سلامًا على عصر الفتوح سلامًا
وعصرِ العُلا لو أن ذلك
دامَا
سلامًا على الإسلام قد زال عِزُّهُ
فأيقَظَ لِلمجدِ العدُوَّ
ونامَا
سلامًا على دار الخِلافة إنها
غدَت أرضُها للطامعِين
طعامًا
سلامًا على آسادِ حربٍ أذَلَّها
ضِرابٌ وكانت قبلَ ذاك
كِرامًا
كَفَى فشَلًا يا قومِ أينَ اتحادُكُم
غدَا فَخركُم أُحدوثةً
وكلامًا
دَعُوا الفخرَ بالماضي وقومُوا فساعِدوا
نِساءً يُعانِين
الرَّدى ويَتامَى
دعُوا الفَخرَ بالماضي وقوموا فساعدوا
جيوشًا لِفَرطِ البؤس
صِرنَ عِظامًا
جيوشًا تُحاصِرها العِدا وتُذيقُها
هوانًا على رغم العُلا
وحِمامًا
أجيبوا نِدا ذاك الأميرِ مُحمدٍ
فقد هبَّ يدعو لِلعطا
الأقوامَا
شقيقُك يا عباسُ لم يألُ جهدَه
فلا زِلتما في النائبات
سِهامًا
وجاراكما عُمر على البِرِّ والتُّقى
فعِش يا أبا حَفصٍ لِمصر
إمامًا
تَحضُّ على تأييدِ قومِكَ جاهدًا
وتَنشرُ فيهم للهُدى
أعلامًا
تعثَّر جيشُ التُّركِ في سقطاتهِ
فلمَّا رأى منك العِنايةَ
قامَا
وأصبَحَ من بعدِ التقهقُر هاجمًا
كأنك أرهبتَ العدو
فهامَا
أجيبوا نِدا الأُمراءِ لا كان من وَنَى
وكانت عليه المَكرُماتُ
حرامًا
حرامًا على حُرٍّ يعيش بنعمةٍ
ويهجُر قومًا كابدوا
الإعدامَا
ويهجُر قتلَى في الدِّماء غريقةً
بِظلُم وجَرحَى لا تذوقُ
منامًا
فلا تَبخَلوا بالمال في إنقاذِهم
أرى العارَ كلَّ العار أن
نَتعامَى
ولا خَيرَ في مالٍ يُحمِّل أَهلَه
لدَى الناسِ عَارَ تخاذُلٍ
ومَلامًا
وخيرُ بني الإنسانِ أَجوَدُهم يدًا
وأَرفعُهم في المُحسنِين
مقامًا
القبض على المرحوم سعد باشا وزملائه، محمد باشا محمود وإسماعيل باشا صدقي وحمد باشا
الباسل، في سنة ١٩١٩:
يا مِصرُ كم نَشكُو وكم نتألَّمُ
ويَجورُ فيكِ المُستبِدُّ
ويَظلِمُ
سهُلَت قيادتُنا فزادَ عِنادُهم
واللؤم يُطغيهِ السكوتُ
فيَعظُمُ
ذهبوا بساداتِ البلادِ وطوَّحوا
بِالمُصلحِين وأفسدوا
وتجهَّموا
يا سعدُ إن تَبعُد فإن قُلوبَنا
مثواكَ فأْمُرها فإنَّكَ
أعلمُ
أو غاب شَخصُك يا محمد عَنوةً
فعُلاك في أبصارنا
يتجَسَّمُ
أو راح من حمدٍ همامٌ باسلٌ
فله من العُربان ألفٌ
جُثَّمُ
أو زال إسماعيل عن أرجائها
فلسوف يأتي بعد ذاك
ويَسلَمُ
أنتم شُموسُ الأُفْقِ إن غربت به
خلفَتها أقمارٌ تُضيء
وأنجُمُ
فلْيسقُطِ القومُ الذين تقوَّلوا
زورًا وعقُّوا المَكرُماتِ
وحرَّموا
دخلوا الحروب وهالَهم ما عايَنوا
فتقَهقَروا فيها ولم
يتقدَّموا
وأتى مُحارِبهم يُجرِّبُ نَبلَه
في فتيةٍ طرحوا السلاح
وسلَّموا
عارٌ محاربةُ النساءِ وفتيةٍ
عُزْلٍ يُروِّعُها الطِّعانُ
فتُهزَمُ
لم يَكفِهم وَقْعُ النِّبال فأَنزلُوا
نارَ المدافعِ والقنابل
فيهِمُ
فتحوا صُدورَهمُ لِنيرانِ العِدى
وحلا لهم في الموت ذاك
المَطعَمُ
والموتُ أحلى من حياة كلُّها
ذلٌّ نُقاسيهِ وفَقرٌ
يُسقِمُ
كَم طفلةٍ في الدم مالَت تَشتكِي
تلوِي بكفَّيها لمن لا
يَرحَمُ
وعزيزِ قومٍ ذَلَّ لم يَجنِ سِوى
أن قال قولَ الحق فيما
يَعلَمُ
كَم من قتيلٍ كان يحمي صَدرَه
دونَ القنابلِ كفُّه
والمِعصَمُ
لا الدرعُ يحميه ولا سيفٌ له
فيشُق هاماتِ العدُوِّ
ويَحطِمُ
وأتى أخوه والنِّبالُ تَنوشه
فغدا يَكِرُّ على النِّبال
ويَهجمُ
يأتي لِيقتُله العدُو تخلُّصًا
من أن يرى أوطانَه
تَتقسم
كم حاصَروا دُورَ العلومِ كأنها
أضحَت قلاعًا بالمَدافع
تُهدَمُ
كم طالبٍ لِلعِلمِ طار يمينه
وبها كتابُ الدرسِ لوَّثَه
الدَّمُ
كبَّت عليه أمُّه لِتَضُمَّه
فتناولَتها من عِداها
أَسهُمُ
كم طاح بالقبطي وَقْع نِبالِهم
فانكبَّ يبكيهِ أخوهُ
المُسلِمُ
ويقولُ يا أَسفَى على وطنٍ غدَت
أبناؤه من غيرِ ذنبٍ
تُعدَمُ
أقباطُنا والمسلمون تعانقُوا
فعلامَ يَشتدُّ العدُو
ويَنقِمُ
دمٌّ أُريق على الوَلاءِ فصَابروا
إن البلاء إذا تفاقم
يَصرِمُ
حتى إذا انتهتِ المعاركُ أَقبلُوا
يَتضاحَكون وسرَّهم ما
أجرموا
هل ذاك ما ذَكرُوه من إنصافِهِم
بئس الخِلالُ وبئس ما
نَتوهَّمُ
كم حبَّذوا الإنصافَ عند لقائِهِم
بِالفاتكِين وسرَّهم أن
يُحجِموا!
