الفصل الأول
(صالون في منزل فيوريكا مؤثَّث بأثاثٍ فاخرٍ على
الطراز القروي – مدخل عادي في آخر الصالون، مدخلان جانبيان على اليمين
وعلى اليسار بستائر.)
(الديكور لا يتغير في الفصلين.)
المشهد الأول
(السيدة بياتريتشى – الغجرية – فانا)
(بمجرد أن يُرفع الستار نرى السيدة بياتريتشى
جالسةً على الأريكة تبكي، والغجرية تجلس أمامها وتنظر إليها
بأسًى.)
فانا
(وهي تشير للسيدة التي تبكي)
:
هل أنتِ سعيدةٌ الآن؟ أين ضميرك؟ ألا تدركين أنك تُشعلين
النيران؟ ألا تدركين أنك هكذا تُدمرين عائلة؟
الغجرية
(امرأة ممتلئة القوام، قوية، قبيحة،
عمرها حوالي الأربعين، مبهرجة، ترتدي زيًّا فضفاضًا من
الحرير أصفر اللون من ناحية الصدر وشالًا من الحرير أيضًا
لونه سماوي، ضيِّقًا من الوسط، تنهض)
:
آه، ماذا تقولين؟ ضمير، نيران؟ سيدتي من فضلك!
بياتريتشى
(في حوالي الثلاثين من العمر، شاحبة،
مُصابة بهيستريا من شدَّة الانفعال، وتنتابها نوبات غضبٍ
فجائية، تستكمل البكاء)
:
لا تصغي إليها … لا تهتمي بها …
الغجرية
:
لا، اسمحي لي، قولي لها إنني لم أفعل سوى إطاعة أمرٍ
محدَّدٍ من سيادتك.
بياتريتشى
:
هل تريدين إذَن أن تعبئي بها؟
فانا
:
لي أنا؟ لا يا سيدتي! أنا لست سوى خادمتك.
ولكنْ عليها أن تعبأ بالسماء وحساب السماء! علينا أن
نهتمَّ جميعًا بهذا!
بياتريتشى
(في نوبة غضب)
:
اخرجي! اذهبي إلى المطبخ! اهتمِّي بما يخصُّك!
الغجرية
(مُمسكةً بذراع فانا لتوقفها)
:
آه، لا لا، انتظري يا سيدتي، وأنتِ أيضًا انتظري. إننا
جميعًا سادةً وخدَمًا لنا روحٌ ووجودٌ أمام الله. ولا أريد
الثرثرة بشأن حساب السماء معي، وما هو الضمير! ضميرك؟ هل
أن ترين تلك السيدة المسكينة وهي تبكي دمًا، وتشعر بألم
الجحيم وأن تقولي: «لم يحدُث أيُّ شيء! لتتذرعي بالصبر!
قدِّمي ألمك لله!» أهذا هو الضمير؟!
فانا
:
نعم! نعم! هذا هو ما يجب أن يفعله مَن يخاف الله!
بياتريتشى
:
آه، إذَن إذا أهانك رجلٌ وسحقك … هكذا … تحت قدميه! فهي
إرادة الله! أليس كذلك؟
فانا
:
لا، أنا فقط أقول إننا يجب أن نقدِّم معاناتنا إلى الله
يا سيدتي!
ولكن منذ متى — اسمحي لي — تتم مواجهة الرجال بهذه
الطريقة، وجهًا لوجه؟ ما فائدة استخدام القوة مع مَن هو
أقوى منَّا؟ رويدًا رويدًا يا سيدتي، ليكون الهجوم من
الجانب وليس من الأمام، بالكياسة والمعاملة الحسنة يعود
الرجال إلى بيوتهم.
الغجرية
:
آه فعلًا! كم يُعجبني هذا، لتتحول هكذا إذَن كل النساء
إلى نعالٍ في أحذية الرجال.
فانا
:
لا يمكن لسيدتي أن تقول هذا إذا حكَّمت ضميرها. إنها
تُعامَل في المنزل كملكة، فزوجها الفارس حريصٌ عليها
ويحترمها ولا يجعلها تفتقد أيَّ شيء.
بياتريتشى
:
أتستطيعين أن تصمتي؟ حريصٌ … آه فعلًا، ويحترمني
بالتأكيد، لا أحتاج لشيءٍ والمنزل مليء … ولكن في الخارج،
خارج المنزل، ماذا يفعل؟! وسلامي؟ ومشاعري؟ إذَن أنتم
تنظرون لما بالداخل وتُخفون عني ما يحدُث بالخارج؟
الغجرية
:
هل تُسمين هذا ضميرًا؟ آه، في بلدي يطلقون على هذا إخفاء
الشمس بالمصراع الخشبي! … آه ألم تكوني أنتِ مَن أتى إلى منزلي
ليدعوني للحضور لهذا المنزل؟! نعم أم لا؟!
فانا
:
أتيتُ إليك طاعةً للأوامر، ولم أكُن أستطيع سوى
ذلك!
الغجرية
:
آه! حسنًا جدًا! ألم أكُن أنا أيضًا أطيع الأوامر؟ ألم
تكُن كلمات السيدة لي: أيتها الغجرية، ساعديني، زوجي
وفلانة الفلانية يقومان بكذا وكذا، هل تستطيعين أن
تُطلعيني على الحقيقة؟!
إن منزلي يحترق، وأريد أن أخرج من هذا الوضع بأيِّ ثمن!
ألم تقولي لي ذلك؟!
بياتريتشى
:
بلى، بلى، وأريد أن أخرج من هذا الوضع، فورًا إلى
الأبد!
فانا
:
آه أيتها العذراء!
الغجرية
:
وما دخل العذراء في منزل دخلته الغيرة؟ إنه منزل
مُدمَّر، انتهى أمره! إنه الزلزال الأبدي، إنه كلامي لكنْ
صدَّقوه! وإذا كان هناك أطفال بينهم …
فانا
:
هذه هي الكارثة الحقيقية … عدم وجود الأبناء!
الغجرية
:
هكذا إذَن؟ ليكبِّلوا جسد هذه السيدة؟ وإذا كانت تقول
بالفعل إنها تريد ترك هذا المنزل!
فانا
:
إنها تقول هذا ولكنها تبكي لذلك في الوقت نفسه!
بياتريتشى
:
إنني أبكي من الغضب! إذا وجدته هنا أمامي لكنتُ مزقته
إربًا! قولي، قولي يا غجرية، هل يمكنني أن أفاجئهما فعلًا
في الغد؟!
الغجرية
:
مثل عصفورين بداخل العُش، في أيِّ ساعةٍ سيصل السيد
غدًا؟
بياتريتشى
:
في تمام العاشرة!
الغجرية
:
إذَن فلتضعي في حساباتك إنه في الساعة العاشرة والنصف
ستقومين سيادتك بالقبض عليهما متلبِّسين معًا، وهما غايةٌ
في الجمال والحيوية، وعيناكِ مغلقتان، يكفي أن تقدِّمي
بلاغًا للمفوَّض، وسأتولى أنا تدبير كل شيء آخر. ولكن قولي
شيئًا واحدًا، هل حقيقي أن السيد قبل أن يصل إلى كاتانيا
يجب أن يمرَّ بباليرمو؟!
بياتريتشى
:
نعم حقيقي، لماذا؟
الغجرية
:
ولكن … لأنني … لأنني أعلم … لا شيء لا شيء.
بياتريتشى
:
تكلمي! تكلمي! … ماذا تعرفين؟!
الغجرية
:
ولكن! بسبب هديةٍ ما، وعدها أن يُحضرها لها من
باليرمو.
بياتريتشى
:
هدية؟ لها؟
الغجرية
:
عِقد جميل، نعم يا سيدتي، عِقد بقلادة.
فانا
:
لا يمكن أن تكوني امرأةً، أنتِ الشيطان نفسه.
الغجرية
:
اكتبي، اكتبي المحضر يا سيدتي.
بياتريتشى
:
لا … لا … من الأفضل — يا إلهي! سأنفجر — من الأفضل أن
أستدعي مفوَّض الشرطة سبانو، فهو صديق لنا (يدين بكل ما
لديه لأبي، رحمه الله). سيخبرني هو كيف يجب أن أتصرف، بل
لتذهبي أنتِ يا غجرية لتستدعيه.
