سيرة صاحب الشريعة الإسلامية
فأسند أبو سفيان كوعيهِ على ركبتيهِ ليستريح في جلوسهِ وإلتفت إلى من حولهُ فإذا هو محاط بجماعة كبيرة من البطاركة والأمراء والقواد فعلم أنهُ يقص حكايتهُ على أعظم رجال الروم والترجمان يترجم كلامهُ للحضور إلا من كان عارفًا العربية منهم كالحارث وعبد الله فقال: «اعلم أيها الملك أبيت اللعن أن محمدًا صاحب هذه الدعوة الذي توصل إلى مخاطبة جلالتكم قد ربي يتيم الأبوين صفر اليدين على أنهُ من أصل عريق في الشرف والسؤدد من قبيلة قريش التي أنا منها ويتصل نسبنا بعدنان ونسب عدنان يتصل بإسماعيل بن إبراهيم فنحن من أشرف العرب نسبًا وأطيبهم طينة. وكان جدنا إسماعيل قد بني لنا بيتًا تحج إليه الناس من أقطار العالم اسمهُ الكعبة بناه في مكة بالحجاز وهي مسقط رأسي ومحل إقامتي ومركز تجارتي ومقام أهلي.
وكانت ولاية هذا البيت تارة في قريش وطورًا في سواهم حتى اغتصبها منهم منذ قرنين أو أكثر بنو خزاعة وهم قبيلة من عرب اليمن القحطانية إذ لا يخفى على مولاي القيصر أن العرب كافة يرجعون في أنسابهم إلى أبوين هما: (١) اسماعيل الذي قدمت ذكره ومنهُ قبيلتنا وسائر قبائل الحجاز (٢) قحطان ومنهُ بنو حمير وسائر قبائل اليمن. ولم تستطع خزاعة الاستبداد بولاية الكعبة إلا لما كان من تفرق أمر قريش وضعفهم حتى ظهر جدنا قصي فبذل الدم والمال حتى ظهر على خزاعة واسترجع ولاية البيت إلى قريش وتولى هو كل أعمال الكعبة وهي الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء.»
فلم يستطع الترجمان فهم هذه الألفاظ وأشكل عليهِ تفسيرها فقال هرقل: «أفهمنا ما معنى هذه الأعمال.»
فقال أبو سفيان: «أعلم يا سيدي أن مكة لا حكومة فيها مستقلة كحكومة جلالتكم بل هي مكان عبادة لأن الكعبة حج يزوره الناس كما يزور النصارى ديرًا من الديور ولكنها أعظم من ذلك كثيرًا فمن تولى أعمالها كانت إليه حكومة مكة وولاية أمرها على نسبة ما يتولى من تلك الأعمال فمن تولى الحجابة كانت لهُ حجابة الكعبة أي أن مفاتيحها تكون بيده يفتحها لمن أراد ويمنعها ممن أراد وأما السقاية فهي أن في داخل الكعبة بئرًا قديمة يقال لها بئر زمزم احتفرها جدنا اسماعيل فمن يتولى السقاية تكون تلك البئر في عهدتهِ يسقي الحجاج منها. أما الرفادة فهي خرج أو مال تدفعهُ قريش إلى من يتولى الرفادة فيصنع منهُ طعامًا للحجاج الذين يزورون الكعبة من أقطار الأرض لأنهم ضيوف عليهِ وأما اللواء فهو العلم الذي يعقدونهُ للحرب وصاحب اللواء يعقد الألوية للجند الذاهبين إلى القتال وهو بمنزلة قائد الجند عندكم. أما الندوة فهي مجلس القضاء ولها بيت في الكعبة يجتمع فيه رجال قريش للمشورة والمداولة وصاحب هذه الدار هو صاحب الشورى والرأى وإليهِ يرجع الأمر. ففي الأمور الخمسة تجتمع السلطة المطلقة لمن يتولاها للدين والدنيا فيكون القضاءُ والجند والكعبة والمال في قبضتهِ فقد حاز جدُنا قصي شرف مكة كلهُ وقطع مكة أربعًا بين قومهِ وبهِ اجتمعت كلمة قبيلتنا وعادت إليها سطوتها وعلا نجم سعدها فتيمنت بأمره حتى صارت لا تزوّج امرأَة لرجل من قريش إلا في داره ولا يتشاورن في أمر نزل بهم أو يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره يعقدها لهم بعض ولده ولا تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع إلا في داره يشق عليها فيها درعها. وجملة القول كان أمره في قومهِ من قريش في حياتهِ ومن بعد موتهِ كالدين المتبع لا يعمل بغيره.
