إيوان كسرى
هو قصر باذخ يسمونهُ أيضًا الطاق جرى اسمهُ على السنة العرب وأقلامهم مجرى الأمثال بالعظمة والفخامة حتى عدوه من المبانى العجيبة بناه سابور ذو الأكتاف وهو سابور بن هرمز في القرن الرابع للميلاد لكنهُ يعرف باسم إيوان كسرى انوشروان. قضى سابور في بنائهِ نيفا وعشرين سنة أقامه في وسط المدائن على مقربة من دجلة بحيث لا يحول بين الإيوان والنهر إلاَّ الحدائق والبساتين تنتهى عند الضفة بالمسناة المتقدم ذكرها ويحيط بالإيوان جملةَّ حديقة واسعة فيها الأغراس والإزهار والرياحين والشجر من الازدرخت والليمون وغيرهما. ويحيط بالحديقة سور مبنى من الآجر لهُ أبواب عليها الحرس بقلانسهم وأتراسهم ورماحهم وفوق الأبواب رسوم فارسية منقوشة طبعًا على الطين وهو نيء كما كان يفعل الآشوريون في آثارهم. وعلى جانبي الباب الأكبر المطل على المدينة تمثالان كبيران يمثلان الثور الاشوري المجنح برأس إنسان طويل اللحية متوج الرأس وفي زاوية من زوايا الحديقة بناء الأفيال وفيهِ بعض الفيلة المرباة لركوب الأكاسرة وبين أبواب الحديقة والإيوان طرقات مرصفة بالحصى ألوانًا على شكل الفسيفساء يتألف من ترتيبها بعضها بإزاء بعض رسوم تمثل أسودًا وآدميين وفرسانًا ومركبات عليها الملوك والقواد يحدون في صيد الأسود تشبهُ رسوم ملوك أشور أسلاف الفرس ما بين النهرين وأكبر تلك الطرقات وأوسعها طريق ممتد من الباب الكبير إلى باب الإيوان يصطف إلى جانبيهِ الحرس عند دخول كسرى إلى الإيوان.
وأما بناء الإيوان فعبارة عن قاعة كبيرة طولها مئة ذراع وعرضها خمسون مبنية بالآجر والجص سقفها عقد واحد قائمة على عمد من الرخام المنقوش ويصعد إلى أرض الإيوان بدرجات عند بابهِ. وفي صدره عرش مرصع بالذهب والحجارة الكريمة يجلس عليهِ كسرى تعلوه قبة مرصعة وفي داخلها مروحة من ريش النعام والى جانبي العرش مجالس أعوانهُ ومرازبتهِ. وجدران الإيوان وسقفهُ مزينة برسوم بديعة في جملتها صورة كسرى انوشروان وغيره من الأكاسرة العظام وأبيات من شعر مكتوب بالحرف الكلداني الذي كان يكتب بهِ الفرس قبل الإسلام وفي سقف الطاق رسوم الأفلاك والأبراج والنجوم من ذهب منزَّلة في قبة زرقاء.
وكان للإيوان شرفات مزخرفة بالنقوش تشرف على الجهات الأربع قائمة على أعمدة يتألف من صفوفها رواق يحيط بالطاق من جهاتهِ الأربع طول الشرفة الواحدة خمسة عشر ذراعًا وقد أدخل في بناء الإيوان من الذهب ما ربما زادت قيمتهُ على مليون دينار.
وباب الطاق كبير نقش على عتبته العليا رسم الشمس مذهبة والى كل من جانبي الباب تمثال أسد كأنهُ يمشي وعيناه تتلألآن والأسدان مصنوعان من الرخام محليان بالذهب وفي موضع العينين منهما زمردات زرقاء بديعة الشكل. وأما عتبتهُ السفلى فمصنوعة من الرخام المرمر. ولا يخلو باب الأيوان من عشرات من الحرس ولا يخلو ملمس الأكاسرة من مئات من العلماء بين كاهن وساحر ومنجم ويسميهم الطبري الحزاة. فضلًا عن الحجاب والحراس والبوابين.
هذه كانت حال الإيوان عند ظهور الإسلام في القرن السابع للميلاد.