صلح بيت المقدس
ورجعا إلى الدير ولبس سلمان أحسن لباس عنده وسار يلتمس الحاكم فقيل لهُ أنهُ عند البطريرك في الكنيسة فسار إليه فرأى الخدم والحاشية وقوفا أمام غرفة الاستقبال لا يأذنون لأحد بالدخول فتقدم إلى كبيرهم وقال لهُ: «إني آت بمهمة ذات بال إلى حضرة الحاكم فاستأذنهُ بالدخول عليهِ». فاستأذنهُ فأذن لهُ فدخل سلمان فإذا هو في غرفة قد خلا فيها البطريرك والحاكم وعلى وجهيهما دلائل البغتة وكأنهما كانا في جدال فسجد بدخوله أمام البطريرك فقبل يده ثم قبل يدي الحاكم ووقف متأدبًا فأذن لهُ بالجلوس فجلس فقال لهُ الحاكم وهو مقطب الوجه: «ما غرضك؟»
قال: «إن غرضي يا مولاي سلامة هذه المدينة من سلاح الأعداء وصيانة قبر السيد المسيح من الاهانة والاحتقار».
قال: «ومن أنت».
قال: «إني تابع لأمير من أمراء العراق كان في جملة من شهد فتح دمشق وتوسط في صلحها بين الروم والعرب ولولا توسطه لأهرقت الدماء وخربت تلك المدينة ولهُ مع أمراء جند المسلمين معرفة ودالة».
فقال الحاكم: «أتريد أن نلتمس الصلح من عند أنفسنا ونحن لم نبد دفاعًا بعد».
فقال سلمان: «كلا يا سيدي إنما أنا أعرض عليكم الأمر عرضًا ولا غرض لي فيهِ سوى حجب الدماء».
قال البطريرك: «بورك فيك يا بني ولكننا لا نرضى بما رضي بهِ أهل دمشق فإن بيت المقدس قبر سيدنا ومخلصنا وما تسليمها بالأمر السهل».
فقال سلمان: «إذا أمر مولاي بسماع رأيي لا أظنهُ إلاَّ راضيًا بهِ».
قال: «قل».
قال: «أرى أنكم إذا خابرتم هؤلاء العرب بأمر الصلح أن لا ترضوا بعقده على يد أحد منهم إجلالًا لمقام هذه المدينة المقدسة وحفظًا لمنزلتكم ولكنكم تطلبون أن يتم ذلك على يد أمير المسلمين الأكبر وهو سلطانهم وخليفتهم ومقامهُ في يثرب بالحجاز فاطلبوا أن يكون الصلح على يده فإذا رضوا بهِ وأتى الخليفة بنفسهُ من كرسي ملكهُ إلى هنا كان في ذلك حفظ لكرامة هذه المدينة وامتيازها عن كل ما فتح من مدن الشام قبلها».
فأمعن البطريرك بفكرته قليلًا ثم قال: «أين هو مولاك الأمير؟»
قال: «هو في منزله هنا فإذا أمرتم باستقدامه فعلت».
فأمره باستقدامه فذهب سلمان وقد سر بنجاح مهمته حتى أتى حمادًا وكان في انتظاره فلما قص عليهِ ما دار من الحديث نهض فلبس لباس الأمراء وسار مع سلمان حتى دخل على البطريرك والحاكم فلما رأياه استأنسا بطلعته وما يتجلى في وجهه من المهابة والجلال فأذنا بجلوسه ثم قال البطريرك: «هل تعرف قائد جند هؤلاء العرب؟»
قال: «نعم أعرفهُ جيدًا ولي معهُ صداقة».
قال: «هل أنبأك تابعك بما استقدمناك بشأنه».
