اليوم السادس – مساءً

«وايموث»

هذه المدينة الساحلية من الأماكن التي أفكر في زيارتها منذ سنوات طويلة. سمعتُ كثيرين يتحدثون عن قضاء إجازات جميلة هنا، كما أن «مسز سيمونز» تقول عنها في كتابها «سحر إنجلترا» إنها «مدينة يمكن أن تقضيَ بها أيامًا كاملةً من البهجة والسعادة».

والحقيقة أن «مسز سيمونز» تذكر على نحوٍ خاص ذلك اللسان البحري الذي كنتُ أتنزَّه عليه في نصف الساعة الماضية، كما توصي بزيارته في المساء عندما تضيئه الأنوار مختلفة الألوان.

منذ لحظة سمعتُ من أحد المسئولين أن الأنوار ستُضاء «بعد قليل»، ولذا قررتُ أن أجلس هنا على هذا المقعد في الانتظار. المنظر من هنا رائع؛ منظر الشمس الغاربة فوق البحر. وبالرغم من وجود الكثير من ضوء النهار — كان يومًا رائعًا — إلا أنني أستطيع أن أشاهد بعض الأضواء التي بدأت تلمع بحذاء الشاطئ. وفي الوقت نفسه ما زال اللسان مزدحمًا بالناس، حيث أسمع خلفي وقْع الأقدام المتواصل فوق الألواح الخشبية.

وصلتُ إلى هذه المدينة بعد ظهيرة الأمس، وقررتُ أن أبقى هنا ليلةً ثانيةً لكي أقضيَ يومًا كاملًا مستمتعًا بالوقت. لا بدَّ من أن أقول إنني استرحتُ من قيادة السيارة؛ لأن المرء يملُّ بعد فترة، بالرغم ممَّا في ذلك من متعة. على أيَّة حالٍ لديَّ متسع من الوقت لأبقى هنا يومًا آخر، ولو أنني بدأتُ رحلتي غدًا من الصباح الباكر، يمكن أن أكون في «دارلنجتون هول» في موعد الشاي.

يومان مرَّا على لقائي ﺑ «مس كنتون» في قاعة الشاي، في فندق «روز جاردن» في «ليتل كومتون»، حيث فُوجِئتُ بمجيئها إلى هناك. كنتُ جالسًا أحدق في المطر من النافذة المجاورة لطاولتي في محاولة لقتل الوقت، عندما جاء أحد العاملين بالفندق ليخبرني أن هناك سيدةً في بهو الاستقبال تريد مقابلتي. قمتُ وذهبتُ إلى هناك ولم أجد أحدًا أعرفه، ولكن إحدى الموظفات قالت من وراء مكتبها: «السيدة موجودة في قاعة الشاي يا سيدي.» دخلت من الباب الذي أشارت إليه فوجدتُ قاعةً مليئةً بالمقاعد غير الملائمة، كانت الطاولات موضوعةً بشكل غير منظم، ولم يكُن هناك غير «مس كنتون» التي وقفَت عندما دخلت، ابتسمَت ومدَّت يدها إليَّ.

– آه يا مستر ستيفنس! جميل أن نلتقي مرةً أخرى!

– مسز بن! شيء رائع حقًّا!

كان ضوء القاعة كئيبًا بسبب المطر، ولذا حرَّكنا مقعدَينا لنقترب من النافذة. وهكذا جلستُ أنا و«مس كنتون» نتحدث على مدى ساعتَين في ذلك الضوء الشحيح، بينما المطر يتساقط بغزارة في الخارج.

كان تقدُّم العمر قد بدَا عليها بالطبع، ولكنها كانت لا تزال جميلةً في عيني، ممشوقة القوام كما كانت دائمًا، وما زالت تحتفظ بطريقتها في رفع رأسها عندما تتكلم كأنها في حالة تحدٍّ. وبالرغم من الضوء القليل الساقط على وجهها، كانت بعض الخطوط واضحةً عليه في أماكن متفرقة، إلا أن «مس كنتون» التي كانت أمامي، وبشكل عام، كانت تبدو مماثلةً للشخص الذي عاش بذاكرتي على مدى السنوات، ويمكن القول إن رؤيتها مرةً أخرى كانت شيئًا جميلًا … جميلًا جدًّا!

تبادلنا في العشرين دقيقةً الأولى تقريبًا العباراتِ التي يمكن أن يتبادلها الغرباء، سألتني بتهذيب شديد عن رحلتي وكيف أقضي إجازتي والمدن والأماكن التي زرتُها. وعندما استمرَّ حديثُنا، لا بدَّ من أن أقول إنني بدأتُ ألاحظ التغيرات التي أحدثَتها بها السنين، فقد بدَت أبطأ قليلًا على سبيل المثال، ولكنْ لعله الهدوء الذي يجيء مع تقدُّم العمر، وقد حاولتُ بالفعل أن أراه كذلك، لكنني لم أنجح في الهرب من الشعور بأن ما أراه كان سأمًا من الحياة. يبدو أن الشرارة التي كانت تبعث فيها الحيوية وتجعلها أحيانًا شخصيةً متفجرة؛ قد تلاشت. وعندما كانت تصمت أحيانًا، أو يكون وجهها في حالة سكون واسترخاء، كنتُ ألمح شيئًا من الحزن في ملامحها، ولكنْ لعلني كنتُ مخطئًا!

