتُه بيت والده «تحوت» المزدوج العظمة، رب «الأشمونين» والإله العظيم الخارج من أنف «رع» والواجد جماله، من الحجر الجيري الأبيض الجميل ورقعته من حجر «قيس» طولُهُ ٢٢٠ ذراعًا وعرضُهُ ١١٠ ذراعًا بصناعة ممتازة أبدية، لم يعمل مثيلُهُ منذ الأزمان الأزلية. وقد بدأ جلالتُه يعمل فيه ليل نهار وقد أتمه في انشراح، وعندما رأى والده «تحوت» يستقر فيه فإن جلالته كان في حياة وثبات وقوة سرمديًّا، ولقد زاد في قُربان الإله أكثر ما كانت عليه من قبل، وقد منح جلالته هبة للكهنة، والكهنة المطهرين عند إتمام كل عمل أنجزوه في «حرست».
تعليق: تتضمن هذه الفقرة سرد عمل ثالث جديد قام به الملك «نقطانب» من أجل «الأشمونين»، وذلك بتاريخٍ جديد جاء بعد دخول الإلهة «وسرت» معبدها بخمسة أشهر، وهذا آخر تاريخ نقش على اللوحة التي نحن بصددها، ولا بد أنها أقيمتْ بعد ذلك بمدة قصيرة؛ أي حوالي ٣٧٠ق.م، ولا نزاع في أن وضع الحجر الأساسي لهذا المعبد كان موضع القيام باحتفالات عظيمة أُقيم مثلها كثيرًا منذ الدولة القديمة.
(م) من سطر ٣٢-٣٣
صلاة من أجل «نقطانب» لآلهة «الأشمونين»
«تحوت» المزدوج العظمة رب «الأشمونين» وسيد كلمة الإله و«رع» الذي خرج من بحر جزيرة اللهيب، وثمانية الآلهة عظماء الزمن الأزلي الأول و«نحمت-عاوي» في المعبد، وأقدم من في البيت العظيم (القصر).
والإلهة «نيت» البقرة «أهت» العظيمة، التي وَلدت «رع»، والتاسوع العظيم الذي يَسكن في كل «الأشمونين»، ليتهم يهبون أعيادًا ثلاثينية عدة، والمملكة الأبدية والحكم السرمدي لابنهم الذي يحبونه، وهو الملك «نقطانب» الذي يكون مثل «رع»، عائشًا ومعافًى وصحيحًا؛ لأجل أن تغني «مصر» لجلالته، ولأجل أن تُصبح كُلُّ الأراضي الأجنبية تحت قدميه أبد الآبدين.
هذه الفقرةُ تتضمنُ دعاءً للملك ولبلاده؛ حتى يسود العالم بحكمه السعيد.
(ن) من سطر ٣٣-٣٤
الملك «نقطانب» يأمر بإقامة هذه اللوحة
وعندئذٍ قال جلالتُه: ليت هذا يُقامُ بمثابة حجرٍ تذكاريٍّ، يوضعُ في بيت الإله والدي «تحوت» المزدوج العظمة، رب «الأشمونين»، وليته يذكر اسمي الجميل حتى في الأبدية.
تعليق: هذه الفقرة تشملُ أمرًا مباشرًا بإقامة هذه اللوحة.
(ص) من سطر ٣٤-٣٥
الإله تحوت وآلهة الأشمونين يشكرون الملك
إن كل جماعة آلهة «الأشمونين» قاطبة يقولون لابنهم الذي يحبونه، وهو الملك «خبر-كا-رع» العائش مثل «رع» «نقطانب» والمكافأ مثل «رع» أبديًّا بالحياة والصحة والعافية:
والدك «تحوت» يذكر جمالك في بيته نهارًا وليلًا، وأنه نفسه ونحن كذلك نصدُّ كل الأعداء عن جلالتك بنصر، وأن «مصر» العُليا أقوى من مصر السُّفلى، وكل الأراضي الأجنبية قاطبة لا شك تلمع فيها بكل حياة وثبات وقوة، وكل صحة وكل فرح بوصفك ملكًا على عرش «حور» أول الأحياء مثل «رع» أبديًّا وسرمديًّا.
تعليق: في هذه الفترة تتجمعُ آلهة «الأشمونين» لتخبر «نقطانب» أنهم قد أَتَوا لنجدته على أعدائه الأجانب، ولا غرابة في ذلك فإن «نقطانب» في هذه الفترة من حياته كان في حاجة لنصرة الآلهة له، وبعبارة أُخرى الكهنة والشعب ليصد العدو الأكبر لمصر وهو ملك الفرس.
الحوادث التاريخية التي يُمكنُ استخلاصُها من متن هذه اللوحة
لا بد لنا للتعرُّف على الأساس السياسيِّ الذي بُني عليه متن هذه اللوحة التي نحن بصددها؛ أن نصل إلى حقيقة الحوادث التي وقعت في هذا العهد، والتي لم تذكر في هذه اللوحة.
والواقع أنه في ذلك العهد كان الملك العظيم عاهل الفرس يسعى دائمًا إلى مَدِّ سُلطانه على بلاد «مصر»، وذلك على الرغم من أنه كان يوجدُ أميرٌ مصريٌّ يُسيطر على البلاد بوصفه ملك الوجه القبلي والوجه البحري، وهذا الملكُ كان في يده قوةٌ فعليةٌ لا في الدلتا وحسب — وهي مسقطُ رأسه — بل كان يمتدُّ سُلطانُهُ على الوجه القبلي أيضًا، وكانت سني الحُكم في البلاد تُؤَرَّخُ باسمه. وتدل شواهدُ الأحوال على أنَّ كُلَّ الحوادث التي ذُكرت على اللوحة تقعُ في عهد ملك الفرس المسمى رتكزركزس الثالث المسمى منمون الذي حكم من عام ٤٠٥ق.م إلى عام ٣٦٢ق.م، وفي مدة حكمه ظهر نقطانب قائدًا في الأشمونين، ويحتمل أن ذلك كان في عهد الملك أوكوريس الذي حَكَمَ في عهد الأسرة التاسعة والعشرين حوالي ٣٩٣–٣٨٠ق.م … ثم حكم بعده نقطانب بمفرده البلاد (٣٧٨–٣٦١ق.م)، وذلك بعد حُكم ملكين نكرتين.
وقد تحاشى مؤلفُ هذا المتن أن يشير صراحةً إلى الحوادث التاريخية العالمية التي وقعت في زمنه، بل على العكس قد سكت سُكُوتًا تامًّا عن ذِكْر أيِّ شيء عن الملك العظيم عاهل الفرس ودولته العالمية، أما ما جاء عن ذِكْر البلاد الأجنبية في اللوحة فإن ذلك لا يخرجُ عن كونه ضربًا من التقليد الأدبيِّ المتوارث.
يُضاف إلى ذلك أنَّ المسألة الوطنية الكبرى التي شغلتْ بَالَ المصريين خلال القرن الرابع — وأعني بذلك: تحرير «مصر» من ربقة العبودية الفارسية — لم يُشر إليها إلا من بعيد جدًّا، لدرجة أنه لا يكاد الإنسانُ يشعرُ بها إلا مِن بين السطور.
والواقعُ أننا نجد في الصورتين اللتين مثلتا في أعلى هذه اللوحة؛ أن الإله «تحوت» قد وعد الملك أن يجعل قلبه فرحًا في كل الأراضي، وأن يده لن تصد في كل الأراضي؛ ويقصد بذلك بما أن مملكة «آتوم» قد امتدت فوق رُءُوس كل الأراضي الأجنبية، فإن الإلهة «نحمت-عاوي» ستجعل سيفَ جلالتِه أبديًّا على كل الأراضي الأجنبية، وأن كل آلهة «الأشمونين» ستحميه، وأن كل البلاد الأجنبية ستكونُ تحت قدميه.
وهذه الوعودُ التي نجدها في متن هذه اللوحة ليست إلا من عمل الفرعون الذي لم يكن قد قام بحروب خارجية بعدُ، ومن ثم يمكن الإنسان أن يشك إذا كانت هناك في الواقع ثورةٌ داخليةٌ قد حدثتْ، وعلى ذلك سنبقى في شَكٍّ إذا كان المقصودُ هنا حَرْبًا داخليةً، أو حربًا خارجية على الأعداء عندما أعلنت الإلهة «نحمت-عاوي» في فقرة: «إن أعداءك لن يظهروا عليك أبديًّا.» وفي مكان آخرَ تقول (سطر ٢١) «إن جلالتك ستنجو من ضربة أعدائك.» والواقعُ أن الأعداء الذين في داخل البلاد كانوا هم المقصودين في وصف الحرب التي شَنَّهَا القائدُ «نقطانب» في «الأشمونين»، ويُفهم هذا كذلك عندما يوصف «نقطانب» بأنه: «الملك القوي الذي يطرح عَدُوَّهُ أرضًا» (سطر ١٦)، ولكن مع ذلك فَإِنَّا لا زلنا في شَكٍّ من معنى وعد تاسوع «الأشمونين» للملك، فقد وعدوه بطرد أعدائه.