قال: «نعم وهو الأمر الذي أراه أنا أيضًا وقد شهدت حرب هؤلاء في دمشق وبصرى وغيرهما ورأيت من ثباتهم وصبرهم ما لا أقول أن الروم يعجزون عن مثلهُ ولكنهم قد يقلقون راحة الناس فتقف حركات الأعمال بلا فائدة وخصوصًا بعد أن رسخت أقدامهم في كثير من البلدان وزد على ذلك أن السبيل الذي تطلبون مخابرتهم بهِ يحفظ مقام هذا المدينة وكرامتها إلى الأبد إذ لا يخفى على حضرتكم أن أمير المسلمين المقيم في يثرب رجل عظيم جدًا قد أقر بعظمته القريب والبعيد وهو عندهم في أرفع منزلة بعد نبيهم لأنهُ خليفتهُ والقائم بأمره ولم يسبق أنهُ قدم هذه البلاد لمثل هذا الشأن فقدومهُ بنفسهِ على ما ذكرت امتياز خاص ونظرًا لما لي من الصداقة لدى الأمير أبي عبيدة كبير أمراء هذا الجند سأحبب إليه أن يجيب طلبكم ولا أظنهُ إلاَّ فاعلًا».
فالتفت البطريرك إلى الحاكم كأنهُ يستشيره فقال الحاكم: «لا بأس من ذلك غير إني لا أرضى أن يفهم هؤلاء إننا خائفون أو إننا نطلب الصلح لعجزنا عن القتال».
فابتدره حماد قائلًا: «لا تخف يا مولاي فإني إذا خابرتهم إنما أجعل ذلك من عند نفسي على أسلوب ليس عليكم منهُ بأس غير إني ألتمس أن يصحبني من يخرجني من الأسوار لئلا يستغشني أحد من رجالكم».
فقال الحاكم: «لك علينا ذلك ونحن نطلب أن يبقى تابعك هذا هنا ريثما تعود».
قال: «لا بأس بذلك» وخرج حماد حالًا فركب جواده ومعهُ بعض أهل القصر حتى أوصلوه إلى باب المدينة فخرج إلى معسكر أبي عبيدة فلما رآه أبو عبيدة استقبلهُ باسمًا ورحب بهِ وقال لهُ: «ألعلك جئت بمهمة أخرى».
قال: «إني لا آلو جهدًا يا مولاي في كل ما يأول إلى حجب الدماء».
فقال أبو عبيدة: «هل جنح أهل بيت المقدس إلى السلم».
قال: «نعم يا سيدي أظنهم يريدون الصلح ولكنني فهمت أنهم رفعة لمقام هذه المدينة المقدسة يريدون أن يكون صلحها على يد خليفتكم الإمام عمر بن الخطاب إلاَّ ترى أنهُ يقدم إليها بنفسهُ وهي مدينة مقدسة يحترمها كل طوائف الناس».
قال: «لا أظنهُ إلاَّ قابلًا بذلك. وما بعد قبولهُ».
قال: «إذا أكدت لي قبولهُ جعلت المخابرة في ذلك رأسًا بينكم وبين حاكم المدينة أو بطريركها على مشهد من الناس وإني إنما جئت توطئة للأمر بمهمة خصوصية».
فأثنى أبو عبيدة عليهِ وقال لهُ: «لقد سعيت سعيًا حسنًا بورك فيك وإذا تم الصلح وقدم أمير المؤمنين إلى هنا سأقدمك إليه وأذكر لهُ شهامتك».
قال: «إن ذلك شرف كبير أحسبني سعيدًا إذا حصلت عليهِ وأتقدم إلى مولاي الأمير بسؤال أرجو أن لا يثقل عليهِ».
قال: «قل وما هو».
قال: «أتعرف جبلة بن الايهم أمير الغساسنة الذي كان يحاربكم مع الروم».
قال: «نعم أعرفهُ وما حديثهُ».
قال: «إن لي معهُ أمرًا يهمني وكنت أحسبهُ في بيت المقدس فجئت كما علمت فلم أجده ولا أحدًا من أهله وقيل لي أنهم كانوا هناك وخرجوا خروج الفارين لا يعلم أحد بمقرهم فهل يعلم مولاي شيئًا عن هؤلاء الغساسنة».
