خطبة الأستاذ القاياتي
الشيخ القاياتي
:
سادتي النواب، كان بودِّي أن تمر بنا ميزانية الجامعة فنتقبلها هاتفين مصفقين؛
لأنها ميزانية أمنية طالما تمنيناها، وغاية كثيرًا ما رجوناها؛ لأننا نعتقد أن وجود
جامعة مصرية إنما هو طريق إلى الفلاح المرجو، وإلى الحرية المطلوبة، وإلى الاستقلال
الحقيقي المنشود، ولكن الله تعالى أراد — أو أن غير الله ممن يجرءون على ما لا يجوز
لهم أن يجرءوا عليه أرادوا — أن تمر علينا هذه الميزانية ونحن نئن من الألم، ونتضجر
من الحزن، ونبكي من المصيبة التي كنا نرجو أن تكون نعمة كبرى.
أنا لا أريد أن أتكلم عن الجامعة باعتبار إدارتها، ولا باعتبار ما يدرس فيها، ولا باعتبار كفاية مدرسيها وموظفيها بعد أن أدلى به حضرات الأعضاء المحترمين من البيانات في هذا الشأن، ولكن الذي أريد الكلام فيه من غير إطالة هو موضوع كتاب «في الشعر الجاهلي» الذي ألفه الدكتور طه حسين وهو ابن الجامعة البكر الذي كانت تنفق عليه من مال الأمة، وما كان يظن أبدًا أن يقابل هذا الإحسان بالعقوق إلى درجة أن يضربها بضرب دين الإسلام دين الأغلبية.
ذكر حضرة النائب الأستاذ عبد الخالق عطية ملاحظات كثيرة عن هذا الكتاب، وعن وقعه على الأمة، وتأثيره في قارئيه وسامعيه، حتى لقد قال بحق: «إنه أثار فتنة أو كاد»، والحق أن يقال: إنه ما كان من المظنون أن يوجد بين المسلمين في مصر من يجرؤ على الدين إلى هذا الحد الذي بلغه الشيخ طه حسين.
قبائح متعددة، ما بين تكذيب لصحيح التاريخ وتكذيب لنصوص القرآن، ونسبة التحايل إلى الله وإلى النبي محمد وإلى موسى — عليهما السلام.
وقبل أن أتعرض لسرد ما جاء في هذا الكتاب أو سرد شيء منه، أريد أن أظهر لكم شدة اندهاشي مما نقله معالي وزير المعارف عن حضرة مدير الجامعة، من أن هذا الكتاب لم يُلْقَ على الطلبة، يعنى أن الدكتور طه حسين لم يُلْقِ على طلبته ما جاء في هذا الكتاب، اندهشنا من هذا القول؛ لأن المؤلف نفسه صرح في مقدمة كتابه أنه ألقاه على الطلبة، ولست أدري كيف يمكن أن يكون حقًّا ما قيل من أنه لم يلقه على طلبته بعد أن يقرر هو بنفسه بأنه ألقاه عليهم؟!
أنا لا أريد أن أتكلم عن الجامعة باعتبار إدارتها، ولا باعتبار ما يدرس فيها، ولا باعتبار كفاية مدرسيها وموظفيها بعد أن أدلى به حضرات الأعضاء المحترمين من البيانات في هذا الشأن، ولكن الذي أريد الكلام فيه من غير إطالة هو موضوع كتاب «في الشعر الجاهلي» الذي ألفه الدكتور طه حسين وهو ابن الجامعة البكر الذي كانت تنفق عليه من مال الأمة، وما كان يظن أبدًا أن يقابل هذا الإحسان بالعقوق إلى درجة أن يضربها بضرب دين الإسلام دين الأغلبية.
ذكر حضرة النائب الأستاذ عبد الخالق عطية ملاحظات كثيرة عن هذا الكتاب، وعن وقعه على الأمة، وتأثيره في قارئيه وسامعيه، حتى لقد قال بحق: «إنه أثار فتنة أو كاد»، والحق أن يقال: إنه ما كان من المظنون أن يوجد بين المسلمين في مصر من يجرؤ على الدين إلى هذا الحد الذي بلغه الشيخ طه حسين.
قبائح متعددة، ما بين تكذيب لصحيح التاريخ وتكذيب لنصوص القرآن، ونسبة التحايل إلى الله وإلى النبي محمد وإلى موسى — عليهما السلام.