والبيانات الهامة التي نجدُها في هذه اللوحة من حيث الحوادث التاريخية هي الآتية:
كان «نقطانب» قبل اعتلائه العرش قائدًا أرسل إلى بلدة «الأشمونين»؛ ليقضي على ثورةٍ قامتْ في عهد الملك الذي كان قبله، ولدينا الحريةُ أن نضع هذا الحادثَ في عهد أيِّ ملك من الأُسرة التاسعة والعشرين، ويجب أن تكون هنا ثورةٌ قامت في الوجه القبليِّ على أمراء الدلتا، انتهتْ بتنصيب «نقطانب» ملكًا، وقد كان مِن جراء ذلك قيام حزب في «الأشمونين» يحتمل أنه كان متصلًا بمقاطعات أُخرى في «مصر» الوسطى، وكان هَوَاهُ مع مُلُوك الدلتا، ويمكن أن نعد من حزب الملك أو الموالين له على الأقل — على حسب ما نُشاهد في انتصار القائد «نقطانب» — كهنةَ معبد الإله «تحوت» في «الأشمونين».
وقد كان «نقطانب» ابن أمير مقاطعة يُدعَى «زدحور»، ويحتمل أنْ تكون هذه المقاطعةُ هي «سمنود» (أي المقاطعة الثانية عشرة)، التي تُعَد مسقط رأس «نقطانب»، ونحن نعلم ذلك من التابوت رقم ٧ الذي يُنسب للقائد «نقطانب» ابن ابن أخ للملك، وهو الذي عين أمير مقاطعة عند حُدُود الدلتا، ويحتمل أنَّ ذلك حَدَثَ بعد عام ٣٤٠ق.م، في خلال الاحتلال الفارسي الثاني، والربط بين الجمل التي جاءت في الأسطُر ٧–٩ مع ما جاء في السطر العاشر والسطر السابع عشر، وأخيرًا السطر الخامس والثلاثين؛ تجعل الغرضَ ظاهرًا وهو أنَّ مقاطعةَ «الأرنب» قد ساعدتْ في تنصيب «نقطانب» ملكًا، وهذا بلا شَكٍّ بالتحالف مع المقاطَعات الأُخرى التابعة لمصر الوُسطى، وقد ساعد ذلك على إبعادِ الجيش الفارسيِّ الذي كان ينتظر قيامَ ثورة ناجحةٍ في داخل البلاد.
وقد عزي تنصيبُ القائد «نقطانب» ملكًا على الوجه البحري والوجه القبلي، كما جاء في اللوحة (سطر ٩–١١) للإلهة «وسرت-نحمت-عاوي»، فهي التي وضعت الصل على جبينه، وقد حَدَثَ التتويجُ في عام ٣٧٨ق.م بطريقة عادية في المقاطعة الأُولى من مقاطعات الدلتا «منف» (انظر الأسطُر ٣، ٢٢)، ولكن كان المتوج الحقيقي للملك على مملكته هو الإله «شو»؛ وذلك لأنه إله «سمنود» مسقط رأس «نقطانب» في المقاطعة الثانية عشرة من مقاطعات الدلتا.
وفي السنة الرابعة (أي حوالي ٣٧٤ق.م)، في الشهر الثاني من فصل الفيضان تَدُلُّ شواهدُ الأحوال على أنَّ حادثًا خارجيًّا — ويحتمل أن يكون واجبًا عليه بسبب ارتقائه العرش — قد حَثَّ الفرعونَ على أن يضع تصميمَ معبد للإله «وسرت-نحمت-عاوي» في «الأشمونين» (السطر ١١–١٥)، وقد أُقيم البناء وتم، وقد مَيَّزَهُ الفرعونُ بأنْ حبس عليه الأوقاف من ماله الخاص في البلاط الملكي (الأسطر ٢٥–٦٢)، سارتِ الآلهةُ إلى البناء الجديد؛ أي أنه رتب رواتبَ للكهنة (كما جاء في سطر ١٥، سطر ٢٥).
في موكب حافل بين تهليل أهالي «الأشمونين» (الأسطُر ٢٦–٢٨).
ولم يكن الملك نفسه حاضرًا، غير أنه انتهز سُنُوح هذه الفرصة والإفادة منها بزيادة دخل معبد الثامون الأشموني (الأسطُر ٢٨-٢٩).
وفي السنة الثامنة (حوالي ٣٧٠ق.م) في الشهر الثاني من فصل الفيضان؛ أي بعد مُضِيِّ أربع سنوات بالضبط على التاريخ الأول من إعلان إتمام البناء.
وبعد مُضِيِّ حوالي خمسة أشهُر على هذا التاريخ الأخير؛ أي في الشهر الثالث من فصل الشتاء من نفس السنة؛ وهب الفرعون هبة للأشمونين، وذلك أنه أمر بعمل توسيعٍ كبيرٍ في معبد الإله «تحوت» (الأسطُر ٢٩–٣١)، وقد كان لا بد أنْ يبدأ في العمل الذي وضع تصميمه بسرعة — كما يحدثنا بذلك المتن.
هذا، ولا ينبغي لنا أن نُعيد بناء تاريخ هذا العهد من هذه البيانات الضئيلة التي في هذه اللوحة، ومع ذلك فإني سأُقَدِّم في القائمة التالية الحوادثَ التي وصفناها ووضعت فيها عهد حكم الملوك، ووضعت فيها عمرًا للأفراد على فرض أن كل فرد عاش ستين عامًا، وأن ابنه الذي ولد له كان في السنة الخامسة والعشرين من سني حياته، وعلى ذلك فإنَّ كُلَّ التواريخ المقدرة هنا قد تحتوي على خطأ قد يبلغ عَشْرَ سنواتٍ — على وجه التقريب:
الفرس (الملك العظيم) | مصر الفرعون | الكاهن الأكبر للأشمونين (عمره) | أفراد آخرون غير الكهنة (عمره) |
---|---|---|---|
٤٢٤–٤٠٥ق.م «دارا» الثاني ناتوي | الأسرة ٢٨ «سايس» (المقاطعة) «آمون» أرداس | ٤٢٠–٣٦٠ق.م «زذتحوتف عنخ» الأول كان في وظيفته في عهد «نخت نبف» | ٤٤٦–٣٨٦ق.م «زد حور» أمير مقاطعة «سمنود» |
٤٠٥–٣٦٢ق.م أرتكزركزس «الثاني» منمون | الأسرة ٢٩ «منديس» (المقاطعة ١٦) ٣٩٨–٣٩٣ق.م نف-عا-ورد نفريتس الأول ٣٩٠–٣٨٠ق.م الملك «هجر» (أوكوريس) ٣٨٠ بامسوت (بساموتيس) ٣٧٩ «نف-عا-رود» «نفريتس» الثانى | ٣٩٥–٣٤٥ق.م نس-شو مدة عمله في عهد نحت-حور-حب | ابنه: القائد «نخت نبف» ولد في عام ٤٢١ق.م، في «سمنود» وتولى الملك في عام ٣٧٨ق.م ٣٨٠–٣٢٠ق.م الحفيد الثاني لزد-حر القائد «نخت-نبف» أمير مقاطعة «ثارو» (تل أبو ضبعة الحالي) بعد ٣٤٠ تقريبًا على حسب ما جاء على التابوت رقم ٧ ببرلين |
٣٦٢–٣٣٨ق.م | الأسرة ٣٠ «سمنود» المقاطعة ١٢ ٣٧٨–٣٦١ق.م | ٣٧٠–٣٤٠ق.م | الحوادث في «الأشمونين» |
«أرتكزركزس» الثالث أوكوس | «نخت نبف» «نقطانب الأول» ٣٦٠-٣٥٩ق.م «زد حور» «تيوس تاخوس» ٣٥٩–٣٤١ق.م نخت حرحبت «نقطانب» الثاني | «زدتحوتف عنخ» الثاني في عهد «نخت حر حب» | ٣٧٤–٣٧٠ق.م إقامة اللوحة |
٣٤٢ق.م «مصر» تعود إلى الحكم الفارسي ثانية ٣٣٨–٣٣٦ق.م المستشار «باغوص» مصري | ٣٤٠–٢٨٠ق.م «زد حور» | حوالي ٣٤٠–٣٣٤ق.م حياة «بتوزريس» | |
٣٣٦–٣٣٠ق.م «دارا» الثالث كوداماتيس | خباباش (نوبي)؟ | ٣٣٥–٣٢٠ق.م تحوت رخ | |
٣٣٠ (الإسكندر الأكبر) تغلب على الفرس | المقدونيون: ٣٣٢–٣٢٣ق.م الإسكندر الأول ٣٢٣–٣١٧ق.م فيليب أرخيدايوس» ٣١٧–٣١١ق.م الإسكندر الثاني ٣١١–٢٨٥ق.م بطليموس الأول (سوتر) ٢٨٥–٢٤٦ق.م طليموس الثاني فيلادلف |
(١٩) صفط الحناء
ناووس من الجرانيت الأسود
عثر بعضُ الفلاحين في أثناء أعمال الفلاحة على هذا الأثر الفاخر في هذه الجهة، وقد سمع به أحدُ الباشوات القاطنين في هذه المنطقة، وأمر على الفور بتسليمه إياه؛ ظنًّا منه أنه يحتوي في ثناياه على ذهب، وقد حمل هذا الباشا قطعتين من هذا الأثر إلى عزبته، وقد بقيتا هناك حتى حُملتا إلى متحف «بولاق» وقتئذٍ، وقد بُنيت عدة قطع من هذا الناووس في القناطر التابعة لصفط الحناء، وذلك بعد أن محيت أوجهُها المنقوشةُ، وقد قام الأثري «نافيل» بجمع هذه القطع بالإضافة إلى القِطَع الأُخرى التي عُثر عليها في أثناء الحفائر التي قام بها في هذه الجهة ورَكَّبَها على بعضها البعض، غير أنه ينقصه قطعٌ عدة.
