اليوم الحادي والعشرون (الخميس ٣ مايو سنة ١٩٠٠)
الكمال لله وحده! فهذا المعرض قد فتحوه رسميًّا، ودعوا إليه كافة الأمم والشعوب، ولكن شتان بين الرسمي والواقعي، فإنه لا يزال للآن غير مستوفى، وأينما سار الإنسان فيه وجد في طريقه آلافًا وأصنافًا من الفعلة والعمال، وكلهم مجدٌّ في إنجاز عمله وإبداعه على أبدع مثال، وإني أنصح القراء الذين يستطيعون سبيلًا إلى هذا الحج المدني المختلط أن يتربصوا قليلًا بل طويلًا، حتى يستكمل المعرض معدّاته، ويبرز للعيون في أكمل حالاته.
ولقد طُفْتُه مرارًا عديدة، لترتسم صورته العمومية في مخيّلتي، ولكن كان يحول دون المرام، وجود السقائل والأخشاب، وارتفاع الغبار والتراب، وانسداد الطريق المستقيم، وانحجاب أغلب المعروضات عن العين، فكنت بعد التَّعَب والنَّصَب، أؤوب بصفقة المغبون وأقول: إن غدًا لناظره قريب.