بعد فترة قصيرة زال الحرج الذي ساد الدقائق الأُوَل من اللقاء تمامًا، وبدأ حديثُنا ينحو منحًى شخصيًّا. أمضَينا بعض الوقت في تذكُّر أشخاص من الماضي أو تبادُل ما نعرف من أخبار عنهم، وكان ذلك شيئًا ممتعًا، بَيْدَ أنه لم يكُن المضمون العام لحديثنا.

الابتسامات المُقتضَبة بعد كل عبارة، تعليقاتها الساخرة، إيماءات كتفَيها أو يدَيها … بدَا كل ذلك يستدعي إيقاعاتِ وعاداتِ حواراتنا منذ تلك السنوات الماضية. وهنا أيضًا استطعتُ أن أستخلص بعض الحقائق عن ظروفها الحالية. عرفتُ مثلًا أن زواجها لم يكُن محفوفًا بالمخاطر كما أوحَت بذلك رسالتُها، وعرفتُ أنها بالرغم من تَرْك بيتها لمدة أربعة أيام أو خمسة، وهي الفترة التي كتبَت فيها الرسالة، قد عادت إلى البيت، وأن «مستر بن» كان سعيدًا بعودتها.

قالت وهي تبتسم: «جميل أن يكون أحدُنا عاقلًا في مثل تلك الأمور.»

وأنا أعلم بالطبع أن «مثل تلك الأمور» لم يكُن شأنًا يخصُّني، ولا بدَّ من أن أوضح أنني لم أحاول، ولم أحلم بالتطفُّل على مثل هذه الأمور إلا إذا كانت هناك أسبابٌ مِهْنيَّة صِرفة، أو بمعنًى آخر … مشكلة عدد العاملين في «دارلنجتون هول».

على أيَّة حالٍ فإن «مس كنتون» لم يكُن لديها ما يمنع بالمرة من أن تُفضفِض لي عن مثل تلك الأمور، ومن جانبي وجدتُ ذلك دليلًا جيدًا على عمق ومتانة علاقات العمل التي كانت بيننا ذات يوم. أتذكر أن «مس كنتون» راحت بعد ذلك تتحدث بشكل أكثر عموميةً عن زوجها الذي سيتقاعد قريبًا، وقبل الموعد المُحدَّد لذلك، بسبب ظروف صحية، وعن ابنتها المتزوجة وتنتظر مولودًا في الخريف. والحقيقة أن «مس كنتون» أعطتني عنوان ابنتها في «دور سيت»، ولا بدَّ من القول إنني كنتُ سعيدًا لحرصها على أن أمُرَّ عليها في طريق عودتي. وبالرغم من قولي إنني قد لا أمُرُّ ﺑ «دور سيت»، راحت تُلحُّ عليَّ بقولها: «كاترين سمعَت كل شيء عنكَ يا «مستر ستيفنس»، وستكون سعيدةً جدًّا بلقائك.» ومن جانبي حاولتُ قدْر استطاعتي أن أصف لها حال «دارلنجتون هول» الآن. حاولتُ أن أنقل إليها كيف أن «مستر فراداي» صاحب عمل لطيف ومحترم، كما وصفتُ لها التغيرات التي طرأت على القصر نفسه، وكذلك الترتيبات الخاصة بالعاملين، وأعتقد أن «مس كنتون» كانت سعيدةً عندما تحدثتُ عن القصر، وعلى الفور، كنَّا نسترجع بعض الذكريات القديمة ونضحك عليها.