قال أبو عبيدة: «إن الذي أعرفهُ من أمر هذا الأمير أنهُ خرج من بلاد الشام جملة هو وأهلهُ وقد بعثت العيون عليهِ فإذا عرفت مقره أنبأتك بهِ أو ربما سمعت بقتله بسيفنا إلاَّ إذا سلم صاغرًا».
قال: «وكيف تقتلونهُ وهو إنما يحارب بسيف مولاه الإمبراطور ولعلهُ إذا خير لا يختار غير التسليم».
قال: «أما إذا سلم فهو في ذمتنا لهُ ما لنا وعليهِ ما علينا وإلا فإن السيف بيننا وبينهُ وأخشى مع ذلك أن يكون قد قتل في بعض الأماكن ولم يعلم بهِ أحد».
فاضطرب قلب حماد وخاف أن يفتك الحجازيون بجبلة وأهله إذا التقوا بهم في مكان فوقع في حيرة ونظر إلى أبي عبيدة وهو يهم أن يخاطبهُ في الأمر ويوقفهُ الحذر.
فلحظ أبو عبيدة ذلك فيهِ فقال: «ما لي أراك تحاذر أن تخاطبني فهل يسوءك قتل جبلة».
قال: «نعم يسوءني يا سيدي».
قال: «وهل بينكما قرابة».
قال وقد تلجلج في الجواب: «نعم بيننا شبه قرابة».
قال: «وأي قرابة بينكما وأنت من لخم وهو من غسان فالظاهر أنها قرابة المصاهرة».
فقال وهو مطرق: «نعم يا مولاي» ثم رفع نظره إليه وقال: «هل يأذن لي الأمير بأمر أتقدم إليه فيهِ».
قال: «قل ما بدالك».
قال: «إن أمر جبلة يهمني كثيرًا وحياتهُ أفتديها بحياتي».
قال: «وما معنى ذلك إني لم أفهم السرّ فإذا كانت بينكما هذه العلاقة فما بالك لم تدافع عنه في شيء ولا ذكرتهُ أمامي في مثل هذا المعرض قط».
قال: «إن الأحوال لم تلجئني إلى ذلك قبل الآن أما وقد آنست فيك هذا الانعطاف فأتجاسر في بثك أمرًا يهمني كتمانهُ الآن ولكنني أبسطه لديك عساه أن يعود عليَّ بالفائدة».
قال: «قل ما هو».
قال: «أعترف لمولاي الأمير أيده الله أن لي في جبلة مأربًا يهمني كثيرًا ولا أخفي عنك إني خاطب ابنتهُ وقد قضيت بضعة أعوام في انتظار وقت القران فحالت الحروب بيني وبينهُ وكان آخر عهدي بالأمر أن أجتمع بهِ وبأهله في بيت المقدس فلما جئتها رأيتهم قد رحلوا إلى مكان لا يعلمهُ أحد فجئت أستفهم عن مكانهم». قال ذلك وقد ظهرت على وجهه علامات الاهتمام يمازجها الحياء.
فقال أبو عبيدة وهو ينظر إلى وجهه يراعي حركاتهُ: «كيف هان على ملك غسان أن يزوجك ابنته وأنت غريب ولست من سلالة الملوك».
فتغير حال حماد وعلا وجههُ الاحمرار لما تذكر من حقيقة نسبهِ ولكنهُ تجاهل وقال: «لقد عانينا في سبيل ذلك مشقة ولعلهُ السبب في تأخير الاقتران إلى اليوم».
فقال أبو عبيدة: «طب نفسًا يا حماد واعلم إني نصيرك في الحصول على مرامك ولا يحق لجبلة أن يفاخرك في النسب وأنت شهم همام قد رفعتك همتك إلى أعلى من مقام الملوك وها إني باث العيون والأرصاد للبحث عن جبلة وسأحملهُ على ما تريد قهرًا».