وإذا بدا صَدْرُ الضعيف فإنهم
أَضرَى الوحوشِ الضَّارِياتِ
وأَلْأَمُ
قومٌ إذا عدَّ الزمانُ ذُنوبَهم
لم يُحصِها قلمُ اللبيبِ ولا
الفَمُ
جان دارك لن تُنسَى ويَومُ بَلائِها
لِلإنجليزِ أشدُّ عارٍ
يُرقمُ
قامت بِجوفِ النارِ تَعبُدُ ربَّها
تَسأَله إنقاذَ الأُلى لم
يُجرموا
طاحَت بها النيرانُ تحتَ عيونِهم
عذراءَ تعلُو عن الذُّنوبِ
وتَعصِمُ
ووراءَ أرضِ الكاب كم سفكُوا دمًا
ظُلمًا وجاروا جَورَهُم
وتحكَّموا
كَمْ أُسرةٍ نُفِيَت إلى جوف الفَلا
أَطفالُها ونِساؤها لا
تَطعَمُ
هل بعد ذاك يُقال رحمةُ قلبِهِم
لا كان من يَحنُو ولا من
يَرحَمُ
ألا يا دهرُ يا عَونَ البُغاةِ
لقد أَطمَعتَ فينا
الحادثاتِ
سَئِمنا الظُّلمَ أَعوامًا تَقضَّت
فكيفَ نُطيقُ كَرَّ
الآتياتِ
أتُخرِج أرضُنا الذَّهبَ المُصفَّى
ونُحرمَ منه في ماضٍ
وآتِي
كنوزُ الأرضِ يأخذُها سِوانا
ويَمنَحنا نزولَ
النائبات
ويَحكمُ نخبةَ النبهاءِ فينا
غبيٌّ من بني التاميز
عاتِي
رءوسٌ مِلؤها علِمٌ وحَزمٌ
تُدبَّر بالرءوس
الخالياتِ
فبئس العَيشُ فقرٌ وامتهانٌ
وذلٌّ في العَشِيِّ وفي
الغَداةِ
ولولا سادةٌ فينا كِرامٌ
لَفضَّلنا المماتَ على
الحياةِ
حلُّوا فراحَ الفَضلُ وارتحَلَ الحِجا
وانهدَّ جاهُ العِلمِ
والآراءِ
حمَلوا على جيشِ الفضيلةِ فانثنَوا
مُتسربِلِين بِحُلةٍ
حَمراءِ
هذا دمُ الإنصافِ فوق ثيابِهم
يُبدي فظائِعهم لِعَينِ
الرائي
نيرانُ حقدٍ أَضمَرتها قلوبهم
فتوشَّحوا من لَونِها
برداءِ
ما دام أهلُ النارِ تَحجُبُ روضَنا
عنَّا فأين مَعالمُ
السَّرَّاءِ
إن يَدَّعوا الإنصافَ أو يُنسبْ لهم
فوفاءُ عرقوبٍ وبخلُ
الطَّائي
قبول عدلي باشا الوزارة بعد أن استقال في سنة ١٩٢٠:
هنيئًا لك الفوزُ الذي قد تَعدَّدا
وأنبأَنا نصرًا قريبًا
مُؤيَّدًا
رجوعُك أرضى الناس حتى كأننا
أخذنا على الأيام عهدًا
مُؤكَّدًا
سعَيتَ إلى العلياءِ شأنك دائبًا
فعُلِّقتِ الآمال في فوزنا
غدًا
أَعِد ليَ إن سُدْتَ الأنامَ شهامةً
فبيتُك معروفُ الفضائلِ
مُذ بدَا
سَعيتَ إلى العدل الذي كُلِّلَت به
حروفُ اسمِكَ السامي فزادَك
سؤدُدًا
وسار إلى العَليا حُسينٌ يَروضُها
فكنتَ له قلبًا وكنتَ له
يدًا
فدُومَا لنا عونًا فإن زَمانَنا
يُحاوِل ألا نبلُغ اليوم
مَقصِدًا
وعزمُكُما أمضى من السيف قاطعًا
فهل يستطيع الدَّهرُ أن
يتردَّدَا
يُطيعُكما الدَّهرُ العتيُّ تَواضُعًا
فيُولي بلادَ النيلِ
عزًّا مُجدَّدًا
فعِيشا هنيئًا تنعمِ الناسُ غِبطةً
فإنَّكما رُكنا المُروءةِ
والهُدَى
اعتراف المرحوم سعد باشا بصاحب السمو الملكي ولي عهد مصر وهو في مالطة:
أَجلْ يا سَعدُ قد قُلتَ الصوابَا
وأحسَنتَ النصيحةَ
والخِطابَا
ولو قلتَ الذي قد قلتَ قبلًا
لما انشقَّت عشائرنا
اضطرابًا
ولا أَودَى بنهضتنا اختلافٌ
ولا ذُقنا النِّكايةَ
والعَذابَا
فقَوُّوا وَحدةَ الإخلاص فينا
وخوضُوا في هَوى مِصرَ
الصِّعابَا
ولا تتذكَّروا قلنا وقالوا
فقد سَئِمَت مَسامِعنا
العتابَا
وخلُّوا عنكم الأغراضَ نَرفعْ
بِوَحدتنا عن الوطن
المُصابَا
وقوموا حول ربِّ التاج جَهرًا
فقَد ذُقنا من التَّفريقِ
صابًا
مليكٌ شأنُه حلمٌ وعفوٌ
عن الجاني إذا عبدٌ
أنابَا
رحيمُ القلبِ موفور المَعالِي
فلا يرضى انتقامًا أو
عِقابًا
إذا ناداه عن بُعدٍ مُنادٍ
رأى من عطفه الشَّهدَ
المُذابَا
وكم قلنا انصُروه فخَطَّئونا
فلمَّا قالَها سعد
