الأمراض العضوية
تُعالَج الأمراض العضوية أو الجسمانية علاجًا جسمانيًّا طبعًا، ولكن هذا لا يُعنى به أن الأمراض الجسمانية العضوية لا يكون مصدرها نفسيًّا، إنما الحقيقة على النقيض من ذلك؛ إذ إن أفكار الشخص ووجداناته وانفعالاته ذات أثر فعَّال في التغييرات الفزيولوجية في الجسم. مثال ذلك أن الأمل يُنبِّه الدورة الدموية، ويزيد أعضاء الجسم تأديةً لوظائفها، ومنظر الطعام يُضاعفه نشاط الغُدد الغذائية، فيزداد اللعاب والعصارة المَعدية. صحيحٌ أن فكر المريض لن يشفي قُرحة في المُصْران الأعور، بيْدَ أن تشجيع الطبيب وكياسته وحسن سياسته كلها عوامل فعَّالة في الشفاء. وكثيرًا ما يكون الأمل والتشجيع وإدخال السرور على المريض من الأسباب التي تبعث بالهواء النقي والدم إلى أقصى مكان في رئتَيه، وتُنعِش دورته الدموية، وقد تشفيه أحيانًا من داء السُّل الرئوي. وكثيرًا ما يتنافس الجسم والسرطان، ويُحاول كلٌّ منهما اغتصاب القُوى الغذائية من الآخر، ولكن حيوية المريض تعلو بالإيحاء، وقوة المُقاومة تزداد بالأمل والبِشر والرجاء، فيتغلَّب الجسم على السرطان، ولكن ليس معنى هذا أن يُهمِل الطبيب علاج المريض بالوسائل الطبية المعروفة، ويلجأ إلى الإيحاء أو الصلاة أو التشجيع أو غير ذلك. وينبغي ألا ننسى كذلك أن الأمراض العضوية — أو الجسمانية — كثيرًا ما يتأتَّى عنها أمراضٌ عقلية أو خُلقية كما في بعض حالات الجنون، والمريض في هذه الحالات يجب أن يُعالَج قبل كل شيء بالوسائل الطبية المعروفة.