وقبل أن أتعرض لسرد ما جاء في هذا الكتاب أو سرد شيء منه، أريد أن أظهر لكم شدة اندهاشي مما نقله معالي وزير المعارف عن حضرة مدير الجامعة، من أن هذا الكتاب لم يُلْقَ على الطلبة، يعنى أن الدكتور طه حسين لم يُلْقِ على طلبته ما جاء في هذا الكتاب، اندهشنا من هذا القول؛ لأن المؤلف نفسه صرح في مقدمة كتابه أنه ألقاه على الطلبة، ولست أدري كيف يمكن أن يكون حقًّا ما قيل من أنه لم يلقه على طلبته بعد أن يقرر هو بنفسه بأنه ألقاه عليهم؟!
أصوات
:
ماذا قال؟
الشيخ القاياتي
:
قال في مقدمة الكتاب: «هذا نحو من البحث في تاريخ الشعر العربي لم يألفه الناس
عندنا من قبل، وأكاد أثق بأن فريقًا منهم سيلقونه ساخطين عليه، وبأن فريقًا آخر
سيزورُّون عنه ازورارًا، ولكني على سخط أولئك وازورار هؤلاء، أريد أن أذيع هذا
البحث، أو بعبارة أصح، أريد أن أقيده؛ فقد أذعته قبل اليوم حين تحدثت به إلى طلابي
في الجامعة، وليس سرًّا ما تحدثت به إلى أكثر من مائتي شخص.»
هذا قول المؤلف في مقدمة الكتاب، ولست أفهم كيف يقال بعد ذلك: إنه لم يُلْقِ هذا الكتاب على طلبة الجامعة، وأن يترتب على ذلك ما رتبته الجامعة من منع أستاذ أن يرد عليه في الجامعة بعد أن سمحت له بذلك، بعلة أن الكتاب لم يُلْقَ على الطلبة حتى يرد عليه في نفس الجامعة.
لقد جاء في هذا الكتاب تكذيب صريح للقرآن، ونسبة صريحة للنبي — عليه الصلاة والسلام — بأنه متحايل، وكذب صريح على التاريخ؛ لا يجوز أبدًا نهمل ولا أن نترك صاحبه دون تدقيق معه في البحث ويكون حسابنا معه عسيرًا، إنني أعرف أنه من الكرم والمروءة أن يعفو الإنسان عمن أساء إليه، ولكن من الظلم والتهجم على المصلحة أن يعفو الإنسان عمن أساء إلى غيره، أو عمن طعن في وطنه أو دينه (تصفيق).
إن الدولة أعلنت في دستورها أنها دولة إسلامية، وإن دولة إسلامية لا تحافظ على دينها من أن يمس ولا على كرامتها أن تجرح لهي دولة أعوذ بالله أن تكون مصر من أمثالها!
لقد بلغت الدرجة بالدكتور طه حسين أن يذكر في كتابه أن حادثة إبراهيم وإسماعيل — التي نص الكتاب العزيز عليها — حادثة لا يعول عليها التاريخ ولا يمكن التسليم بها، وإنها هي حادثة أرجعها المسلمون لسبب مخصوص هو سبب سياسي أكثر منه دينيًّا.
وقد جاء في كتابه بالصفحة ٢٦ ما يأتي: «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل؛ وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي.»
معنى هذا أن دعوى الله أن شيئًا حصل لا ينهض دليلًا على أن هذا الشيء حصل؛ والله يعلم أن هذا يساوي في قوله: إن الله كذاب فيما قال!
ثم جاء في الصفحة المذكورة: «… فضلًا عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها، ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعًا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة، والقرآن والتوراة من جهة أخرى؛ وأقدم عصر يمكن أن تكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذي أخذ اليهود يستوطنون فيه شمال البلاد العربية ويبثون فيه المستعمرات، فنحن نعلم أن حروبًا عنيفة شبت بين هؤلاء اليهود المستعمرين وبين العرب الذين كانوا يقيمون في هذه البلاد وانتهت بشيء من المسالمة والملاينة ونوع من المخالفة والمهادنة فليس ببعيد أن يكون هذا الصلح الذي استقر عليه الرأي بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة التي تجعل العرب واليهود أبناء أعمام، لا سيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئًا من التشابه غير قليل، فأولئك وهؤلاء ساميون.»