أصابَا
فكم أَخَّرتَ يا سعدُ التَّصافي
ولو أَسعفتَ وادينا
لطابَا
ولا لومٌ عليكَ فقد رضينا
وأوصدنا لِخُلفِ الرأي
بابًا
فعُد للقُطر محبوبًا مُفدَّى
فإن قلوبنا تَهوَى
الإِيابا
ويا مَلِكَ البلاد لنا التماسٌ
ستملِك إن سَمَحتَ به
الرِّقابَا
فرُدَّ لشعبِك المحبوب سعدًا
فقد كان الزَّعيمَ
المُستجابَا
الإفراج عن المرحوم سعد باشا وزملائه في مالطة:
صفا الدهرُ من بعد الجفاء وأَنعَمَا
وأنقَذ أَبطالَ البلادِ
وسلَّمَا
فيا نِيلُ فاهْنأ أنَّ شَعبَكَ سَالمٌ
ويا مِصرُ فاعلِي في
ذُرا العِزِّ بعدَمَا
وأُب سالمًا يا سعدُ علَّ بلادَنا
بِمقدمِكَ الميمونِ أن
تتقدَّمَا
ويَرفَع ركنَ العدلِ فينا محمدٌ
وتُورِق أغصانُ الفضيلةِ
منكمَا
فكم لِابنِ محمودٍ على الفضل من يدٍ
غدَت من مكان البَدر أعلى
وأعظَمَا
فيا عِزَّ مِصرَ يوم تحظى بلادُها
به بطلًا عند الشدائدِ
معلَمًا
ويوم يعُود النازِحون لِأرضِهم
وقد أصلَحوا من شأنها ما
تثلَّمَا
ويرجع إسماعيلُ شهمًا مُسوَّدًا
جريئًا على جَورِ الليالي
مُكرَّمًا
وتُزهِر في أرض البواسل جنةٌ
نَرى حمدًا فيها قويًّا
مُنعَّمًا
ألا فاسلَموا أبطالَ مِصرَ فإنَّكم
جديرون أن تحيا بِكم
وتُعظَّمَا
نأيتم فزالَ الأمنُ وانهَدَّ صرحُه
وأُرعِد جو المَكرُمات
وأَظلَمَا
أراد اعتداءُ الدهرِ إخفاءَ نورِكُم
فكنتم على رغم الحوادث
أنجُمًا
فعودوا كما شاء الإلهُ أهِلَّةً
تَشيدون من بُنيانِنا ما
تهدَّمَا
صحِبَتكَ يا وفدُ السلامةُ فالظفَر
وأطاعَ أَمركَ في تَصرُّفه
القدَر
سافِر لمن طلبوك لا ترهَبهُمُ
فرِجالك النُّبلاءُ لا تخشى
الخطَر
يا سَعدُ أنت هُمامُ نهضتنا فقُم
وانهض بِمصرَ إلى الرقيِّ
المستمِر
وادخُل بلادَ الغاصبِين لِيعلموا
أن ابنَ وادي النيل مِقدامٌ
أَغَر
وانثُر عليهم من بيانِكَ أنجمًا
فكلامُك المأثور آياتُ
العِبَر
واشرَح لهم حالَ البلاد فإنها
لا تستكينُ ولا تُبالي
بِالغِيَر
فنِساؤها ورِجالها سيَّان لا
يرضَون إلا بالجَلاءِ
المُنتظَر
والعدلُ أن تعطَى البلادُ مُرادَها
لِيسوسَها من أهل نَجدتِها
نفَر
هم خيرُ من ملَكوا البلاد فأحسنوا
وأَجلُّ من ساسوا بِحزمهِم
البشَر
فسلِ الفراعنةَ الذين بجِدِّهم
فتحوا البلاد وخلَّفوا أبهى
أَثَر
خبِّرهمُ يا وفدُ عنا أننا
أبناء من سادُوا المجرَّة
والقمَر
وخذِ المواثيقَ التي تُبقي لنا
حقَّ البلاد فأنت أَدرى
بالخِيَر
وإذا أرادَ القومُ أن تُعطيهِمُ
عنَّا العهود فأنت أوفى من
يبَر
عُرِفَ الوفاء لنا فما منا الذي
خان العهود وكان كذَّابًا
أشِر
سُوَّاسنا لا يعرفون سياسةً
ترمي إلى التلفيقِ في درء
الضَّرَر
قدوم المرحوم سعد باشا من أوروبا بعد أن تفاوض في لندن المرة الأولى:
قُدومَ المُنى يا سعدُ ركبُك يَقدَمُ
تَسُودُ به أرجاءُ مصر
وتَعظُمُ
رحلتَ بِوفدهِم شموسٍ منيرةٍ
فضاءت بلاد الغرب والشرق
مُظلِمٌ
كذلك شمسُ الله إن حل ضَوءُها
بِقومٍ تولَّت عن سِواهُم
فأظلَمُوا
وعُدتَ كما عاد الصباح مُؤيَّدًا
بِنصرٍ من الرحمن تزهو
وتنعَمُ
فلِلَّه ليلُ البُعدِ كم طال نَحسُه
وأظلَم حتى لم تُرَ فيه
أَنجُمٌ
وللهِ صُبحُ النصرٍ إن صَحَّ ما نَرى
فذلك صبحٌ بِالمسَرَّاتِ
مُفعَمٌ
ولله جَورُ الدَّهرِ كَم ساءَ فِعلُه
وكم راعَنا منه نِبالٌ
وأَسهُمُ
وبَثَّ بُذورَ الخُلفِ في القوم فانثنَوا
وكاد يضيع الرشدُ
لولا التكرُّمُ
ولولا رجالُ الوفدِ ما طاش سَهمُه