وكان لقصي هذا أربعة أولاد وهم عبد الدار وعبد مناف جدُّنا وعبد العزى وعبد فلما شاخ قصي كان عبد مناف قد شرف في زمان أبيهِ وعظم أمره وكذلك عبد العزى وعبد فأراد قصي أن يشرف عبد الدار وكان بكره فدعاه إليه وأوصى لهُ بمناصب الكعبة الخمسة المتقدم ذكرها فصار شرف مكة كلهُ إلى عبد الدار وبنيهِ من بعده.
فخلف عبد الدار أولادًا وخلف عبد مناف أولادًا آخرين وهم عبد شمس وهاشم وعبد المطلب ونوفل وكانوا رجالًا أشداءَ وعبد شمس هو جدي فغبط بنو عبد مناف بني عمهم عبد الدار على ما في أيديهم من أمر الكعبة ونازعوهم عليهِ حتى كاد يفضي أمرهم إلى الحرب ثم تداعوا إلى الصلح واقتسموا ذلك الشرف فيما بينهم فأُعطيت السقاية والرفادة إلى بني عبد مناف وأعطيت الحجابة واللواءَ والندوة إلى بني عبد الدار وتم الصلح على ذلك وانحسم الخلاف. ولا تظنوا أني أطلت الكلام على غير طائل أو أني دخلت فيما لم أسأل عنهُ فإن لما قلتهُ علاقة كبرى فيما سألتمونى عنهُ.
فتولى السقاية والرفادة أولا عبد شمس ولكنهُ كان كثير الأسفار لا يقيم في مكة إلا قليلًا فعهد بهما إلى أخيهِ هاشم وهاشم هو جدُ محمد الذي تسأَلونني عنهُ أي أبو جده ثم مات هاشم فوليهما أخوه المطلب وكان سمحًا سمتهُ قريش الفيض لسماحتهِ.
وولد لهاشم ولد سماه شيبة ثم سمى عبد المطلب لحكاية طويلة لا محل لها هنا وهو جد محمد أبو أبيهِ فلما مات المطلب تولى الرفادة والسقاية ابن أخيهِ هذا أي عبد المطلب وولد لعبد المطلب عشرة أولاد ذكور منهم عبد الله والد محمد.
وكان عبد المطلب قد أراد حفر بئر زمزم فمنعهُ أقاربهُ من ذلك فلاقى منهم أمورًا صعابًا ولكنهُ فاز أخيرًا بحفرها فنذر أنهُ إذا ولد لهُ عشرة أولاد ثم بلغوا منهُ حتى يمنعوه من مثل ذلك لينحرنَّ أحدهم عند الكعبة فلما بلغوا ومنعوه جاءَ الكعبة ليفي نذره ولم يكن يدري من ينحر من أولاده فاستخار هبل الصنم الأكبر القائِم في الكعبة بواسطة القداح.»
فأشكل أمر هذه الأقداح على الترجمان ولم يستطع تفسيرها فاستفسره عنها.
فقال أبو سفيان: «أن لنا في الكعبة أصنامًا كثيرة اتخذناها وسيلة بيننا وبين من نعبد وأعظمها صنم اسمهُ هبل عنده سبعة قداح (أي أسهم بلا ريش) كل قدح عليهِ كتابةَ بمعنى قدح قد كتب عليهِ (العقل) وقدح عليهِ (نعم) وقدح عليهِ (لا) فإذا أرادوا أمرًا ضربوا بهِ في القداح فإذا خرج (نعم) فعلوا ما جاؤُا من أجلهِ أو (لا) لم يفعلوه وقدح فيهِ (منكم) وقدح فيهِ (ملصق) وقدح فيهِ (من غيركم) وقدح فيهِ (المياه) إذا ارادوا أن يحفروا للماء ضربوا القداح وفيها ذلك القدح فحيثما خرج علموا به.
فجاء عبد المطلب إلى هبل وقال لصاحب القداح إضرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه وأخبره بنذره فاصطنع لأولاده عشرة أقداح وأعطى كل رجل منهم قدحه وقد كتب عليهِ اسمهُ وكان عبد الله والد محمد الذي نحن في صدده أصغر بني عبد المطلب وكان أحبهم إليه فلما ضربت القداح طلع القدح أن يذبح هو فهمَّ عبد المطلب بذبحهُ فمنعتهُ قريش من ذلك وقالوا: «لا بل يجب أن تعذر فيهِ» فانطلق بهِ إلى عرّافة في المدينة (يثرب) فوجدوها بخيبر فجاؤُها فسألوها عذرًا فسألتهم: «كم دية الرجل عندكم؟» قالوا: «عشرة من الإبل.» قالت: «فخذوا الغلام وعشرة من الإبل وإضربوا عليهِ وعليها بالقداح فإن خرجت عليهِ فزيدوا من الإبل عشرة فعشرة حتى يرضَ إليكم وتخرج القداح عليها فتنحروها.» فخرجوا وضربوا بالقداح فما زالت تخرج على عبد الله حتى بلغ عدد الإبل مائة فخرجت عليها فذبحوها ونجا عبد الله وبقي حيا وتزوّج فولد لهُ محمد.
