مقالات الأدب العربي في الجامعة المصرية
ظهرت الجامعة المصرية في سنة ١٩٠٨ للميلاد، وكانت يومئذ فكرة وطنية سياسية انشقَّ لها مكانها في الحوادث فجاءت كما تجيء الحادثة الوطنية قائمة على ما قبلها؛ ليقوم عليها ما بعدها، وبذلتْ فيها الأمة وشمَّرت لها وجدَّ بها الجد فإذا هي ما هي.
وكان ذلك من عملنا، ولله الحمد والمنة، هو السبب في تدريس الآداب العربية وتاريخها في الجامعة المصرية، وهو السبب كذلك في وَضْعِ ما وُضِعَ من الكتب في هذا العلم، ولكن أحدًا لم يعرض كتابه على الجامعة إلى اليوم، ثم كان أسبق تلك المؤلفات ظهورًا الجزء الأول من كتاب العلامة جورجي زيدان، ثم الجزء الأول من كتابنا «تاريخ آداب العرب» سبقه ذاك بشهر أو شهرين سبقًا مطبعيًّا.
ثم ألحقت الجامعة بوزارة المعارف وفُتحت سنة ١٩٢٥ فاختاروا لتدريس الأدب العربي فيها الأستاذ الدكتور طه حسين، وكنا نعلم أنه يُلقي دروسه «في الشعر الجاهلي» غير أنا لم نقف على شيء منها ولا أردنا ذلك ولا فكرنا فيه؛ إذ لم يخطر لنا أن كائنًا من كان يزين له الغرور أن يحمل كرة الأرض فيُلقي بها في غير مدارها كما فعل طه شبيهًا من ذلك في الأدب، حتى نبهنا مقال الأستاذ عباس فضلي الذي نشرته له «السياسة» ثم كتب بعده صديقنا الجليل كاتب الشرق الأكبر الأمير شكيب أرسلان مقاله «التاريخ لا يكون بالافتراض» في جريدة كوكب الشرق، فكتبنا نحن بعد ذلك هذه المقالات في الكوكب، وقد تركناها كما هي لم نمسسها إلا في الفرط والندرة، والحمد لله على ما وَفَّق من قبل ومن بعد.