ولا فازَ قِبطيٌّ ولا ساد
مُسلِمٌ
فيا سعدُ لا تبخَلْ بِرفقٍ وحِكمةٍ
فأنت بأحوالِ الكنانةِ
أعلَمُ
صديقُكَ عدليٌّ خبيرٌ مُجرِّبٌ
فشاوِرْه إن الأخذ بالرأي
أَحكَمُ
وثِقْ برجالِ الوفدِ واحفظ عُهودَهم
فذلك أدنى لِلنَّجاحِ
وأَسلَمُ
همُ شاطَروكَ الهَمَّ في البؤس فارعَهُم
ولا تَنسَ ما قد كان
في الغرب منهُمُ
ولا تَنسَ إذ قمتم إلى الحق قومةً
فلم يَثنِكم هَولٌ ولم
تتألَّمُوا
قدِمتُم على الهيجاء عُزلًا تَقودُكم
قلوبٌ من الصِّيوان أَقوى
وأَعظَمُ
سلاحُكمُ حُسن اليقين وجيشُكُم
نفوسٌ تفَلُّ الحادثات
وتَحطِمُ
فإن كرَّم الأقوامُ في الفتح جيشَهُم
فوَفدُكمُ من ذلكَ الجيشِ
أَكرمُ
ولولا اتحادُ الرأي ما فاز سَهمُكُم
ولم نَجنِ في العَلياء ما
قد غَرستُمُ
ولولا اتحاد الرأي ما سطاعَ منكمُ
كريمٌ على نار المُعادِين
يَهجُمُ
ولولا اتحاد الرأي ما كان عُزَّل
يَهابُ لِقاهُ في الحروب
المُطهَّمُ
ورأيٌ ترى فيه الجماعة رأيَها
لَأمضى من الرأيِ الوحيد
وأَقومُ
فكونوا يدًا إن الخطوبَ عَسيرةٌ
وإن اتحادَ القومِ في الخَطبِ
أَحكَمُ
ودُوموا لنا أبطالَ مِصرَ ذخيرةً
فما مِنكمُ إلا الكريمُ
المُعلَّمُ
استقبال صاحبة العصمة أم المصريين بعد عودتها مع سعد باشا:
إيهِ وادي النيل ما أَبهَى سَناكْ
ليس في البُلدان مرغوبًا
سِواكْ
أنت كالفِردَوس حُسنًا وسَنًا
خَلَق الرحمنُ من تبرٍ
ثَراكْ
جوُّك الرائقُ كم أَغرى بِنا
أُممًا شتَّى وراقَتها
سَمَاكْ
إن هذا الحُسنَ لولا وَقعُه
في قلوبِ القومِ ما ذُقنا
الهلَاكْ
حَسدَ الأقوامُ حُسنًا زاهرًا
من رياضِ النيلِ فاغتالوا
حَلَاكْ
ونَسُوا فيك أُسودًا كلُّهم
يَبذُلون الرُّوحَ كي يَحمُوا
حِمَاكْ
وُزراءُ ما لهَاهُم مَنصِبٌ
طرَحوه كي ينالوا
مُبتغَاكْ
تَركُوا الثروةَ والمُلكَ معًا
كي يَفوقُوا بِمعاليكَ
السِّماكْ
ورجالُ الوفدِ ما منهم سِوى
مَلِكٍ من غيرِ تاجٍ أو
مَلَاكْ
لم يُراعُوا نزعةً دينية
حين لبَّوا في دُجَى الليل
نِداكْ
كلُّهم شهمٌ كريمٌ ماجدٌ
كنجومِ الليلِ عَليَاها
اشتِراكْ
إن سعدًا لو بدَى في ركبهِ
لِملوكِ الغرب لَانصدَعوا
لِذاكْ
فارقَ الأوطانِ يسعى جاهدًا
ومُناهُ كان أن تُعطَى
مُناكْ
سل سيفًا من بيانٍ ساحرٍ
أَدهَشَت آياتُه الدنيا
هُناكْ
أَدهشَتهُم ذاتُ عِزٍّ سَرَّهَا
أَنْ تُذِلَّ النفس في نَيلِ
رِضاكْ
زوجُ سعدٍ ليس في مصر لها
من مثيلٍ يُرتجَى عند
الدِّراكْ
أنتِ يا زوجةَ سَعدٍ بهجةٌ
لِبناتِ النيل بل أنتِ
مَلاكْ
فابقِي فينا للمعالي كعبةً
وجُعلنا من أذى الدهرِ
فِدَاكْ
دَهَتنا الرَّزايا وخابَ الأمَلْ
وحلَّ بسعدٍ بلاءٌ
جَلَلْ
وكُنَّا بِسعدٍ رِجالَ العُلا
وكان المُفدَّى وكان
البطَلْ
وكان اتحادُ الأُلى جاهَدُوا
عظيمًا فأَدهَش كلَّ
الدُّولْ
وكنا بِذاكَ على ضَعفِنا
كأَجزاءِ صَخرٍ فلا
تَنفصِلْ
فدَبَّ خلافٌ أَضاعَ الحِجَا
وأَقصَى الأَمانِي وأَعمَى
المُقَلْ
وكلُّ خلافٍ إذا ما سَرَى
بقومٍ تراخَوا وحَلَّ
الفَشَلْ
وقامت رجالٌ تُريد الهُدى
فقُلنا أسافلُ تبغي
الخَطَلْ
فيا قومِ إنا ضعافٌ فلا
جيوشٌ لدينا ولا من
أسَلْ
ولَيسَ لَدَينَا سِوَى سادةٍ
بِعقلٍ رَجيحٍ ورَأيٍ
أَجَلْ
فلا تتغالَوا ولا تُفرِطوا
فإن التغَاليَ أصلُ
الزَّللْ
وأخلُوا الطريقَ لِأهلِ الحِجا
فما كلُّ شخصٍ يُجيدُ
العَمَلْ
تَقُولُون موتُوا فدا أرضِكم
فنِعمَ الكلامُ ونِعمَ
المثَلْ
