محور فن الحب
ينطوي فن الحب على اكتشافٍ مستمر لمزايا المرأة والرجل، وهو فن الإبقاء على الحب أكثر منه إيقاظًا وإثارة له، ويقول بعضهم: «إن بقاء الزوج إلى جانب الزوجة على صورةٍ دائمة قد يؤدِّي إلى فُتور الحب بينهما.» وفي هذا شيء من الصحة إذا كان الحب بينهما لا يقوم على أُسسٍ عميقة مَتينة، أما إذا كان الحب قويًّا راسخ الأسس ثابت الأركان، فيكون القرب غذاءً للحب وللسعادة الزوجية. ويقول أرباب الرأي الأول: «إن غياب الزوج أو الحبيب عن الزوجة أو الحبيبة في فتراتٍ مُتقطعة، تجعلهما يتذوَّقان في كل لقاء طعم شهر العسل؛ وبهذا يستمر معهما مدى الحياة.» ولكن كما أن لدوام القرب أخطاره في نظر هؤلاء، فللغياب أخطاره أيضًا، وقد يخلق الغياب الغيرة عند الزوجة أو الزوج، والغيرة مسألةٌ حيوية في فن الحب، وهي عاطفة أو شعور ينطوي على الخوف من فقد شيء عزيز يغتصبه منه مُنافس، هو شعورٌ مُناوئ للروح الاجتماعية، ولو أنه يُعدُّ من قِبل بعضهم سببًا في نمو الإخلاص والعفة. وقد تكون الغيرة سببًا في إثارة العذاب والقلق، ولكنها قد تخدم أيضًا نمو الفضائل الجنسية وتصونها، وقد تُحوِّل الغيرة البيوت الهانئة السعيدة إلى جحيم من الشِّقاق والكراهية، بل قد تهدمها. هناك أزواجٌ يكرهون من يبتسم لزوجاتهم، وأخرياتٌ يغَرْن من رفيقاتهنَّ، وآخرون من اهتمام زوجاتهم بأولادهن، وهناك زوجات يغَرْن من رفقاء أزواجهنَّ، أو من كل امرأة، وربما من كلاب أزواجهن، ويعتقدن أن واجب الزوج، إذا كان يُحب زوجته حقًّا، أن يكون وقفًا عليها دون غيرها، كما يعتقدن أن من واجب الزوج إبداء الإعجاب بزوجته فقط دون سواها، وأن يقطع علاقاته مع أصدقائه القدماء، وألا يتخذ أصدقاء جُددًا. والحقيقة أن الغيرة لا تحرم صاحبتها أو صاحبها من الاستمتاع بقسطٍ أوفر من الحب، بل على النقيض قد تصبح مكروهة أو يصبح مكروهًا من جرَّاء هذه الغيرة المُتعِبة. والغيرة قد تُشجِّع الرياء والنفاق بين الزوج والزوجة، ومهما كانت ميزاتها ونقائصها فهي لا تتفق مع اتجاهات الحضارة الحديثة.
الحب والإنصاف من الدعائم الشريفة للزواج الحديث، فيجدر أن يكون كلٌّ من الزوجة والزوج بعيدًا عن الكذب والخداع، عميق الثقة، مُخلِصًا مُقدِّرًا للظروف.
والإخلاص هو السبيل الوحيد لقمع الغيرة.
وثمةَ مسألة الزواج بامرأةٍ واحدة، وضرر تعدُّد الزوجات والصديقات. إن أضعف ناحية وأخطرها في الزواج من واحدة هو الاتجاه نحو الانزواء عن المجتمع على حساب العالم الخارجي، ولا شك أن الأسرة عاملٌ اجتماعي ذو أثر عظيم في إنجاب أطفال يصبحون من مُواطني المستقبل، إلا أنها من ناحيةٍ أخرى، وبمعنًى خاص، عاملٌ مُقاوم للروح الاجتماعية؛ لأنها تميل إلى استغلال قسم كبير من الجهود التي يحتاج إليها المجتمع حين يكثر النساء ويحتجن إلى العائل، وحين يقلُّ المواليد ويفنى الشبان في الحرب، ويحتاج المجتمع إلى كثرة المواليد.