وقد جاء بالصفحة ٢٧ ما يأتي: «وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول مثل هذه الأسطورة في القرن السابع للمسيح.»
كلمة «الأسطورة» يا حضرات الزملاء لا تقال إلا للخرافات أو الترَّهات، فالقول بأن هذه القصة التي وردت في كتاب الله العزيز خرافة، يعني أن الله يخرف ونحن نؤمن بتخريفه (مقاطعة).
وأنا والله لا أريد التشنيع، ولكنني أريد أن أذكر حقيقة، أريد أن أقول لأقوام لا يرون رأينا ويدَّعون أن البحث أمر واجب حر وأنه لا يجوز لنا أن نقيد حرية الناس في آرائهم، أقول لهم: إننا لا نقيد حريتهم في عقائدهم، ولكننا نقيد آراء تلقَّن أولادنا وتشاع على أفراد الأمة ما بين متعلم وغير متعلم، ولا بد أن يكون ذلك داعية الضلال والفسوق، فإذا لم أطل بينكم الليلة في سرد النصوص الواردة في هذا الكتاب وذكر العبارات الشنيعة التي لا تدل إلا على زندقة، فلأنني لا أريد إدخال الحزن على قلوبكم، ولأني لا أود أن أرى دموعكم تسيل جزعًا على دينكم وشرف دولتكم.
إننا لا نتكلم في هذا إلا بباعث المحافظة على الدين، وليس ذلك بالأمر الذي يهم المسلم دون غيره، فإن كرامة الأديان على السواء يجب أن تكون محفوظة.
إنني لا أسمح ولا أقبل أن يطعن أحد في دين المسيح — عليه السلام — ولا أقبل أن يطعن في دين موسى — عليه السلام — بالنسبة التي لا يرضى بها أحد أن يطعن على دين محمد — عليه السلام — فإن حرمات الأديان يجب أن تكون موفورة.
إنني لا أخشى أن يقال: إننا نتكلم متعصبين تعصبًا دينيًّا؛ لأنه إذا كان التعصب الديني هو المحافظة على كرامة الأديان جميعًا فإنني أول المتعصبين.
كنت أود بعد أن قرأت لكم كلمات المؤلف أن أقرأ لكم كلمات الله فيما كذبه المؤلف ولكني لا أظن أنكم في حاجة إلى ذلك.
نريد أن نثبت في تاريخ عملنا أننا لا نقبل أبدًا أن يتهور متهور على الدين تهورًا يحط كرامته وكرامة الدولة، فإن الطعن في دين الدولة طعن في الدولة، هو طعن في كل فرد من أفرادها، لا نرضى أن يسجل علينا التاريخ أنه قد فُتح بيننا هذا الباب، ونُشر بيننا هذا الكتاب، وقامت عليه الضجة التي قامت، ثم يمر علينا كما يمر السحاب دون أن ينال المسيء جزاء إساءته؛ لا أريد أن يقال: طُعن في الدين وشُهِّر به ومر الأمر على مجلس النواب وخرج الطاعن نظيفًا بدون جزاء!
إن الرحمة واجبة، ولكن ليس في الدين؛ قد أوجب الدين أن يرجم بعض من يرتكب الجرم؛ فما بالكم فيمن يدعي أن الله كاذب، وأن النبي كاذب وأن المؤمنين جاهلون لا يفرقون بين الحق والباطل؟
ولا يجوز أن يُكتفى مطلقًا بأن المؤلف صرح في الصحف أنه مسلم؛ وإنني ألفت نظركم إلى أن الدكتور المؤلف لم تسمح له نفسه — مع أن الموقف كان شديدًا والإلحاح عليه كثيرًا — أن يكتب كلمة يشرح بها ما قال وأن يئوله بمعنى يُفهم منه خلاف ما فهمناه.
إذا كان قد ارتد بكتابه ثم رجع إلى الإسلام بعد ذلك فهو مسلم، ولكن التوبة لا تغفر الذنب ولا تعفي من العقوبة؛ وقد كنت أريد أن أقترح اقتراحًا خاصًّا ولكني اطلعت على اقتراح لحضرة عبد الحميد البنان بك ووافقته عليه.
هذا قول المؤلف في مقدمة الكتاب، ولست أفهم كيف يقال بعد ذلك: إنه لم يُلْقِ هذا الكتاب على طلبة الجامعة، وأن يترتب على ذلك ما رتبته الجامعة من منع أستاذ أن يرد عليه في الجامعة بعد أن سمحت له بذلك، بعلة أن الكتاب لم يُلْقَ على الطلبة حتى يرد عليه في نفس الجامعة.