ولكنَّ قولًا بلا طائلٍ
فلا خيرَ فيهِ لِشعبٍ
عقَلْ
وما كلُّ موتٍ يُنيلً العلا
ولا كلُّ مجدٍ بِمدنِي
الأَجلْ
ويا سعدُ مهلًا فلا تَبتئِس
ورَحِّب بِخطبٍ بنا قد
نَزَلْ
وأَلقِ عليه البَيانَ الذي
عهِدناهُ مِنكَ فقد
يَعتدِلْ
وثِق أن فينا رجالَ الهُدَى
فلا تلبثُ الحالُ أن
تَنتقِلْ
ونأخُذ بالصَّبرِ ما فاتَنا
وبِالرفقِ نبلغ ما لم
يُنَلْ
ألَا يا مصرُ إنا لن نَلينَا
ولا نَرضى قَبولَ الذُّل
فِينَا
سننسى كُلَّ ما قلنا وقالوا
ونَسعى لِلمُنى
مُتكاتِفينَا
فليس بأرضِ وادي النيل إلا
هُمامٌ من بقايا
السابقِينَا
وكل بنيكِ مِصريٌّ صميمٌ
فلا وسطٌ ولا
مُتطرِّفونَا
فمِنا العامِلون بِغيرِ قَول
ومنَّا القائلونَ
المُحسِنُونَا
ونحن بحاجةٍ لِرجالِ جِدٍّ
ونحنُ بحاجةٍ
للقائلِينَا
فلا نَنسَى مَفاخرَ كلِّ شَهمٍ
ولا نَنسَى جِهادَ
المُخلصِينَا
ولا نَنسَى الأُلى قَاموا جِهارًا
فصاحُوا في وُجوه
الغاصِبينَا
أننساهم وقد حُبِسوا وضِيمُوا
لِرَفعِ لِواكِ بين
العالَمينَا؟
فلا والله ما فينا انشقاقٌ
ونحن على ولائكِ
مُجمِعونَا
وقد كان الخلافُ على هواكِ
وحرصًا كان ذلكَ أو
ظُنونَا
وسوفَ يصيرُ حبُّكِ بعد هذا
قويًّا في تآلُفنا
مَتينَا
وسوف نسُد باب الخُلفِ قَهرًا
فلا يغشاه إلا
الخاسِرُونَا
وهل كان الخلافُ سوى خَرابٍ
لأقوى أمةٍ لو
تعلمونَا
فما بالُ الخلافِ بأرضِ قومٍ
أحاط بهم دَهاءُ
المُعتدِينَا
أفي وقتٍ عصيبٍ مثل هذا
يكون رجالُنا
مُتخاذلِينَا
فهُبُّوا للسلامِ فقد كفانَا
من الأحقادِ ما يُدمِي
العُيونَا
وضُمُّوا كلَّ مصريٍّ وكونوا
يدًا فاللهُ عونُ
العاملِينَا
ولا تَتفرَّقوا شعبًا تَضلُّوا
وتذهب ريحُكُم في
الذاهبِينَا
وقوموا حول سلطانٍ كريمٍ
لِيُحبِط كلَّ كيدِ
الكائدِينَا
وصونوا عرشه واحمُوا حِماه
وكونوا جُندَه الحُرَّ
الأَمِينا
فما كنا لإسماعيل إلا
رعايا مُخلصِين فلن
نخونَا
ألا لا تفتَحوا للشكِّ بابًا
فيَظهرَ ضعفُكُم
للطامعِينَا
خديعة خادعٍ فتجنَّبوها
ولا تُصغُوا لِقولِ
الجاهلِينَا
صفا الدهرُ من بعدِ الذي قد تَكرَّرا
وأورقَ غُصنُ السعدِ فينا
وأَزهَرَا
ونالت بلادُ النيلِ ما شاء أهلُها
فلِلنيلِ أن يزهو بذاك
ويَفخَرَا
وشَرَّف كرسيَّ الرياسة ماجدٌ
قليلٌ عليه مُلكُ كسرى
وقيصَرَا
سريعٌ إلى العلياءِ مِقدامُ قومِه
إذا شاء أمرًا جاءه الدهرُ
صاغرَا
جريءٌ يرُدُّ الحادثاتِ كليلةً
ويُرهِبُه صَرفُ الزمانِ
مُحاذِرَا
وهل كابنِ محمودٍ ذكاءً وفطنةً
وحكمةَ رأيٍ في الأنام
وخاطِرَا
يُعاوِنه في حكم مِصرَ أعِزةٌ
همُ خيرُ أهلِ النيلِ مرأى
ومَخبرَا
همُ خيرُ من ساسُوا البلادَ بحكمةٍ
ودانَ لهم في الأمرِ ما قد
تَعذَّرَا
ستَرقى بهم أرضُ الكنانةِ بعدما
أراد اعتداءُ الدهرِ أن
تتأخرَا
فطِب يا زعيمَ النيلِ نفسًا بما تَرى
فأنت الذي ذاقَ البلاء
وأَبصرَا
وأنتَ الذي عذبتَ نفسًا أبيَّةً
لِتَبعث في مصرَ النعيمَ
وتَنشُرَا
وساعدتَ سعدًا في الشقاء مخاطرًا
بِشرخِ شبابٍ مِثلُه العينُ
لن تَرى
وما كنتَ تبغي من جِهادكَ غايةً
سِوى أن ترى شعبَ الكنانةِ
ظافرَا
وها قد ظفِرنا اليومَ بالسؤلِ كلِّه
ودانت لنا العَلياء فاهنأ
بما جرَى
زيارة حضرة صاحب الجلالة المغفور له الملك فؤاد الأول للأزهر الشريف بعد عودة سعد
باشا من
مالطة:
مولايَ يا خيرَ الملوكِ سَلامُ
يُهدَى لمن دانَت له
الأيامُ
ما زِلتَ بالإحسان تلقى جهلَنا