فانا
:
سيدتي، أرجوكِ يا سيدتي، فكري في الفضيحة.
بياتريتشى
:
لا شيء يُهمُّني.
فانا
:
يا سيدتي إنك هكذا تدمِّرين نفسك.
بياتريتشى
:
سأتحرر! سأتحرر! سأتحرر! اذهبي أيتها الغجرية؛ دعينا لا
نفقد المزيد من الوقت.
فانا
(وهي تمنع الغجرية)
:
لحظة … لحظة … يا سيدتي سامحيني، ولكنْ هو، زوج تلك
المرأة (إذا كان هذا حقيقيًّا)، هل فكرتي في هذا الشخص، في
تشامبا يا سيدتي؟
بياتريتشى
:
أجل، فكرتُ في كل شيء، فيه هو أيضًا، لا تتدخلي! وأعلم
جيدًا إلى أين يجب أن أرسله.
الغجرية
:
وما الحاجة إلى ذلك؟ إلى أين تريدين إرساله؟ سيفكران هما
في ذلك! ولكن لتكوني متأكدةً منذ الآن أنه بمجرد أن يعود
السيد ويدخل إلى المكتب سيستدير تشامبا وسيذهب من
نفسه.
فانا
:
مَن؟ تشامبا؟! أنتِ مجنونة! ماذا تريدين أن تقولي بذلك
للسيدة إن تشامبا يعرف كل شيء ويصمت؟
الغجرية
:
لتصمتي أنتِ! أنتِ لا تعرفين شيئًا.
فانا
:
احترسي، أنتِ مُخطئة، ترتكبين خطأً فادحًا.
الغجرية
:
بالفعل لأنه إذا كان يعلم أيَّ شيء سينتهي الأمر
مستخدمًا الطلقات طراخ طراخ! استيقظي … كيف إذَن يرى زوجته
بقُرطٍ مثل الذي ترتديه السيدات، وأربعة خواتم في أصابعها؟
وسيراها غدًا وعلى صدرها عِقدٌ بقلادة، وسيعتقد أنها حقًّا
اشترت كل هذا بمدَّخراتها، أليس كذلك؟! استيقظي! إنه بمجرد
دخول السيد إلى الحانة يخرج هو على الفور إلى الشارع،
وأنفه مرتفعة في الهواء، ويذهب ليتجول هنا وهناك.
فانا
:
إنه يفعل ذلك طاعةً للأوامر، طاعةً للأوامر، الرجل
المحترم يرسلونه لقضاء خدمةٍ ما؟ إنهم يتمسكون به لهذا …
ولكن الجميع يعلمون أن كل مرة يخرج فيها من المكتب يُنزل
عارضة الباب ويضعها في باب غرفته المجاورة.
الغجرية
:
بالفعل، والسيد يرفعها من جديد.
فانا
:
ولكنه يغلقها بالسلسلة والأقفال.
الغجرية
:
فعلًا! والسيد لديه المفتاح.
بياتريتشى
:
آه، كفاكما؟ قلتُ اخرجي ولا تُقحمي نفسك في
الموضوع!
(للغجرية) سنُبعد تشامبا من هنا، بل سأجعله يرحل الليلة،
بل … أنتِ يا فانا تعالي إلى هنا … آه ولكن … لا تحاولي أن
تجعليه يفهم أيَّ شيء … هل أستطيع أن أثق بك؟
فانا
:
سيدتي العزيزة، لتصيبني الحمَّى! لقد حملتك بين يديَّ
وأنتِ رضيعة! ألا تريدين أن تثقي بي؟ (وتبكي).
بياتريتشى
:
هيا، هيا لا تبكي الآن!
فانا
:
إنكِ يا سيدتي لديكِ أخ، وأُم، سيدتي، لتأخذي برأيهما،
لتستمعي لنصائحهما، إنهما من دمك ولا يمكنهما
خيانتك!
بياتريتشى
:
قلتُ لك كفى! لا أريد أن أستمع لأحد! اذهبي لتستدعي
تشامبا على الفور! وأنتِ أيتها الغجرية، اذهبي للمفوَّض
سبانو؛ اطلبي منه أن يأتي إلى هنا لأجلي … الآن …
فورًا.
الغجرية
:
بالعكس يا سيدتي.
بياتريتشى
:
كيف بالعكس؟
الغجرية
:
أرسليها هي (تشير إلى فانا مؤكدةً) إلى المفوَّض، وأتولى
أنا أمر تشامبا.
بياتريتشى
(لفانا)
:
وهل تعرفين أنت كيف تذهبين للمفوَّض؟
فانا
:
إذا أمرتني سيدتي بهذا …
الغجرية
:
آه يا سيدتي، لا تضعي في ذهنك … ولا أنتِ أيضًا! أن
مأساةً ستحدُث، لا إطلاقًا! ستعطينه درسًا صغيرًا وهذا
يكفي.
سأخبرك، منذ أربع سنواتٍ طردت زوجي ركلًا من المنزل، وهو
يتبعني الآن كالكلب ولا يبتعد إلا عندما أستدير وأنظر له
وعيناي يتطاير منهما الشرر، أقول: هكذا إذَن، ويرتعد
خوفًا، إنه درس صغير ليس إلا … بعدها يتراجعون وذيلهم بين
أرجلهم، وهو شيءٌ ممتع. سأذهب الآن. لقد اتقفنا أليس كذلك؟
أنت يا سيدتي قوية؟ لا يجب أن …
بياتريتشى
:
قوية، قوية … بل قوية جدًّا.
الغجرية
:
إلى الغد؟
بياتريتشى
:
إلى الغد.
الغجرية
:
أقبِّل يد سيدتي وسأذهب لأستدعي تشامبا.
(تقترب من الباب في آخر الصالون، وقبل
أن تصل إليه يدق الجرس بقوة.)
آه، شخصٌ ما بالباب!
بياتريتشى
(لفانا التي تقترب لتفتح)
:
انتظري. ربما كان أخي، آه إذا كان هو فلن أوصيك!
(وتشير لها بأن تلتزم الصمت.)
فانا
:
إذا أرادت سيدتي فلن أتكلم (وتتجه لتفتح الباب).
المشهد الثاني
(بياتريتشى – الغجرية – فيفي لا بيللا)
بياتريتشى
:
لقد طلبتُ حضوره عمدًا لأتأكد من رحيل تشامبا.
الغجرية
(تعارضها بشدة)
:
لم يكُن هذا ضروريًّا! من الأفضل أن نكون أقلَّ عددًا،
يا سيدتي، في مثل هذه الحالات! وقد زاد العدد بالفعل عن
الحد، فأنا هنا …
بياتريتشى
:
فانا محلٌّ للثقة لا تخشَيْ شيئًا. بالنسبة لأخي اتركي
الأمر لي، سأتدبر أمره.
(ويدخل من الباب فيفي لا بيللا، شابٌّ
وسيم، أنيق في حوالي الرابعة والعشرين.)
الغجرية
(تنحني)
:
خادمتك يا سيدي.
فيفي
(ينظر إليها باحتقار)
:
آه، أنتِ هنا؟
الغجرية
:
كنتُ على وشك الانصراف.
بياتريتشى
:
أجل، لتذهبي … كما اتفقنا، أنتظر تشامبا حالًا.
الغجرية
:
اعتبريه وصل بالفعل، أقبِّل يدَيكما.
(تخرج من الباب.)
المشهد الثالث
(بياتريتشى، وفيفي لا بيللا)
فيفي
:
وماذا لديك إذَن لتتقاسميه مع تلك الشمطاء؟
بياتريتشى
:
أنا؟ لا شيء. لقد حضرتُ لخدمة.
فيفي
:
ألا تعلمين أن أيَّ سيدة محترمة لا يمكنها أن تستقبلها
دون أن تخاطر بالتورط معها؟
بياتريتشى
:
فعلًا؟ لأنها تعرف كل فضائحكم ومصائبكم أنتم أيها الرجال
وتخافون أن تعرف زوجاتكم أو أمهاتكم شيئًا عنها.