وكان الناووسُ يتألف من قطعة واحدة، ويبلغ سمكُهُ ست أقدام وثماني بوصات ونصف بوصة، وعرضه ست بوصات، أما ارتفاعُهُ فلا يُمكن تحديدُهُ بالضبط، غير أنه لا يمكن أن يكون أَقَلَّ من سبع أقدام وثلاث بوصات على حسب رأي «نافيل»، ولم يبق شيءٌ مِن سقف هذا الناووس.
وهاك بعض النقوش التي على الجزء الباقي من هذا الناووس:
الواجهة الأمامية: نجد على هذا الجزء اسم «نقطانب» مكررًا ثلاث مرات ومسبوقًا بأحد النعوت الثلاثة التي توجد مجتمِعة في لقبه، فقد قيل عنه إنه يحب الإله المحلي «سبد» رب الغرب، وروح الشرق، و«حور» الشرق.
وهاك الترجمة للأسطُر الأُفُقية العُليا: «الحمد لسبد من الإله الكامل، رب الأرضين «خبر-كا-رع» بن «رع» رب التيجان … عمل بوساطة «تحوت» نفسه في الزمن الأزلي تَعَبُّدًا لهذا الإله الفاخر.»
ونقش عموديًّا تحت ذلك تسعة أَسْطُر، منها أربعةٌ أمام الملك ومن سطر ٥ إلى سطر ٨ فوقه، وسطر ٩ خلفه:
وهاك ترجمة ما تبقى منها:
(١) … في بيته … على أعدائه … مرتين، وقد أتى وقتل «أبو فيس»، وافتتح السنة الجديدة، والآلهة والآلهات في فرح وتهليل في مكانه العظيم (محرابه)؛ لأنه غل العدو بأجنحته.
(٢) … والصقر المقدَّس، وأرض الشرق في الشرح، وقد ذبح أعداءه (ربما كان المقصود هنا «رع»)، والغرب قد أصبح في سرور، وعندما صعدت هذه الروح إلى أُفُقها قطعت أعداءها إربًا، وقد اخترق السماء في ريح رخاه، ووصل إلى الغرب الجميل، وفرح أهل الغرب برؤيته.
(٣) وعندما اقترب منهم كانت أجسامُهُم مبتهجةً لرؤيته تأمل! تأمل! أنه على أفواههم، ولم يكن في مقدور واحد منهم أن يستيقظ، بل كانت أجسامُهُم ممتدةً أمامه، وأنه هو الواحد الأحد الذي سيختار أين سيقترب من جبل «باخو» (الجبل الذي تغربُ فيه الشمسُ في الصحراء الغربية).
(٤) وعندما يشرق على الجبل تُهلل كُلُّ ذوات الأربع التي في البلاد له، وأشعتُهُ وبهجتُهُ في وجوههم، وأنه يجلب النهار عندما تمر الساعة الخفية في «نوت» (إلهة السماء) والنجوم السيارة والنجوم الثابتة (القطبية) دون أن يحدث له تعب، و«حور» قوي الساعد يَحمل في يده الحربة ويذبح «عبب» (أبو فيس). (٥) أمام قاربه (أي قارب «رع»)، ويمسك «حور» بالدفة لأجل أن يدير القارب الكبير، والإلهة «سشات» الجبارة ربة الكتابة تنطق صيغها المقدسة في سفينته المقدسة، ولقد أتى «رع» وضرب أعداءه في صورته «أختي» (إله في صورة «بس» بوصفه حاميًا للأطفال المولودة حديثًا)، وأنه يجعل جسمه يزيد باسمه «حورسبد» وأنه يكمله في الوقت المعين باسمه «ماحس» (اسم إله)، وأنه هو نفسه يمده بأعضائه باسمه.
(٧) «حور الشرق»، وقد ضربهم (أعداءه) بالحرارة التي في جسمه باسمه «حور» قوي الساعد، وقد اخترقهم بضربة واحدة، (وأجسامهم) ألقى بها في الشرق والغرب وقضى عليهم. (٨) على جبل الشرق وأعضاؤهم التهمتها النار، ويحس «رع» الريح الطيبة كل يوم باسمه «حور» المنتصر، وأنه يكون ممتازًا كل يوم باسمه «حورسبد»، مرحبًا بك إلى حدود السماء يا سيد «حرمخيس» الذي في … (٩) … والآلهة والآلهات … من الفرح كل يوم قد اجتمع السرور والانشراح، روح الشرق، وصقر الشرق الذي هو «رع» في الغرب، وأنه يخترق السماء هو نفسه … على شرق سفينته كل يوم.
وهذه الأنشودةُ كانت أول متن يعترض عين الناظرُ إلى الناووس؛ ونجد فيها التكرارات العادية جدًّا التي نجدُها في المتون الدينية مما يجعلها — في أغلب الأحيان — مملة للقارئ، وفيها نجد كثيرًا من التورية في الألفاظ، وكانت هذه التوريةُ محببة للمصري، غير أنه لا يمكن إظهارُها في الترجمة.
وأَهَمُّ ميزة للإله «حور سبد» أبرزها مؤلفُ الأنشودة هي: حبه للحرب؛ فهو إله محارب، وسنرى ذلك عندما نبحث الأشكالَ الخاصة التي اتخذها لنفسه، وسننتقل الآن إلى بعض المتون التي على الجوانب الأخرى، وسنبدأ بالمتون التي كُتبت بحروف كبيرة، وهي نقوش الإهداء.
-
(١)
الإلهُ الكاملُ عظيمُ البطش قوي الساعد، الذي يصد البلاد الأجنبية، والبارع في النصيحة ومن يحارب من أجل «مصر»، ثور المقاطعات ومن يطأ بقدميه الآسيويين ومن يخلص مأواه من عبثهم، الثابت الجنان، ومن يتقدم ولا يتقهقر قط لحظة واحدة، ومن يفوق سهمه في اللحظة المناسبة، ومن يمد المعابد بذكائه العظيم، والذي يقولُهُ يَحدث في الحال، كالذي يخرج من فم «رع» ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» ابن «رع» «نخت نبف».
-
(٢)
هذا الإلهُ المبجل «سبد» رب الشرق يذكر نيته الطيبة نحو جلالتِه، وكل الآلهة عندما يخرج (ابن الملك) أمامهم يحفلون به لأجل أنْ يَعتني بالأجسام المقدسة (أي تماثيل الآلهة) مدة حياته ولسنين عدة فيما بعد، وعندما أراد الملكُ أن يقدم إنعاماتٍ خاصة بهذا الإله (أي سبد) في محرابٍ خَفِيٍّ لم يكن معروفًا لدى الكهنة، وحيث كان كُلُّ آلهة الإقليم يُخفون أجسامهم؛ فإن الإله قد وضع في قلب الملك أن يجعله يرى …
-
(٣)
وبعد سنين عدة دُون أن يعرف كيف حدث ذلك، فإنهم رأوا بوضوح كيف أُقيم على مقعده، وبعد ذلك كان هناك سرورٌ قائلين: إن هذا الأمير قد ظهر في الشرق، وإنه قد زَيَّنَ العالم بأشعتِهِ وإنك قد رفعت عاليًا جدًّا إلى السيد المنتصر، وبعد ذلك فإن الإله الكامل قد زين محرابه وعمله، «أمن-خبرو» (= المكان الخلفي) لرب الشرق لجسمه هو، وكل الآلهة الذين كانوا في ركابه على يمينه وكل الآلهة الذين في مكانه على يساره، وعندما يخرج فإن كل آلهته تكون أمامه مثل «رع» عندما يشرق في أُفُقه، وكذلك تكونُ الحالُ عندما يأوي إلى محرابه كل يوم.
