الملاك الساقط
ما صدقت أن انتهيت في اليوم التالي من عيادة مرضاي حتى توجَّهت إلى منزل إيفون، وأنا شديد الشوق إلى لقائها.
وجدتها أسوأ حالًا من قبل، وعلمت أن نوبة شديدة هاجمتها، وما قعدت حتى بادأتني بالسؤال قائلة: هل رأيت موريس؟
– رأيته أمس وطمأنته عنكِ، إني لأعجب من إعراضك عنه يا مدموازيل إيفون.
فنظرت فيَّ مستغربة ثم قالت: مَنْ قال لك؟
– أصبح موريس صديقًا حميمًا لي وأخبرني بذلك، فلا يسوءك ذلك يا مدموازيل؛ لأنه لا بد لكل عاشق من صديق يسرُّ إليه أخبار حبه تفريجًا لكربه.
– إذا كنت صديق موريس يا دكتور بوشه، فأنت صديقي أيضًا؛ ولذلك أثق بإخلاصك ثقته بك وأسرُّ إليك أن كل بغيتي من مجافاته في الظاهر أن يبقى لخطيبته، التي ستكون نصف حياته المستقبلة؛ لأني أنا لا أبقى له.
– ولكن عقد خطبته انحلَّ.
– أكيد؟ لماذا؟
– اكتشف أهله أن خطيبته ابنة بغيٍّ فحلوا عقد خطبتهما.
– ابنة بغيٍّ؟
– نعم.
– وهو طاوعهم في تركها؟
– نعم لأنه يحبُّك.
فتنهدت إيفون تنهُّدًا عميقًا، وأطبقت جفنيها فخفت أن تنتابها النوبة فسكتُّ، وبعد هنيهة فتحت عينيها وقالت: ما ذنب الفتاة إذا كانت أمها بغيًّا؟ لقد فسد عملي يا دكتور بوشه.
بقيت ساكتًا؛ لأني لم أشأ أن أجرها إلى حديث طويل، وبعد هنيهة قالت: أتسمح لي أن أستودعك وديعة؟
– أحرص على وديعتك حرصي على نفسي يا سيدتي.
فمدت يدها إلى ما تحت مخدتها، وتناولت كتيبًا صغيرًا وقالت: أشعر أن أيامي أصبحت معدودة، فمتى تجردت عن هذه المواد الترابية تدفع هذا الكتاب لموريس، أرجو أن تكتمه عندك إلى ما بعد وفاتي.
– عمر طويل يا مدموازيل، لماذا تتشاءمين؟ إنك صبية ولا خطر عليكِ.
فضحكت قائلة: إن عمري استنفذته كله في شبيبتي القصيرة، فأنا هرمة ولم يعد لي مطمع في الحياة، بل أشتهي الانتقال إلى العالم الثاني حيث أتوقع الرحمة والراحة الدائمة.
بعد ذلك آثرت أن أقصر الكلام معها؛ لأني رأيتها قد أخذت تتأثر، فودعتها بعد ما حقنت ذراعها بالستركنين، وتركت لفانتين الإيضاحات اللازمة.
وصلت إلى البيت وأنا أفكر في الكتاب الذي استأمنتني عليه إيفون، فلم أصبر عن أن أفتحه، أولًا: لأن استطلاع الأسرار داء في كل إنسان، ثانيًا: لأن إيفون لم تشترط عليَّ أَلَّا أفتحه، وثالثًا: لأن نفسي حدثتني أن الاطلاع عليه عاجلًا قد يفضي إلى نتيجة حسنة، فانزويت في غرفتي وجعلت أقرأه كما يأتي:
٦ أبريل سنة …
عزيزي موريس
كانت الأيام الأخيرة تنبئني بدنوِّ أجلي، وإذ كنت أنت الصديق الوحيد الذي عثرت عليه في هذا العالم المفعم من المظالم، والدائر حول محور الاعتساف آثرت أن ألهي نفسي في ساعات أرقي الأليم، بأن أروي لك ما لم تعرفه من تاريخ حياتي القصيرة الزمان الطويلة الحوادث؛ لأني وجدت أن مناجاتك في خلوتي هي التعزية الوحيدة التي بقيت لي في لجج شقائي الطامية، قبيل وصولي إلى شاطئ الحياة الأخرى، لا تظن أن مكايداتك الأخيرة لي غيرت قلبي عليك، كان قلبي لك وسيبقى لك حتى في خلودي إذا التقينا في عالم الأرواح تستقبلك روحي باسمة متهللةً حامدة.