فيفي
:
ذكية جدًّا بالفعل، فلتضعي دائمًا تلك الأفكار الرائعة
في ذهنك، ثم قولي لي إلى أين ستقودك!
بياتريتشى
:
آه، أعلم جيدًا إلى أين ستقودني، لا تقلق! إنكم جميعًا
ليس لكم هدفٌ سوى أن تخرسوني هنا، وتُخفوا عني كل
شيء.
فيفي
:
يملؤك الحنق على الجميع.
بياتريتشى
:
هل أحضرتَ لي النقود؟
فيفي
:
نعم أحضرتُها.
بياتريتشى
:
لهذا إذَن تتحدث هكذا. أذكر عندما كنت تحتاج إلى النقود
(تقلده وهي تتحدث بصوتٍ منكسرٍ ورقيق) «أختي العزيزة،
أرجوكِ، ساعديني! أنتِ إنسانة طيبة، أنقذيني، لقد قامرتُ
وخسرت؛ سأُصاب بالعار.»
وتعلم جيدًا أنني أُجبرت على اللجوء لتلك «الشمطاء» التي
لا يمكن لامرأةٍ أن تستقبلها دون أن تخاطر بأن تتورط،
لأجلك أنت، لأرسلها إلى باليرمو لترهن — سرًّا حتى لا يعلم
زوجي — قُرطي وأسورتي.
فيفي
:
آه، هل جعلتِها تَحضر إلى هنا بسبب هذا الرهن؟
بياتريتشى
:
هيَّا إذَن، أهذا كل شيء؟! هل أحضرتَ المبلغ كله؟
فيفي
(وهو يُخرج محفظته)
:
ينقصه شيءٌ بسيط.
بياتريتشى
:
كنت أعرف. كم؟
فيفي
:
إذا كان بإمكانك الانتظار، لا أقصد فترةً طويلة، فقط
خمسة عشر يومًا. لا أعرف لماذا أنتِ غامضةٌ هكذا.
بياتريتشى
:
أريد أن يكون قُرطي وأسورتي غدًا مساءً هنا في البيت.
لقد أرسلتُ لتشامبا خصيصَى لهذا الغرض، وسأجعله يرحل
الآن.
فيفي
:
هل شكَّ زوجك في شيء؟ ألا يجب أن يصل غدًا؟!
بياتريتشى
:
تمامًا، لأنه سيَحضر غدًا.
فيفي
:
مَن ذا الذي يفهمك؟ وهل لا بدَّ لك أن تتزيني بمجوهراتك
كلها غدًا لاستقبال زوجك؟
بياتريتشى
:
وكيف لا! لا بدَّ أن أُعدَّ له استقبالًا حافلًا؛ سترى،
سترى كيف سأحتفل به. (يُسمع صوت جرس الباب) ها هو تشامبا،
أعطني، أعطني المال، هل ينقصه الكثير؟
فيفي
(وهو يُخرج النقود من محفظته)
:
خذيها، عُدِّيها بنفسك، لا أعرف … تبدو كأنها ثلاث
ورقاتٍ فئة مائة …
بياتريتشى
(تعُدُّ النقود)
:
وواحدة فئة خمسين، إذَن ينقص مائة وخمسون ليرة.
فيفي
:
قلتُ لك، إذا كنتِ تستطيعين انتظاري …
بياتريتشى
:
كفى … كفى … سأكملها أنا، يمكنك أن تذهب الآن.
المشهد الرابع
(فانا، وفيفي، وبياتريتشى، ثم تشامبا)
فانا
(أمام الباب)
:
إنه السيد تشامبا، هل أدعه يدخل؟
بياتريتشى
:
دعيه يدخل. ولكن انتظري، تعالي إلى هنا.
(تأخذها على انفراد وتقول لها هامسةً) اذهبي أنتِ الآن
إلى حيث أرسلتُك.
فانا
(هامسةً)
:
إلى المفوَّض؟
بياتريتشى
:
قولي له إنني أتوسل إليه أن يأتي إليَّ، وإذا حضر على
الفور أدخليه من هناك، من غرفة المكتب، خذي معك المفتاح
وأسرعي.
فانا
:
أجل يا سيدتي سآخذ شالي وأذهب.
(وتخرج.)
فيفي
:
ولكن لا أحد يمكنه أن يعرف ماذا تدبرين؟ ما كل هذا
الغموض؟
بياتريتشى
:
ها هو تشامبا. اصمُت.
(يدخل تشامبا من الباب؛ رجل عمره حوالي
خمسة وأربعين عامًا، شعره كثيفٌ وطويل، ملفوفٌ للوراء بلا
تنظيم، لا شارب له، تغزو وجنتيه قُصَّتان متدليتان حتى أسفل
عينيه المتسعتين واللتين تلمعان بحدَّة، وقسوة، بل وتتحركان
كثيرًا خلف النظارة السميكة ذات القلابة. يضع خلف أذنه اليمنى
قلمًا، ويرتدي ملابس تشريفة قديمة.)
تشامبا
:
أُقبِّل يد سيدتي. آه العزيز السيد فيفي … مستعدٌّ
لتنفيذ أوامر سيدتي.
فيفي
:
إنك دائمًا «مستعدٌّ» أيها العزيز تشامبا.
تشامبا
:
أجل يا سيدي، كثيرًا جدًّا أكون مثل المسيح المصلوب،
ولكن أليس مصطلحًا مهذبًا، إذا لم أكُن مخطئًا، «مستعدٌّ
لتنفيذ الأوامر»، إلى جانب أنه واجبي هنا كخادمٍ
حقير؟
بياتريتشى
:
آه، فلتقُل شيئًا آخر، أنتم خدم؟! إننا جميعًا سادةٌ في
هذا المنزل يا عزيزي تشامبا ولا تمييز بيننا؛ أنت، فيفي،
زوجي، وأنا وزوجتك، مَن يدري؟! أمي، فانا! جميعنا متساوون!
بل ولا أحد يعلم إذا كنتُ أنا آخركم جميعًا!
تشامبا
:
أرجوكِ الرحمة يا سيدتي! ما هذا الذي تقولينه؟!
فيفي
:
دعها تقول! إنها تقول هذا لأن جميع النساء في رأيها
…
بياتريتشى
:
آه، ليس جميعهن، بعضهن! فقط لأن هناك نساءً أخريات يعرفن
كيف يحصلن على المعاملة الحسنة، وكيف يتظاهرن بالوداعة،
ويتمسَّحن … هكذا (وتمرِّر يدها على وجنتها)، أولئك يقفن
فوق الجميع، حتى وإن جئن من الطرقات.
تشامبا
:
اسمحي لي يا سيدتي لقد ذكرتِ أيضًا زوجتي!
بياتريتشى
:
لا، أقول هذا بصفةٍ عامة؛ فانا، أمي، أنا …
زوجتك.
فيفي
:
جميعهن نساء، وجميعهن متساويات!
تشامبا
:
سامحيني! وأطلب منكَ المعذرة يا سيد فيفي، ولكنْ أعتقد
أن زوجتي — حتى في حديثٍ عام مثل هذا — لا دخل لها، فأنا
هنا أخدم، وهذا شيءٌ حسن، ولكن زوجتي محفوظةٌ جيدًا، أقصد
مُصانة في بيتها، وواجبي ألا يلوك الناس في سيرتها سواءً
بالخير أو بالشر.
بياتريتشى
:
إذَن فأنتَ بالفعل غيورٌ جدًا وتتضايق بمجرد ذكرها؟ يا
للهول!
تشامبا
:
لا يا سيدتي! إنني أسير على مبدأ: الزوجات مثل السردين
والأنشوجة، لتحافظ عليها توضع تحت الزيت وتحت الماء
المملَّح والزوجات تحت المفتاح؛ وها هو المفتاح (ويُخرج
المفتاح من جيبه ويريه إياهم).
فيفي
:
مبدأ جميل، ولكن ليس بالنسبة لأختي!
تشامبا
(واضعًا يده على صدره)
:
لكلٍّ منَّا مبادئه يا عزيزي السيد فيفي!