ومِن ثم نفهم أن سبب إقامة هذا الناووس كان وقوع أُعجوبة في عهده، ومما يؤسَف له جد الأسف؛ أن نهاية السطر الثاني وُجدت مهشمة؛ ولذلك لم نعرف ماذا حدث، وعلى أية حال يظهر واضحًا أن الكهنة، إما أنهم كانوا لا يعرفون أين كان مأوى الإله، أو أن هذا المأوى كان مكانًا غيرَ مسموح لهم بالدخول فيه، وهذا الرأي الأخير هو المرجح، وقد قرر الملك أن يعمل شيئًا لهؤلاء الآلهة بهذا الخصوص، غير أننا لا نعرف ما هو هذا الشيء؛ وذلك بسبب الكسر الذي في الناووس، والنتيجة أنه بعد مُضِيِّ سنين عدة ظهر فجاءة إله على مقعده وأظن أنه هو الإله «سبد»، وقد كان هذا الحادثُ مثارَ فرحٍ عظيمٍ في «مصر»، وقد سمي «نقطانب» هذا المحراب أو الناووس «مكان اختفاء سبد»، وتلك هي الحقائقُ القليلةُ التي أمكن جمعُها من هذا المتن المتكررة عباراتُهُ.
- (١)
… الخاص بالشرق، قوي الساعد، نسل «حور» الشرق، بكر إله الأُفُق، الواحد الأحد وحصن «مصر» ومبيد الآثمين في الأرض، والثائرين حولها، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» العائش أبديًّا.
- (٢)
… إله الأفق الذي يُشرق في الأُفُق وأشعتُهُ الصفراءُ تضيء … وكل البشر يعيشون برؤية بهاء «حور» في الشرق، وكل الآلهة يحفلون به عندما يرونه.
- (٣)
… عرشك بمثابة «سبد» منتصرًا وكل القطرين قاطبة ينظر فرحًا عندما تشرق في أُفق «بخو» (المكان الذي تشرق منه الشمس) … وأنه ألقى الجبال في أوديتها وأنه هو الذي يحمي «مصر»، عين «رع»، والذي يحرس أجسام الآلهة، ولقد أغنيت المعابد بكل الأشياء الطيبة امنحن مكافأة نصر «رع» أبديًّا.
- (١)
ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» ابن «رع» «نقطانب»، لقد عمله بمثابة أثر لوالده «سبد» رب الشرق، هذا الناووس من حجر الجرانيت الأسود والمصراعان اللذان في الأمام من البرونز الأسود موشيان بالذهب، والصور التي عليه من … وكل الذي دون على إضمامةٌ من الجلد قد عمل بصناعة جميلة باقية أبديًّا، وقد كوفئ على ذلك حكمًا طويلًا، وكل البلاد الأجنبية تحت قدميه وهو عائش مثل «رع» أبديًّا.
- (٢)
الإله الكامل رب الأرضين أمر أن تعمل هذه الأشياء بمحض إرادته لأجل أن يحفظ الجسم الإلهي (أي تمثال الإله) في مسكنه بعد أن أتى جلالتُه إلى «قيس» ليقرب قُربانًا لهذا الإله المحترم «سبد» رب الشرق على عرشه بوصفه السيد المنتصر، وعلى ذلك فإن أحقابًا من السنين سترى … وقد اختار جلالتُه مسكنَه في مدة حياة «خبر-كا-رع» ابنه الذي يحبه «نقطانب» العائش أبديًّا.
- (٣)
وأنه الملك الذي أمر بنفسه بإقامة التماثيل للآلهة «قيس» على هذا المحراب في مدة حياة جلالته، وكل الآلهة في أماكنها، وأنها كما دون على إضمامة الجلد، وكذلك كل الأحفال المقدسة دون أيِّ إهمال فيها عندما … «تحوت» مثل كل أتباع رب «حسرت» على حسب الأعياد الثلاثينية العديدة، عائشًا مثل «رع» أبديًّا.
والواقعُ أن هذا هو أهمُّ نقشٍ حُفر على المحراب؛ إذ إنه يخبرنا عن المكان الذي أقام فيه «نقطانب» الأول الناووس، وهذا المكان هو بلدة «قيس».
أما النقوش التي حُفرتْ بأحرُف صغيرة فإنها إما أن تصف ما حفر تحتها، أو تحدثنا ماذا فعل الآلهة، ليكافئوا الملك لفائدته، وليس من المستطاع أن تتبع القاعدة التي اتخذها الحفارون في اختيارهم الصور التي مثلوها.
هذا، وقد مثل على الجانب الأيسر للناووس — بقدر ما يمكن استخلاصُهُ مما تَبَقَّى منه — عدةُ سفن كانت قد أُودعت في المعبد أمام الإله:
هذا، ويُلحظ أن النقوش التي على اللوحة (٢) في السطر ٤، ٥ متشابهةٌ جدًّا، وهي تذكر لنا أن هذه السفن قد نُقشت على حسب إرادة «نقطانب» ومعه ألقابه العادية، وجاء في السطر السادس: أنها عملت بمثابة مكافأة حسب إرادة ابنهم (ابن الآلهة) الذين يحبهم وهو الملك «نقطانب» وقد أعطيت إياه رقعة «رع» … جب وأنه شجاعٌ مثل شجاعة الآلهة، وكل الأرض تقفز فرحًا، كما أن القلوب منشرحةٌ لرؤية جماله، وأن حبه يمتد على كل الدنيا مثل «رع» عندما يشرق في «باخو» (الشرق)، وذلك بسبب صلاحه العظيم نحو كل الأرض.
ونجد في السطر الثاني من هذه اللوحة ذكر كتاب قد اقتبس فيما بعد، وهو الذي أخذت عنه الرسوم التي على الناووس على ما يظهر! هذه الصور التي عملت على هذا الناووس قد اختِيرت من الكتاب، وقد نقشت بإرادة الملك «نقطانب».
والسطر الرابع من نفس اللوحة يتحدث بنفس الطريقة عن آلهة ناووس الإله «سبد» ضارب الآسيويين: «إن هؤلاء الآلهة الذين يأوون في ناووس «سبد» ضارب الآسيويين على يمينه وعلى شماله، والذين يقفون في أماكنهم في «باسبد» قد نحتوا بإرادة الملك … إلخ، وهم نفس الآلهة الذين شاهدناهم (في اللوحة الثانية السطر السادس) مصاحبين الناووس الذي يأوون إليه.»
وفي اللوحة الثالثة السطر الرابع نشاهد الملك «نقطانب» يقدم قربانًا لأربعة حيوانات نقش فوقها: «إنك شجاع وبطل وإن ساعدك قد نما ليضرب أولئك الذين يعملون المتاعب (؟) لمصر»، والظاهرُ أنه أتى بعد ذلك تاريخ قد اختفى.
ونقرأ بعد ذلك: «منقوش من لفافة جلد خاصة بالمعبد وهي كتاب بالخط المقدس (هيروغليفي) وقد نحتت (الآلهة) على حسب الكتاب بإرادة الملك «نقطانب»، وقد أراد جلالتُه عمل هذه الأشياء المقدسة، وقد أقامها في بيت والده «سبد» رب الشرق، وعندما رفع الآلهة في مأواها حينما اختارت مسكنها في مدة حياته، وقد دعم عرش جلالته بين الأحياء كالسماء كل يوم.»
والغريب في الكلمة «نبس» أنه لم يحقق كنهها بعدُ، فمِن قائلٍ إنها شجرة الجميزة، ومِن قائل إنها شجرة النبق، ويحتمل أن المعنى الأخير يقرب من الحقيقة؛ لتقاربه من اللفظة العربية «نبق»، وفي السطر الثاني نقرأ من اللوحة رقم … لآبائه أسياد سكان الجميزة (؟) والجميزة الخضراء وأغصانها تخرج أوراقها الخضراء والأرض مخضرة في كل امتدادها ومقر هذه لإله مخضر كل يوم، وأنه ينبثق عن زهوره وكل الأشياء الطيبة، وأن أرض «كس» خضراء لأجل أن تكون لامعة في مدة حياته.
ويُلحظ أنه في هذا السطر قد مثلت شجرة «نبس» (الجميزة؟) مع الإله «حور» الذي اعتبر ساكنها، وكما نجد في السطر الرابع من نفس اللوحة الإله «شو» والإلهة «تفنت»، وفي السطر الثالث الإلهة «حتحور» قد مثلت بهذه الكيفية.
هذا، وتوجد صورة بيت «نبس» في السطر الثالث من نفس اللوحة، فهناك نجد الشجرة مسكونة بالإلهين «سبد» و«حرمخيس» وخلفها نشاهد ثلاثة أشكال مختلفة للإلهة «خنست» (وهي إلهة لم تظهر إلا في العهد المتأخر)، ويُشاهَد أمام الشجرة ثعبانان يلقبان بحارس باب القاعة، ويوجد أمام هذه القاعة دهليزٌ آخرُ يحتله ثعبانان ويلقبان حارس باب الدهليز المؤدي إلى بيت الشجرة «نبس» (؟).
