مدار القلب
«ربما تختلط المرئيات، تتشابك في المخيِّلة، دوائر ومثلثات ومربعات ومستطيلات، خيوطٌ تتداخل، تُحِيل ما يبدو من المخيِّلة جزئياتٍ مبعثَرة تصعب مشاهدتُها، يختلط ما أراه وما أتخيَّله، تتحوَّل المرئيات إلى أشباحٍ متحركة وثابتة، ثَمة ملامح تظَل ماثلة في الذاكرة يصعب نسيانها.»
بأسلوبٍ أدبي ممتع، وبعباراتٍ جَزْلة، يسطِّر لنا الكاتب الكبير «محمد جبريل» هذه المجموعة القصصية البديعة، مضمِّنًا إيَّاها العديدَ من الذكريات والحكايات، مازجًا فيها الواقع بالخيال، في حين يظل حيُّ «بحري» بالإسكندرية بطلًا رئيسًا من أبطال حكاياته. وفي هذه القصص، يَبوح لنا كاتبنا بما يدور في قلبه، بأحلامه التي كانت تُراوِده باستمرار ولازَمته طوال حياته، بما حملَته من رؤًى وتصوُّراتٍ وغوامضَ صعُب عليه فهمُها أحيانًا، لكنه اقترب منها في أحايينَ كثيرة كأنها واقعٌ يحياه. يحكي «جبريل» عن وفاة والده ولحظات مُواراته الثَّرى، وعن حبِّه لجدَّتِه وحكاياتها، وشوقه لرؤيتها، وانتظاره روحَها التي لن تعود. حظِيت فلسطين أيضًا بجزءٍ من قصصه، فبرع في وصف ملامح الحياة في بعض مُدنها؛ فوصف أهلها، وأماكن مقدَّساتها، وشوارعها وأزِقَّتها وأبنيتها، ومَظاهر جمالها ومآسيها.