بياتريتشى
(لفيفي)
:
وكأنه بإغلاق باب المنزل، يجب أن تقول له، لا تُبقِ هناك
نافذةً مفتوحة!
تشامبا
:
حسنًا يا سيدتي. ولكن على الزوج إغلاق الباب.
بياتريتشى
:
آه، لم يخطر على بالي أنك بشعٌ بهذه الطريقة!
تشامبا
:
بشع؟ أنا؟ ولكن لا، لماذا؟ إذا وضعت الشروط واضحةً في
البداية بيننا … هذه هي النافذة، (ولكن الباب سأغلقه).
تطلعي منها، ولكن حذارِ أن يجيء أحد ويقول لي «تشامبا،
زوجتك تكاد تخلع عنقها من التطلع من النافذة!» وأعتقد أنه
لا يوجد شيءٌ بشعٌ في هذا.
فالرجل يضع في حساباته أن زوجته بحاجة لأن تتنسم الهواء
في النافذة، والمرأة تضع في حساباتها أن على الزوج أن يغلق
الباب. وكفى. ما هي أوامركِ يا سيدتي؟
بياتريتشى
:
آه فيفي … أعتقد أنني … لديَّ ما أقوله لتشامبا.
فيفي
:
ولماذا تريدين مني أن أنصرف إذا كنت تريدين فقط أن تقولي
له …؟
بياتريتشى
:
وهل يجب أن أقول له هذا أمامك؟!
فيفي
:
ولِمَ لا؟! آه هيَّا يا حلوة … تكلمي بحرِّية، لقد
أعطيتُك بالفعل ما كان عليَّ …
بياتريتشى
:
آه فعلًا … كفى، اسمع يا تشامبا، أنا بحاجةٍ إليك، فأنتَ
إنسان أهل للثقة، وكأنك فرد من العائلة.
تشامبا
:
نعم يا سيدتي، لإخلاصي.
بياتريتشى
:
لإخلاصك، ولكل شيء.
تشامبا
:
سيدتي لتنتبهي أنني إنسان ذكي وأفهم جيدًا، أتعرفين
ذلك؟
بياتريتشى
:
ماذا تقصد؟!
تشامبا
:
لا شيء … يبدو لي أن فمك … لا أعلم … وكأنكِ قد أكلتِ
عسلًا هذا الصباح.
بياتريتشى
:
عسلًا! أنا أكلتُ عسلًا هذا الصباح، معذرةً أنا لا أقول
لك هذا، بل …
تشامبا
:
آه يا إلهي، أنا لا أقصد الكلمات يا سيدتي! فأنا لستُ
طفلًا! سيادتك تريدين قول شيء آخر وراء تلك الكلمات، شيء
لا تقوله الكلمات.
بياتريتشى
:
ولكن أين؟ ومتى؟ إذا كنت أنتَ تخاف شيئًا …
تشامبا
:
إنني أحتكم إليكَ يا سيد فيفي. ما معنى أنني مثل «فرد في
العائلة»؟ وأجيبها: «نعم يا سيدتي، لإخلاصي»، عندئذٍ
تركلني هي بقولها «لإخلاصك ولكل شيء!» ما معنى «كل شيء»
هذه؟ ما معنى أننا جميعًا سادةٌ دون تمييز، وذلك يتضمن
أيضًا زوجتي؟! هل أنا مَن يخاف من شيء أو أنها تريد أن
تشير إليَّ بشيءٍ ما، لا أعلم، أشعر وكأنها تسنُّ أسنانها
ضدي؟
فيفي
:
ضدك أنت؟ بل ضدنا جميعًا! هناك أمرٌ خطير.
بياتريتشى
:
هل من الممكن أن تفهما ما قلتُه، أم إنني لن أتمكن من
الحديث بعد الآن؟!
تشامبا
:
ليس هذا هو الأمر يا سيدتي، هل تريدين أن أشرح لك أنا
كيف هو الأمر؟ فلقد جذبتُ الحبل.
بياتريتشى
:
الحبل؟ أيُّ حبل؟
تشامبا
:
الحبل الحضاري يا سيدتي، يجب أن تعرفي أن لدينا جميعًا
ثلاثة حبال مثل حبال الساعة موجودة في رءوسنا.
(وبيده اليمنى مغلقةً وكأنه مُمسكٌ بين السبابة والإبهام
بحبل، يتظاهر بأنه يشدُّ حبل الجهة اليمنى ثم في الوسط على
جبهته ثم في الجهة اليسرى) إنها الحبال الثلاثة؛ الجاد،
المتحضر، والمجنون. ونظرًا لأننا نعيش في مجتمع أكثر ما
يلزمنا هو الحبل المتحضر فهو يوجد هنا في المنتصف فوق
جباهنا، يمكننا جميعًا أن نأكل بعضنا بعضًا، يا سيدتي،
أحدنا الآخر، وكأننا كلاب سعرانة. هل آكُل نفسي؟ لا
أستطيع! هل آكُل السيد فيفي؟ لا يمكن ذلك! ماذا أفعل إذَن؟
أشدُّ الجبل المتحضر وأسير للأمام بابتسامةٍ مصطنعة،
وأمدُّ يدي: «آه، كم أسعدتني رؤيتك يا سيد فيفي العزيز!»
هل تفهمينني يا سيدتي؟ ولكن تأتي لحظاتٌ يفيض فيها الكيل،
عندئذٍ … عندئذٍ أحاول، أحاول أن أملأ الحبل الجاد لأوضح
الأمور لنفسي وأضعها في نصابها، أوضح أسبابي، وأقدِّم ما
لديَّ دون لفٍّ أو دوران، وعندما لا أنجح في أيِّ طريقةٍ
عندئذٍ يا سيدتي أُمسك بالحبل المجنون وأفقد النظر ولا
أعرف ماذا أفعل!
فيفي
:
رائع! رائع يا تشامبا!
تشامبا
:
في هذه اللحظة، يا سيدتي، سامحيني، لقد درتُ حول نفسك
كثيرًا، لأشياء تخصُّكِ (لا أريد أن أعرف عنها شيئًا)،
وربما أردت بذلك الحبل الجاد، أمَّا الحبل المجنون، والذي
تسبَّب لك في نوع من التذمُّر، أوقعك في شباكه الكثيفة!
إلا أنك تريدين التحدث معي من خلال الحبل المتحضر، ولكن
ماذا ينتج عن ذلك؟ ينتج عن ذلك أن كلماتك تخرج مُعوجَّة.
هل أنا واضح؟ استمعي إليَّ، أغلقي الموضوع، وأبعدي على
الفور السيد فيفي من هنا … (ويقترب منه.)
سيد فيفي أرجوكَ أنا أيضًا أن تذهب من هنا.
بياتريتشى
:
ولكن لا، لماذا؟ اتركه لحاله.
فيفي
:
هل تريدان أن تحرماني من متعة المكوث هنا لأستمع
لحديثكما؟
تشامبا
(متعمِّدًا)
:
لأنكِ أنتِ يا سيدتي، هنا — اسمحي لي — وعلى الناحية
اليمنى، يجب أن تديري الحبل الجادَّ لتتحدثي معي وجهًا
لوجه وبجديةٍ لمصلحتكِ ولمصلحتي!
بياتريتشى
:
لا أعتقد أنني أتحدث الآن بهزل، بالفعل أريد أن أتحدث
معك بطريقةٍ جادَّة.
تشامبا
:
آه، حسنًا، ها أنا ذا، ولكن لتنتبهي يا سيدتي، اتركيني
أقول هذا فقط؛ انتبهي فقط أن مَن لا يشدُّ في الوقت
المناسب الحبل الجاد، يمكنه أن يجد نفسه بعد ذلك يشد، أو
يتسبب في شدِّ الحبل المجنون لدى الآخرين؛ إنني
أُحذِّرك!
فيفي
:
يبدو لي أنكَ أنتَ الذي بدأت، يا عزيزي تشامبا، التحدث
بطريقة مُعوجَّة.
بياتريتشى
:
يبدو لي ذلك منذ برهة … لا أفهم …
تشامبا
:
أطلب المعذرة. (وباندفاعٍ مفاجئ) سيد فيفي كانت جبهة أبي
كلها مشقوقة.