أتذكر أننا عرضنا لاسم «لورد دارلنجتون» مرةً واحدة؛ كنَّا نتذكر شيئًا عن «مستر كاردينال الأصغر»، فكان لا بدَّ من أن أخبرها بأن الرجل قُتِل في «بلجيكا» أثناء الحرب. وواصلت كلامي: «كان سيادة «اللورد» بالطبع شديد الإعجاب ﺑ «مستر كاردينال»، وكان لخبر موته وقْع سيئ عليه.» لم أُرِد أن أُفسد الجوَّ الجميل بحديث كئيب كهذا، ولذلك غيَّرتُ الموضوع على الفور. لكن، وكما كنتُ أخشى، كانت «مس كنتون» قد قرأَت عن دعوى التشهير الفاشلة، وكان لا بدَّ من أن تجد فرصةً لكي تجسَّ نبضي على نحوٍ ما. قاومتُ استدراجها لي، وإن كنتُ قد قلتُ لها في النهاية: «الحقيقة يا «مسز بن» أن أقوالًا رهيبةً كانت تتردَّد أثناء الحرب عن سيادة «اللورد»، وخاصةً عن طريق تلك الجريدة، وقد تحمَّل سيادتُه ذلك عندما كانت البلاد في حالة خطر. وبمجرَّد انتهاء الحرب، ومع استمرار التعريض به وبسُمعته، لم يكُن هناك أيُّ مُبرِّر لاستمرار معاناته في صمت. من السهل الآن أن نرى مخاطر الذهاب إلى المحكمة في ذلك الوقت، وفي ذلك المناخ الذي كان سائدًا، ولكن سيادته كان يعتقد أنه لا بدَّ من أن يُنصَف، ولكن الجريدة زاد توزيعُها بدلًا من ذلك، تحطمَت سُمعتُه الطيِّبة إلى الأبد. بعد ذلك مَرِض يا «مسز بن» وأصبح القصر هادئًا تمامًا. كنتُ أحمل إليه الشاي في غرفة الاستقبال، وكان منظره مأساويًّا.»

– معذرةً يا «مستر ستيفنس»، لم يكُن لديَّ أيَّة فكرة عن تردِّي الأمور إلى هذه الدرجة.

– نعم يا «مسز بن»، لكنْ كفَى كلامًا في هذا الموضوع. أعرف أنكِ تتذكرين «دارلنجتون هول» عندما كانت تعجُّ بالضيوف والزائرين من عِلْية القوم. سيادته يستحقُّ أن نتذكره الآن في مثل تلك الظروف.

وكما سبق أن قُلت؛ كانت تلك هي المرة الوحيدة التي عرضنا فيها لذكر اسم سيادة «اللورد». كنَّا نستدعي الذكريات السعيدة، وكانت الساعتان اللتان قضيناهما في قاعة الشاي من أجمل الأوقات. أتذكر أنه كان هناك نزلاء آخرون يتوافدون على القاعة ونحن نتكلم، يجلسون لدقائق معدودة ثم ينصرفون، لكنهم لم يُشتِّتوا انتباهنا بالمرة. لم أستطع أن أُصدِّق أن ساعتَين قد مرَّتَا إلا عندما نظرَت «مس كنتون» إلى الساعة المُعلَّقة على الحائط أمامنا وقالت: «إنها لا بدَّ من أن تعود إلى المنزل.» وعندما وجدتُ أنها سوف تسير تحت المطر إلى محطة «الباص» خارج القرية، صممتُ على توصيلها بالسيارة «الفورد»، وقد كان. أخذنا مِظلةً من مكتب الاستقبال في الفندق وخرجنا. كانت بِرَكٌ صغيرةٌ من الماء قد تجمَّعَت في المكان الذي تركتُ فيه السيارة؛ ممَّا جعلني أساعد «مس كنتون» حتى وصلنا إلى باب «الفورد». وبعد قليل كنَّا نسير على الطريق الرئيسي للقرية، بعد ذلك اختفَت المحلاتُ لنجد أنفسنا في الريف المفتوح. استدارت «مس كنتون» التي كانت جالسةً صامتةً بجواري ترقب المنظر من حولنا، وقالت: «لماذا تبتسم لنفسك هكذا يا مستر ستيفنس؟»

– عفوًا يا «مس كنتون»، فقد تذكرتُ أشياءَ مُعيَّنةً كتبتِها في رسالتك، أصابتني بالقلق إلى حدٍّ ما عندما قرأتُها، ولكنني اكتشفتُ الآن أنه لم يكُن هناك ما يدعو للقلق.

– أيَّ أشياء بالتحديد تقصد يا «مستر ستيفنس»؟

– لا شيء على وجه الخصوص.

– لكنكَ لا بدَّ من أن تُخبرني يا «مستر ستيفنس».

قلتُ وأنا أبتسم: «حَسَنٌ! على سبيل المثال يا «مسز بن»، قُلتِ في رسالتك «بقية حياتي ممتدة مثل فضاء أمامي …» كلمات بهذا المعنى.»

قالت وهي تضحك أيضًا: «حقًّا يا مستر ستيفنس؟ لا يمكن أن أكون قد كتبتُ شيئًا كهذا.»

– أؤكد لكِ ذلك يا «مسز بن»، وأنا أتذكر ذلك جيدًا.

– يا إلهي! ربما مرَّت عليَّ أيامٌ كنتُ أشعر فيها بأنني كذلك، لكنها تمرُّ بسرعة شديدة على أيَّة حال. دعني أؤكد لكَ يا «مستر ستيفنس» أن حياتي ليست ممتدةً فارغةً أمامي، وذلك لسبب واحد؛ فنحن ننتظر حفيدًا … الأول من عدد قليل منهم ربما!

– نعم! سيكون ذلك رائعًا بالنسبة لكِ.