لا تظن أنك أسأت إليَّ فيما فعلته معي، ولا أنك أغضبتني فيما أغظتني؛ لأني كنت أتوقع كل ذلك منك؛ ولهذا اصطنعت من الصبر دروعًا ومن الجلد تروسًا أتلقى بها سهام نقمتك المسددة إليَّ، ونصال سخطك الحادة، اصطنعتها قوية جدًّا؛ لكي تشعث تلك السهام وتثلم تلك النصال بل تردها مكسرة.
وقد قوَّاني على تحملها منك بالرضا أني كنت أسعى إلى غاية حميدة، أحسبها كفارة عن ذنبي الذي جرَّ عليَّ كل هذه الويلات المحدقة بي، وكنت أموهها بعزي القصير ومجدي الباطل.
أذنبت في حياتي كما يذنب سائر الناس، ولا بد أن يكون الله قد غفر ذنوبي كلها؛ لأني استغفرته وهو رحيم، ولكن ذنبًا واحدًا حسبه العالم عظيمًا جدًّا، وأبوا أن يغفروه لي فعاقبوني عليه بأشد من عقاب الله لبني الهلاك لماذا؟ لأني فتاة والفتاة ضعيفة لا نصير لها.
ما أشقى المرأة يا موريس! متى اطلعت على تاريخ حياتي أدركت أن بنت حواء مظلومة مع ابن آدم، فهل لك أن تكون رسول الإنسانية العادلة، وتبلغ رسالتها مخبرًا أن المرأة مظلومة؟ لا أظن أن أحدًا سواك يعلم البشر بهذا الحق.
كنت أحسب أن الحب الحقيقي، والإخلاص القلبي يشفعان بي عند العالم، ولكني وجدت الناس لا يحسبون لهما قيمة، فكيف يحسبونهما لامرأة ساقطة في عرفهم؟ إنك وحدك تحسبهما لي.
•••
كنت ابنة لأبوين فاضلين تقيين، فربيت في حجر التقوى والفضيلة، توفي أبي وأنا حديثة السن فقام أخي الوحيد مقامه في السيادة على البيت، وكان هو وأمي يدلِّلانني جدًّا تدليل أهل اليسار، ويعدانني لزوج موسر عريض الجاه كما يفعل جميع الأهل لبناتهم.
وكان لعهد حداثتي بيننا وبين أسرة أخرى ألفة شديدة — لعل سببها الأول المجاورة — وكان من أفراد تلك الأسرة فتى جميل الطلعة يكبرني بضع سنين، فكنت أجتمع به كثيرًا تارة في منزلنا، وطورًا في منزل أهله، ولما ناهزت الرابعة عشرة كان يتردد علينا كثيرًا، ويبالغ في إكرامي والتودد إليَّ، وكنت أرى أمي وأخي يحتفيان به كثيرًا ويلاطفانه، ففهمت أنهما لا يحظران عليَّ عشرته.
في ذلك العام انفتحت عينا قلبي، وصرت أشعر أن ذلك الشاب ينبوع سروري لا أستلذ الحياة إلا بقربه، وما استتممت الخامسة عشرة حتى رأيت نفسي سيدة بين السيدات، وقد مضى نهار الصبوة، واتضح صبح الشبيبة وصرت أميز بين هناء الحياة وشقائها، فإذا كان فتاي حاضرًا معي كنت فرحة، وإن كان غائبًا كنت كئيبة، صار شغل قلبي الشاغل بل موضوع حياتي، بل مصدر غبطتي وينبوع هنائي.