فيفي
:
وما دخلنا بأبيك الآن؟!
تشامبا
:
عندما كان أبي طفلًا غبيًّا، كان بدلًا من أن يحمي جبهته
عن السقوط كان يحمي يديه، فعندما كان يتعثر، كان يُبعد
يديه على الفور للوراء، وبالتالي كان يشقُّ جبهته. أمَّا
أنا، يا عزيزي فيفي، يداي للأمام، أضعها أمامي لأنني أريد
أن أحافظ على جبهتي سليمةً، حُرةً، فارغة.
فيفي
:
اعذرني، وإذا كنتَ لا تعرف بعدُ السببَ الذي استدعتك
أختي لأجله فلماذا تضع يدك أمامك؟
تشامبا
:
سأترك الحبل الجادَّ وأشدُّ المتحضِّر.
(ينحني) أوامر سيادتك.
بياتريتشى
:
يجب أن ترحل هذا المساء إلى باليرمو.
تشامبا
(مأخوذًا من المفاجأة)
:
إلى باليرمو؟ ولكن كيف؟ إذا كان السيد سيَحضُر
غدًا.
بياتريتشى
:
هل سيكون السيد بحاجةٍ شديدةٍ إليك غدًا في
المكتب؟!
تشامبا
:
وكيف لا؟ اسمحي لي! وما فائدتي إذَن في المكتب؟ لماذا
عيَّنني؟!
بياتريتشى
:
أعرف أنه يجعلك قائمًا على حراسة الخزانة، ولذلك أيضًا
يجعلك تسكن في الغرفة المجاورة.
تشامبا
:
فقط لهذا السبب؟! هل تريدين سيادتك إهانتي؟ إنني أكتب يا
سيدتي.
فيفي
:
ألا ترين أنه يضع أيضًا القلم وراء أذنه.
تشامبا
:
بالفعل يا سيدتي وراء أذني، إنه علامة، ألا يضع صاحب
المطعم زجاجة النبيذ مُعلقةً في مدخل مطعمه؟ أمَّا أنا
فأضع القلم لأنني كاتب.
فيفي
:
كاتب وصحفي.
تشامبا
:
دع موضوع صحفي جانبًا! فهو عملٌ إضافي، أُمارسه
ليلًا.
إنني أكتب أعمال سيدي؛ إنني المسئول عن الدفاتر، يا
سيدتي، وأُشرف على الأعمال، أو ربما سيادتكِ تعتقدين أننا
نمزح هناك في المكتب؟ أم إنني أجلس هناك الكومبارس؟ أو
ربما استمعت إلى زوجك وهو يهزأ بي؟!
بياتريتشى
:
مَن؟ زوجي؟ منك أنت؟ ماذا تقول؟ يا لَشقاء مَن يتحدث عنك
بسوء!
تشامبا
:
سيادتك تريدين أن ترسليني هذا المساء إلى
باليرمو؟
فيفي
:
ولِمَ لا؟ لا أرى أيَّ ضررٍ في هذا.
بياتريتشى
:
وإذا قلت لزوجي إنني أنا التي أرسلتُك؟! أليس مسموحًا لي
أن أرسلك في مهمَّة؟!
تشامبا
:
مهمَّة؟ ولكنكِ يمكنكِ دائمًا أن تأمريني يا سيدتي! إنكِ
سيدة المنزل! وبالنسبة لي، يا عزيزي السيد فيفي، الذهاب
إلى باليرمو فرصةٌ لاستنشاق بعض الهواء في مدينة كبيرة،
إنها الحياة الحقيقية!
أشعر أنني هنا على وشك الاختناق يا سيدتي! لم يعُد هنا
هواءٌ أتنفسه. بمجرد أن أسير في طرقات مدينةٍ كبيرةٍ يبدو
لي على الفور أنني أسير فوق الأرض؛ أشعر بأنني في الفردوس!
تتفتح الأفكار في ذهني ويسير الدم في عروقي! آه لو كنتُ قد
وُلدت هناك، أو في إحدى المدن الكبرى في القارة، مَن يدري
ماذا كنتُ سأصبح!
فيفي
:
ربما أستاذًا … أو مفوَّضًا أو ربما وزيرًا.
تشامبا
:
وملكًا أيضًا! دعنا من المبالغة. إننا مجرد دُمى يا سيدي
العزيز فيفي! إن الروح المقدس يدخل فينا ويحوِّل نفسه إلى
دُمية. أنا دمية، وأنتِ دمية، وكلنا دُمى.
كان يجب أن نكتفي، بحقِّ السماء، بأننا وُلدنا دُمًى
كإرادة الله. لا يا سيدتي! كلٌّ منَّا بعد ذلك يصبح دُميةً
بطريقته؛ تلك الدُّمية التي يمكن أن يكونها أو التي يعتقد
أنها هو بالفعل. عندئذٍ تبدأ المُشاحنات! لأن كل دُمية، يا
سيدتي، تريد أن تحصل على احترامها، ليس لما تؤمن به في
قرارة نفسها، بل للجزء الذي يجب أن تمثله في الظاهر،
بوضوح، لا أحد سعيد بدوره! وكلٌّ منَّا إذا هو وضع نفسه في
مواجهة دميته، ربما يبصق على وجهها، ولكنَّ الآخرين لا.
يجب أن تنال الدُّمية كل الاحترام من الآخرين. على سبيل
المثال: أنتِ هنا … يا سيدتي، زوجة، أليس كذلك؟
بياتريتشى
:
زوجة فعلًا! على الأقل …
تشامبا
:
واضحٌ من الطريقة التي تقولين بها هذا أنكِ لستِ سعيدة
بذلك.
إلَّا أن ذلك لا يمنع، أنك كزوجة، تريدين أن تحصلي على
كل الاحترام الواجب، أليس هذا حقيقيًّا؟
بياتريتشى
:
بالطبع أريده؟ هذا ما يَنقصُني! بالطبع أُطالب به،
والويل لمَن لا يمنحه لي!
تشامبا
:
هل رأيت؟! هذا هو الموضوع! كلٌّ منا على هذا الحال! ربما
كنتِ تستطيعين مع الفارس فيوريكا، رئيسي المحترم، إذا كنتِ
تعرفينه فقط على أساس أنه صديق طيب، أن تعيشا سويًّا في
سلامٍ يشبه سلام الملائكة. إن الحرب بينكما هي الحرب بين
الدُّمى؛ دُمي الزوج ودمية الزوجة، في داخل المنزل يمكنكما
أن تتشاجرا، أن يمزق كلٌّ منكما شعر الآخر، يضع كلٌّ منكما
ذراع الآخر، تجذبين أنتِ الحبل المتحضر، يجذب هو حبله
المتحضر.
ويجذب كلُّ الناس أيضًا حبالهم المتحضرة، منهم مَن يعبُر
الطريق، ومنهم مَن يبتعد من هنا، ومن هناك، تملأ
الابتسامات وجوههم احترامات وتبجيلات، ويتمتع بتلك الدمى،
تنتصر كبرياؤنا وتملؤنا بالرضا!
فيفي
(ضاحكًا)
:
ولكنْ هل تعرف أنك مُسلٍّ فعلًا يا تشامبا
العزيز!
تشامبا
:
ولكنْ إذا كانت هذه هي حقيقة الحياة يا سيد فيفي! إنها
المحافظة على احترام الناس يا سيدتي! يجب على كلٍّ منَّا
أن يرفع دُميته عاليًا — مهما كانت حقيقتها — ليقدِّم لها
كل الآخرين الاحترامات الواجبة! لا أدري إذا كنتُ قد
استطعتُ أن أكون واضحًا. ولنعُد إلينا يا سيدتي، ماذا يجب
عليَّ أن أفعل في باليرمو؟!
بياتريتشى
(متأثرةً وشاردةً مُستغرقةً في
التفكير)
:
إلى باليرمو؟!
فيفي
(وهو يفيقها)
:
أوه، بياتريتشى!
بياتريتشى
:
آه فعلًا … سأخبرك؛ بدا لي أنني رأيت فانا تدخل من
هناك.