حتى اضمحلَّ وزالتِ
الأوهامُ
رجعوا إلى المعقول بعد ضَلالهم
ودنا لهم ما أَبعدَ
الإبهامُ
داويتَهم يا خيرَ من عَرف الدَّوا
فتنافَسَت في مَدحِكَ
الأقلامُ
أيقظتَهم بالمكرُماتِ فآمنوا
ولطالما جحَدوا الضياءَ
فنامُوا
سَكَتوا فأَنطقَهم عُلاك وراعَهم
فيما رأَوه النُّبلُ
والإقدامُ
نظَروا المُروءةَ والمَهابةَ والندَى
فتَعلَّقوا بِهوى المليكِ
وهامُوا
طافُوا بِعرشِكَ هاتفِين وهكذا
يزهو بِبَهجةِ مُلكِكَ
الإسلامُ
فلأَنتَ للدينِ العمادُ ولِلحِجا
نِعمَ المُعينُ وللرُّقي
قِوامُ
شرَّفتَ أزهرَ مِصرَ حين طَرقتَه
وحلاه مَنظرُ وَجهِكَ
البَسَّامُ
فرِحوا بِطَلعتِكَ البهيةِ فيهِمُ
وتمايلَت لِسُرورها
الأَعلامُ
يا شِبلَ إسماعيلَ مهلًا في العُلا
فلَكَ الأيادي البيضُ
والإنعامُ
ولكَ الخِلال الغُرُّ والمِنَنُ التي
ما فاخَرَت بِنظيرِها
الأَهرامُ
حلَّيتَ بالتعليم صدْرَ نسائنا
فزَهَت معاهِدُها وطاب
العامُ
أنشأتَ (ترقيةَ الفتاةِ) وصُنتَها
فلَها بِبِرِّك رَونقٌ
ونِظامُ
ستدومُ ما دامَ المليكُ منيعةً
تُرجَى لِخيرِ بلادِنا
وتُرامُ
فبِمثلِ سَعيِك نَستَنيرُ ونَرتقِي
ويُشادُ صَرحُ فَخارِنا
ويُقامُ
أنتَ الفؤادُ ورُوحُ ما تصبو له
هذي البلادُ وكلُّهم
أَجسامُ
فاسلَم لِتعليمِ البَناتِ فإنَّه
لا ترتقي إلا به
الأَقوامُ
عودة جثة المرحوم محمد بك فريد من برلين:
ألا كَمْ تيَّمَت مِصرٌ فريدًا
ووَدَّ القلبُ فيها أن
يعودا
فأقسمَ لا يعود إلى رُباها
إذا لم يَطرَح الوَطنُ
الجُمودَا
وأن يَغشَى البلاد إذا استقلَّت
وساعدَها الزمان بأن
تسُودَا
فعَودَتُه إلى الأوطان فألٌ
بأن الشعب قد فك
القُيودَا
فتِيهِي مِصرُ بالجسد المُفدَّى
فلم يُخلِف لدى الموتِ
الوُعودَا
وحَلَّ بأرضِكِ النعشُ المُعلَّى
وقد أدنى الزمانُ لك
العُهودَا
فريدٌ فخرُكِ الماضي فحُضِّي
على استقبالِ جُثَّتهِ
الوُفودَا
أَحبَّكِ فاستشاطَ الدهر غَيظًا
وكان الدهرُ جبَّارًا
عَنيدَا
فكم عَكسَ المآربَ والأَماني
وكم أَبلَى من العَليا
جديدَا
تَعوَّد أن يغُول ذوي المعالي
وأن تَفرِي أظافِرُه
الحديدَا
فغالَ محمدًا لم يَرعَ عهدًا
وأَخفَى بَدرَ نَهضتِنا
المَجيدَا
وكان كما عَلِمنا منه شهمًا
قوي الجأش مِقدامًا
جليدَا
فيا لله مفضالٌ مُفَدَّى
أحب بلاده طفلًا وليدَا
فأنفق ماله عمدًا لِتَحيا
وحقَّر في مَحبَّتِها الوُجودا
وقالَ فأنصتَ الأَقوامُ طُرًّا
وكان كلامُه الدُّرَّ
النَّضيدَا
فكَم نفَعَ البلادَ وكم حمَاها
وكم أَبدَى بها الرأيَ
السديدَا
سعَى فأجَادَ في رَدِّ المخازي
لِيَحفظَ عِزَّ مصر وأن
يَزيدَا
ولَمَّا آن أن نَجنِي ثِمارًا
لِذاكَ السَّعيِ فارقَنا
وحيدَا
فحُبُّ بلادهِ أقصاه عنها
ومات مُشرَّدًا عنها
طَريدَا
فيا برلينُ أَظهرتِ الرَّزايا
وأَخفَت أَرضُك البَطلَ
الشديدَا
حَوَت أرجاكِ أعلى الناس حِينًا
ففَخرُك لن يزول ولن
يبيدَا
ولو بقِيَت رُفاةُ المَجدِ فيكِ
لَحجَّ إليك أهلونا
سُجودَا
وحوَّلْنا الوجوه إليكِ قصدًا
لدى الصلواتِ لا نَخشَى
الوعيدَا
ولكنَّ الكنانةَ لم يَرُقها
بقاءُ عميدها عنها
بعيدَا
وضنَّت أن يضُمَّ الغربُ شَهمًا
وحيدًا في مَعاليهِ
فريدَا
فأَدنَت جُثةَ البَطلِ المُفدَّى
لِتَبقَى ذُخرَ أمته
العتيدَا
ففيها سلوةُ المُضنَى وفخرٌ
لِقومٍ كان مَجدَهُم
التليدَا
فقوموا حول جُثَّته جميعًا
فكَم قد قامَ إذ كنتم
قُعودَا