ولم أطل عليكم الكلام إلا لتعلموا مقدار ما نحن فيهِ من تعظيم الكعبة وأصنامها فإنها ضالتنا وغايتنا نستشيرها ونستخيرها وإليها تحج الناس من سائر أقطار الأرض ولنا بها منفعة من حيث الاتجار لما يأتينا بواسطتها من أصناف الناس عربها وعجمها وقد ذكرت لكم كم سفكنا من الدماء في سبيل استبقائها فهي مصدر نعمتنا ومنبع أقواتنا ومرجع آمالنا وقد مضى عليها القرون الطوال قائمة والناس يكرمونها ويعظمونها ويذبحون عند أصنامها الذبائح ويقدمون إليها بالهدايا إلى اليوم فهذه كلها قام صاحب هذا الكتاب (وأشار إلى الرق أمام هرقل) يدعو الناس إلى إزالتها وهدم ما بناه أجداده فيها.»
فلما بلغ أبو سفيان من كلامهِ إلى هذا الحد ظهرت على وجه هرقل مظاهر الاستغراب وخاطب البطريرك إلى يمينهِ باليونانية قائلًا: «أرى هذا الرجل يشكو ممن يريد هداية قومهِ عن عبادة الأصنام فإذا كانت هذه هي غاية هذا النبي فنعمت الغاية.» فتداول الحضور هذا الحديث برهة على نحو ما قال الإمبراطور وازداد شوقهم لمعرفة بقية الحكاية وكيف استطاع القيام بهذا المشروع على خطارتهِ مع ما ذكر أبو سفيان من يتمهِ وضعفهِ فإلتفت هرقل إلى أبى سفيان وقال لهُ: «لقد أفصحت فيما قلت فهل لك أن تحكي لنا حكاية هذا النبي وكيف توصل إلى أن يدعوكم إلى ذلك.»
فقال أبو سفيان: «قد رأَيت أبيتَ اللعن كيف نجا عبد الله بن عبد المطلب من الموت وكان أبوه يحبهُ فزوجه امرأَة من قريش اسمها أمينة ولم يمكث عبد الله مع إمرأتهِ إلا برهة يسيرة ثم قضت عليهِ الأحوال بالسفر إلى غزة التي أنا آت منها الآن ولكنهُ مرض في سفرتهِ هذه فعادوا بهِ إلى مكة فمات قبل أن يدركها وهو بجوار يثرب فدفن هناك وإمرأتهُ لم تره.
وكانت أمينة حين مات عبد الله حاملًا ولم يترك لها إلا أربعة من الإبل وقطيعًا من الماشية وجارية اسمها بركة. وكانت أمينة تقيم في بيت بضواحي مكة عند جبل شرقي مكة اسمهُ جبل أبي قبيس وهناك ولدت ابنها هذا في عام الفيل الذي جاءَ بهِ أبرهة الأشرم من قبل الحبشة لفتح مكة (سنة ٥٧٠م) فلما ولدتهُ كان جده عبد المطلب في الكعبة فحملوه إليه فباركهُ وسماه محمدًا ومن عادتنا أيها الملك أن نرضع أولادنا من المراضع ويندر أن يعيش لنا ولد على لبن أمهِ ونختار المراضع من أهل البادية لصحة أجسامهنَّ فاختارت لهُ أمهُ مرضعًا من أهل الطائف اسمها حليمة فأرضعتهُ حولين قضاهما في سهول الطائف وأوديتهِ فنشأ نشيطًا وسمعت الناس يتحدثون عن طفوليتهِ أخبارًا غريبة لم نسمع بمثلها من ذي قبل منها أن مرضعهُ تركتهُ يلعب مع ولدها ذات يوم خلف البيوت فإذا بولدها قد جاءَ يقول: «أن أخي القرشي أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فشقَّا بطنه.» فخرجت هي تلتمسهُ فوجدتهُ منفردًا فسأَلتهُ عن أمره فقال: «جاءَني رجلان عليهما ثياب بيض فاضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيهِ شيئًا لا أدري ما هو وغسلاه بالثلج.» فخافت حليمة على الغلام فحملتهُ إلى أمهِ بمكة فقضى فيها مدة يرعى الغنم ويطوف الأحياء مع الأولاد وكان كل من رآه أعجب بذكائهِ وجمالهِ ونور محياه ولكنهُ لم يكد يبلغ السادسة من عمره حتى توفيت والدتهُ في الأبواء بين مكة والمدينة فدفنت هناك فأصبح الغلام يتيم الأبوين فاحتاطهُ جده عبد المطلب وأحبهُ أكثر من حبهِ أولاده فكان الناس يكرمونهُ من أجل جده وكان على صغر سنهِ يجالس الحجاج القادمين لزيارة الكعبة وفيهم العلماء والشيوخ ويحادثهم بما يجتذب بهِ قلوبهم وعواطفهم وبعد سنتين توفي عبد المطلب فولى السقاية ابنهُ العباس أما الرفادة فانيطت ببني نوفل من ولد عبد شمس جدنا فأصبح محمد يتيمًا غريبًا فكفلهُ أبو طالب أحد أعمامهِ وكان أبو طالب أقل من العباس مالًا ولكنهُ كان وجيهًا مقدمًا في قريش فاحتضن الغلام وتولى تربيتهُ والسبب في احتضانهِ إياه دون سائر أعمامهِ أن أبا طالب وعبد الله والد محمد كانا أخوين من أم واحدة.
