العصابة … تلعب لُعبةً أخرى
عندما وصل «أحمد» و«فهد» إلى السيارة، قال «فهد»: أقترحُ أن نرتديَ ملابس الشرطة الفرنسية، خاصة وأنَّ لدينا إذْنًا من السلطات بذلك … ونقوم بنفس الخدعة التي جرَّبناها في مطعم «مكسيم»، إنَّ ذلك يُعطينا فرصةَ الاقتراب من العصابة.
فكَّر «أحمد» لحظة، ثم قال: لا بأس، ولدينا الملابس في حقيبة السيارة.
قال «فهد»: إذَن، علينا أن نبدأ نحن، ثم يأتي «عثمان» و«قيس»، وهكذا.
نفَّذَا الفكرةَ بسرعة، ثم غادرَا السيارة في اتجاه «عثمان» و«قيس». أخبرهما «أحمد» بما يجب عمله، ثم اتَّجهَا إلى الباقين. كانت فكرة ملابس الشرطة العسكرية تُعطيهما فرصةَ التجول في الميدان دون تردُّدٍ.
قال «فهد»: أُفكِّر في مهاجمة مقرِّ العصابة، فالليل أمامنا طويل، ونستطيع كمجموعتَين أن نُحقِّق شيئًا!
ردَّ «أحمد»: لا تنسَ أنَّ مقرَّ العصابة عبارة عن «سوبر ماركت» ضخم، ونحن لا نستطيع أن نهاجم مكانًا للبيع والشراء.
صمَت لحظة، ثم قال: إنَّ فرصتَنا هي أن يفكِّروا في نَقْله إلى مكان آخر.
فجأةً، ظهر جنديان من الشرطة الفرنسية، فقال «فهد» مبتسمًا: لقد تضاعفَت القوة!
لم تمضِ نصفُ ساعة، حتى كان بقية الشياطين يلبسون ملابس الشرطة. في نفس الوقت، كان «أحمد» يفكِّر: هل وجودهم هكذا يُفيد خطَّتَهم؟
نظر إلى «فهد»، وطرح عليه السؤال؛ فردَّ «فهد»: إنَّها ملاحظة جيدة، وينبغي أن يكون وجودُنا محسوسًا.
فجأة، سجَّل جهاز الاستقبال رسالةً. قال «أحمد»: إنَّ هناك رسالةً من «خالد»، ويبدو أنَّ هناك شيئًا جديدًا.
أخذ يقرأ الرسالة، ثم قال: «إنَّ عملية نقل البضاعة سوف تتم بعد قليل.»
فجأةً، ظهرَت سيارةُ نقل كبيرة مقفلة، أخذَت طريقَها إلى «السوبر ماركت»، حتى توقَّفت عنده، فتحَت أبوابها، وبدأ بعض العمال ينقلون صناديق مقفلة إلى داخل «السوبر ماركت». كان الشياطين يقفون في نُقَط مراقبة متباعدة، يرقبون حركة النقل.
همس «أحمد»: من المؤكد أنَّ شيئًا سوف يحدث.
سأل «فهد»: ماذا تقصد؟
أجاب «أحمد»: أظن أنَّ «جان بريم» سوف يكون بين هذه الأشياء.
استغرق «فهد» في التفكير، ثم قال: إنَّها فكرة جيدة!
ظلَّت حركةُ نقلِ الصناديق المغلقة مستمرَّة إلى داخل «السوبر ماركت». ثم بدأت حركةٌ عكسية، كانت صناديقُ أخرى تخرج من «السوبر ماركت» إلى عربة النقل. كان «أحمد» يراقب ما يدور جيدًا، كان يقول في نفسه: إنَّ حجم الصناديق يمكن أن يُحدِّد الخطة.
لكن الصناديق كلها كانت في حجم واحد، متوسط، حتى إنَّ «فهد» قال: هل يمكن أن يكون هذا الحجم كافيًا لإخفاء إنسان؟!
كان «أحمد» مستغرقًا في المراقبة، وهو يفكِّر: إنَّ طريقةَ حمْلِ الصندوق، وثِقَلَه يمكن أن يكشفَا اللُّعبة.
وكما توقَّع تمامًا، خرج اثنان من العمال، يحملان صندوقًا، لكن كان يبدو أنَّه ثقيل.
فكَّر «أحمد»: هل يكون «جان بريم» داخل هذا الصندوق؟
لكن فجأةً، ظهر اثنان آخران يحملان صندوقًا مشابهًا بنفس الطريقة. قال «أحمد» في نفسه: إنَّهم يُنفِّذون الخطة بذكاء شديد. ثم ظهر صندوقٌ ثالث ورابع. همس «أحمد»: إنَّهم يُنفِّذون خطَّتَهم بحرص كامل.
سأل «فهد»: ماذا تقصد؟
شرح له «أحمد» وجهةَ نظرِه، كان «فهد» يستمع جيدًا، فقال له معلِّقًا على كلامه: هذه فكرة مذهلة!
فجأةً، أقفلَت العربية أبوابَها، وقفز فيها العمَّال، ثم بدأَت تتحرك. قال «فهد» بسرعة: إنَّهم سوف يُفلِتون منَّا.