واصلنا سَيرنا بالسيارة بهدوء، وبعد لحظاتٍ قالت «مس كنتون»: «وماذا عنكَ يا «مستر ستيفنس»؟ ماذا يُخبئ لكَ المستقبل بعد عودتك إلى «دارلنجتون هول»؟»

«حَسَنٌ! أيًّا ما كان ما ينتظرني يا «مسز بن»، أعرف أنني لا ينتظرني فراغ. ليته كان! لكنْ لا! هناك عمل … عمل كثير … كثير جدًّا.»

ضحكت لذلك، ثم أشارت «مس كنتون» إلى محطة «الباص» القريبة، قالت عندما وصلنا إليها: «هل تنتظر معي يا «مستر ستيفنس»؟ «الباص» سيصل بعد قليل.»

كان المطر ما زال يهطل عندما نزلنا من السيارة، فأسرعنا للاحتماء بمِظلة المحطة. المحطة مبنيةٌ بالحجر، والمِظلة مسقوفة بالبلاط، وتبدو قوية، وخلفها حقول فسيحة. من الداخل كان الطلاء قد بدأ يتقشَّر، ولكن المحطة كانت نظيفةً بشكل عام. جلسَت «مس كنتون» على المقعد بينما بقيتُ أنا واقفًا لكي أرى «الباص» عند قدومه. على الجانب الآخر من الطريق لم يكُن هناك غير الحقول وأعمدة التلغراف التي تقود بصري إلى مسافة بعيدة. وبعد أن انتظرنا صامتَين بضع دقائق، كنتُ مضطرًّا لأن أقول: «عفوًا يا «مسز بن»، يبدو أننا لن نلتقيَ ثانيةً قبل وقتٍ طويل، لذا أرجو أن تسمحي لي بسؤال حول موضوع شخصي، موضوع ظلَّ يشغلني لفترة.»

– بالتأكيد يا «مستر ستيفنس»، فنحن أصدقاء منذ زمن.

– كما تقولين؛ نحن بالفعل أصدقاء قُدامى، أريد فقط أن أسألك يا «مسز بن» ويمكنكِ ألَّا تجيبي عن السؤال إن شئتِ. الحقيقة أن الرسائل التي كانت تصلني منكِ على مدى تلك السنوات، والرسالة الأخيرة بخاصة، كانت توحي بأنكِ … لا أعرف كيف أقولها … كانت توحي بأنك لستِ سعيدةً إلى حدٍّ ما. كنتُ أخشى أن تكوني تتعرضين لمعاملة سيئة من أيِّ نوع. عفوًا! أقول إن ذلك أقلَقَني فترة، وقد تكون حماقةً مني أن أقطع كل هذه المسافة لأراكِ دون أن أسألكِ على الأقل.

– «مستر ستيفنس»، ليس هناك ما يدعو للقلق أو للشعور بالحرج على الإطلاق، نحن أصدقاء قُدامى، أليس كذلك؟ الحقيقة أنني ممتنةٌ جدًّا لاهتمامك، ويمكن أن تطمئنَّ تمامًا من هذه الناحية، زوجي لا يعاملني معاملةً سيئةً أبدًا، وهو ليس إنسانًا قاسيًا ولا نَكِد المزاج.

– لا بدَّ من أن أقولك لكِ إن ذلك يُريحني كثيرًا.

ثم مِلتُ بجسمي إلى الأمام لأرى أيَّ أثر ﻟﻠ «باص».

قالت: «أرى أنكَ لم تقتنع تمامًا يا «مستر ستيفنس»، ألا تُصدِّقني؟»

«الأمر ليس كذلك يا مس كنتون. ليس هكذا بالمرة! الحقيقة تبقى؛ وهي أنه لا يبدو عليكِ أنكِ كنتِ سعيدةً على مدى تلك السنوات. أقول، ومعذرة في ذلك، لقد تركتِ زوجك أكثر من مرة. فإذا كان لا يعاملك معاملةً سيئة، فالمرء يسأل مُتحيِّرًا: ما هو سبب تعاستك إذَن؟»

نظرتُ إلى المطر مرةً أخرى، سمعتُ «مس كنتون» تقول ورائي: «كيف أشرح لكَ يا مستر ستيفنس؟ أنا نفسي لا أعرف لماذا أفعل أشياءَ من هذا القَبيل! والحقيقة أنني تركتُه ثلاث مرات حتى الآن (وسكتَت لحظة)، بينما أنا أنظر في الناحية الأخرى من الطريق.» ثم قالت: «أعتقد يا «مستر ستيفنس» أنكَ تريد أن تسأل إن كنتُ أحبُّ زوجي أم لا!»