وأَعترف لك أيها الملك العظيم أن كفالة أبى طالب هذه كانت سببًا عظيمًا في نجاح دعوة محمد وبقائهِ حيًا لأن أبا طالب كان وجيهًا في قريش محترمًا مكرمًا فأقام محمد في بيتهِ كأَحد أولاده. وكان أبو طالب إذا خرج إلى تجارة أو سفر اصطحب محمدًا فينزل الديور ويجالس الرهبان والعلماء وأشهر حادثة سمعتها عنهُ نزولهُ في دير بحيراءَ قرب بصرى فقد أخبرنا بعض الذين رافقوه في رحلتهِ تلك أن الراهب بحيراء أنبأَه بأمور كثيرة من مستقبل حياتهِ وأوصى عمهُ أبا طالب أن يعتني بهِ ويخاف عليهِ اليهود. وكان محمد إذا عاد من سفر قضى معظم ساعات نهاره في الكعبة يحادث الناس ويجادلهم ويطارحهم وهم يعجبون لذكائهِ وقوة برهانهِ فقد كان على صغر سنهِ ذكى الفؤَاد فصيحًا واسع الاطلاع بما اكتسبهُ من مجالسة عمهِ ومخالطة الناس في أسفاره مع أنهُ كان أميًّا لا يعرف القراءة وهو لا يزال كذلك إلى الآن وكان مع ذلك مخلصًا حسن الطوية حتى لقبوه بالأمين فإذا جاءَ أو ذهب قالوا جاءَ الأمين أو ذهب الأمين.
وأهل مكة أيها الملك أهل تجارة يحملون الأموال من مشارف الشام واليمن وفارس والعراق إلى مكة وغيرها وهم مشهورون بالتجارة كثيرًا حتى أن نساءهم كنَّ يتعاطينها وكان في مكة امرأَة مشهورة بالغنى اسمها خديجة بنت خويلد من سلالة عبد العزى بن قصي الذي قدمت ذكره وكانت لشرفها وغناها تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعلهُ لهم فسمعت بمحمد وكان قد بلغ الخامسة والعشرين من عمره واشتهر بالاستقامة والنشاط فعرضت عليهِ أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرًا وتعطيهُ أفضل ما كانت تعطى غيره فسار في تجارتها مع غلام لها اسمهُ ميسرة وعاد وقد اكسبها مالًا طائلًا فأحبتهُ وعرضت عليهِ أن يتزوجها ففعل فولدت لهُ أولادًا وهم القاسم وهو يكنى بهِ (فيقال أبو القاسم) والطاهر والطيب وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة أما القاسم والطاهر فماتا قبل أن ظهر بدعوتهِ
واتفق إذ بلغ الخامسة والثلاثين من عمره ونحن لا نعرف من أمره غير ما عرفناه من حسن خصالهِ ومهارتهِ واستقامتهِ أن قريشًا اجتمعت لبناء الكعبة وكنت في جملتهم وسبب اهتمامنا بذلك أن نفرًا سرقوا كنزًا للكعبة كان في بئر في جوفها ووجدنا تلك السرقة عند رجل من خزاعة فقطعنا يده وعمدنا إلى بناء الكعبة وتسقيفها وكان البحر قد رمى بسفينة عند جدة لرجل من تجار الروم فتحطمت فأخذنا خشبها وأعددناه لتسقيفها وكان بمكة رجل قبطي يحسن صناعة النجارة فاغتنمنا هذه الفرصة لبنائها واقتسمنا العمل فيها لكيلا يحوز أحدنا من الشرف في ذلك أكثر مما يحوزه الآخر فجئنا بالحجارة والأخشاب حتى تم البناء ولم يبق إلا الركن فاختصم الناس في من يرفعهُ منهم وكانت كل قبيلة تدعي الأحقية في رفعهِ حتى تعاظم الخصام وهموا بالقتال فاتفق رأى عقلائنا أخيرًا أن يحكموا فيما بينهم أوّل داخل من باب المسجد في ذلك اليوم فكان أوّل داخل محمدًا فقالوا: «هذا هو الأمين قد رضينا بحكمهِ.» فأخبروه الخبر فرأى رأيًا حسنًا لم يخطر على قلب أحد منا وذلك أنهُ أتى بثوب واسع جعل ذلك الركن فيهِ وقال: «لتأخذ كل قبيلة بناحية منهُ.» فرفعناه جميعًا حتى بلغنا بهِ موضعهُ فوضعهُ هو بيده وانحسم الخلاف وقد حدث هذا بعد حرب الفجار بخمس عشرة سنة وحدث حرب الفجار بعد عام الفيل بعشرين سنة وكان لعملهِ هذا أثر حسن جدًا في أذهاننا فخرج الناس من الكعبة وهم يتحدثون بفطنتهِ وتعقلهِ وكنت في جملة المعجبين بهِ ولا أزال أعترف بفضلهِ لولا ما أراد من تحقير آلهتنا وتعييب أصنامنا كما سأقصهُ عليكم.