والنقوش التي فوق هذه الأشكال هي:
عندما (أتى) الملك «خبر-كا-رع» صورة «رع» وسليل صقر الشرق و«سبد شو» المعابد والبناء العظيم — في هذه المقاطعة لأجل أن يقدم قربانًا لآبائه أرباب مأوى شجرة «نبس» مكملًا «مصر» في منظرها ومجددًا سكن شجرة «نبس» وجاعله كله جديدًا؛ فإن الأرض كلها كانت في سرور من أجل ذلك، وكل إنسان كان مبتهجًا؛ لأنه كان قد عمل على حسب كُتُب «رع»، وعندما اختلط «رع» بالشعب فإنهم جعلوا بيت شجرة «نبس» يزدهر.
ونجد كذلك في السطر الرابع من نفس اللوحة أشكالًا عدة للإله «سبد» والنقوش التي تتبع ذلك تتضرع للآلهة قائلة: تعالوا وانظروا كل ما قد عمل لكم على يد ابنكم الذي يحبكم الملك «نقطانب» الذي يعيش أبديًّا، وكل الآلهة والإلهات … عندما ينضم إليهم «رع» والشعب يشم الأشياء الجميلة التي عملها في مسكن «باخو» «الشرق»، فقد جعل موائد قرابينكم تفيض بكل الأشياء الطيبة وجدد الحدائق؟ دون انقطاع، وجعل الحقل ممتازًا مزودًا موائد قربانك، أعطه مكافأة ليكون ملك الوجهين القبلي والبحري اللذين يخضعان لإرادته مثل «رع» أبديًّا.
وجاء في السطر الخامس من نفس اللوحة ما يأتي: إن جلالته قد وَجَّهَ عزمه على تنفيذ كُلِّ هذه الأشياء المقدسة، والآلهة يرون ما يفعل في بيوتهم على يد ابنهم الذي عَلَى عرشهم الملك «نقطانب» العائش أبديًّا، وقد نال مدائحَ مثل «تاتنن» مكافأة له على بِناء معابدهم، وقد توج ملكًا على الأرضين، وعلية القوم وعامتهم يحتفلون به، وكل الأرض قاطبة منحنيةٌ أمام جلالته بسبب سلطانه عليهم، والماء يعلو في فصله وإنه ممتازٌ بسبب فائدته؛ لأنه سر قلوبهم حقًّا، والأرض تعيش به (أي الماء كل يوم).
وجاء في السطر السادس: تعالوا وشاهدوا ما فعل جلالتُه نحوكم يا أسياد مأوى «نبس» (شجرة؟) كافئوه بعزة «آتوم» وبعمر «رع» بوصفه أميرَ الأحياء، إن كل قلوبهم متعلقةٌ به وكل الأراضي الأجنبية … بحربته وإن رؤساءهم حامِين «مصر» وحارسين عين «رع» من الذين يجلبون السوء لها.
والملك «خبر-كا-رع» نفسه طفلها الذي يحرس معابد كل الآلهة أبديًّا؛ لأنه ابنك الذي يحميك وإنه الباني القدير في بيت «نبس» بن «رع» «نقطانب» العائش أبديًّا مثل «رع».
ويوجد في متحف «اللوفر» قطعةٌ مِن ناووس، مثل عليها أسابيعُ السنة (كان الأسبوع يعد عشرةَ أيام)، وقد عثر على قطعة أُخرى من هذا الناووس في «الإسكندرية» ويُقال إن موضعه الأصليَّ كان في «صفط الحناء»، وقد تحدث مليًّا عن هذا الناووس الأثري «لبيب حبشي».
(٢٠) صفط الحناء
- في السطر الأول من اليمين: «حور» صاحب الساعد الجبار، السيدتان (المسمى) منعش الأرضين، «حور» الذهبي (المسمى) الذي يعمل ما تحبه الآلهة ملك الوجه القبلي والوجه البحري (المسمى) رب الأرضين، رب القربان «خبر-كا-رع».
- السطر الذي على الجهة اليسرى: محبوب «سبد حور» رب الشرق، «حرمخيس» الإله العظيم سيد جبال «باخو» والأمير وحاكم التاسوع ليته يُعطَى الحياة كلها أبديًّا.
(٢١) تانيس
(٢٢) تانيس
(٢٣) بلدة «البقلية» الواقعة في جنوبي المنصورة
كشف في غربي المعبد الذي عُثر عليه في هذه المدينة على جذع تمثال للملك «نقطانب» الأول، وهو يمثله ماشيًا ومرتديًا قميصًا، ونقش على حزامه النقش التالي:
يعيش رب الأرضين «خبر-كا-رع» محبوب «تحوت» في بلدة «رحو» «البقلية».
الإله الكامل رب الأرضين «نخت نبف» «نقطانب» محبوب «نحوت» في «رحو».
ونُقش على ظهر التمثال: «حور» القوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» ابن الشمس «نخت نبف».
(٢٤) وعثر «نافيل» على قطعة حجر في أسكفة باب شيخ في قرية مجاورة «للبقلية»، وقد نُقش عليه اسم الملك «نقطانب» الأول ولقبه، ويدل ما تبقى من النقش الذي لا يزال مدفونًا تحت الأرض في الأسكفة على أن الإله «تحوت»، هو معبود بلدة «البقلية» «رحو» — كما سبق ذكره.
(٢٥) وأخيرًا عُثر لهذا الفرعون على تمثالين في صورة أسد رابض، يبلغ طولُ الواحد منهما حوالي ١٫٨٥ متر، وقد وُجدا في معبد «تحوت» صاحب «رحو» («رحو» هي عاصمة المقاطعة الخامسة عشرة من مقاطَعات الوجه البحري)، وهما الآن في «الفاتيكان» وقد عُثر عليهما في «روما»، وليس في نُقُوشهما شيءٌ جديد غير ألقاب هذا الفرعون وأسمائه.
(٢٦) منديس
أهدى الفرعون «نقطانب» ناووسًا لكبش «منديس» وهو مصنوعٌ من الجرانيت المبرقش، وقد عُثر عليه في بيت من بيوت العصر الروماني، وهو محفوظٌ الآن بالمتحف المصري تحت رقم ٧٠٠٢٢، ويبلغ ارتفاعُهُ ١٫٤٧ مترًا وصناعتُهُ جيدةٌ، وكتابتُهُ محفورةٌ بعناية، وقد وجد في حالة سليمة تقريبًا إلا بعض قطع صغيرة كُسرت منه، وهو قطعةٌ واحدةٌ من الحجر — كما هي الحال في معظم نواويس هذا العصر — وقد نقش على عارضيته سطران، فالذي على اليَسَار جاء فيه: «حور» قوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» (المسمى) «نقطانب» عاش مخلدًا.
ونقش على العارضة اليُمنى ما يأتي:
«حور» القوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» (= «نقطانب» الأول)، العائش مثل «رع» محبوب كبش «منديس» القاطن في «إيون» الإله العظيم خالق نفسه.
ونقش على الواجهة صورة الشمس المجنحة كما نقش: رب «مسن»، وعلى اليمين وعلى الشمال نقش في سطر أفقي وآخر عمودي «بحدتي» الإله العظيم رب السماء ذو الريش المبرقش الخارج من الأُفُق رب «مسن» (وهو اسم مكان لعبادة حور صاحب إدفو).
(٢٧) «أبو ياسين» مركز كفر صقر شرقية
(٢٨) سمنود
(٢٩) المحلة الكبرى
رأى الأثريُّ «إدجار» جذع تمثال لهذا الملك في «سمنود»، ولكنه يظن أن هذا الأثر قد نُقل من «المحلة الكبرى» إلى «سمنود».
وقد نقش عليه: يعيش بن «رع» رب التيجان «نخت نبف».
يعيش ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» (أي «نقطانب» الأول)، وهذا المتن نقش على حزام هذا التمثال.
(٣٠) المحلة الكبرى
استولتْ مصلحةُ الآثار على جذع تمثال جميل الصنع من أحد أهالي قرية «دقميرة» مركز «كفر الشيخ» مديرية «كفر الشيخ»، وكان ذلك في عام ١٩٢٢؛ وقد نقل إلى المتحف المصري، وهو محفوظٌ هناك تحت رقم ٤٧٢٩١، ومما يؤسَف له أن المكان الأصليَّ الذي كان فيه هذا التمثالُ لم يعلم بعدُ، وقد قيل على لسان صاحبه: إنه عُثر عليه أثناء بناء السكة الحديد من «المحلة الكبرى» إلى «بلطيم».
والتمثال مصنوع من الحجر الأسود الصلب، ويُعتقد أنه من البازلت.
