كافر: وحيُ شيطانٍ مريد
لم يَجِدِ الشاعرُ حَرَجًا في تَسميةِ دِيوانِه الأولِ والوَحيدِ باسمِ «كافِر»، قاصِدًا بكُفْرِه ذاكَ مُنْتهى الإيمان. وقد نُسِّقتْ قصائدُ الدِّيوانِ تَنْسيقًا يُلائِمُ حالةَ التساؤُلِ الوُجودِي، فأتَتْ حِواراتٍ شعريَّةً تخاطِبُ عقلَ المتلقِّي ورُوحَه؛ فتارةً يُناقِشُ الشاعِرُ الحقيقةَ الكُبْرى في حوارٍ بينَ القمرِ الطالِعِ وشَهْرزادَ التي تَمَلُّ طُلوعَه وتَرى في التَّنائِي مُضاعَفةً للغَرام، وتَارةً أُخْرى يُناقِشُ عقيدةَ الجهادِ وبذْلِ النفْسِ دِفاعًا عنِ الحريةِ والكَرامة، ويُصوِّرُ تلكَ اللحظةَ التي يُخالِجُ المُحارِبَ فيها اليَأْس. وفي مَحْكمةِ المَلأِ الأَدْنى المَنْصوبةِ بهدفِ مُعاقَبةِ الشاعرِ على كُفْرِه وشَطَحاتِ فِكْرِه، يَصمُدُ مُعارِضًا الحجَّةَ بالحجَّة، لكنَّهم يَنْفونَه إلى الأرضِ فيُسلِّم، عادًّا فَناءَه شَهادة. وفي مُحاوَراتٍ تاليةٍ يُوردُ أمثلةً للكُفْرِ المَشْهود؛ حيثُ يَكفُرُ بالغانيةِ ويُؤمِنُ بالطُّهْر، يَكفُرُ بالتقاليدِ البالِيةِ ويُؤمِنُ برُقيِّ الحِس، يَكفُرُ بالفنِّ بلا رُوحٍ ويُؤمِنُ بالحَياة.