قال «أحمد»: ينبغي أن نفعل شيئًا.
تحرَّك من مكانه إلى منتصف الميدان، حيث تمرُّ العربة. في نفس الوقت، كان بقية الشياطين يراقبون الموقفَ. عند منتصف الميدان، وقف «أحمد»، ومعه «فهد»، وأشار للعربة أن تقف، فتوقفت. اقترب «أحمد» من السائق، وقال: هل تحمل أوراقًا خاصة بالنقل؟
ردَّ السائق: لا، يا سيدي.
سأل «أحمد»: ما هي وِجْهتكُم؟
قال السائق: بوردو.
سأل «أحمد» مرة أخرى: ماذا تحملون؟
ردَّ السائق: بضائع.
قال «أحمد»: ينبغي أن نرى.
ابتسم السائق، وقال: أمْرُك يا سيدي.
كانت ابتسامة السائق تُوحي بالثقة، في حين فكَّر «أحمد»: هل تكون هذه ابتسامة تمثيلية يُخفي بها العملية، أو أنَّها ابتسامة حقيقية؟ لكنَّه اتجه إلى مؤخرة السيارة، حيث البابان الكبيران. فتح السائق البابَين، ألقى «أحمد» نظرةً على الصناديق التي تملأ العربة. في نفس الوقت، أسرع «فهد» وأخرج من جيبه جهازًا صغيرًا، ضغط زرًّا فيه، ثم بدأ يمرُّ على الصناديق الواحد بعد الآخر، ابتسم السائق، وقال: إننا لا ننقل موادَّ متفجرة!
قال «أحمد»: إنَّه نوع من الحرص، فمَن يدري؟!
قال السائق بنفس ابتسامته: إنَّها موادُّ غذائية للاستهلاك فقط.
فلم يردَّ «أحمد». في نفس الوقت الذي استمرَّ فيه «فهد» بالمرور على الصناديق بجهاز الكشف. فجأةً، ظهرت عربةٌ مُماثلة، تقطع الميدان من الجانب الآخر. فقال السائق: هذه عربةٌ أخرى، سوف تقوم بنقل موادَّ من نفس النوع.
ردَّ «أحمد»: لا بأس.
اقترب «فهد» من «أحمد»، وقال: لا شيءَ يا سيدي.
نظر له لحظة، ثم قال للسائق: يمكن أن تمرَّ.
قال السائق مبتسمًا: شكرًا يا سيدي، ونأسف إن كنَّا سبَّبنا لك هذا الإزعاجَ.
ثم ركب العربة، وانصرف. في نفس الوقت الذي كانت فيه العربة الأخرى قد أخذَت مكانها، وبدأت حركةُ النقل الجديدة.
فكَّر «أحمد»: لو كانوا ينقلون موادَّ استهلاكية، فماذا في الصناديق الداخلة إلى «السوبر ماركت»؟
طرح السؤال على «فهد»، الذي قال: ربما ينقلون موادَّ مخزونة ويضعون بدلًا منها موادَّ لا تزال جديدة الإنتاج.
هزَّ «أحمد» رأسَه، ولم ينطق. ثم اتجهَا معًا إلى العرَبة الأخرى. كان «أحمد» يُقلِّب الأمور في رأسه، ثم قال ﻟ «فهد»: هل تظن أنَّ هذه حركة حقيقية، أو أنَّها خدعة؟
ردَّ «فهد»: أظن أنَّها خدعة، وإلا، فلماذا هذه الحركة كلها؟!
ثم تساءل بعد لحظة: هل تظنُّ أننا خُدِعنا فعلًا، وأنَّ الشياطين قد سجلوا إشارة خاطئة؟
قال «أحمد»، في هدوء: أخشى أن يكون حقيقة.
فجأةً، جاءت رسالة إلى «أحمد»، تلقَّاها، ثم قرأها ﻟ «فهد». كانت الرسالة تقول: إنَّ «جان بريم» لا يزال في المخزن، ولن يكون في صندوق كما تتصورون.
ملأت الدهشةُ وجهَ «فهد»، وقال: هل هذا يعني أنَّ «جان» سوف يظل في مخزن «السوبر ماركت»؟!
فكَّر «أحمد» لحظةً، ثم قال: إنَّ «خالد» يقصد شيئًا آخرَ.
تساءل «فهد»: ما هو؟
ثم فجأةً، قال: هل يمكن أن يخدعَنا هو الآخر؟!
ابتسم «أحمد»، وقال: إنَّه لن يخدعَنا، إنَّه فقط سوف يضطر لذلك.
ثم قال بسرعة: لكننا يجب أن ننتبه جيدًا.
أسرع «أحمد» بإرسال تعليمات إلى بقية الشياطين، حتى يكونوا جاهزين، وأن يكونوا في منطقة قريبة من العربة؛ فقد فكر «أحمد» جيدًا في كلمات «خالد»، وتوصَّل إلى الحقيقة، أنَّ الشياطين سوف يقعون في خدعة جديدة، لكن الخدعة لن تمرَّ عليهم.