– فعلًا يا «مسز بن»، أنا أعتقد …

– أشعر أن عليَّ أن أجيب عن تساؤلك يا «مستر ستيفنس». وكما تقول؛ فنحن قد لا نلتقي قبل سنوات. نعم! أنا أحبُّ زوجي بالفعل. في البداية لم يكُن الأمر كذلك، ولبعض الوقت كنتُ لا أحبُّه. عندما تركتُ «دارلنجتون هول» كل تلك السنوات لم أشعر أبدًا بأنني سوف أتركها، أعتقد أنني فكرتُ في ذلك كحيلةٍ أخرى يا «مستر ستيفنس» لكي أغيظك. كانت صدمةً لي أن آتي إلى هنا وأجد نفسي وقد تزوجت. بقيتُ غير سعيدة فترة طويلة، لم أكُن سعيدةً بالمرة في الحقيقة. بعد ذلك مرَّت السنوات، وكانت الحرب، وكبرَت «كاترين»، وذات يوم اكتشفتُ أنني أحبُّ زوجي. تقضي بعض الوقت مع شخصٍ ما فتجد نفسك وقد اعتدتَ عليه. هو إنسان طيِّب، رجل مستقيم، نعم يا «مستر ستيفنس» … لقد نمَا حبي له.

بعد ذلك سكتَت «مس كنتون» لحظةً ثم واصلَت كلامها: «لكن هذا لا يعني بالطبع أن المرء لا تمرُّ به أحيانًا لحظاتٌ كئيبة، عندما يجلس ويفكر ويقول لنفسه يا لها من غلطة مُرعبة تلك التي ارتكبتُها في حقِّ حياتي، ثم يفكر بحياة أخرى، حياة أفضل كان يمكن أن يحياها، فأنا مثلًا أفكر في حياة كان يجب أن أعيشها معكَ يا «مستر ستيفنس». وأعتقد أن ذلك يحدث عندما أغضب لشيءٍ تافهٍ وأترك البيت. ولكن في كل مرة أفعل فيها ذلك، أدرك قبل وقت طويل أن مكاني الحقيقي هو أن أكون مع زوجي. على أيَّة حالٍ عقارب الساعة لا تدور إلى الوراء، ولا يمكن أن يظلَّ المرء دائمًا يفكر فيما كان ينبغي أن يكون، لا بدَّ من أن يدرك أنه أفضل من كثيرين … وأن يكون شاكرًا لذلك.»

لا أظنُّ أنني قلتُ شيئًا على الفور بعد سماع ذلك؛ لأنني للحظة أو لحظتَين لم أستوعب ما قالته «مس كنتون». وكما تتوقع؛ فإن مضمونه أثار قدْرًا من الشجن بداخلي — ولماذا لا أعترف بذلك؟ — كان قلبي يتحطم في تلك اللحظة، وقبل أن يمرَّ وقت طويل التفتُّ إليها وقلت: «أنتِ مُحِقة تمامًا يا «مسز بن»، وكما تقولين؛ فإن الوقت قد فات، ولا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. والحقيقة أنني لن أعرف سبيلي إلى الراحة لو علمتُ أن تلك الأفكار كانت هي سبب تعاستك أنتِ وزوجك. كلانا كما قلتِ؛ لا بدَّ من أن يكون شاكرًا وراضيًا بما لديه. وممَّا قُلتِه أجد أن لديك من الأسباب ما يجعلك راضية. والواقع أنني يمكن أن أقول إنه مع اقتراب تقاعُد «مستر بن»، وبأحفادكما القادمين في الطريق، أمامكم سنواتٌ سعيدة، ولا يجب أن تعطي فرصةً لأيِّ أفكار غريبة كهذه لكي تكون عائقًا بينكِ وبين ما تستحقِّين من سعادة.»

– أنتَ مُحِق بالطبع يا مستر ستيفنس، وهذا لطف منك.

– حَسَنٌ يا «مسز بن»! يبدو أن «الباص» قادم.

خطوتُ إلى الأمام ولوَّحتُ للسائق، كما وقفَت «مسز بن» وتقدَّمَت على رصيف المحطة. عندما وصل «الباص» نظرتُ بسرعة إلى «مس كنتون»؛ كانت عيناها ممتلئتَين بالدموع، ابتسمتُ وقُلتُ لها: «والآن يا «مسز بن»، عليكِ أن تهتمِّي بنفسك. كثيرون يقولون إن فترة التقاعد هي أفضل فترات الحياة بالنسبة للمتزوجين، ولا بدَّ من أن تبذلي كل ما في وسعك لكي تكون سنواتٍ سعيدةً بالنسبة لك ولزوجك. ربما لا نلتقي بعد ذلك، لذا أرجو أن تعي ما أقول.»

– سأفعل يا مستر ستيفنس. شكرًا جزيلًا! وشكرًا على توصيلي إلى المحطة، كانت لفتةً كريمةً منك، وكان جميلًا أن نلتقي مرةً أخرى.

– أنا أيضًا في غاية السعادة لأنني رأيتُك يا «مسز بن».