تشامبا
:
ربما غيَّرت سيدتي رأيها.
بياتريتشى
:
لم أغير أيَّ شيء! (إلى فيفي) أين وضعت النقود؟
فيفي
:
هناك، على ما أعتقد، فوق، على تلك المائدة
الصغيرة.
بياتريتشى
:
آه، ها هي هناك، هذه يا تشامبا ثلاثمائة وخمسون ليرة
(تعطيها له).
تشامبا
:
وماذا تريدين أن أفعل بها؟
بياتريتشى
:
انتظر، سأذهب لأُحضر لك مائةً وخمسين أخرى من هناك،
وبوليصتين.
تشامبا
(وهو ينظر لفيفي بقسوة)
:
من عند مكتب الرهونات.
فيفي
:
بالضبط. ولماذا تنظر إليَّ؟
تشامبا
:
أنا؟ أبدًا، تحت أمرك.
بياتريتشى
:
إن الأمر يتعلق باستعادة بعض الأشياء؛ زوجَي أقراط،
وأسورة في علبتين. سأذهب لأحضر لك البوليصتين (تتجه إلى
الباب الجانبي الأيمن).
فيفي
:
نظرًا لأن أختي قد رهنتهما لتصنع لي معروفًا، في خُفيةٍ
عن زوجها …
تشامبا
:
ولكن بحقِّ السماء يا سيد فيفي، أنا خادمك …
فيفي
:
لا، لا توجد صعوبةٌ في أن أقول ذلك، لقد أعدت بالفعل
النقود إلى أختي، وتريد أختي أن تكون هذه الأشياء في
المنزل غدًا.
تشامبا
:
غدًا بالتحديد؟! وأيُّ عذرٍ ستجده لتقول لرئيسي إنها
أرسلتني إلى باليرمو عشيَّةَ وصوله؟!
فيفي
:
آه، بهذا الصدد، لن تحار سيدةٌ في إيجاد عُذر!
تشامبا
:
ولكن سامحني، إن رئيسي غائب منذ أيام. ألم يكُن في
استطاعتها إرسالي قبل ذلك، دون أن يعرف هو أيَّ
شيء؟
فيفي
:
في الحقيقة، لقد أحضرتُ لها النقود الآن.
تشامبا
:
سيد فيفي … هناك شيءٌ ما لا يُطمئنني في كل هذا! أعتقد
أن في رأس أختك يوجد شيءٌ آخر.
فيفي
:
نعم، في الحقيقة، يبدو لي ذلك أنا أيضًا … ولكنْ ماذا
تريد أن يكون برأسها؟ بالتأكيد القصة المعتادة!
الغيرة.
تشامبا
:
وتريد إرسالي أنا إلى باليرمو؟
(تدخل بياتريتشى، وجهها مقلوبًا تمامًا
وكأنها خاضت مناقشةً عنيفةً هناك.)
بياتريتشى
:
آه ها أنا ذا … ها قد عدت.
فيفي
:
أوه، ولكنْ ماذا حدث لك؟
بياتريتشى
(مُسيطرةً على نفسها)
:
ماذا حدث لي؟
فيفي
:
لا أعرف … أراكِ … هكذا …
بياتريتشى
(تحاول السيطرة على نفسها)
:
لا شيء. لم أكُن أجد البوليصتين، وهذا سبَّب لي
الاضطراب.
(مقدِّمةً البوليصتين إلى تشامبا) ها هي، وهذه هي المائة
والخمسون ليرة.
تشامبا
:
اتفقنا. ولكن ماذا ستقولين سيادتك غدًا لرئيسي إذا لم
يجدني في مكاني. هل فكرتِ في هذا يا سيدتي؟
بياتريتشى
:
لقد فكرتُ في كل شيء!
(وتُريه في يدها الأخرى رزمةً أخرى من
الأموال.)
انظر؟ هذه هي نقود رحلتك، بالإضافة إليها مائةٌ وخمسون
ليرة.
فيفي
:
كل هذه الأموال … إنك …
تشامبا
:
هذا هو كل شيءٍ يا عزيزي السيد فيفي. بالضبط! عندما تكون
كل هذه الأوراق من فئة المائة موجودة.
بياتريتشى
:
حسنًا؟ ماذا تريد أن تقول؟ هل هناك أيُّ ملحوظات؟
(إلى الأخ) إنها نقودي كنت أدخرها.
(إلى تشامبا) عندما تكون كل هذه الأوراق فئة المائة
موجودة … هيَّا … أكمل …
تشامبا
:
لا شيء يا سيدتي. كنت أريد فقط أن أقول أن سيادتك يمكن
أن تستمتعي بأن تحركي خيوط دميةٍ وأن تجعليها تسير إلى
باليرمو.
بياتريتشى
:
أنا لا أرسلك لأستمتع؛ أنت تعرف جيدًا لماذا
أُرسلك!
ثم بعد ذلك، وبتلك النقود في باليرمو(وهذا شيء سأستمتع
به فعلًا)، أريدك أن تشتري لي عِقدًا يا تشامبا، عِقدًا
جميلًا هل تعرف شكله؟ بقلادة.
تشامبا
(متعجبًا)
:
أنا؟ عِقدًا؟!
بياتريتشى
:
بقلادة! سأقول لزوجي إنني رأيته في عنق صديقةٍ لي
معيَّنةٍ وإنه أعجبني كثيرًا! نزواتٌ زوجي يعرفها جيدًا
عني!
تشامبا
:
ولكن أنا يا سيدتي، سامحيني، ماذا أعرف عن شراء
…؟
بياتريتشى
:
لا يُهم. إذا حدث هذا ستقول لي عند عودتك إنك لم تستطع
العثور عليه.
تشامبا
:
إذَن تفضلي، لماذا تعطينني تلك النقود؟
بياتريتشى
:
لأنكَ بالفعل ستُسدي لي خدمةً إذا استطعت شراءه! أريده
يشبهه تمامًا وأن تشتريه أنتَ يا عزيزي تشامبا!
تشامبا
:
لماذا مني أنا؟ ماذا تريدين مني اليوم يا سيدتي؟ يشبهه
تمامًا؟ يشبه ماذا؟ وإذا كنت لا أعرف عمَّ
تتكلمين؟!
بياتريتشى
:
سأقول لك؛ اذهب إلى ميركوريو، بائع المجوهرات لعائلتنا،
أعرف أن عِقد صديقتي هذه لا بدَّ من شرائه من هناك. اذهب
إلي هناك وستجد العِقد لديه. اذهب على الفور،
هيَّا!
تشامبا
:
سيدتي، إنني ما زلتُ أشعر قليلًا بالدُّوار. قليلًا؟ لا
بل كثيرًا!
فيفي
:
يبدو لي أنها وجدت عذرًا جيدًا!
بياتريتشى
:
أفضل من هذا؟ لم يكُن في إمكاني إعداد مفاجأةٍ أفضل من
هذه لزوجي! عندما سيراني غدًا وأنا أضع ذلك العِقد فوق
صدري …
تذكَّرْ أن هناك قطارًا يرحل الآن في الساعة
السادسة.
فيفي
(وهو ينظر للساعة)
:
مازال هناك ساعةٌ من الزمن.
تشامبا
:
بالنسبة لي لستُ في حاجةٍ سوى لدقيقتين. سأذهب لأغلق
المكتب! أغلق أولًا العارضة ثم أغلق بالسلسلة والأقفال باب
منزلي وأرحل. أريد أن تكون تلك الساعة من وقتي
لسيدتي.
بياتريتشى
:
لي أنا؟
تشامبا
:
إذا كانت سيدتي تريد أن تعيد التفكير وأن تتأمل في
…
بياتريتشى
:
لا، لا أريد شيئًا، وفيمَ تريدني أن أفكر؟
تشامبا
:
سيدتي، أُذكِّر سيادتك بحالة أبي الذي كان يُبعد يديه
…
بياتريتشى
:
مرةً أخرى.
تشامبا
:
سأذهب الآن. أقبِّل يديك!