ويا ذاك الفقيدُ حبَاكَ رَبِّي
من الرحماتِ والفضلِ
المزيدَا
فعِش في جنة الفِردَوس رغدًا
فكم أَسدَيتَ معروفًا
وَجُودَا
أجل يا مِصرُ شعبُكِ لا يُهانُ
ومجدُكِ ليس يمحوه
الزَّمانُ
وفيكِ كلُّ مِقدامٍ جَسورٍ
جريءٍ ليس يُرهِبه
امتحانُ
من الغُرِّ الذين بنَوا فأعلَوا
وشاء الله أن يَسمُوا
فكانُوا
وما أبناء «توتِ» غير شعبٍ
يَدينً له الزمان ولا
يُدانُ
كأهل «تلا» فما منهم ضعيفٌ
يُزحزِحه عن الحق
امتهانُ
فقد صَدُّوا الذين بغَوا وعاثُوا
وكان سلاحَ حربهِم
البيانُ
أجادوا في تَمسُّكهِم وجَدُّوا
ففازَ الحقُّ وانهزمَ
الجبانُ
تفانَوا في مَحبتهِم لِمصر
فلا زجرٌ يُفيد ولا
هَوانُ
فإن لم تُنجِبي يا مصر فخرًا
سوى علياهُمُ فلَكِ
الرِّهانُ
أبَوا فتراجَعَ الوُزراءُ ذُعرًا
وكان دفاعهم نِعمَ
السِّنانُ
أَشَدُّ على العدوِّ من المَواضِي
بيانٌ ليسَ يَدحضَه
الطِّعانُ
فيا نعم الرجالُ إذا توالَت
خطوبُ الظُّلم واختلَّ
الأمانُ
تَتيه بكم بلادُ النيل فَخرًا
ويَقصُر عن مَديحكم
اللسانُ
أَجدتُم في نضالِكُمُ فكُنتم
سيوفًا زانَ حِدَّتَها
المرانُ
فهل علِم الأُلى يتَشبَّثونَ
بأهدابِ المناصبِ كيف
دانوا
وكيف تغلَّب الشعبُ المُفدَّى
على نفَرٍ بِقُدرتِه
استهانوا
أجلْ أبناءَ توتنخ فأنتم
كآباءِ البلادِ لكُم
مكانُ
ظَهرتُم في تلا تتلألئونَ
بدورًا ليس يَحجُبها
العَنانُ
مداره جَلَّ مِقوَلُهم فجلُّوا
يُزيلون الشكوكَ متى
أبانُوا
وأعيانٌ برأيهِمُ استَقلُّوا
يَردُّونَ الأُلى ظلَموا
وخانُوا
فأرشَد نورُهُم من ضلَّ منَّا
إلى ضَعفِ الأُلى كذَّبوا
ومانُوا
وهالَ اللُّوردَ عن بُعدٍ زئيرٌ
لآسادٍ بِصبرِهمُ
استعانوا
فخَفَّ لِينظُر الآسادَ جَهرًا
وخيرٌ من تسَمُّعِكَ
العِيانُ
وحلَّ بأرضهِم فاستقبَلُوه
بجأشٍ لا يهينُ ولا
يُهانُ
ولم يتردَّدوا أن يُخبِروه
بأن النارَ يَسبِقها
الدخانُ
وأنَّ بني الكنانةِ ليس منهُم
أذِلَّاء إذا ظُلِموا
استكانوا
فما أَبهَى اتحادَهُمُ المُرجَّى
وقد نسَجوا به العَليا
وزانُوا
بني مِصرٍ تُهنِّئكُم نِساءٌ
يَرينَ ثباتَكُم نِعمَ
الضَّمانُ
فدُومُوا في نضالِكُمُ أُسودًا
أجلْ واستعذِبوا الجُلَّى
وعانُوا
ففي أعلى الصَّعيدِ قد انتصَرتُم
فهان الخطبُ إذا خُذلوا
وهانُوا
بقاضٍ مثل حدِّ السيف عَدلًا
تَتيهِ به العدالةُ بل
تُصانُ
فيا خيرَ القُضاةِ وإن أَجادُوا
لك الفِكرُ المُحلِّق
والجنانُ
قضَيتَ على الأُلى رأَسوكَ ظُلمًا
فكُنتَ السيِّد الأَعلى
وكانُوا
وما ملَكَ الرئيس فؤاد شَهمٍ
ولا أوهى شَكيمتَه
العنانُ
عودة حضرة صاحب السعادة المرحوم أحمد بك شوقي من منفاه:
شاعرَ الحَضرةِ في العَليا كفاكْ
أن مصرًا لم يَغِب عنها
سَناكْ
إيهِ شوقي إن منثور العُلا
لم يفُز في جَمعِه أحدٌ
سِواكْ
أنتَ شمسٌ غاب عنا ضَوءُها
فأضاءت بقعةً أخرى
هناكْ
أَوحشَت في البُعد مِصرٌ وانزَوَت
وازدَهَت مدريدُ إذ نالت
عُلاكْ
إن تَغِب عنا فقد ذكَّرتَهم
بِعلاءِ الشرقِ لا شُلَّت
يَداكْ
هل نسُوا لِلشَّرقِ ما أَسَّسَه
من فَخارٍ قد تَولَّاه
الهَلاكْ
هل نَسُوا ما كان في أندلسٍ
من علومٍ وفنونٍ
حينذاكْ
كنتَ تذكارًا لِمَدثورِ العُلا
حين هذا الدهرُ بِالبَينِ
رماكْ
كم بلاءٍ كان مِفتاح العُلا
وقُوًى أظهَرها بعضُ
العِراكْ
إن يكن أنساك حبُّ الغِيدِ ما
ذُقتَه من بُعدِ مصر
ولهَاكْ
فلقد أصبحتَ صَبًّا مُغرمًا
بِجمالِ النيل فافتح فيه
