الأمراض الوظيفية العصبية
- أولًا: أن الشلل أو فقدان البصر مثلًا في الأمراض العضوية ناتج عن تغيير في تركيب الجسم؛ أي إصابة في المخ في حالة الشلل، وفي العين أو الأعصاب المتَّصِلة بها في حالة فقدان البصر. في حين أن الأمراض الوظيفية أو العصبية لا يوجد فيها تغيير مُطلَقًا في تركيب الجسم، ولا توجد إصابة في الجسم على الإطلاق، كل ما هنالك أن العضو لا يقوم بوظيفته؛ أي إن العيب ليس في الجسم ذاته، وإنما في القوة الخفية التي بغيرها لا يؤدِّي العضو وظيفته، وهذه القوة هي ما نُعبِّر عنها بالحياة العقلية «النفسية» والوجدانية.
- ثانيًا: أن الأمراض العضوية تختلف عن الوظيفية، ليس في أصلها وحسب، وإنما أيضًا في آثارها، قد تتشابه الأعراض في الظاهر، ولكن الطبيب الإخصائي يستطيع التفريق بينهما.
ومن المهم التفريق بين الأمراض الخلقية والأمراض العصبية «الوظيفية»؛ ذلك أن الأمراض الخلقية نحكم عليها بمقاييس السلوك التي يُقرُّها المجتمع، أما الأمراض الوظيفية فنحكم عليها بمقاييس صحية معروفة. حقيقةٌ أن أسباب هذَين النوعين من الأمراض مُتشابهة، وهي العقدة النفسية المكبوتة، ولكن أعراضها تختلف كل الاختلاف؛ فالأمراض العصبية تكون أعراضها بدنية وعقلية «نفسية» كالنوراستانيا والهستيريا، أما الأمراض الخلقية فأعراضها اضطرابات في سلوك الشخص وعلاقاته بالآخرين. مثال ذلك ما شرحناه في الأمثلة السابقة؛ فالميل الجنسي المكبوت إما أن يؤدِّي إلى هستيريا يتسبَّب عنها آلام في مواضع عديدة في الجسم بغير أن يكون لها سببٌ عضوي، وإما أن يؤدِّي إلى انحراف أو شذوذٍ جنسي على غير إرادة المريض. في الحالة الأولى يكون المرض وظيفيًّا «عصبيًّا»، وفي الثانية خلقيًّا.