دمياط في العصر العثماني
وظهر في الأفق حينذاك خطرٌ جديد أخذ يُهدِّد الدولة المملوكية في مصر، ذلك هو خطر الدولة الإسلامية الفتية الناشئة، دولة الأتراك العثمانيين، وفي نفس هذه السنة التي وصف فيها ابن إياس تأخر الأحوال الاقتصادية في موانئ الدولة — ومن بينها دمياط — في هذه السنة — وهي سنة ۹۲۲ / ١٥١٧ — انقضَّ الأتراك العثمانيون على مصر وافتتحوها وضموها إلى ملكهم بعد أن قضوا نهائيًّا على دولة المماليك.
وفي العصر العثماني ازدهرت دمياط بعض الشيء لكونها أقرب الموانئ المصرية إلى آسيا الصغرى، ولكنها لم تستعدْ مكانتها الأولى، وقد عانت دمياط — كما عانت مصر كلها في ذلك العصر — من اضطراب الأحوال وكثرة الفتن، وقد ظلَّت دمياط منفًى للأمراء الثائرين كما كانت في العصر السابق، وفي كتب التاريخ شواهدُ كثيرةٌ تؤيد ما ذكرنا، نكتفي بذكر واحد منها:
ففي سنة ١٢١٨م اشتدَّ النزاع بين عثمان بيك البرديسي وبين حاكم مصر التركي خسرو باشا، وقُتل كثيرٌ من أتباع الفريقين. يقول الجبرتي: «وهجم المصريون (يقصد المماليك أعوان البرديسي) على دمياط ودخلوها … ونهبوها، وأسروا نساءها، وافتضُّوا الأبكار، وصاروا يبيعونهن كالأرقَّاء، ونهبوا الحانات والبيوت والوكائل والمراكب.»