ما صحوت من غفلة حداثتي إلا على صوت الحب يناديني في صباح شبيبتي أن أنهض لأناجي الحبيب المؤمل، أحببت ذلك الفتى جدًّا؛ ولكي تعلم يا موريس مقدار حبي له أقول: أحببته كل هذا الحب؛ لأني لم أكن بعد قد فهمت شيئًا من أكاذيب هذا العالم، كنت أظن أن الناس جميعهم طاهرو القلب أنقياء الضمير متفقون على إحقاق الحق وتقلد الفضيلة، متمسكون بحبل الأمانة والاستقامة.
أخلصت حبي لذلك الفتى، واستخلصت حبه وصرت أحسب أنه أوفى لي مني له إن كان وفائي يفضله وفاء، كان شغلي الشاغل أن أفتكر بما يبتغيه وأفعل ما يسره ويرضيه، وما ادخرت جهدًا في أن أُكَيِّف نفسي حسب رغبته وهواه.
إن علمت أنه يأبى أن أجامل زيدًا من الناس تجنبت مجاملة زيد، وإن شعرت أنه يرغب أن أفعل أمرًا فعلته، وإن استاء لأمر استرضيته، كان أغلى الأمور عندي رخيصًا له وأعزها مبذولًا لأجله، وبالجملة فإني كنت له كما يشاء، ملكته قلبي ونفسي وإرادتي، وكنت سعيدة بهذا التمليك؛ لأني كنت أرى منه مثل هذا الحب، وأعتقد فيه مثل هذا الإخلاص.
وقد اتضح لأمي وأخي حبنا فكانا يفسحان لخطواته السبيل على أمل أن يطلب يدي ويكون لي بعلًا، الآن أفهم ذلك وأما حينئذٍ فلم أكن لأفتكر أن هذه هي بغيتهما، وإنما حسبت أنهما يتسامحان له؛ لأن أهله أصدقاء قدماء أوداء فيسوغ له ما لا يسوغ لسواه.
لذلك كنت أخلو به كثيرًا في القاعة وفي غرفتي وفي الحديقة، وفي المتنزهات، ولم يخطر لأمي أو لأخي أن يحسبا حسابًا لخلواتنا، والذي يلوح لي الآن أنهما لم يتوقعا مغبَّة سيئة لتلك الخلوات؛ لأنهما كانا واثقين تمام الثقة من حشمتي، ومن حسن مبادئ ذلك الشاب.
هذه هي الغلطة التي تفضي إلى كل إثم كإثمي، وهي أن يكتفي الأهلون بتربية بناتهم على المبادئ القويمة، وتجسيم الحشمة والعفاف والأدب فيهن، ثم يزجونهن بعد ذلك بين الشبان، ويتركونهن لأنفسهن يجرين على تلك المبادئ بقدر طاقتهن، حتى إذا سقطت الواحدة منهن كان سقوطها عظيمًا وعقابها قاسيًا جدًّا، فمثلها مثل الهرة التي تركها صاحبها أمام الجبنة، فلما عاد رآها قد أكلتها فجعل يضربها ضربًا مبرحًا.
ووجه الغلط في ذلك أن في الطبيعة البشرية هوًى أقوى جدًّا من تلك المبادئ مهما كانت راسخة في النفس، فإذا أطلق له العنان جرى في سبيله وحطمها تحت قدميه.
قضت النواميس الاجتماعية بأن يعصي كل من الفتى والفتاة هواه الحيواني ما داما غير زوجين، وأوجبت العادات الاجتماعية أن يجتمعا لكي يتعارفا، ولكن الطبع البشري لا يقوى على هذا العصيان مهما أُشرب من الفضائل والمبادئ الأدبية، فلو أُخلي المكان للراهبة القديسة وللعابد الناسك معًا لاستحال عليهما أن يقمعا شهوتهما، فَمَنْ يلام إذا أثم الفتى والفتاة، حيث يفسح لهما أهلهما خلوة الإثم؟ أفلا يتعين على الأهل أن يقيموا أنفسهم منفذين لتلك النواميس الاجتماعية التي دربوا أبناءهم عليها.