أُضِيئَت أنوار اللسان، وكان الناس خلفي يتصايحون بصوتٍ عالٍ فرحًا بذلك. ما زال هناك الكثير من ضوء النهار، كانت السماء فوق البحر قد استحالت إلى حُمرة شاحبة، ولكنْ يبدو أن جميع الناس الذين تجمعوا فوق هذا اللسان على مدى نصف الساعة الماضية ينتظرون قدوم الليل بفارغ الصبر.

وهذا يؤكد تمامًا ما قاله الرجل الذي كان يجلس بجواري هنا على هذا المقعد منذ وقت قصير، والذي كنتُ أتحدث معه. كان يقول إن المساء هو أفضل جزء من اليوم عند كثيرين، الجزء الذي ينتظرونه طوال اليوم. ويبدو أن هناك حقيقةً في هذا بالتأكيد، وإلا لَمَا هتف الجميع وصاحوا في نَفَس واحد عندما أُضِيئَت الأنوار!

كان الرجل — طبعًا — يتكلم بشكل مجازي، ولكن المُثير أن أرى كلماتِه تُترجَم أمامي حرفيًّا على الفور. أعتقد أنه كان جالسًا هنا إلى جواري منذ دقائق دون أن أشعر به أو ألحظه، كنتُ مستغرقًا تمامًا في التفكير في لقاء «مس كنتون» قبل يومَين. والواقع أنني لم أشعر بوجوده على المقعد بجواري إلى أن قال: «هواء البحر مفيدٌ جدًّا لك.»

التفتُّ لأجد رجلًا قويَّ البنية، ربما كان في العقد السادس، يرتدي سُترةً قديمةً من «التويد»، وقميصًا مفتوح الرقبة، وكان يحدق أمامه في الماء … وربما إلى بعض النوارس البعيدة، ولذلك لم يكُن واضحًا بالمرة أنه كان يُكلمني، ولكنْ لأن أحدًا آخر لم يرُد، وحيث إنني لم أرَ أيَّ شخص آخر بالقرب منَّا يمكن أن يرُد، قُلت: «نعم! مفيد بالتأكيد!»

«قال لي الطبيب: الهواء سيفيدك، لذا فأنا أجيء إلى هنا كلما كان الطقس مناسبًا.»

وراح الرجل يحكي عن متاعبه الصحية، ولا يُحوِّل عينَيه عن الشمس الغاربة إلا للحظات، لكي يومئ برأسه أو ليبتسم.

بدأت أوليه اهتمامًا فقط عندما قال إنه كان يعمل رئيس خدم في أحد المنازل القريبة من هنا. وبعد أن استفسرتُ منه علمتُ أن المنزل كان صغيرًا جدًّا، وأنه كان العامل الوحيد الذي يعمل به طوال الوقت. وعندما سألتُه إن كان قد عمل مع عدد كبير من الخدم تحت رئاسته، ربما قبل الحرب، قال: «ياه! في تلك الأيام كنتُ ما زلتُ مساعد خادم، لم تكُن لديَّ الخبرة أو التجربة الكافية لأكون رئيس خدم حينذاك. سيُدهشكَ أن تعرف معنى العمل في المنازل أو القصور الكبيرة في تلك الأيام.»

عند ذلك فكرتُ في أنه قد يكون من المناسب أن أكشف له عن هُويَّتي، وبالرغم من عدم تأكدي أن «دارلنجتون هول» قد يعني شيئًا بالنسبة له، إلا أن ذلك كان له أثر كبير عليه. قال وهو يضحك: «وهكذا كنتُ أريد أن أشرح لكَ كل شيء. كنتَ تعمل عملًا جيدًا كما قُلتَ لي قبل أن أبدوَ غبيًّا، وهذا يُبيِّن أن الإنسان لا يعرف الشخص الذي يخاطبه عندما يشرع في الكلام مع غريب. كان تحتك إذَن عدد كبير من العاملين، أقصد قبل الحرب.»

كان شخصًا مرِحًا ويبدو شديد الاهتمام، ولذا أعترف بأنني أمضيتُ بعض الوقت وأنا أحكي له عن «دارلنجتون هول» في سابق أيامه. كنتُ في الأساس أحاول أن أنقل إليه بعض «الخبرة» كما قال؛ الخبرة المُتضمَّنة في مشاهدة الأحداث الكبرى كتلك التي تمرُّ علينا.

أظنُّني حتى قد بُحتُ له ببعض أسراري المِهْنيَّة لكي أجعل العاملين يُبرزون ما لديهم من إمكانيات، إلى جانب «خفة اليد» التي تشبه خفة يد الساحر، والتي يتمكن بواسطتها رئيس الخدم من أن يجعل الأشياء تحدث في الوقت والمكان المناسبَين، دون أن يلحظ الضيوف أيَّ تعقيدات أو مناورات وراء العملية. وكما أقول؛ فإن رفيقي هذا كان شغوفًا، بحق، ولكنني شعرتُ بعد فترة بأنني قد بُحتُ بما يكفي، ولذا أنهيتُ كلامي بقولي: «ولا شكَّ في أن الأمور اليوم مختلفة تحت صاحب العمل الجديد، فهو رجل أمريكي.»

