لقاء
حوار في منظر واحد
(إلى عذارى بابل.)
(بين فتًى وفتاةٍ في طريق منفردة.)
هو
:
أيها الحسنُ! … … … …
هي
(نافرة)
:
… … إنأَ، لا تَقترِب منِّـ
ـي … … … …
هو
:
… لماذا؟ … … …
هي
:
… … أخاف منكَ عليَّا
هو
:
لا تخافي فكُلِّيَ الحب والتحـ
ـنان … … … … …
هي
:
… لا! لا. أرجوكَ دعني وهيَّا
إنَّ قلبي كصفحة الماء؛ إنْ مـ
ـرَّ عليها النسيم خلَّفَ شيَّا
لا تُعذِّبْني … … …
هو
:
… … بل سأُسعدُكِ اليو
مَ! … … … … …
هي
:
… يقينًا لا … … …
هو
:
… … … أتخشين قلبًا فتيَّا
جاء يسعى إليك، يدفعه الشو
ق، وحبٌّ هدهدتُه بيديَّا؟
هي
(نافرة)
:
ما الذي قلتَ؟ إنأ، لا تقترب منِّـ
ـي. أخافُ الهوى على مُقلتيَّا
وحرامٌ عليك تُذبل جَفنَيـْ
ـيَ سهادًا فما أتيت فَرِيَّا
هو
:
أهو الحبُّ يُذبِل الجَفن؟ …
هي
:
… … … … إرحَمْـ
ـني! … … … …
هو
:
… حنانيكِ! لا تُذيبي شَقيَّا
تيَّمتْني عيناكِ … …
هي
:
… … رفقًا بقَلبي!
هو
:
لو ملكتُ الإشفاقَ ملتُ إليا
هي
(متوسلة)
:
لا تُعذِّب صبيةً، وردة اليو
م، ومِل بالشِّراع عن شاطئيَّا
إن تكن عاشِقي، فدُونَك دُنيا الـ
ـفكر، فاعشَق بها خيالي سِنيا
هو
:
وغرام العيون؟ … … …
هي
(ترسل إليه ببصرها)
:
… … أسقيكَ منها الـ
آن ما تَبغي … … …
هو
(مستغرقًا في نعيم ناظريها)
:
… … … أيها الحسن! …
هي
:
… … … … … هيا
هو
(مأخوذًا)
:
ما السلافُ المعتَّق الآن؟ ما السحـ
ـر المغذِّي ينساب في ناظريَّا
ما الحياة التي أحسُّ؟ وما هـ
ـذا الذي يَسري في عُروقي؟ أَفِق يا
هي
:
قد أفاقَ الذي دعوتَ! …
هو
(مضطربًا)
:
… … … … أحقًّا؟
هي
(دامعة العينين)
:
ليتَ لي أن أقولَ ما ليس فيَّا
هو
:
أنتِ أنقى من الشعاع! …
هي
:
… … … ولكن
أنتَ لوثتني! … … …
هو
:
… … أبالحب؟ …
هي
(لا تجيب)
:
…
هو
(راكعًا)
:
… … … لميا!
هي
:
كنتُ في جنَّتي، فصوَّحتَ روضي
وأملْتَ الغُصونَ شيئًا فشَيَّا
ودفعتَ الشقاءَ بالكأس حتى
ذاب في مِذوَقي فأضحى شهيا
ما الذي فيه؟ … … … …
هو
:
… … … كل لذٍّ وإن كا
ن مريرًا … …
هي
:
… … رضيتُه عبقريًّا
هو
:
لم تَعُدْ وحْدكَ الذي يَتلوَّى!
هو
:
رحمةً بي! … … … …
هي
:
… … إذهب وعُد لي نبيَّا!
دمشق ١٩٤٦