بائعة الهوى
غَانِيَةٌ مِنْ بَائِعَاتِ الهَوَى
فِي بُرْدَتَيْهَا كُلُّ غَضٍّ جَمِيلْ
كَانَ عَلَيْهَا حُسْنُهَا فِي الصِّبَى
وَيْلًا، فَضَّلتْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلْ
مَالَتْ، وَقَالَتْ: أَنْتَ يَا شَاعِرِي
صِفْنِي، وَقُلْ هَلْ لِقَوَامِي مَثِيلْ؟
أَلَيْسَ غَضًّا؟ قُلْتُ: لَمْ تُخْطِئِي
لَكِنَّهُ لِكُلِّ رِيحٍ يَمِيلْ!
قَالَتْ: وَعَيْنِي؟ إِنَّهَا نَجْمَةٌ
رَجْرَاجَةٌ فِي ظِلِّ جَفْنِي الكَحِيلْ
قُلْتُ: جَمَادٌ كَنُجُومِ الدُّجَى
عَيْنُكِ، لَا رَحْمَةٌ فِيهَا تَسِيلْ!
قَالَتْ: وَشَعْرِي كَالدُّجَى فَاحِمٌ
يَغْفُو بِهِ الصَّبُّ بِلَيْلٍ بَلِيلْ
فَقُلْتُ: لَمْ يَسْوَدَّ لَوْ لَمْ يَقَعْ
عَلَيْهِ مِنْ رُوحِكِ ظِلٌّ ظَلِيلْ
قَالَتْ: وَقَلْبِي؟ إِنَّهُ طَائِرٌ
فِي نَبْضِهِ شَدْوٌ وَفِيهِ عَوِيلْ
فَقُلْتُ: حَقًّا إِنَّهُ طَائِرٌ
فَهوَ عَلَى كُلِّ السَّوَاقِي نَزِيلْ!
•••
قَالَتْ: وَخَدِّي؟ إِنَّهُ وَرْدَةٌ
مَا خُلِقَتْ كَغَيْرِهَا لِلذُّبُولْ
قُلْتُ: هُوَ الوَرْدَةُ، لَكِنَّهَا
مُشَاعَةٌ لِكُلِّ بَاعٍ يَطُولْ!
قَالَتْ: وَجِسْمِي؟ فَهوَ ذَوبُ النَّدَى
قُلْتُ: لَوِ العِفَّةُ فِيهِ تجولْ!
كَانَ نَقِيًّا كَالنَّدَى، إِنَّمَا
أَلْقَتْ بِهِ الشَّهْوَةُ بَيْنَ الوُحُولْ!
قَالَتْ: وَثَغْرِي؟ عِنَبٌ أَحْمَرٌ
لَاثِمُهُ يَعْصُرُ مِنْهُ الشَّمولْ
قُلْتُ: وَلَكِنِّيَ مَا ذُقْتُهُ
يَوْمًا فَلَا أَعْلَمُ مَاذَا أَقُولْ!
قَالَتْ: وَلَكِنِّيَ فَتَّانَةٌ
تُؤْخَذُ مِنْ سِحْرِ جَمَالِي العُقُولْ
فَقُلْتُ: حُسْنُ الجِسْمِ فَانٍ، وَمَا
مِنْ دَوْلَةٍ لِلْحُسْنِ إِلَّا تَدُولْ
غَيْرَ جَمَالِ النَّفْسِ بَيْنَ الوَرَى
فَهوَ جَمَالٌ خَالِدٌ لَا يَزُولْ
•••
فَيَا لَهُ مِنْ مَجْلِسٍ لِلْهَوَى
مَا كَانَ فِيهِ غَيْرُ قَالٍ وَقِيلْ!