لقد جاء في هذا الكتاب تكذيب صريح للقرآن، ونسبة صريحة للنبي — عليه الصلاة والسلام — بأنه متحايل، وكذب صريح على التاريخ؛ لا يجوز أبدًا نهمل ولا أن نترك صاحبه دون تدقيق معه في البحث ويكون حسابنا معه عسيرًا، إنني أعرف أنه من الكرم والمروءة أن يعفو الإنسان عمن أساء إليه، ولكن من الظلم والتهجم على المصلحة أن يعفو الإنسان عمن أساء إلى غيره، أو عمن طعن في وطنه أو دينه (تصفيق).
إن الدولة أعلنت في دستورها أنها دولة إسلامية، وإن دولة إسلامية لا تحافظ على دينها من أن يمس ولا على كرامتها أن تجرح لهي دولة أعوذ بالله أن تكون مصر من أمثالها!
لقد بلغت الدرجة بالدكتور طه حسين أن يذكر في كتابه أن حادثة إبراهيم وإسماعيل — التي نص الكتاب العزيز عليها — حادثة لا يعول عليها التاريخ ولا يمكن التسليم بها، وإنها هي حادثة أرجعها المسلمون لسبب مخصوص هو سبب سياسي أكثر منه دينيًّا.
وقد جاء في كتابه بالصفحة ٢٦ ما يأتي: «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل؛ وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي.»
معنى هذا أن دعوى الله أن شيئًا حصل لا ينهض دليلًا على أن هذا الشيء حصل؛ والله يعلم أن هذا يساوي في قوله: إن الله كذاب فيما قال!
ثم جاء في الصفحة المذكورة: «… فضلًا عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها، ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعًا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة، والقرآن والتوراة من جهة أخرى؛ وأقدم عصر يمكن أن تكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذي أخذ اليهود يستوطنون فيه شمال البلاد العربية ويبثون فيه المستعمرات، فنحن نعلم أن حروبًا عنيفة شبت بين هؤلاء اليهود المستعمرين وبين العرب الذين كانوا يقيمون في هذه البلاد وانتهت بشيء من المسالمة والملاينة ونوع من المخالفة والمهادنة فليس ببعيد أن يكون هذا الصلح الذي استقر عليه الرأي بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة التي تجعل العرب واليهود أبناء أعمام، لا سيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئًا من التشابه غير قليل، فأولئك وهؤلاء ساميون.»
وقد جاء بالصفحة ٢٧ ما يأتي: «وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول مثل هذه الأسطورة في القرن السابع للمسيح.»
كلمة «الأسطورة» يا حضرات الزملاء لا تقال إلا للخرافات أو الترَّهات، فالقول بأن هذه القصة التي وردت في كتاب الله العزيز خرافة، يعني أن الله يخرف ونحن نؤمن بتخريفه (مقاطعة).
وأنا والله لا أريد التشنيع، ولكنني أريد أن أذكر حقيقة، أريد أن أقول لأقوام لا يرون رأينا ويدَّعون أن البحث أمر واجب حر وأنه لا يجوز لنا أن نقيد حرية الناس في آرائهم، أقول لهم: إننا لا نقيد حريتهم في عقائدهم، ولكننا نقيد آراء تلقَّن أولادنا وتشاع على أفراد الأمة ما بين متعلم وغير متعلم، ولا بد أن يكون ذلك داعية الضلال والفسوق، فإذا لم أطل بينكم الليلة في سرد النصوص الواردة في هذا الكتاب وذكر العبارات الشنيعة التي لا تدل إلا على زندقة، فلأنني لا أريد إدخال الحزن على قلوبكم، ولأني لا أود أن أرى دموعكم تسيل جزعًا على دينكم وشرف دولتكم.
إننا لا نتكلم في هذا إلا بباعث المحافظة على الدين، وليس ذلك بالأمر الذي يهم المسلم دون غيره، فإن كرامة الأديان على السواء يجب أن تكون محفوظة.
إنني لا أسمح ولا أقبل أن يطعن أحد في دين المسيح — عليه السلام — ولا أقبل أن يطعن في دين موسى — عليه السلام — بالنسبة التي لا يرضى بها أحد أن يطعن على دين محمد — عليه السلام — فإن حرمات الأديان يجب أن تكون موفورة.