فاكْ
وانثُر الدُّرَّ الذي عوَّدتنا
إنما الأوطان يُطرِبها
نداكْ
احتراق الجزء الخاص بوزارة المعارف في المعرض الزراعي سنة ١٩٢٥، وفيها إشارة إلى أخلاق
رجال
المعارف:
صدمةَ النيرانِ ضيَّعْتِ الذي
ضاع فيه العُمرُ في جهدٍ
وكَد
ما رحِمتِ غادةً قد ضَيَّعَت
من ليالي العمر ما يُضنيِ
الجسَدْ
سَهِرَت في جوفِ ليلٍ مُظلِمٍ
تُتحِف الفن بآياتٍ
جُدُدْ
فإذا ما استَكلَمَت آياتها
ضيَّعت مجهودَها نارُ
الحسَدْ
كم نفيسُ الصُّنعِ مَرفوعُ الذُّرا
قد أتَته النارُ تَسعَى
فارتَعَدْ
أنزَلَته من أعالي فنِّه
قوةُ النيران قَهرًا
فسَجَدْ
وقديمًا سجَد الناسُ لها
قوةً تُحيي وتُفني إن
تُرِدْ
ذابَ فَخرُ الفنِّ من سَطوتِها
يوم كرَّت في أزيزِ
المُستبِد
علمَتهُم كيف يُردِي ظُلمُهم
طيباتٍ إن تولَّت لم
تَعُد
صادمَتنا في عزيزٍ ليتها
صدَمت من خانَ منهم أو
فسَد
فابكِ يا قَطَّان من صدمتها
أنها قد صادَمَت فخرَ
البلَد
ودموعُ العين قد يُطفأ بها
ما بِقلب المرءِ من نارِ
الكمَد
واجتَنِب ما يُؤخَذ المَرءُ به
إن لَطْمَ الخَدِّ من وهَن
الجَلَد
ورجالُ النيلِ لا نَرضَى لهم
موقِفَ الجُبناءِ إن صبرٌ
نفَد
طلبت الشاعرة عمل تحقيق في الحالة الأخلاقية وعارضت وزارة المعارف، فأصدر جلالة المغفور
له
الملك فؤاد الأول أمره بعمل التحقيق إظهارًا للحقيقة، فقالت الشاعرة هذه القصيدة:
ملِكَ الكنانةِ كَم أَعدتَ الماضيَا
وغَرَستَ بالحَزمِ
الفَخارَ الباقيَا
فاهنأ بِعيدِك ربَّ مِصرَ فإنه
يأتي بما تهوَى البلادُ
مُناديِا
عيدٌ رأت فيه الكِنانةُ رَبَّها
فأعاد مولِدُه الفَخارَ
النائيَا
في كلِّ عامٍ آيةٌ يأتي بها
تُحيي المُنَى فينا وتُرضِي
الراجيَا
فكأنه الشمسُ التي إن أَقبَلَت
كَشفَت عن الدنيا الظلامَ
الغاشيَا
أو كالربيعِ أتى الرياضَ بِخيرهِ
فأعادَ رونَقَها وسرَّ
الرائيَا
فكفَى بعيدِكَ لِلأنام مَسرَّةً
وكفَى بِفِعلكَ لِلمَحاسنِ
راويَا
يا خَيرَ من ساسُوا البلادَ بحكمةٍ
وبنَوا بما كسَبوه مَجدًا
عاليَا
لله أنتَ فقد نَصَرتَ فضيلةً
خُذِلَت وكنتَ لكل حقٍّ
حاميَا
ضِيمَ العَفافُ فكُنتَ مَلجأَ أَهلِه
ورَدَدتَ بالعدلِ
الظَّلومَ الطاغيَا
ونَشرتَ بالأمر الكريمِ صُدورُه
فضلًا طَوَتهُ يدُ الرذيلةِ
باليَا
ورأيتَ شعبَ النيلِ يشكو عِلَّةً
فوَهَبتَه منكَ العِلاجَ
الشافيَا
والشعبُ بالأخلاقِ يَعلُو شأنُه
فإذا هَوَت في الظُّلم أمسى
هاويَا
فعَلَى حُماةِ الدينِ شُكرُ مُتَوَّج
أَحيَت مَناقبُه الكمالَ
الفانيَا
عيسى الفضائلِ ردَّها بعد البَلا
وأَعادَ رَونقَها فأَشرقَ
زاهيَا
ورأى العلومَ تُهانُ في ربَّاتها
فغدَا لهنَّ من الرذيلةِ
واقيَا
لو تَعلمُ الحسناءُ ما أَوليتَها
نَثرَت عَليكَ مِن الثناءِ
دَراريَا
أو أَنصفَتك لَكانَ مَفرِق شَعرِها
مما تُنمِّقه اليَراعةُ
حاليَا
تاجٌ يُزان بمدحِ ذاتكَ يُشترَى
بِالدُّرِّ موفورَ المحاسنِ
غاليَا
فإذا تجَمَّلتِ الفتاة بِحُسنِه
فاقَت مَفاخِرها الجمالَ
الباديَا
يا مُنقِذَ المظلومِ من عَثراتِه
هل كنتَ إلا بَدرَ مصر
الساريَا
كم أَنكَر الجُهلاءُ نُوركَ فانثنَوا
يَتخبَّطون وقد أَضأتَ
الداجيَا
وسِعَتهُمُ أخلاقُك الغُرُّ التي
تُرضِي الأَبيَّ وتَستمِيلُ
الجافيَا
أنت الكريمُ تَعفُّ عن إيذائهِم
نُبلًا وإحسانًا وعفوًا
وافيَا
فاسلَم لِمصرَ فأنتَ مَنبَعُ عِزِّها
واسطَع لِأهلِ الشكِّ
بدرًا هاديَا