وفيما نحن نتحدث بحسناتهِ ونعجب بأخلاقهِ حتى بلغ الأربعين من عمره فسمعنا بانقطاعه عن الناس واعتزاله في الشعاب والجبال حتى صار يأوي إلى الكهوف ويقول أن الملاك جبريل ظهر لهُ وعلمهُ الصلاة فعلمها لامرأَتهِ خديجة ولزيد بن حارثة مولاه ولعلي بن عمهِ أبي طالب وكان علي غلامًا صغيرًا وعلمها أيضًا لعبد الله بن أَبي قحافة الذي يسمونهُ الآن أبا بكر وتبعهُ آخرون وهو يتلو عليهم آيات يقول أن ربه علمهُ إياها ونحن لا نعبأ بذلك لأنهُ لم يمس آلهتنا بعيب ولكنهُ ما لبث أن جمع عمومتهُ وأهل عشيرتهِ الأقربين إلى وليمة ودعاهم إلى ترك الآلهة فأجابهُ عمهُ عبد العزى (أبو لهب) منكرًا عليهِ جرأتهُ هذه ونصح لهُ أن يرجع عن ذلك فأًبى ولم يزدد إلا تمسكًا ثم بلغنا أنهُ سبَّ آلهتنا وعاب أصنامنا فشق ذلك علينا فاجتمعنا وفينا نخبة من أشراف قريش وتداولنا في أمره وما جاءَ بهِ فتهيأ لبعضنا أن نقتلهُ فقال البعض الآخر: «إننا إذا قتلناه إنما نسيءُ عمهِ أبا طالب وهو رجل جليل القدر فالأفضل لنا أن نخاطبهُ بشأن ابن أخيهِ وخصوصًا أن أبا طالب هذا ظل على دين آبائنا حتى مات ولم يؤمن بدعوة ابن أخيهِ.» فسرنا جميعًا إلى أبي طالب في منزلهِ فتلقانا على الرحب والسعة وأكرم وفادتنا على جاري عادتهِ فلما استقر بنا المقام قلنا: «يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سبَّ آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءَنا فاما أن تكفهُ عنا أو أن تخلي بيننا وبينهُ فإنك على مثل ما نحن عليهِ من خلافهِ فنكفيكهُ.» فأجابنا أبو طالب جوابًا لطيفًا ووعدنا وعدًا حسنًا وردنا ردًّا جميلًا فانصرفنا عنهُ على أمل أن يدع ابن أخيهِ عن عملهِ فإذا هو باق على ما كان عليهِ وما زلنا نسمع مثل ما كنا نسمعهُ عنهُ قبلًا وكان ممن أيدَّ دعوته من قريش ابن عم إمرأتهِ خديجة وكان اسمهُ ورقة بن نوفل وكان نصرانيا مثلكم فاشتد غضبنا وهممنا بأن نفتك بهِ ثم رجعنا إلى مجاملة عمهِ فاجتمعنا إليه مرة أخرى وقلنا لهُ: «يا أبا طالب إن لك سنًّا وشرفًا ومنزلة فينا وإنَّا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنههِ عنا وإننا لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى نكفه عنا أو ننازلهُ واياك في ذلك حتى يهلك أَحد الفريقين.» فآنسنا هذه المرة من أبي طالب انصياعًا وكأَنهُ عوَّل على إجابة سؤلنا إذ لا طاقة لهُ على فراق قومهِ وعشيرتهِ ومعاداتهم وبلغني أنهُ لما خرجنا من منزلهِ بعث إلى ابن أخيهِ فقال لهُ: «يا ابن أخي إن قومك قد جاؤُا إلي فقالوا كذا وكذا فابق عليَّ وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق.» فآنس من إهاصراره على معتقده وبقائهِ على عزمهِ ما كاد أن يغضبهُ لولا أن محمدًا قال لهُ: «يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهر أو أهلك فيهِ ما تركتهُ.» ثم بكى فرقَّ لهُ قلب عمهِ وتذكر أن ابن أخيهِ في منزلهِ ولهُ عليهِ حق الجوار فعاد إلى نصرتهِ وطمأن قلبهُ ووعده أن لن يسلمهُ أبدًا.