(٣١) «سايس» أو «دمنهور»
وهذا الناووسُ المصنوعُ من الجرانيت الأسود سقفُهُ مقببٌ، ومزينٌ من الأمام بقرص الشمس المجنح ونقش معه: «بحدتي» الإله العظيم رب السماء مُعطَى الحياة، ونقش على عارضتَي بابه ما يأتي: من اليمين: «حور رع» قوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» محبوب الإلهة «نيت» العظيمة أم الإله.
ونقش على اليسار: «حور رع» القوي الساعد ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» بن «رع» «نخت نبف» محبوب «نيت» ربة «آت خت».
(٣٣) رشيد
قطعة حجر منزوعة من بين عمودين، مزينة بكرنيش رسم عليه صفٌّ من الصقور، وحفر عليها صورة «نخت نبف» «نقطانب» الأول، وقد مثل راكعًا وهو يقدم ربانًا لإله، وقد عُثِرَ على هذا الحجر في خرائب «رشيد»، وطولُهُ أربعةُ أقدام وعرضُهُ قدمان وست بوصات، وقد أَهْدَاهُ الملك «جورج» الثالث للمتحف البريطاني عام ١٧٦٦م.
(٣٤) الإسكندرية
وكذلك عُثر على رأس لهذا الملك في نفس المكان السابق ذكره.
(٣٥) «الإسكندرية»
قطعةٌ من عمود عليها اسمُ «نقطانب» الأول: ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» «نقطانب الأول»، وهذه القطعة كتبت من الوجهين ويشاهد فيها «نقطانب» الأول يقدم قربانًا.
(٣٦) كفر مناقر
يوجدُ الآن في المتحف المصري جُزءٌ من تمثال للملك «نقطانب» الأول، والواقع أنه لم يَبْقَ من هذا التمثال إلا العمود الذي كان يستند عليه وأجزاءٌ أخرى بسيطة، وهو مصنوعٌ من الجرانيت الأسود المبرقش بالأبيض، ويبلغ طولُهُ ٢٫٢٢ مترًا وعرضه ١٣ سنتيمترًا، وقد نقش على هذا العمود متن في أعمدة.
والعمود الذي على اليمين جاء فيه أسماء الملك «نقطانب» الأول دون تغير ملحوظ، والعمود الذي على اليسار أكثر أهمية من سابقه، فنشاهد أن «حور» نقطانب يواجه «حوارًا» آخر يعلو رأسه قرص الشمس قابضًا على رمز مركب من علامة النبات وعلامة الحياة الواحدة فوق الأخرى، وهو يجعل «حور» الذي يقابله يشم رائحتها، وهاك الترجمة:
«حور رع» سيد «كم تاخنتي خاتي» الصقر المقدس الذي على قصره، أنه يعطي الحياة والقوة لملك الوجهين القبلي والبحري «خبر-كا-رع» والوارث الممتاز للمبعوث السليم (لقب أوزير) على عرشه «نقطانب» مُعطَى الحياة.
أما السطر الذي على اليمين فجاء فيه: «حور» ذو الساعد القوي ملك الوجهين القبلي والبحري، السيدتان (المسمى) الذي يثبت الأرضين، حور الذهبي الذي يعمل ما تحبه الآلهة «خبر-كا-رع» بن الشمس ومحبوبه «نقطانب» الأول.
(٣٧) «ليتوبوليس» (= أوسيم)
هذا، وفي عام ١٩٢٣ عثر الأثري «جوتييه» خلال رحلة تفتيشية في داخل قرية «أوسيم» نفسها على قطع أُخرى من الحجر الأسود الصلب المائل إلى السمرة، تدل — بدون أي شك — على أنها بقايا تمثال أقامه الملك «نقطانب» الأول للإله «حور» رب «أوسيم» وهو الإله المحلي لهذه البلدة، وقد وجد على أحد هذه الأحجار قطعةٌ من موكب مقاطعات، وقد شاءت الصُّدَف أن تستولي مصلحة الآثار على أربع قطع باسم الملك «نقطانب» الأول أصلُها من «أوسيم»، وذلك أثناء عمل شارع في حي سوق الصالح «بأوسيم»، وهذه القطعُ من نفس الجرانيت الرمادي المائل إلى السواد الذي منه القطعُ السابقةُ التي شُوهدتْ في «أوسيم»، ويلفت النظر من بين هذه القطع اثنتان؛ وذلك لأنهما من أساس معبد مُزَيَّن بموكب أشخاص، يمثل كل منهم مقاطعة من مقاطعات «مصر».
(٣٨) «عين شمس»
قطعة منقوشة من الحجر الجيري من معبد هذه البلدة، وكذلك قطعة أخرى منقوش عليها لقب «نقطانب» الأول «خبر-كا-رع»؟
ومن المحتمل أن يكون هذا النقش للملك «سنوسرت» الأول؛ لأن الملك «نقطانب» الأول و«سنوسرت» الأول يحمل كل منهما هذا اللقب «خبر-كا-رع»، ومما يلحظ هنا أن الفن كان رفيعًا في كل من العصرين، فقد كان عصر سنوسرت يعتبر العصر الذهبي للفن والعلوم، كما كان عصر نقطانب يعتبر عصر نهضة جديدة في الفن.
(٤٠) القاهرة
ناووس للإلهة «نيت» من الجرانيت الرمادي المنقط.
ناووس من الجرانيت الرمادي يبلغ ارتفاعُهُ ٩٣ سنتيمترًا، وهو قطعةٌ واحدةٌ، وقد وجد على عارضتيه المتن التالي:
الجانب الأيمن: «حور» ذو الساعد القوي، ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع» ابن الشمس «نخت نبف» محبوب «نيت» العظيمة الأم الإلهية.
ونقش على الجانب الأيسر نفس النقش بإضافة محبوب «نيت» ربة «آت خت» (و«آت خت» مكانٌ بالدلتا خاصٌّ بالمعبود «أوزير» الشمال فاتح الطرق، ويحتمل أن يكون هذا الاسمُ له علاقةٌ بمقر القاضي الجنازي الثامن.
(٤١) القاهرة
وجدت قطعةٌ مِن تاج عمود عليها صورة «نقطانب» الأول قابضًا بيده على صورة «بولهول»، وقد عُثر عليها في قلعة «القاهرة».
(٤٢) محاجر «طرة»
مع آلهة «بعح» ليته يثبت ويبقى أبديًّا.
وقد ذكرنا من قبل شيئًا من محاجر «طرة» (انظر الأرقام ٧، ٤، ٦، ٩).
(٤٨) منف
(٤٩) منف
قطع من تابوت الملك «نقطانب» المصنوع من حجر البرشيا الأخضر، وهي محفوظةٌ الآن بالمتحف المصري.
من المحتمل أن تابوت الملك «نقطانب» الأول قد جيء به إلى «القاهرة» في عهد الخلفاء، وتدلُّ شواهدُ الأحوال على أنه كان تابوتًا فاخرًا مستطيلَ الشكل مصنوعًا من حجر البرشيا الصلب الأخضر، ويبلغ طوله ثلاثة أمتار واثني عشر سنتيمترًا، وكان غطاؤُهُ مقببًا، غير أنه مما يؤسف له جِد الأسف أن هذا التابوت كان قد هشم، وقد وجدت منه أجزاءٌ مختلفةٌ في أنحاء «القاهرة»، وقد جمع المتحف المصري منه خمس قطع، وقد مثل على قاع التابوت آلهة بذراعيها ممتدتين لتتسلم جسم المتوفى، وعلى خارج سطح التابوت مثلت بعض آلهة جنازية، كما وجد اسم الفرعون منقوشًا مرات عدة.
(٥٠) منف
(٥١) منف
(٥٢) منف
(٥٣) منف
(٥٤) منف
وجد لهذا الفرعون تمثال مجيب عُثر عليه في معبد الإله «بتاح»، وهو الآن بالمتحف المصري، وهذا التمثالُ مصنوعٌ من القاشاني الأخضر، وقد ظن بعض الأثريين أن وجود مثل هذا التمثال الجنازي الذي لا يوجد إلا في حجرة دفن المتوفى، يوحي بأن هذا الملك قد دُفن في «منف».
(٥٥) منف
ويوجد بالمتحف البريطاني تمثال باسم «خبر-كا-رع» وهو لقب يُطلق على كل من الملكين — كما ذكرنا من قبل — «سنوسرت» الأول و«نقطانب» الأول؛ وقد ظن البعض أن هذا التمثال هو للملك «نقطانب» غير أنه بالدرس والمقارنة وجد أنه للملك «سنوسرت» الأول.
(٥٨) الأشمونين
عثر الأثري «ريدر» على تمثال أكبر من الحجم الطبيعي لهذا الفرعون، وقد مثل ماشيًا، وهو مصنوع من الحجر الجيري.
