علي حيدر
كان الشريفُ علي حيدر من الأسرة التي تولَّت إمارة الحرمين الشريفين فينتمي سُمو الأمير علي حيدر إلى أسرة آل زيد الذين حكموا الحجاز إلى سنة ١٢٥٠ﻫ، وانتهى هذا الحكمُ بإلقاء القبض على الأمير الشريف غالب الذي نُفي هو وأولاده السبعة وحاشيته وعددها أربعة وثلاثون شخصًا إلى سلانيك فتُوفُّوا جميعًا في يوم واحد، فعينت الدولة العثمانية بعده بمدة وجيزة الأميرَ الشريف محمد عبد المعين بن عون جد الملك الحسين والأشراف المقيمين في جهات القبة.
ويجتمع نسبُ آل زيد وآل عون بعد اثنَي عشر جدًّا، فلم يكن لأسرة آل عون حكمٌ في الحجاز إلا بعد تلك الحادثة التاريخية؛ فلذلك وقعت منازعةٌ بين الفريقين بسبب الحكم، فكانت الدولة العثمانية تُعيِّن أمراء مكة من هذه العائلة أي من أسرة آل عون حتى الحرب العظمى.
وعلى أثر ثورة الملك حسين بنهضته المعروفة وإعلان استقلاله عن الخلافة عيَّنت الحكومة في سنة ١٩١٥م سُموَّ الأمير الشريف علي حيدر أميرًا بدلًا من الحسين، تلقَّى علومَه في السراي السلطانية مع أمراء آل عثمان، فهو يُحسن اللغات العربية والتركية والفرنسية والإنكليزية، ومشغوفٌ بالرسم والموسيقى أيضًا، وكان عضوًا بمجلس الشيوخ العثماني ووزيرًا للأوقاف، وأميرًا على مكة، هو ذو شخصية قوية ولا يضارعُها أحدٌ من أبناء عشيرته.
وقد كان تعيينُه شريفًا للحجاز مما صدَر به الأمر ولم يُنفَّذ لانكسار الدولة في الحرب العظمى واستقلال الشريف حسين بالحجاز.
كما أنه قد أُشيع العزمُ على انتخابه ملِكًا على سورية سنة ١٣٤٨ﻫ، وهو ابنُ الشريف عبد المطلب.
وقد كان محبًّا للعلم والعلماء، ولوعًا بكل ما يُكسب المرء إجلالًا واحترامًا، لاتصافه بالأخلاق الطيبة والمزايا الحميدة، وفي عطفه على الضعفاء والبائسين، والاجتهاد في الدأب وراء ما يُفيد الناس في دنياهم وأُخراهم بما يبذله من برٍّ وإحسان، منفقًا في سبيل الله ما وسعه الجهد وما وجد إلى ذلك سبيلًا.
كما كان يميل إلى جمْع نفائس المؤلفات من مخطوطات نادرة ومطبوعات قيِّمة، حتى إنه ترك مكتبة زاخرة بشتى المؤلفات الفريدة في نوعها، وكانت مضربَ الأمثال بما احتوته من المصنفات التي يندرُ وجودُها في كبرى المكتبات الأخرى.