متى صرت أبًا يا موريس فلا تكتفِ بتلقين أولادك المباركين تلك المبادئ بل نفذها فيهم، لا تغضَّ الطرف عن ابنتك وابنك مهما وثقت بحشمتها وأدبهما، وإلا فاعذرهما وَلُمْ نفسك في آثامهما؛ لأن الهوى الحيواني أقوى من تلك المبادئ.
لست أبرر نفسي يا موريس، ولكني ألوم أخي وأمي لومًا عظيمًا؛ لأنه قبل أن تنضج فيَّ الفضيلة والمبادئ الأدبية التي لُقنتها في حداثتي تركاني أصون عفافي بنفسي، وأنا لم أزل ضعيفة أجهل ما في هذا العالم من الشرور والخدع.
ومع كل هذا لا تظن أني استسلمت لذلك الفتى استسلامًا، بل أؤكد أني تمنعت كثيرًا، وتعززت عليه جدًّا، ولكنه سحرني بآيات حبه حتى صرت أعده أقرب إليَّ من أمي وأخي، كنت أسرُّ إليه ما أكتمه عنهما، كنت أثق به في حين أرتاب بهما، كنت أؤمل فيه متى يضعف رجائي بهما، وبالجملة أصبح ذلك الفتى موضع ثقتي ومؤملي وملجئي ومفزعي وسروري وحياتي، أصبح لي كل ذلك؛ لأنه أراني من الحب أعظمه وأقواه وأخلصه، وكنت أحبه مثل حبه، فكيف أستطيع الامتناع عنه إذا خلوت به.
قبلني مرارًا إلى أن صرت أقبله، ثم ضمني مرارًا إلى أن صرت أضمه، ولطالما مناني بالدعوة ومع كل ذلك كنت أخيبه، وأتملص منه بأسلوب لا يغضبه، وليتني أغضبته.
وثقت به تمام الثقة، واعتقدت أنه عاقل حكيم، فكنت أصدق كل كلمة يقولها واستصوب كل عمل يعمله، واستحال عليَّ الظن أنه يخونني، أو يفرط بي أو يسلم بهواني، أو يضنُّ بشيء حتى بحياته في سبيل دفع الأذى عني.
قال لي يومًا: ليس حب الزوجين كحبنا يا إيفون، فنحن أقرب بعضنا لبعض من الزوجين والآباء والأولاد والإخوة، وإن كان الناس لا يرون ذلك فينا الآن فنحن نراه.
شعرت حينذاك بعظم جرمي، ولكني كنت مطمئنة لوعده أنه يتزوجني قريبًا فيمحو إثمي.
بعد برهة شعرت أني حامل، فقلت له: أن يعجل بستر عاري، فأظهر كل الاهتمام به وكان كل يوم يأتيني بخبر عن آرائه بشأني وبشأن زواجنا، وكان بعض تلك الأخبار سارًّا، وبعضها محزنًا، وأنا أثق بكل كلمة يقولها.
وأخيرًا قال لي: أهله لا يستصوبون زواجه الآن، وهو لا يقدر أن يفعل شيئًا بغير رضاهم؛ لأنه غير مستقلٍّ عنهم، وكان يُظهر أمامي كل غيظ وحزن من جرَّاء معارضة أهله، فكنت لسلامة قلبي أرثي له وأطيب خاطره، وأنا على شفا اليأس من سوء حالي معللة نفسي بأمل أنه لا يدَّخر جهدًا في إقناعهم، ومع شدة ثقتي به كنت جازعة لظني أن أهله يقفون في سبيل زواجنا.
ولما أوشك حملي أن يتضح لأهلي شكوت له أمري، وقلت: «دبَّرني» فبكى أمامي بكاء مرًّا، وقال: «ماذا تريدين يا إيفون فأفعل؟»
فأشفقت عليه كأنه هو المبتلى، وفكرت وقلت: أصبحت أشعر أن أهلي أعدائي؛ لأنهم إذا عرفوا بأمري لا يرثون لي، ولا يرحمونني فخلصني من نقيمتهم بأي الوسائل.
