عهد الملك «أكزركزس» في مصر
خاشاروشا |
وَلَمَّا تولى «أكزركزس» زمام الحكم في «مصر» حاد عن سياسة والده، والواقعُ أنه لم يكن يعرف الموقفَ في «مصر» ولم يكن قد زارها من قبل، هذا فضلًا عن أنه لم يكن يُظهر أيَّةَ أهمية لوادي النيل؛ ولذلك فإنه عامل «مصر» كمديرية من مديريات الإمبراطورية الأُخرى، ومن ثم منع المال الذي كان يعطيه سلفه لمساعدة المعابد المصرية، ويدل ما لدينا على أنه لا «أكزركزس»، ولا خلفه «أرتكزركزس» قد أقام معابدَ في «مصر»، ولا نزاع في أنه جعل «مصر» في حالة عبودية ومهانة أكثر مما كانت عليه في عهد «دارا»، وبعد أنْ تم له الفتحُ عاد إلى عاصمة مُلكه في «فارس» تاركًا أخاه «أخمينيس» حاكمًا عليها، فأخذ في استعبادِ الأهلين بصورةٍ بشعة.
ولا نِزَاعَ في أن الفرس قد أخذوا يضيقون الخناق على المصريين باطراد، لدرجة أن الوظائف الصغيرةَ التي لا أهمية لها قد أصبحت في يد الفرس؛ وذلك لانتزاع ما يُمكن انتزاعُهُ من هذه البقرة الحلوب حتى الفَناء. ومن ثم لُوحظ في هذه الفترة أن التجارة المصرية التي كانت رائجة السوق في عهد «دارا الأول» قد أخذت تتدهور بسرعة مُحَسَّة، وإذا كانت شواهدُ الأحوال تَدُلُّ على أن هذه التجارة كانتْ رائجةً بعض الشيء في البحر الأحمر وعلى الطرق الصحراوية التي كانت تخترقها القوافلُ؛ فإنها مِن جهة أُخرى قد انقطعتْ أسبابُها في «نقراش» وفي البحر الأبيض المتوسط؛ وذلك بسبب الحُرُوب التي كانت مشتعلةً بين جمهورية «أثينا» وحلفائها من جهة، وبين الإمبراطورية الفارسية من جهة أخرى.
وقد كانت «مصر» مضطرةً وقتئذٍ أن تُقحم نفسها في هذه الحروب على كُرْه منها، وكان لا بد أن تلعب فيها دورًا حاسمًا بسبب تَبَعِيَّتِها للدولة الفارسية، ومن ثم نرى أن «أخمينيس» قد جَهَّزَ أُسطولًا مؤلَّفًا من مائتيْ سفينة مصرية ليشد به مِن أَزْرِ الحملة الهائلة التي أرسلها الفرسُ على بلاد الإغريق في عام ٤٨١ق.م، في الحرب الميدية الثانية. وعلى الرغم مما أظهَره المصريون من شجاعة ومهارة في حروبهم البحرية في موقعتَي «أرتميز» و«سلامس»؛ فإن هذه الحملة قد مُنيت بالفشل التام والهزيمة المخزية.