(وبمجرد أن يصل للباب يعود إلى الوراء) سيدتي هل تريدين
أن أُحضر لكِ زوجتي إلى هنا؟
بياتريتشى
:
زوجتك! هنا!
(تقهقه ضاحكة) لا ينقصني سوى هذا؟ سيكون شيئًا
مضحكًا.
تشامبا
(بجدية)
:
ليطمئن قلبي يا سيدتي.
بياتريتشى
:
ولكن ماذا تقول: لتذهب! هل جُنِنت؟ وماذا تريدني أن أفعل
هنا بزوجتك؟
تشامبا
:
لا شيء بالتأكيد؛ سيدة مثلك … ولكن أنا أقول: ليطمئن
قلبي.
بياتريتشى
:
ولكن إذا كنت تغلق عليها بالمفتاح حسب عادتك، وتضع أيضًا
العارضة.
تشامبا
:
والسلسلة يا سيدتي. وسأحضر المفاتيح هنا لك!
بياتريتشى
:
ولكنْ لا! لا حاجة لذلك. يمكنكَ أن تأخذ معكَ
المفاتيح!
تشامبا
:
آه لا يا سيدتي، إذا كنتِ لا تريدين زوجتي هنا على الأقل
فخُذي المفاتيح. أنا مُصِر!
بياتريتشى
:
حسنًا، أَحضرْها ولكنْ لا تضيِّع المزيد من
الوقت.
تشامبا
:
لنذهبْ يا سيد فيفي.
(ويتحرك وأمام الباب يعود ويستدير) هل قُلتِ
بقلادة؟
بياتريتشى
:
أوف! نعم بقلادة.
تشامبا
:
أُقبِّل يد سيدتي.
(ويرحل مع فيفي لا بيللا.)
المشهد الخامس
(بياتريتشى والمفوَّض سبانو)
بياتريتشى
(وهي تتطلع بقلق إلى الباب
الأيمن)
:
تفضَّلْ أيها المفوَّض، ادخلْ هنا. آه أخيرًا!
سبانو
(في حوالي الأربعين من عمره، نمط غريب
للمفوَّض الريفي، ذو مظهرٍ بُطولي، مُلتحٍ ويغطيه الشَّعر؛
ومن حينٍ لآخر ينكمش وهو يتكلم)
:
صعقت يا سيدتي، هذا ما حدث تمامًا، وكأن هناك برقًا،
ولكن من تلك الأنواع القوية، أتعرفينها؟ المدمِّرة، وكأنه
وقع هنا، أمام قدمي تمامًا؛ والعياذ بالله.
بياتريتشى
:
حسنًا حسنًا. ولكنْ لا يوجد وقتٌ للتحدث. الآن أيها
السيد المفوض يجب أن نركز على الفور فيما يجب عمله. هل
تتخيل؟ هل تصدِّق؟ كان يريد أن يحضر زوجته إلى هنا!
سبانو
:
هنا؟ هو؟ زوجته؟
بياتريتشى
:
هل هناك دليلٌ أفضل من هذا؟ لا يمكن الوصول إلى أكثر من
ذلك.
سبانو
:
أرجوكِ، اهدئي يا سيدتي، اهدئي!
بياتريتشى
:
كيف تريد مني أن أهدأ؟! أريد أن ألقِّنه درسًا أمام
البلدة كلها، درسًا لن ينساه أبدًا!
سبانو
:
نعم، ولكن … و… العواقب يا سيدتي! هل درستِ سيدتي كل
العواقب؟!
بياتريتشى
:
ماذا؟ إنه لا بدَّ وأن ننفصل، أهذا ما تقصده؟! أنا على
أتمِّ استعدادٍ لذلك، ولكنْ ليس بهذه السهولة … آه، أبدًا!
أريد أن أفضحه فضيحةً كبيرة! يجب أن تعرف كل البلدة حقيقة
الفارس فيوريكا الذي يحترمونه جميعًا! أنا أريد أن أشكوه
لك، إن سيادتك موظفٌ رسمي، ولا يمكن أن ترفض ما
أطلبه.
سبانو
:
حسنًا … سيدتي، بالتأكيد … إذا أعددتِ سيدتي لي
الشكوى.
بياتريتشى
:
أُعدُّها لك فورًا، قُل لي كيف وسأُعدُّها لك.
سبانو
:
آه … هو كذلك، لا! معذرة! لا يمكن هذا، هل تريدين أن
أقول لك أنا كيف تفعلين ذلك؟
بياتريتشى
(بدأت تتدلَّل بنبرة غاضبة)
:
ألا تريد أن تساعدني؟ أيها السيد المفوَّض، ألا تريد أن
تساعدني؟!
سبانو
:
وكيف لا يا سيدتي؟ أريد أن أساعد سيادتك … ولكنْ لتضعي
في اعتبارك أيضًا أنني صديقٌ للعائلة.
بياتريتشى
:
لكن يجب أن تخدم العدالة!
سبانو
:
أجل يا سيدتي، وأنا مُجبَر ألَّا أنظر في وجه أحدٍ وأسير
هكذا يا سيدتي، ورأسي مرفوع دائمًا، حتى أمام الله!
ولكن يا سيدتي لأجل التقدير والتبجيل الذي أحمله لذكرى
والدك الغالية، والذي كان أبًا حقيقيًّا لي يا سيدتي …
ويشهدُ عليَّ الله، كم أَحبَّني يا سيدتي! وكم من الأشياء
علَّمني.
اسمعي يا سيدتي! أريد أن أخبرك أن هناك أشياء صغيرة …
خطايا … صغائر عابرة …
بياتريتشى
:
عابرة؟ آه أنتَ تسمِّيها عابرة …
سبانو
:
ويمكن أن نطلق عليها أيضًا نزوات إذا أردت … أنا
أحدِّثكِ كصديق!
بياتريتشى
:
كصديقه هو؟!
سبانو
:
لا! صديقكِ أنتِ يا سيدتي؟ وصديقه هو أيضًا!
بياتريتشى
:
وتقول نزوات؟ ولكنها جميلة، جميلة تلك النزوات! أهذا هو
عدلُك؟ أهكذا تقف بجوار سيدةٍ مسكينة وضعيفة لا يمكنها أن
تحمي نفسها؟ وحدها؟ أريد أن أقدِّم شكوى، هل فهمت؟ حالًا،
حالًا، كيف أفعل ذلك؟
سبانو
:
آه يا إلهي! ولكن لعمل الشكوى لا يلزم أيُّ شيء …
التنفيذ يا سيدتي! هل تعتقدين أنه شيءٌ سهل؟ إن التنفيذ
غاية في الحساسية والصعوبة … يجب أولًا أن نتأكد — دون أن
يرانا أحد — من شكل المكان، وندرس طبيعته … آه ما رأيك؟
أدلة … براهين …
بياتريتشى
:
كل شيء مُجرَّب وكل شيء مدروس؟ لسنا بحاجة لشيء سيدي
المفوَّض، هل سيادتك تعرف الغجرية؟
سبانو
:
نعم، أعرفها جيدًا يا سيدتي، تحدثت معها بالفعل! إنني
على درايةٍ بكل شيء.
لدينا مخرجان يا سيدتي؛ الأول من جهة مكتب الفارس،
والآخر من الناحية المقابلة، حيث يصل الحجرتين المتصلتين
بالمكتب مسكن تشامبا. إذَن هناك باب من الوسط، نعم أم لا؟
بين المكتب وبين حجرتَي تشامبا؟ يوجد بابٌ أليس كذلك؟
ويمكن لتشامبا أن يغلقه من هنا، من جانبٍ بالعارضة
والسلسلة! وبالتالي إذا ذهبت سيادتك ومعك الحرس في الوقت
نفسه لتقتحمي المكان من الجهتين، ماذا يحدُث؟ ما يحدث
أنهما لن يفتحا حتى وإن جاءت الآلهة، إلا عندما يغلقا
الباب المتصل بين المكانين، وبالتالي سنجدهما؛ هو في ناحية
وهي في الناحية الأخرى!
بياتريتشى
:
إذَن … إذَن ألا يُوجد حل؟
سبانو
:
لا يُوجد حل؟! ولكن هنا يظهر إبداع الإنسان في إيجاد
الحلول يا سيدتي! إذا كان لدى سيادتك — مثلًا — مفتاح
المكتب.