«أمريكي؟ هه! إنهم فقط مَن يستطيعون ذلك الآن. بقيتَ أنتَ إذَن مع القصر، جزءًا من الصفقة!» واستدار وابتسم.

«نعم!» قلتُ وأنا أبتسم أيضًا: «كما قُلتَ؛ أنا جزء من الصفقة!»

عاد الرجل بنظرته المحدقة إلى البحر مرةً أخرى، أخذ نَفَسًا عميقًا وتنهَّد بارتياح. ثم بقينا جالسَين معًا في هدوء عِدَّة لحظات أخرى. بعد فترة قُلت: «الحقيقة أنني قدَّمتُ كل ما في وسعي ﻟ «لورد دارلنجتون»، أعطيتُ كل ما أستطيع، والآن … حَسَنٌ! … أجد أنه لم يبقَ لديَّ الكثير الذي يمكن أن أقدِّمه.»

لم يقُل الرجل شيئًا، هزَّ رأسه فاسترسلتُ: «منذ أن وصل صاحب العمل الجديد، «مستر فراداي»، وأنا أحاول بكل جهدي، بكل جهدي فعلًا، أن أقدِّم له الخدمة التي أتمنَّى أن يجدها. أحاول وأحاول، ولكنني مَهمَا فعلتُ أجدني أبعد ما أكون عن المستوى الذي حددتُه لنفسي؛ أخطاء أكثر فأكثر بدأت تظهر في عملي. صحيحٌ أنها أخطاء تافهة في حدِّ ذاتها، على الأقلِّ حتى الآن، ولكنها من النوع الذي كان من المستحيل أن يحدث في السابق، وأعرف معناها ودلالاتها. يعلم الله أنني قد حاولتُ وحاولت … لكنْ لا فائدة. قدَّمتُ كل ما كان يجب عليَّ أن أقدِّمه إلى «لورد دارلنجتون».»

– يا إلهي! هوِّن عليكَ يا رجل، لا بدَّ من أنكَ تريد منديلًا الآن. لديَّ واحدٌ هنا … تفضَّل! نظيف إلى حدٍّ ما، لقد تمخطت مرةً واحدةً هذا الصباح … تفضَّل.

– شكرًا … شكرًا … أنا الآن بخير، ومعذرةً! يبدو أنني مُرهَق من … آسف جدًّا!

– لا بدَّ من أنكَ كنتَ مُتعلقًا بذلك «اللورد» على نحوٍ ما. وقد مرَّت الآن ثلاث سنوات على موته كما تقول، أرى أنكَ كنتَ مرتبطًا به يا صديقي!

– «لورد دارلنجتون» لم يكُن رجلًا سيئًا، لم يكُن إنسانًا سيئًا بالمرة، كان لديه على الأقلِّ ميزةُ أن يعترف في أواخر أيامه بأنه كانت له أخطاء. سيادة «اللورد» كان رجلًا شجاعًا، اختار نهجًا خاصًّا في الحياة. نهجٌ خاطئ فعلًا، ولكنه هو الذي اختاره، وكان يستطيع على الأقلِّ أن يقول ذلك. أمَّا بالنسبة لي فأنا لا أستطيع أن أدَّعيَ ذلك. كان لديَّ ثقة في حكمة سيادته. على مدى السنوات التي كنتُ أخدمه فيها كنتُ أثق بأنني أفعل شيئًا ذا قيمة. لا أستطيع حتى أن أقول إنني ارتكبتُ أخطاء. حقًّا! المرء لا بدَّ من أن يسأل نفسه: أيُّ نوع من «الكرامة» هذا؟!

– الآن … انظر يا صديقي … لستُ واثقًا من أنني أتابع كل ما تقول، ولكنك إذا سألتَني فسأقول لكَ إن موقفك كله خطأ. انتبه! لا تنظر خلفك طول الوقت، وإلا فسوف تُصاب بالاكتئاب. حَسَنٌ! إنكَ لا تستطيع أن تؤدِّي عملك كما كنت، ولكن ذلك هو حالنا جميعًا. كلنا لا بدَّ من أن نستريح يومًا ما. انظر إليَّ مثلًا؛ أنا سعيد مثل البلبل منذ أن تقاعدت. حَسَنٌ! إذَن لا أنا ولا أنت الآن كما كنَّا في ريعان الشباب. لا بدَّ من أن تنظر دائمًا إلى الأمام بأمل، تتطلع إلى القادم.

وأعتقد أنه قال: «لا بدَّ من أن تُمتع نفسك. المساء هو أفضل جزء من اليوم. لقد أدَّيتَ عملكَ اليومي، انتهيتَ منه، لا بدَّ إذَن من أن تستريح وتستمتع، هكذا أنظر أنا إلى المسألة، واسأل أيَّ شخص … الكل سيقول لك ذلك؛ المساء هو أفضل جزء من اليوم كله.»

