المحاورة الرابعة والعشرون
١٩ من نوفمبر ١٩٤١م
في ليلة عيد الشكر تناولتُ العَشاء مع آل هوايتهد في كمبردج. ولما تقدم المساء بحَثْنا فيما إذا كان بالإنجيل عونٌ كبير لقوم مثلِنا خلال الاضْطِرابات العالمية الراهنة. وقال: إنه لم يعد فيه له شيء كثير في أية ناحية من النواحي. وذكرتُ له الكلمات المباركة في إنجيل متَّى، وبعضَ أقوال يسوع، وقصة اليشع فوق جبل كرمل.
قال: «إنها قصة عظيمة، ولا شيء غير ذلك.»
قلت: «إن الرجلَين اللَّذَين لم يُخيِّبا ظني قط، هما بيتهوفن وأفلاطون.»
فأجاب في هدوء: «إن أفلاطون هو الرجل العظيم.»
وسألتُه: ماذا كان يقرأ؟
فأجاب في شيء من التعب: «إنني في حالة إجهاد عجيبة. ومن ثَم فإنه من العسير أن أقول لك ماذا أقرأ؛ فأنا أحاول موضوعًا حينًا، وموضوعًا آخرَ حينًا آخر.»
وقالت: «وقد يصيب أو يخطئ.»
وتحدثنا عن رجال الدين البروتستانت، وذكر أن جماعةً من القسيسين جاءوا إليه، فبهَرَته قدرتُهم الفائقة، وألْفاهم «أحرارًا، واسِعي الأفق، مستعدِّين لمجابهة المواقف، واعتقدت أنهم — كمجموعة — أرقى من هيئة التدريس بهارفارد.»
وكان الجدل بين ثلاثتِنا.
– «وتسألني: مَن ذا الذي يؤيد رأيي في هذه الأيام السيئة؟»
لقد تخلَّى عن الإنجيل. وقلت: إن جمال الطبيعة يهَبني بين الحين والآخر لحظاتٍ من الطمأنينة. إن الخضرة المتلألئة لأمواج البحر المتكسِّرة التي تومض قبل أن تُرغيَ بلحظة، سيظل هذا المنظر جميلًا بعد اليوم بمائة ألف عام. إنه الخير والحق، ولا يقتضيني شيئًا. ويُباح لي دون قَيد أن أغترف من صفته الأبدية.
قال: «إن بعض ما يسندني بقوة أستمِدُّه من الشعراء الإنجليز. ولا أذكر منهم شعراء القرن الثامن عشر، وبوب خاصة، وإن كنتُ أحب الرجل الذي صوَّر المقبرة — ما اسمه؟ جراي — ولكني أقصد رجال القرن التاسع عشر والسابع عشر.» ثم تحدث وهو في حالة من الإجهاد قائلًا: «ومهما يكن من أمر، فإن خبراتي منذ الحرب العالمية الأولى جعلَتني أجد قراءة الشعر اليوم أمرًا شاقًّا. فإذا كان لديك المشاعر التي يُحاولون تصويرها، وإذا أحسستَ بالفعل إحساسًا عميقًا، وجدت أن الشعر لا يُترجِم عنها.»