إنني لا أخشى أن يقال: إننا نتكلم متعصبين تعصبًا دينيًّا؛ لأنه إذا كان التعصب الديني هو المحافظة على كرامة الأديان جميعًا فإنني أول المتعصبين.
كنت أود بعد أن قرأت لكم كلمات المؤلف أن أقرأ لكم كلمات الله فيما كذبه المؤلف ولكني لا أظن أنكم في حاجة إلى ذلك.
نريد أن نثبت في تاريخ عملنا أننا لا نقبل أبدًا أن يتهور متهور على الدين تهورًا يحط كرامته وكرامة الدولة، فإن الطعن في دين الدولة طعن في الدولة، هو طعن في كل فرد من أفرادها، لا نرضى أن يسجل علينا التاريخ أنه قد فُتح بيننا هذا الباب، ونُشر بيننا هذا الكتاب، وقامت عليه الضجة التي قامت، ثم يمر علينا كما يمر السحاب دون أن ينال المسيء جزاء إساءته؛ لا أريد أن يقال: طُعن في الدين وشُهِّر به ومر الأمر على مجلس النواب وخرج الطاعن نظيفًا بدون جزاء!
إن الرحمة واجبة، ولكن ليس في الدين؛ قد أوجب الدين أن يرجم بعض من يرتكب الجرم؛ فما بالكم فيمن يدعي أن الله كاذب، وأن النبي كاذب وأن المؤمنين جاهلون لا يفرقون بين الحق والباطل؟
ولا يجوز أن يُكتفى مطلقًا بأن المؤلف صرح في الصحف أنه مسلم؛ وإنني ألفت نظركم إلى أن الدكتور المؤلف لم تسمح له نفسه — مع أن الموقف كان شديدًا والإلحاح عليه كثيرًا — أن يكتب كلمة يشرح بها ما قال وأن يئوله بمعنى يُفهم منه خلاف ما فهمناه.
إذا كان قد ارتد بكتابه ثم رجع إلى الإسلام بعد ذلك فهو مسلم، ولكن التوبة لا تغفر الذنب ولا تعفي من العقوبة؛ وقد كنت أريد أن أقترح اقتراحًا خاصًّا ولكني اطلعت على اقتراح لحضرة عبد الحميد البنان بك ووافقته عليه.
(الرئيس تلا اقتراح حضرة عبد الحميد البنان بك ونصه):
أقترح على المجلس الموقر تكليف الحكومة
- أولًا: مصادرة وإعدام كتاب طه حسين «في الشعر الجاهلي» بمناسبة ما جاء فيه تكذيب القرآن الكريم، واتخاذ ما يلزم لاسترداد المبلغ المدفوع إليه من الجامعة ثمنًا لهذا الكتاب.
- ثانيًا: تكليف النيابة العمومية رفع الدعوى العمومية على طه حسين مؤلف هذا الكتاب لطعنه على الدين الإسلامي دين الدولة.
- ثالثًا: إلغاء وظيفته من الجامعة وذلك بتقرير عدم الموافقة على الاعتماد المخصص لها.
(ثم تُلي اقتراح حضرة محمود لطيف بك وهذا نصه):
أقترح بعد البيانات التي سمعها المجلس الموقر عن كتاب «في الشعر الجاهلي» أن يقرر المجلس رغبته إلى الوزارة في معاقبة مؤلف هذا الكتاب الذي أهان في مؤلَّفِه الشرائعَ السماوية والأنبياء، وأهان فيه دين الدولة الرسمي، وأن تتخذ الوزارة ما يحفظ المعاهد العلمية من أن تكون مقامًا لمثل هذا التهجم، مع اتخاذ اللازم لإعدام النسخ الموجودة من هذا الكتاب.
الرئيس
:
هل يريد مقدم الاقتراح الأول أن يؤخذ الرأي على اقتراحه فقرة فقرة.
عبد الحميد البنان أفندي
:
نعم.
محمود وهبة القاضي بك
:
أذكر أن الشيخ طه حسين كتب في الجرائد أنه مؤمن بالله ونبيه وكتبه ورسله واليوم
الآخر. (ضجة).
معنى هذا أني ممتنع عن الكلام ما دمتم غير راغبين فيه.
معنى هذا أني ممتنع عن الكلام ما دمتم غير راغبين فيه.