(٥٩) الأشمونين
أقام هذا الملك مبنى مدخل «بولهول» الموجود أمام بوابة «رعمسيس» الثاني بمعبد «الأشمونين».
(٦٠) الأشمونين
(٦١) الأشمونين
(٦٢) الأشمونين
قطعة من تمثال للملك «نقطانب» الأول، والتمثال مصنوعٌ من الحجر الصلب، ومحفوظٌ بالمتحف المصري.
وقد مثل هذا التمثال ماشيًا، ويبلغ ارتفاعُهُ ٥٩ سنتيمترًا.
وكل ما تبقى من النقوش على هذه القطعة هو اسم الملك «نقطانب» عاش أبديًّا «تحوت» رب «الأشمونين».
(٦٣) «وادي النخلة» (انظر رقم ٨)
(٦٤) العرابة المدفونة
(٦٥) العرابة
وجد في العرابة ناووس من الجرانيت الأحمر المبرقش، وهو محفوظٌ الآن بالمتحف المصري، وقد وُجد عليه اسم كل من «نقطانب» الأول والثاني. عثر على هذا الناووس الأثري «دارسي» في العرابة المدفونة، حوالي عام ١٨٩٦-١٨٩٧م في المعبد الصغير الواقع غربي «شونة الزبيب»، وهو الآن بالمتحف المصري، وصناعة هذا الناووس دقيقة غير أن النقش الذي في داخله لم ينل عنايةً كافية.
هذا، ويُلحظ أن الجزء الأعلى من جانبه الأيمن قد هُشم، وكذلك الجزء المتصل بالسقف، هذا بالإضافة إلى بعض قطع صغيرة قد ضاعتْ منه، والناووس قطعةٌ واحدةٌ وسطحُهُ على هيئة السرج.
وأهم النقوش التي عليه ما يأتي:
(١) يُشاهَد على جداره الأيمن منظران الأول من جهة اليسار، مثل فيه الملك يحضر العدالة أمام الإله «تحوت»، وقد نقش فوق الملك: ملك الوجهين القبلي والبحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» بن «رع» رب التيجان «نخت-نيف» ليته يُعطَى الحياة والثبات والقوة مثل «رع» أبديًّا.
ونقش خلفه الحماية والحياكة كلها حوله مثل «رع»، ونقش أمامه: «إعطاء العدالة لوالده لأجل أن يجعله يعطيه الحياة»، وقد مثل «تحوت» في هذا المنظر في هيئة قرد على رأسه قرص القمر، وقد نقش معه: «تحوت» مرشد الآلهة والإله العظيم رب السماء.
المنظر الثاني يشاهد فيه الإله «أنوريس-شو» يحضر العدالة للإله «أوزير» رب جبانة «العرابة»، وقد نُقش فوقه: «أنوريس-شو» ابن «رع» رب السماء ونقش أمامه: «إعطاء العدالة إلى أنفك يا رب الحياة يقصد «أوزير».»
ويشاهد أمام «أنوريس-شو» الإله «أوزير» واقفًا على هيئة مومية وقد نقش فوقه: «أوزير» أول أهل الغرب، «وننفر» الإله العظيم رب الأرض المقدسة ونقش أمامه: «إني أعطيك كل الحياة والقوة وكل السلامة.»
النقوش التي على الجدار الأيمن في الحجرة الداخلية للناووس:
يشاهد أولًا الملك يقدم العدالة أمام «أوزير» والإلهة «حتحور»، وقد نقش اسم الملك فوقه غير أنه هنا كتب الملك «نقطانب» الثاني، وهاك النص:
رب الأرضين «سنزم أب-رع-ستب-ن-آمون» رب التيجان «نخت حور حبت» محبوب «آمون»، ونقش أمامه: «إعطاء العدالة لوالده.»
ومن جهة أُخرى يشاهد «أوزير» واقفًا في صورة مومية، وقد نقش فوقه «أوزير وننفر» رب الأرض المقدسة (الجبانة)؛ وكذلك يشاهد خلفه «حور» وقد نقش فوقه: «حور وننفر» رب «رستاو» كما نشاهد «إزيس»، وقد نقش فوقها: «إزيس» (ربة) البيت التي ولدت رب السماء وسيدة الآلهة. ويشاهد على الجدار الأيسر من الداخل الإله «أنوريس»، وكذلك نشاهد صورة الملك «نقطانب» الثاني مهشمة، وقد بقي من النقوش التي معه ما يأتي: رب الأرضين «سنزم أب-رع-ستب-ن-آمون». وتدل شواهدُ الأحوال على أن الملك «نقطانب» الأول هو الذي أقام هذا الناووس ونقشه من الخارج ثم جاء بعده: «نقطانب» الثاني ونقش جدرانه من الداخل.
(٦٦) دندرة
(٦٧) قفط
- على الجهة اليمنى: «حور» صاحب الساعد القوي ملك الوجه القبلي والوجه البحري «خبر-كا-رع»، لقد عمله بمثابة أثره لوالده «مين» صاحب «قفط» ورب «أبو» (كفر أبو) ورب «سنوت»، لقد عمل ناووسًا من صنع ممتاز للأبدية، ومصراعاه اللذان عليه من خشب «قد» (خشب لبنان) مصفح بالذهب، وقد عمله لأجل أن يُعطَى الحياة أبديًّا مثل «رع».
- ونقش على المصراع الأيسر: «حور» صاحب الساعد القوي ابن «رع» «نقطانب» الأول صنعه بمثابة أثره لوالده «مين» «حور» صاحب الذراع المرفوع (صفة من صفات «مين»)، عمل له ناووسًا من حجر «بخن» اللامع (مستخرج من الحمامات) عمله ليُعطى كل الحياة والثبات والقوة وكل السلامة وكل الانشراح مثل «رع» أبديًّا (راجع: Roeder, Cat Gen., Naos p. 55–57 & Pl. 15 & pl. 49-a–c; A.S. 6, p. 122-123).
(٦٨) قفط
قطع مختلفة عليها اسم هذا الفرعون قد استعملت في المباني.
(٦٩) قفط
(٧٠) قفط
ووجد في هذه البلدة لوحةٌ وتابوتٌ من الجرانيت الرمادي، لكاهن تمثال الملك «نقطانب» الأول، وهذا الكاهن يُدعى «نس مين»؛ وتفسير ذلك أنه قد عثر الأهالي على مقبرة في بلدة «القلعة»، وقد فتحها «حسن أفندي حسني» مفتش الآثار، وتحتوي هذه المقبرة على حجرة تحت الأرض مساحتها ٢٫٨٠ × ١٫٥٧ × ١٫٧٠ مترًا، وهي مبنية من الحجر الجيري وملونة باللون الأصفر ونقوشها باللون الأحمر، وكانت تحتوي على تابوتين غير أنهما وُجِدَا منهوبين قديمًا، وقد عُثر على لوحة موضوعة على التابوتين مصنوعة من الحجر الجيري، كما عُثر على جعران قلب خالٍ من النقوش، هذا بالإضافة إلى لوحة أُخرى مكتوبة بالديموطيقية غير أن كتابتها غيرُ واضحة.
والتابوت المنقوش مصنوعٌ من الجرانيت الرمادي، وهو على شكل مومية واسم صاحبه «نسن مين» ابن «أرت-ثي-ر-ثاي» الكاتب الملكي، وقد نقش عليها طغراء الملك «نقطانب» الأول، وقد مثل على اللوحة المتوفى يقدم قربانًا للآلهة الأربعة التالية:
(٧١) وادي حمامات
(٧٢) وادي حمامات
(٧٢) المدمود
(٧٤) الكرنك
وجدت طغراء «نقطانب» الأول على الجانب الشرقي لمعبد «آمون».
(٧٥) الكرنك
(٧٦) الكرنك
(٧٧) الكرنك
معبد «منتو» وجد اسم الفرعون «نخت نبف» على البوابة التي أقامها «نقطانب» الأول التي توجد داخل السور المحيط.
(٧٨) الكرنك
تمثال بولهول جاثم مصنوع من الحجر الرملي، قدمه الفرعون للإله «آمون» صاحب الكرنك ومحفوظٌ الآن بمتحف «برلين»، وقد نُقش عليه يعيش «حور» صاحب الساعد القوي، والسيدتان (المسمى)، مقوي الأرضين «حور» الذهبي العين «المسمى» محبوب الآلهة ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «خبر-كا-رع» بن الشمس رب التيجان «نخت نبف» «نقطانب» الأول … إلخ.
(٧٩) الأقصر
(٨٠) مدينة هابو
وقد مثل الفرعون على جانب بوابته أمام الإله «آمون» وهو يقدم ثلاثة من الأسرى في كلا المنظرين.
(٨١) طود
(٨٢) الكاب
(٨٣) إدفو
انظر رقم ١، ١٢ في قائمة آثار هذا الملك، الذي نحن بصددها الآن.