فأثنى حماد على غيرتهِ وشكر لهُ وهم بوداعه على أن يعود إلى حاكم بيت المقدس بنتيجة الرسالة. فقال لهُ أبو عبيدة: «تمهل ريثما أشاور الأمراء في الأمر».
وأمر فجاء خالد وسائر الأمراء وخرج حماد فعقد أبو عبيدة مجلسًا شاور فيهِ أصحابهُ فلما انفض المجلس استدعي حماد فدخل على أبي عبيدة ولم يكن في الخيمة غيره فرآه عابسًا فقال لهُ: «ما بال مولاي مقطب الوجه».
فقال: «ليس بي بأس ولكنني لقيت من الأمراء رغبة في إجراء الصلح على يدنا استعجالًا للفتح. لأن استقدام الخليفة من المدينة يستغرق زمنًا طويلًا وقد يمتنع عن المجيء لما يحول بينهُ وبين ذلك من المشاغل الهامة».
فأدرك حماد أن البادئ في ذلك الرأي خالد بن الوليد لما يعلم من عجلتهِ ورغبتهِ في الفخر فقال: «أظن الأمير خالدًا أكثر الأمراء ميلًا إلى هذا».
فلم يجب أبو عبيدة في بادئ الرأي فصمت حماد ولبث ينتظر الجواب فقال أبو عبيدة: «عد إلى حاكم ايلياء وقل لهُ إننا قبلنا بإجراء الصلح على يدّ إمامنا الخليفة أمير المؤمنين وإذا جاءهم أحد من الأمراء بغير ذلك فهم مخيرون في القبول أو غيره».
فنهض حماد فودعهُ وأوصاه بالسعي في البحث عن جبلة ثم خرج يريد بيت المقدس فلقيه سلمان فأخبره الخبر فسر لنجاح مهمتهُ وقال لهُ: «هلم بنا إلى الحاكم» فسارا إليه فلما أقبلا عليهِ استطلعهما الخبر فقص حماد ما دار بينه وبين أبي عبيدة.
فقال الحاكم: «لا نصالح أحدًا غير الإمام».
فقال البطريرك (وكان حاضرًا): «وكيف نميز بين الأمام وأحد الأمراء لو جاءنا باسمه».
فقال سلمان: «إني عالم بصفة أمامهم وقد شاهدتهُ بنفسي غير مرة في المدينة يوم شهدت فتح مكة وكان لا يزال أميرًا كسائر الأمراء».
وفي اليوم التالي صعد البطريرك والحاكم إلى أسوار المدينة ومعهما حماد وسلمان متنكرين فلبثوا ينتظرون ما يكون من أمر العرب فجاءَهم رسول على جواد خاطبهم من أسفل السور يطلب إليهم التسليم فقال البطريرك: «إننا نقبل بالصلح إذا كان على يد أعظم أمرائكم».
فمضى الرسول وبعد برهة عاد ومعهُ فارس آخر علموا من لباسهِ وحالهِ أنهُ من الأمراء فقال الرسول: «هذا هو كبير أمرائنا فصالحوه».
فنظر حماد فإذا هو أبو عبيدة بنفسهِ فعلم أن رأي أمرائه غلب على رأيه فجاءَ يطلب الصلح بنفسهِ فلما رآه البطريرك استطلع رأي حماد عن الرجل فقال: «هذا هو أبو عبيدة كبير أمراء جند الشام».
فقال: «أليس هو ملكهم الكبير».
قال: «كلا».
فنظر البطريرك إلى أبي عبيدة وقال: «إننا لا نصالح أحدًا غير خليفتكم المقيم في المدينة فاستقدموه واحجبوا الدماء».
