حسن عبد الباسط الحُوَي
وكانت تمرُّ عليهم ليالٍ يقترحون فيها ارتجالَ الشعر، ويُعيِّنون عددَ الأبيات والوقت الذي يجب نظمُها فيه، فكان أحدهم إذا تعذَّرت عليه قافيةٌ وأعجله الوقتُ ارتجل كلمةً لا معنَى لها أو في معنًى لا يُوافق السياق وتمَّم بها البيتَ، فاجتمعت لهم من ذلك ألفاظٌ غريبة مضحكة سمَّوها بالألفاظ المربدية.
ثم تنقَّلت الحال بالمترجم، فاستُخدم معاونًا بمديرية الشرقية، ثم فُصِل فضاق به العيش، وفتح حانوتًا بالزقازيق للصيدلة القديمة المسمَّاة الآن بالعطارة، وكان أمرُه بها عجبًا؛ فإنه اقتنَى كُتبًا مثل مفردات الطب وقانون ابن سينا، وصار إذا طلَب منه أحدُهم بيْعَ عقَّار من العقاقير سأله عن سبب حاجته إليه، وقام إلى تلك الكتب فاستخرج له منها مزاياه وما يُداوى به من العِلل، وبقي مدة على ذلك حتى توفاه الله بعد سنة ١٣٠٠ﻫ.
ومن شعره يمدح محمدًا فتح الباب أفندي كبير كُتَّاب ديوان البحر:
وكان رحمه الله على خُبث لسانه، طرفةً من الطُرف، وأعجوبةً من العجائب، في حُسن المنادمة وحضور الذهن وسرعة الجواب.
رآه مرة بعضُهم وهو مسافر إلى الزقازيق في القطار، ومعه جرابٌ يحمله بيده، فقال له مداعبًا: أظنُّ هذا جراب الحاوي، أي: المشعبذ.
فقال: لا يا سيدي، هذا جراب الحُوَيِّ.