ثم علمنا ذات يوم أن محمدًا ذكر آلهتنا فيما نزل عليهِ من كتابهِ فقال: «أفرأَيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلى أن شفاعتهنَّ لترتضي.» وذلك ما كنا نعتقده فسررنا سرورًا لا مزيد عليهِ وقلنا ها قد تمَّ الوفاق ثم ما لبث أن رجع عن ذلك وأبدل هذه الفقرة بفقرة تزيدنا نفرة منهُ فقال أن تلك إنما ألقاها الشيطان على لسانهِ ثم ذكر آلهتنا بكل سوء فقال: «إنها أسماء سميتموها أنتم وآباؤُكم.» إلى غير ذلك مما زادنا نفورًا وبعدًا.
فحرنا في أمرنا مع هذا الرجل ولبثنا نتوقع فرصة نتخلص بها منهُ ونرجو رجوعه فإذا هو باق على عزمهِ وكثيرًا ما كان بعض رجالنا إذا إلتقوا بهِ تهددوه وهو لا يبالى وفيما نحن في ذلك إذ سمعنا أن عمهُ حمزة بن عبد المطلب قد آمن بدعوتهِ وأخذ يناصره وحمزة هذا رجل شديد تهابهُ قريش فإشتد بهِ أزره وإزداد ثباتًا في دعوتهِ فقلنا: «لندعونَّ محمدًا الينا نكلمهُ ونخاصمهُ حتى نعذر فيهِ.» فاجتمعنا في الكعبة وفينا كل أَشراف قريش واستقدمناه فجاءَ فقلنا لهُ: «قد بعثنا إليك لنكلمك فإننا لا نعرف رجلًا من العرب أَدخل على قومهِ مثل ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباءَ وعبت الدين وشتمت الآلهة وسفهت الأحلام وفرَّقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلَّا قد جئتهُ فيما بيننا وبينك فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب بهِ مالًا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالًا وإن كنت إنما تطلب بهِ الشرف فينا فنحن نسودك علينا وإن كنت تريد بهِ ملكًا ملكناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه قد غلب عليك (والرئي التابع من الجن) بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منهُ أو نعذر فيك.»
فأجابنا بقلب لا يهاب الموت قائلًا: «ما بي ما تقولون ما جئت بما جئتكم بهِ أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولًا وأنزل عليَّ كتابًا وأمرنى أن أكون لكم بشيرًا ونذيرًا فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم بهِ فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه عليَّ أصبر لحكم الله حتى يحكم الله بيني وبينكم.» فأردنا أن نمتحن اعتقاده فقلنا لهُ: «إن كنت غير قابل شيئًا مما عرضناه عليك فانك قد علمت أنهُ ليس من الناس أحد أضيق بلدًا ولا أقل ماءً ولا أشد عيشًا منا فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك بهِ فيسير عنا هذه الحال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليفجر لنا فيها أنهارًا كأَنهار الشام والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصيُّ بن كلاب فإنهُ كان شيخ صدق فنسأَلهم عما تقول أحقٌّ هو أم باطل فإن صدقوك وصنعت ما سأَلناك صدقناك وعرفنا بهِ منزلتك عند الله وأنهُ بعثك رسولًا كما تقول.» فأجابنا وهو لا يتلجلج ولا يتردد قائلًا: «ما بهذا بعثت إليكم إنما جئتكم من الله بما بعثني بهِ وقد بلغتكم ما أرسلت بهِ إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه عليَّ أصبر إن الله تعالى يحكم بيني وبينكم.» وطال الجدال بيننا في مثل ذلك وهو باق على قولهِ حتى خرج ونحن لا نرى سبيلًا إلى الإيقاع بهِ.»