فعاد أبو عبيدة وفي اليوم التالي جاءهم خالد بمثل ذلك فأبوا مصالحتهُ وأصروا إلاَّ أن يأتيهم عمر بنفسهُ وكان الفصل شتاء وقد تكاثرت الأمطار والعواصف فامتنع على المسلمين الثبات هناك مثل ثباتهم في دمشق الشام لأن أهل بيت المقدس مقيمون في البيوت والعرب في الخيام على أنهم صبروا على مناجزتهم أربعة أشهر بين حرب ونضال ومخابرة والروم مصرون على أن يكون الصلح على يد الإمام عمر فلم ير أبو عبيدة بدًا من استقدامهُ فكتب إليه بذلك.
أما حماد فكان يتردد إلى معسكر أبي عبيدة يستطلع ما حدث من أمر جبلة ويستحث أبا عبيدة على استقدام عمر قيامًا بوعده فمضت الأشهر الأربعة ولم يقف لجبلة على خبر.
أما سلمان فأنهُ لم يطق صبرًا في انتظار أبحاث أبي عبيدة فخرج بنفسه يستخبر الناس ممن ظن أنهم يعلمون شيئًا عن جبلة وأهله فلم يسمع إلاَّ أخبارًا متضاربة فمن قائل أنهم فروا إلى العراق أو مصر أو غيرها وقال آخرون أنهم لا يزالون مختبئين في بعض بلاد الشام ولكن الأكثرين على أنهم فروا إلى العراق فعاد إلى حماد بتلك الأخبار المتضاربة فلم تغنه شيئًا فاشتد اليأس وضاقت دونه السبل ولم يكن ير تعزية إلاَّ بلقاء أبي عبيدة. ففيما هو عنده ذات يوم وسلمان ينتظر خارجًا إذ دخل عليهِ رجل منبسط الوجه كأنهُ جاء ببشارة فقال أبو عبيدة: «ما وراؤك».
قال: «إن بالباب رسولًا من أمير المؤمنين جاء يخبرنا بقدومه».
قال: «فليدخل» فدخل الرجل وآثار السفر بادية على وجهه وعلى ثيابهِ.
فقال لهُ أبو عبيدة: «أين تركت أمير المؤمنين».
قال: «تركتهُ راكبًا من دمشق وأسرعت لبشارتكم».
فقال أبو عبيدة: «ما بالهُ أبطأ علينا».
قال: «إنما أبطأ لما اعترضهُ في طريقه من المسلمين يستفتونهُ ويتقاضون إليه وهو لا يرى إلاَّ سماع أقوالهم والعدل بينهم».
قال: «هكذا يكون الأمراء بورك ببطن حملك يا عمر». ثم بعث إلى خالد وسائر الأمراء فجاءوه فأنبأهم بقدوم عمر وقال: «فلنذهب للقائهُ» والتفت إلى حماد وهمس في أذنه هلم بنا لعلنا نسمع من أهل المدينة خبرًا عن صاحبك جبلة.
فركب الأمراء وركب حماد ومعهُ سلمان وقد شغلهُ ركوبهُ هذا عن اهتمامهِ بجبلة وخبره وكان الأمراء بلباس الديباج والحرير وقد امتطوا خيولًا فوقها السروج الفضة مما غنموه من دمشق الشام وغيرها إلاَّ أبا عبيدة فقد كان على قلوصة (ناقة) وفوقه عباءة قطوانية وخطام الناقة من الشعر وساروا وقد تركوا الجند في مكانهم حول أسوار بيت المقدس. وكان حماد مشتاقًا لمشاهدة عمر بعد أن تولى أمر المسلمين وهو يتوقع أن يراه في موكب حافل كما تعود أن يرى أو يسمع عن ملوك الروم والفرس مما يبهر النظر ويستوقف البصر فكان كلما مشوا قليلًا تشوف عن بعد لعلهُ يرى الغبار أو نحوه مما يتقدم المواكب فلم ير شيئًا.