ففكر هنيهة ثم قال: أتذهبين معي خفية إلى حيث أمضي بكِ؟
– أذهب إذا كانت العاقبة أفضل من فضح عاري هنا، بماذا افتكرت؟
– افتكرت أن أستأجر منزلًا صغيرًا بعيدًا عن الأهل والمعارف، وآخذك إليه، ونتكلل فيه ريثما يرضى أهلنا، ومتى علموا أن الأمر قد تمَّ فلا بد أن يرضوا.
فتهللتُ لهذا الرأي؛ لأنه أفضل وسيلة لصيرورتي زوجة شرعية لذلك الفتى الذي كنت أحبه، إذ لا يستر عاري إلا زواجي به، وكان على أثر هذا الاتفاق أنه استأجر منزلًا حقيرًا في حيٍّ بعيد، وفررت معه إليه من غير علم أهلي، آملة أنهم لا يقلقون لغيابي؛ حتى يكون قد بلغهم خبر إكليلنا، فيعلمون بالمصيبة وبتلافيها في وقت واحد، فلا يشتد وقعها عليهم.
في ذلك النهار ادَّعى أن القسيس الذي طلب إليه أن يعقد إكليلنا وعده بأن يسترضي أهله على زواجنا، فنتكلل في حفلة رسمية لائقة بنا، وأنه طمأن أهلي عني وكفل لهم حسن مصلحتي بالبقاء معه، اطمأننت لهذا الخبر بل سررت، ومن العجيب أنه مهما استولى عليَّ من الجزع والغم كان إذا اجتمع بي فتاي يهوِّن عليَّ الأمر جدًّا، ويسكن اضطرابي ويريح ضميري، أولًا ببراهينه القوية، وثانيًا بما يبديه من الانعطاف عليَّ، وإظهار التفاني في سبيل راحتي ومحو عاري، وثالثًا بما كان يبثه لي من وجده وغرامه.
أوقت طويل مرَّ عليَّ في ذلك المنزل الحقير، وأنا أعلل النفس بمواعيد فتاي المختلفة؟ كل مدة حملي.
ولدتُ طفلة وأنا لم أزل خليلته لا حليلته، طاوعته بكل أمر كل تلك الأشهر عسى أن يفرِّج كربي، ويستر عاري فكان يمنِّيني بالأماني الكاذبة.
شعرت لذلك الحين أن حبه لي أصبح فاترًا، وصار يغفلني أكثر من قبل، وبعد ولادتي انقشعت غياهب الوهم عن عيني إذ تلاشى حبي له لما اتضح لي من مراوغته أخيرًا، فأدركت أني أصبحت في هاوية عميقة القرار، وأن ذلك الفتى غرَّر بي وخدعني وخانني، لم أعد أعذره ولو كان صادقًا في كل ما قاله عن معارضة أهله؛ لأنه كرجل كان عليه أن ينكر أهله، ويعترف بي زوجة ويخلع عني ثوب العار الذي ألبسنيه، فقلت له بعد انتهاء مدة نفاسي التعس: إن هذه ابنتك أفما حان تكون أمها زوجتك؟
فقال: ما الفرق بينكِ وبين الزوجة الآن؟
– إذن تنوي أن أبقى هكذا؟
– وما المانع؟
فلم أتمالك أن استشطت به وقلت: إنك نذل، لو كنت ذا شرف لفعلت فعل الرجال.
وكان جسمي ينتفض من شدة الغضب، وشعرت حينئذٍ أن لي قوة شمشون، فوثبت عليه لا أدري ماذا أفعل به ففرَّ من أمامي فرار الثعلب، فقلت: «اخرج أيها اللئيم، لا ترني وجهك بعدُ، لست أرضى أن أعيش على جيبك»، ومضى.
الآن تعبت من الكتابة أيها العزيز موريس، وقد أصبحت الساعة الرابعة بعد نصف الليل، فأستأذن طيفك أن أستلقي في سريري مرتاحة الجسم قلقة الروح.