وكان أبو سفيان يتكلم والجميع صامتون يتطاولون بأعناقهم فلما وصل إلى هذا الحد جعلوا ينظرون بعضهم إلى بعض وهم يعجبون لما سمعوه فقال بطريرك القسطنطينية لهرقل: «أني لا أَرى هذا الرجل إلَّا قد جاءَهم بالحق وهم إنما يشكون من دعوتهِ إياهم إلى دين الله.» ثم عادوا إلى استماع بقية الحديث فقال هرقل: «وما جرى بعد ذلك.»
قال أبو سفيان: «وما زال أمر هذا الرجل يستفحل حتى كثر أنصاره ومن غريب ما رأَينا منهم أنهم كانوا يحتملون منا الأمور الصعاب والاضطهاد الشديد على أن يكفروا بهِ فلم يفعلوا حتى إذا ضيقنا عليهم فرَّ جماعة منهم إلى بلاد الحبشة فحماهم ملكها وأخذ يناصرهم أَما محمد فبقيَّ في مكة يدعو الناس بالحسنى والصبر ونحن غافلون حتى سمعنا بإسلام عمر بن الخطاب وهو من أَعظم رجال قريش فتأَيدت دعوتهُ بهِ كما تأَيدت بحمزة فعظم أمره واشتد أزره فصار دعاتهُ يتكاثرون يومًا بعد يوم بما ينضم إليهم من القبائل فخفنا عاقبة ذلك فاجتمعنا وائتمرنا على أن نكتب كتابًا نتعاقد فيهِ على بني هاشم وبني عبد المطلب أن لا ننكح إليهم ولا ننكحهم ولا نبيعهم شيئًا ولا يبتاعوا منا شيئًا فكتبنا صحيفة تعاهدنا عليها وتواثقنا وعلقناها في جوف الكعبة ولكنها ما لبثت أن نقضت لأننا تعهدناها يومًا فإذا هي قد أكلتها الأرضة فتشاءَمنا بذلك وأسقط في يدنا فلبثنا ننتظر ما يأتي بهِ الزمان.
فمنذ عشر سنوات تقريبًا توفي أبو طالب وخديجة فذهب الذي كنا نهابهُ ونجل مقامهُ فنلنا من محمد ما لم ننلهُ قبلًا فسمناه أنواع العذاب والاضطهاد حتى كثيرًا ما كنا ننثر التراب على رأسهِ فخرج من مكة إلى الطائف يلتمس النصر من قبيلة ثقيف التي قضى زمن رضاعتهِ بينهم فلم ينل خيرًا بل كانوا يسبونهُ ويؤذونهُ ويعترضون لهُ في الطريق ويسومونهُ ألوان العذاب حتى ظنناه يرتجع ويترك دعوتهُ ولكنهُ لم يزدد إلا ثباتًا وكان يذهب إلى المواسم حيث تجتمع القبائل للبيع والشراءِ كموسم عكاظ وغيره ويعرض نفسهُ عليهم ويدعوهم إلى دينهِ فكان أكثرهم إقبالًا عليهِ قبائل الخزرج من أهل المدينة (يثرب) فإنهم بايعوه بيعات تعرف ببيعات العقبة لوقوعها في مكان اسمهُ العقبة بقرب مكة.»
فقال الترجمان عند ذلك: «وما معنى المبايعة عندكم؟» قال: «هي أن يتراضى الفريقان على أمر كالبيع والشراء وسمعت أن لهذا الرجل مبايعة يؤخذ منها تعهد المبايعين أن يكونوا على دعوتهِ ومن أمثلة ذلك قولهم لهُ: «بايعناك على أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريهِ من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيهُ في معروف.» وقد كانت بيعة العقبة هذه أول أمر الأنصار وهم أهل المدينة وقد سماهم الأنصار لأن أمره ضعف بعد وفاة عمهِ وخديجة كما قدمت فجاءَ الخزرج وبايعوه ونصروه فسماهم الأنصار وهؤلاءِ ساروا إلى المدينة ونشروا دعوتهُ بين أهلها فتبعهُ منهم كثيرون فلما رأى تضييقنا عليهِ بمكة أمر أصحابهُ بالمهاجرة إلى المدينة وسماهم المهاجرين تمييزًا لهم عن الأنصار المتقدم ذكرهم.