بياتريتشى
:
لديَّ! لديَّ المفتاح! يجب أن يحضره لي تشامبا الآن،
وقبل أن يرحل فأنا أنتظره.
سبانو
(متعجبًا)
:
تشامبا؟! كيف تشامبا سيحضر لك المفتاح؟
بياتريتشى
:
نعم، ودون أن أطلبه منه أيضًا! يريد أن يُحضره لي،
بالقوة، وبأيِّ ثمن! بل إنني لم أكُن أرغب في ذلك.
سبانو
:
لا أفهم! لا … لا أفهم أيَّ شيء … إذَن … فسيادتكِ يمكن
أن تكوني أكثر ثقةً في أن تشامبا ليس لديه أيُّ شك … شيءٌ
إيجابي، أتعرفين ذلك!
بياتريتشى
:
ولكن ماذا تقول؟ ولماذا إذَن أراد أن يُحضر لي زوجته إلى
هنا؟
سبانو
:
لماذا … لماذا … بحقِّ السماء، لأنهم في البلدة يا
سيدتي، لأنه معروف هنا للجميع.
بياتريتشى
:
إنني غيورة، أليس كذلك؟ وبهذه الذريعة، أيْ لأنني غيورة،
استطاع هو أن يفعل ما يحلو له. ولكنني سأُثبت الآن للناس
أنني غيورة بسببٍ أو بدون أسباب! أنتَ تقول لن تكون هناك
صعوباتٌ إذا كان لدينا المفتاح، حقًّا؟ ستفتح المكتب قبل
أن يسمح له الوقت بأن يغلق الباب المشترك و…
سبانو
(بابتسامة تعاطف)
:
أفتح؟ أفتح ماذا؟ آه، أفتح!
هل يبدو لك الفارس شخصًا غبيًّا ليدخل إلى المرأة، وأن
يتخذ احتياطه فقط بأن يغلق باب المكتب؟ لا بدَّ وأنه سيضع
أيضًا العارضة! وكيف سأستطيع أن أفتح الباب إذَن؟ كيف
أفتحه؟! بجب في هذه الحالة أن أعلن تهديداتي وأمسك بالباب،
وأثناء ذلك سيكون لدى الفارس الوقت الكافي ليغلق الباب
المشترك ويضع عليه المتراس والسلاسل والقُفل. لا، لا يتمُّ
الأمر بهذه الطريقة يا سيدتي. سيكون أمرًا سهلًا إذَن أن
يعمل المرء كمفوَّض!
بياتريتشى
:
آه يا إلهي! وكيف يتمُّ الأمر إذَن؟
سبانو
:
كيف يتم … كيف نفعل ذلك … سيصل الفارس في العاشرة؟!
حسنًا! يجب أن يكون هناك شخصٌ بالداخل مختبئًا في ذلك
المخزن الصغير حيث يضع الفارس نُسخ الخطابات قبل مجيئه
بنصف ساعة؛ في التاسعة والنصف تمامًا … وهكذا يُقبض عليه
متلبِّسًا!
بياتريتشى
(مبتهجة)
:
آه! بارع! هيَّا أَمْلِ عليَّ ما يجب كتابته في الشكوى …
هيَّا … بسرعة!
(يُسمع صوت الجرس.)
سبانو
:
يبدو أن أحدًا بالباب.
بياتريتشى
:
نعم، لا بدَّ وأنه تشامبا وقد أحضر المفتاح! فلتختبئ،
اختبئ هناك لحظة (تشير إليه بالباب الأيمن).
سبانو
:
في الجناح، هل فهمت؟!
(ويسرع نحو الباب الأيمن.)
المشهد السادس
(تشامبا، وزوجته نينا، وبياتريتشى)
تشامبا
(خلف ستارة الباب، في مؤخرة الحجرة،
ممسكًا بحقيبة صغيرة في يده)
:
أتسمحين لي؟
بياتريتشى
:
تفضَّل، تفضَّل يا تشامبا.
(وبحركة اندهاشٍ وغضب، وهي ترى زوجته
تدخل معه.)
ما هذا الذي أرى؟!
تشامبا
:
سيدتي، لقد أحضرت لك زوجتي؟
بياتريتشى
(غاضبة)
:
خذها معك وعُد بها حالًا دون أن تضيع لحظةً
واحدة!
تشامبا
:
اتركيني أشرح لك يا سيدتي.
بياتريتشى
:
لا أريد أن أسمع أيَّ شيء! هيا! اخرجا فورًا! لا أريد
حتى أن أنظر إليها!
تشامبا
:
سيدتي، زوجتي نظيفة، ومتواضعة.
بياتريتشى
:
لا بدَّ وأنها غاية في النظافة! أتوقع هذا! وقمة
التواضع! ولكنني لا أعرف ما دخلي في كل هذا!
(وهي توجِّه حديثها للزوجة
مباشرةً.)
إنني أتعجب منك، أنتِ التي تعلمين أنه لا شيء لديك هنا
لتعمليه جئتِ خلف زوجك!
نينا
(في حوالي الثلاثين، تبدو متأنقةً
جدًّا بعيدةً كل البعد عن التواضع، وترتدي وكأنها سيدة،
بعناية شديدة وبنظافة، حذاءً أنيقًا، شالًا من الحرير،
قُرطًا، خواتم. وقالت وعيناها تنظران لأسفل، ولكن بصوت
واضح:)
:
سيدتي، وإذا كان زوجي قد أمرني بذلك …
تشامبا
:
(سعيدًا) رائع!
بياتريتشى
:
كان من الممكن أن توفِّري على نفسك تلك الطاعة الزائدة
لأنني قُلت لزوجك إن إحضارك لي هنا ممنوعٌ منعًا
باتًّا!
نينا
(تجيب وعيناها تنظران لأسفل ولكن بصوت
واضح)
:
ولكنني لم أكُن أعرف ذلك يا سيدتي.
تشامبا
:
رائع!
بياتريتشى
:
لقد أعددتما المسرحية جيدًا سويًّا، أليس كذلك؟
تشامبا
:
لا يا سيدتي؛ في الحقيقية — بهدوء وبتواضع — كما ينبغي
لقد فعلت الواجب عليَّ بأن أحضرها لك، ألا تريدين
هذا؟
بياتريتشى
:
قلت لك لا أعرف ماذا أفعل بها!
تشامبا
:
يمكن أن تضعيها أيضًا في المطبخ، أوفي مخزن الفحم، بل
يمكنك أن تجعليها تنام تحت الأفران مع القطة.
بياتريتشى
:
أنت اليوم تريد أن تُفقدني صبري، أليس كذلك؟ وأن تجعلني
أقول ما لا أريد، أو ما لا يجب قوله!
تشامبا
:
ولكنْ بلى، فلتتحدثي، قولي، قولي يا سيدتي! ليتكِ
تقولين!
بياتريتشى
:
أقول لكَ امشِ من هنا، ويكفي هذا!
تشامبا
:
حسنًا، إذَن أنتِ لا تريدينها، اتفقنا! لقد أحضرتُها
إليكِ وأنتِ لا تريدينها، اتفقنا، إذَن إليك المفاتيح؛ أنا
سأرحل، وتذكَّري يا سيدتي أنها الآن بين يديكِ (يسلمها
المفاتيح، ثم يتقدم إلى زوجته، ويتظاهر بأنه يشدُّ حبالها
كما يفعل لدمية) نينا، انتظري، ها هو الحبل المتحضر؛
احترامات، عيناك إلى أسفل وإلى البيت مباشرةً!
نينا
(وهي تنحني)
:
خادمتك!
تشامبا
:
رائع!
(يتحرك خلف زوجته متجهًا للباب، ويستدير ويقول
لبياتريتشى، وهو يقوم بإيماءاتٍ وكأنه يجذب الحبل الجادَّ
على الجانب الأيمن) إذا كانت سيدتي تريد أن تفتح …
بياتريتشى
:
لن أفتح أيَّ شيء!
تشامبا
:
لنترك كل شيء مغلقًا في طيِّ الكتمان!