قلت: «أنا متأكد أنكَ مُحِق، أعتذر لك، ولا بدَّ أنني مُرهَق جدًّا. مُرهَق. قضيتُ وقتًا طويلًا في السفر كما ترى.» أنا هنا الآن وقد مرَّت عشرون دقيقةً منذ أن انصرف الرجل، ولكنني بقيتُ على هذا المقعد في انتظار الحدث الذي وقع الآن … أقصد إضاءة أنوار اللسان. وكما أرى من حولي؛ فإن سعادة الباحثين عن الفرح، والتي استقبلوا بها الحدث، هي أقوى دليل على صدق كلمات صاحبنا. المساء أفضل أجزاء اليوم بالفعل عند معظم الناس، ربما كان في نصيحته شيء يجب أن أتوقَّف عن العودة إليه كثيرًا، وهو أنني يجب أن تكون لي نظرة إيجابية، وأن أحاول الاستفادة قدْر الاستطاعة ممَّا تبقَّى من اليوم. ماذا تفيدنا العودة باستمرار إلى الماضي ولَوْم أنفسنا إذا كانت حياتنا لم تمرَّ هادئةً كما كنَّا نتمنَّى؟ الحقيقة الصعبة بالتأكيد هي أنه بالنسبة لأمثالك وأمثالي ليس أمامنا سوى خيار بسيط، هو أن نترك مصيرنا بالكلية في أيدي أولئك السادة الكبار عند صرَّة هذا العالم، الكبار الذين يوظفون خدماتنا. ما جدوى أن نزعج أنفسنا كثيرًا بما كان ينبغي أن نفعل أو ألَّا نفعل لكي نتحكم في مسيرة حياتنا؟ يكفي بالتأكيد أن أمثالك وأمثالي حاولوا على الأقل أن يجعلوا ما يُقدِّمونه شيئًا حقيقيًّا، وإذا كان بعضُنا مستعدًّا للتضحية بالكثير في الحياة لتحقيق طموحاتهم، فالمؤكَّد أن ذلك في حدِّ ذاته سبب للشعور بالراحة والكبرياء … مَهمَا كانت النتائج.

منذ دقائق قليلة، وبالمصادفة، بعد أن ظهرَت الأنوار، استدرتُ على مقعدي قليلًا لكي أراقب عن كثب جماعات الناس الذين كانوا يضحكون ويتسامرون ورائي. بشر من كل الأعمار يجولون على اللسان؛ أُسَر بأطفالها، أزواج، كبار وصغار … كلهم يسيرون معًا. هذه جماعة من ستة أو سبعة أشخاص تجمَّعوا ورائي على مسافة قريبة، وقد أثاروا فيَّ بعض الفضول، تصوَّرتُهم في البداية جماعةً من الأصدقاء يقضون المساء معًا.

لكنني عندما استمعتُ إلى حوارهم اكتشفتُ أنهم غرباء التقَوا هنا بالمصادفة في تلك المنطقة ورائي. واضحٌ أنهم كانوا هنا لحظةَ إضاءة الأنوار، ثم أخذوا يتكلمون معًا. أراهم الآن يتضاحكون في بهجة ومرح. شيء غريب أن يستطيع الناس خَلْق ذلك الدفء بينهم بهذه السرعة. ربما يكون الشيء الذي جمع بينهم أنهم جميعًا كانوا ينتظرون حلول المساء، ثم إنني أعتقد أن لذلك أيضًا صلة بالقدرة على الممازحة، أستمع إليهم فأجدهم يتبادلون النوادر والنكات، وهي طريقة أعتقد أن معظم الناس يريدون أن يتَّبعوها. ربما كان رفيقي الذي كان جالسًا هنا على المقعد من وقت قصير يريدني أن أمزح معه، وربما أكون قد خيَّبتُ أمله، وربما يكون قد حان الوقت لأفكر في المسألة كلها؛ مسألة الممازحة، أفكر فيها باهتمام أكبر. عندما يفكر المرء في ذلك، يجد أنه ليس أمرًا سيئًا، وخاصةً إذا كان المزاح هو مفتاح الدفء الإنساني.

أحيانًا أعتقد أن الممازحة واجب ثقيل قد يتوقَّعه صاحب العمل من محترف يعمل لديه. لقد كرَّستُ وقتًا طويلًا بالطبع من أجل تحسين قدراتي أو مهاراتي في الممازحة، ولكنْ ربما لا أكون قد تعاملتُ مع ذلك بالالتزام الواجب، وربما أبدأ المِران بحماس جديد عندما أعود إلى «دارلنجتون هول» غدًا، «مستر فراداي» نفسه لن يعود قبل أسبوع. أتمنَّى عندما يعود صاحب العمل أن أكون قادرًا على إثارة دهشته.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