الجامعة في مجلس النواب
ثم كان يوم الأحد الثاني عشر من شهر سبتمبر سنة ١٩٢٦، فعرضت ميزانية الجامعة في مجلس النواب فإذا غضب الله وإذا مقتُ الأمة، كما ترى فيما ننقله عن «جريدة الأهرام» الغراء بحروفه محصلًا من مضبطة المجلس:
«قال الأستاذ «صبري أبو علم» بعد أن أتى على تاريخ الجامعة وبدئها وإلحاقها بوزارة المعارف وأنها بعد ذلك لم تكن إلا قانونًا ومكانًا وإعلانًا من إعلانات السياسة:
«إن كل الظواهر تدل على أنها أخرجت المشروع بدون أن تستكمل بحث الوسائل الفنية والإدارية التي يتم بها المشروع، ودليلي على ذلك أنه عند البدء في إنشاء القسم العلمي كانت محاضرات الكيمياء لم يبدأ في تدريسها إلا في أوائل نوفمبر بسبب اشتغال أستاذ الكيمياء في وظيفة سكرتير عام الجامعة، أما دروس الكيمياء العملية فلم تبدأ إلا في ٣ يناير؛ لعدم إعداد المعامل اللازمة لها، وكذلك تدريس علم الجيولوجيا لم يبدأ إلا في أوائل فبراير؛ وسبب ذلك أن أستاذ ذلك العلم كان عميد الكلية وقد استغرقت ظروف تنظيم كلية العلوم وتكوينها كل أوقاته وجهوده ولم يكن هناك بناء خاص للمعامل كما أن الأدوات العلمية اللازمة لم ترد إلا قبل الامتحان ببضعة أسابيع، من ذلك سيتضح أنه كان سر خفي يدفع القائمين بالأمر إلى إعلان افتتاح الجامعة من غير تهيئة الوسائل اللازمة لها من حيث استعداد الطلبة وأهليتهم لتلقي الدروس؛ ومن حيث اختيار الأساتذة وفهمهم لأحوال الطلبة الذين سيتابعونهم في تلقي الدروس منهم، مع أن القانون الصادر بتكوين الجامعة تكوينًا جديدًا صدر بتاريخ ١١ مارس سنة ١٩٢٥ على أن يُعمل به من يوم نشره.
أذكر أننا عند بحثنا في تصرفات وزير المعارف السابق سمعنا من سعادته أن معظم الإصلاحات التي أشار بإدخالها على مناهج التعليم كان الغرض منها تغذية الجامعة المصرية بطلبة يمكنهم أن يتابعوا دروسها، ومعنى هذا أنه إذا كانت الفكرة من هذه الإصلاحات إعداد طبقة من الطلاب تكون قادرة على تلقِّي علوم الجامعة، فكان من الواجب أن يتأخر إنشاء هذه الأقسام حتى يتسنى للطلاب الالتحاق بالجامعة، ولذا لا أفهم السر في إنشائها بمثل هذه السرعة، وفي محاولة الهروب من رقابة البرلمان، في الوقت الذي تعيش فيه الجامعة على الأموال العامة.
ظهرت الجامعة وعليها طابع الاستعجال، فمن سرعة في تقرير إنشائها، إلى اندفاع في تكوينها وفي تعيين المدرسين اللازمين لها.
أنشئت بقرار من مجلس الوزراء، وهذا غير كاف من الوجهة العلمية، فلا أظن أن جامعة تنشأ بين يوم وليلة؛ إذ إن الجامعات نتيجة تطور مستمر للعلوم والمعارف؛ إنها تنمو وتتطور أو تتكون وتتشرب بالنظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.»
ثم أفاض الخطيب فيما وقع من الخلط والخبط في الجامعة وتوظيف رجالها.»