(٨٤) الفيلة
معبد «إزيس» أقام الملك «نقطانب» الأول لنفسه إيوانًا عند قاعة الدخول للمعبد، أهداه لوالدته «إزيس» المبجلة في «أباتون» (جزيرة سهيل) وسيدة الفيلة وإلى الإلهة «حتحور» صاحبة «سنموت». وتدل شواهدُ الأحوالِ على أن هذا المعبد كان قد اكتسحه ماءُ النيل بعد إتمامه بمدة قصيرة، ولكن «بطليموس» الثاني «فيلادلف» أصلح الإيوان ثانية، وهذا الإيوانُ الصغيرُ الأنيقُ المنظر كان مُقَامًا على أربعةَ عَشَرَ عمودًا ذات تيحان مختلفة من النباتات، وفوق كل عمود تاجٌ على هيئة صُناجة، ولم يبق قائمًا من هذه العمد إلا ستة، وقد اختفى السقف، وكان يوجد بين العمد ستائرُ من الحجر، يبلغُ ارتفاعُ كل منها أكثر من ستة أقدام، ومزينة بكرانيشَ مفرغة وصفوف من الأصلال، وقد اعترض هذه الستائر على الجانبين الشرقي والغربي، وكذلك على الجانب الشمالي؛ أبوابُ الخروج، وهذه الستائرُ قد مثل عليها مناظر يظهر فيها الملك «نقطانب» الأول يقدم قربانًا للآلهة.
(٨٦) الفيلة
(٨٧) الواحة الخارجة
تدلُّ النقوشُ التي وُجدت في معبد «آمون» صاحب «هيبيس» (هبت) على أن الملك «نقطانب» الأول قد أقام في هذا المعبد إيوانًا، ثم جاء بعده الملك «نقطانب» الثاني، وأضاف إليه أجزاءً.
(٨٧) الواحة الخارجة
وفي «برلين» يوجد تمثالٌ راكعٌ لهذا الفرعون أصله من «منف».
(٨٩) تمثال بولهول
(٩٠) بومبي – تمثال مجيب
(٩٠ب) رومه
(٩١) جعارين «نقطانب» الأول
ومما تَطيب الإشارةُ إليه هنا أن «نقطانب» الأول قد جمع في لقبه في نقوش جعران بين لقب «سنوسرت» الأول و«تحتمس» الثالث.
ولا شك أنه كان يرمي بذلك إلى أنه أراد الجمعَ بين عظمتَي هذين الفرعونين اللذَين يُعَدَّان من أعظم فراعنة مصر من حيث السلطان.
(٩٢) اللوحات الصغيرة التي باسم «نقطانب» الأول
وقد نقش عليها رب الأرضين «خبر-كا-رع» رب التيجان «نقطانب» الأول.
(٩٤) لوحة أساس صغيرة
(٩٥) قبضة صناجة
(٩٦) قطعة من قبضة صناجة
وقد نقش عليها «خبر-كا-رع» محبوب الإله «أنوريس» و«نقطانب» محبوب الإلهة «حقات».
(٩٧) ثقالة عقد منات
(٩٨) ختم من الخزف الأخضر
(٩٩) نموذج باب من الخشب
(١٠٠) إفريز جميل من البازلت
وقد مثل هذا الرجل بصفته القائد الأعلى، ويحمل حول رقبته صورة العدالة، (راجع: ما كتب عن ذلك في الجزء التاسع مصر القديمة).
هذه هي بعضُ آثارِ الملك «نقطانب» الأول التي كُشف عنها حتى الآن، وفي اعتقادنا أن الجمَّ الغفير من آثار هذا الفرعون لا يزال مختبئًا تحت تربة أرض الكنانة، كآثارِ غيره مِن عظماء ملوك «مصر» الذين بنوا مجدها الغابر، ومهما يكن من أمر فإن ما استعرضناه من آثار هذا الفرعون يدل دلالة واضحة على أنه قد قام بنهضة جديدة في البلاد، بعد النكسة التي انتكستها على أثر دخول الفرس فيها.
ولا غرابة في ذلك؛ فإن ما لدينا من معلومات وصلت إلينا عن طريق الكُتَّاب الإغريق، وما لدينا من الآثار المكتشفة له يدل دلالة واضحة على أنه قام بنهضة جديدة في كل نواحي العمران، وبخاصة في العمارة والفن وإحياء معالم الدين، بعد أن كان قد أصابها الإهمال والعبث، ومن الآثار التي تركها لنا نفهم أنه وثب بالفن وثبة واسعة وضرب بسهم صائب في العمارة، وبخاصة إقامة المعابد التي عفا عليها الزمن.
وتدل شواهد الأحوال بما تركه لنا من آثار على أنه كان يريد مجاراة عظماء ملوك «مصر» الذين سبقوه، وبخاصة أولئك الذين وضعوا الأسس لإحياء مجد «مصر»، والسير بها في طريق بناء الإمبراطورية المصرية، وأكبر دليل على ذلك أنه تَلَقَّبَ بقلب «سنوسرت» الأول واضع أُسُس الإمبراطورية المصرية في عهد الأسرة الثانية عشرة، كما ضم إلى لقبه «تحتمس» الثالث الذي وصلت في عهده الدولة المصرية إلى أوج عظمتها وسؤددها.
والواقع أن «نقطانب» الأول قد جمع في صفاته وأخلاقه ما يجعله يتمثل بهذين الملكين العظيمين، وينحو نحوهما في إحياء مجد «مصر» وإقالتها من عثرتها، غير أنه كان كالقلب السليم في الجسم العليل الذي أضعفتْه الأمراضُ، وقد أراد بَثَّ الحياة في هذا الجسم المتداعي، فلم يكن له قبل بذلك إلا مدةٌ قصيرةٌ لم يلبثْ بعدها الجسمُ أنْ مات، ومعه مات القلبُ الفتي، وذلك على الرغم من مُحاولةٍ خليقةٍ بالسير في الطريق الذي رسمه لمجد بلاده. فقد كانت دولةُ الفرس لا تزالُ قوية، وكانت دولةُ اليونان آخذةً في الظهور بما لديه من قوة فنية، وبخاصة عندما أخذ بنظامها إسكندر الأكبر، الذي قضى على كل الممالك العظيمة في عهده، وأسس أعظم إمبراطورية في العالم القديم.
ولكن الأثري «شبيجلبرج» برهن فيما كتبه عن الحوليات الديموقراطية منذ ١٩١٤ «نقطانب» الأول، و«نخت-حر-حبت» هو «نقطانب» الثاني. والبرهان الذي أوردتْه الحوليات الديموطيقية عن هذين الملكين كان عن مؤسس الأُسرة الثلاثين؛ أي «نخت نيف». أما عن الثاني؛ أي الذي حكم منذ ٣٤٣-٣٤٢، وهو الملك الذي فر أمام الفرس إلى بلاد «أثيوبيا» (كوش) فقد ذكر عنه الحاكم الذي أتى به (Spiegelberg Demotiche Chronik p. 6). وفضلًا عن ذلك نجد أساس معبد «هيبس» الذي أقامه «نخت-حر-حبت» اسم «نخت-نبف» في ودائع الأسرة، وهذا يدل على أنه أقدم الملكين، وقد جاء في قطعة حجر منقوشة بالديموطيقية ومستخرجة من «وادي حمامات» (راجع: L.D. XI 69 No. 162) أن موظفًا في عهد الملك «نخت-حر-حبت» قد خدم الميديين (أي الفرس) والأونيين (أي المقدونيين) (راجع: Spiegelberg Ibid, p. 694/No. 332) اقرنْ كذلك ما جاء في «ادورد مير». (Ed. Meyer kl. Schr. III, p. 74f)، عندما أشار إلى هذا الموضوع قائلًا إن كتابة اسم «نقطاتبيس» تعني أن الإغريق في بادئ الأمر كانوا يعلمون اسم «نخت نبف»؛ وعلى ذلك فإن كتابته «نقطانبيس» موافقة جدًّا، أما كتابة اسم «نخت-حر-حبت» بكلمة «نقطانيبوس»، فإن ذلك من باب القياس لكتابة اسم «نقطانيبيس»، اقرن فضلًا عن ذلك ما كتبه «أرنست مير» (راجع: A.Z. 67, (1931) pp. 68–70). والخلاصة أن هذه المسألة برمتها قد أصبحت واضحة منذ زمن الأثري «شبيجلبرج»، ومع ذلك يجب الاعتناء واليقظة البالغة للذين يشتغلون بالتاريخ المصري القديم في القرن الرابع قبل الميلاد؛ إذ قد خلط كثيرًا بين اسم «نخت نيف» و«نخت-حر-حبت». فقد استعمل الأول محل الثاني والعكس بالعكس، وبخاصة فيما كتبه المؤرخ «شور» في هذا الصدد عند كلامه عن المملكة البطلمية (راجع: Schur, Zur Vorgeschichte des ptolemäerreiches. Klio. 20/1926, p. 270–308).