فلما علمنا بذلك وتبيَّن لنا أنهُ إذا سار هو إلى المدينة سيمتنع بأنصاره وأصحابهِ وربما عادوا إلى مناوأتنا فاجتمعنا في دار الندوة التي ذكرت لكم أن قصياَّ جعلها في الكعبة للمشورة وتفاوضنا في ماذا نفعل بهذا الرجل فقال بعضنا: «ننفيهِ» وقال آخرون: «إن نفيهُ لا يمنع اجتماعه بأصحابهِ وأنصاره.»
فقال آخرون: «فلنقتلهُ ونجعل دمهُ متفرقًا بين القبائل لئلاَّ يجتمع أعمامهُ بنو عبد مناف على المطالبة بدمهِ.» فجئنا برجال من كل القبائل وسرنا جميعًا خلسة حتى أتينا منزلهُ وتربصنا لهُ ريثما ينام فلما ظنناه نام وقد شاهدنا رجلًا ملتفًا ببردة حسبناه هو ثم خرج هو إلينا ونحن نظنهُ سواه فكلمنا وحثا التراب على عيوننا وفرَّ من أمامنا فتركناه ودخلنا على النائِم فإذا هو علىٌّ ابن عمه ففرَّ الآخر من أمامنا ونجا الجميع وتبعهُ من بقي من أتباعه في مكة إلى المدينة وهناك نصره المهاجرون والأنصار وهم جنده إلى هذا اليوم مع ما انضم إليهم من القبائل على أَثر الحروب التي حاربها والغزوات التي غزاها فانهُ لم يدع قافلة لنا تمرُّ بالمدينة إلا غزاها وفرَّق أَسلابها وأموالها بين رجالهِ حتى كانت بيننا وبينهُ واقعة بدر الكبرى والصغرى وواقعة أحد وغير ذلك مما يطول شرحه.»
فعجب هرقل لحديث أَبي سفيان ورآه لم يفرغ من حديثهِ حتى علا وجههُ الاكتئاب والأسف فقال لهُ: «وكيف حال صاحبك اليوم.»
قال: «قد انتشر أمره بين القبائل في سائر بلاد العرب إلا مكة فإنها لا تزال ممتنعة عليهِ ونظنها ستمتنع برجالها وقد بلغني أنهُ سيقدم لفتحها ولكنهُ سيلقى منَّا غير ما لاقاه في وقائعهِ الأخرى ومما يدلك على اغتراره بنفسهِ أنهُ خاطب الإمبراطور هرقل قيصر الرُّوم بمثل هذا الخطاب على أننا ما برحنا نسمعهُ من بدء دعوتهِ يقول أن كنوز كسرى وقيصر ستفتح لهُ.»
فقال هرقل: «يؤخذ من كلامك أن الرجل جاءَكم بالقول الحق فإن عبادة الله أولى من عبادة الأصنام وأنتم إنما قاومتموه ظلمًا.»
فقال أبو سفيان: «أن أكثرنا أيها القيصر يعتقد بالله ولكننا نتخذ الأصنام «ليقربونا إلى الله زلفى» ونعترف بالبعث والإعادة ولكننا لا نؤْمن بالرسل.»
فاعترضهُ أَحد البطاركة قائلًا: «فلا نظنكم قاومتموه إلا خوفًا على تجارتكم أن تبور إذا هدمت كعبتكم وقل توارد الناس إليها فهي مصالح دنيوية آثرتموها على مصلحة الآخرة.»
ثم أشار هرقل إشارة فهم الحضور منا أنهُ اكتفى من حديث أبي سفيان فتقدم الحارث إلى أبي سفيان وأَومأَ إليه فوقف وقبل الأرض بين يدي هرقل فقال لهُ الإمبراطور: «لقد سرَّنا لقاؤُك واستفدنا من حديثك ولكنك تكبدت المشقة بالقدوم إلينا جزاك الله خيرًا.» فقبل أبو سفيان الأرض ثانية وقال: «أبيتَ اللعن أيها الملك العظيم فإني بالمثول بين يديكم أفاخر أهل الحجاز كافة إذ قلما تيسر لأحد منهم أن يخاطب قيصر الروم.» قال ذلك وخرج ورجالهُ معهُ فأمر لهُ هرقل بخلعة من الحرير المزركش.
ثم إلتفت هرقل وتناول الكتاب وهو من الرق وأمر أن يحفظ في قصبة من ذهب وأمر بهدية إلى دحية حامل الكتاب وسلم إليه الكتاب وصرفهُ.