الفائدة والائتمان والدَّيْن
ستتعلم في هذا الدرس
-
أهمية الفائدة في اقتصاد السوق.
-
الأنواع الشائعة من المعاملات الائتمانية.
-
إيجابيات الاستدانة وسلبياتها.
(١) الفائدة وارتباطها بالوقت
تعلمنا في الدرس العاشر أن الفائدة هي مقدار النقود التي تُدفَع للمقرِض إضافة إلى «أصل القرض». على سبيل المثال: إذا أقرض شخص ما ١٠٠٠ دولار، ثم استردها ١٠٨٠ دولارًا بعد عام، يكون أصل القرض ١٠٠٠ دولار ويكون المقرض قد ربح فائدة مقدارها ٨٠ دولارًا. وعادة ما نسمع الحديث عن «معدل الفائدة»، وهي الفائدة معبرًا عنها كنسبة مئوية من أصل القرض، وعادةً تحتسب على أساس سنوي. وفي مثالنا السابق، معدل الفائدة السنوية للقرض ٨٪.
ربما تكون مسألة الفائدة وتفسير كيفية تحديد الأسواق لمعدلات الفائدة أحد أكثر جوانب النظرية الاقتصادية تعقيدًا. وفي الدرس الحالي، سوف نكتفي بعرض المبادئ الأساسية. والفائدة ترتبط في الأساس بالوقت؛ إذ لا بد من تعويض المقرضين (بالفائدة) ليتخلوا عما لديهم من نقود في الوقت الحاضر مقابل وعد بأن تُردَّ إليهم نقود لن تتوافر إلا في المستقبل. على الجانب الآخر، فإن استعداد المقترضين لدفع الفائدة يرجع إلى أنهم يقدرون الحصول على النقود (وما يمكن شراؤه بهذه النقود) في الوقت الحاضر، بدلًا من الاضطرار إلى تأجيل عمليات الشراء هذه إلى المستقبل. ويرتبط معدل الفائدة الإيجابي ارتباطًا وثيقًا بعامل «التفضيل الزمني»، وهو الرغبة في الاستمتاع بالسلع عاجلًا وليس آجلًا (في حالة ثبات جميع العوامل الأخرى).
في بعض الحالات يكون معدل الفائدة هو نفسه «سعر الصرف» بين عملتين، باستثناء أن هاتين العملتين هما «الدولار الأمريكي الحالي» و«الدولار الأمريكي المستقبلي». يبين سعر الصرف العادي عدد الدولارات الأمريكية الحالية التي يمكن استبدالها بواحد يورو أو واحد بيزو مكسيكي، بينما يبين معدل الفائدة عدد الدولارات التي يمكن أن نستبدل بها في عام ٢٠١٠ دولارًا واحدًا عام ٢٠١١ باعتبار أننا في عام ٢٠١٠.
تحتاج أي مؤسسة تجارية إلى استخدام «أسعار الصرف» إذا كانت تدير عملياتها في عدة بلدان مختلفة، وذلك من أجل توحيد حساباتها. فمثلًا، إذا اشترت إحدى الشركات مكونات صينية مسعَّرة باليوان، ودفعت لعمال مكسيكيين بعملة البيزو لتجميع المكونات وإنتاج سلع نهائية، ثم أرادت بيع منتجاتها في الولايات المتحدة بالدولار، فسيحتاج محاسبو الشركة تحويل العملات الثلاث إلى قيمة موحدة (من المفترض أن تكون الدولار الأمريكي) ليروا هل تحقق الشركة أرباحًا أم لا.
وبالمثل، تتيح معدلات الفائدة لفترات زمنية مختلفة أو «الاستحقاقات» للشركات أن تتتبع حساب العمليات التي تحدث على مدى عدة سنوات (وليس عدة بلدان). لو أن شركة تشتري المواد الخام من موردين أمريكيين في عام ٢٠١٠، ثم تدفع لعمال أمريكيين لتصنيع هذه المواد الخام في عام ٢٠١١، وأخيرًا تبيع السلع النهائية تدريجيًّا على مدار عام ٢٠١٢، فلن يستطيع محاسبو الشركة تجاهل عامل الوقت عند حساب النفقات والإيرادات. فالقيمة السوقية للدولارات التي دُفعت مقابل المواد الخام في عام ٢٠١٠ وأيضًا الدولارات التي دُفعت للعمالة في عام ٢٠١١ أعلى من القيمة السوقية للدولارات التي ستحصل عليها الشركة من العملاء في عام ٢٠١٢، ولذلك سيحتاج المحاسبون إلى حساب النسبة المئوية التي ستقل بها قيمة النقود في المستقبل عند النظر إلى الحسابات الخاصة بالعملية على مدى السنوات الثلاث ليجيبوا عن السؤال: هل حققت الشركة ربحًا أم لا؟
من المهم أن نبين أنه كلما زاد معدل الفائدة زادت العمليات التجارية الموجَّهة نحو الحاضر. إذا كانت هناك عملية طويلة الأجل، وتتطلب توفير مدخلات إنتاج من العمالة والمواد الخام على مدى عدة سنوات قبل ظهور المنتج النهائي، فكلما زاد معدل الفائدة قلَّت ربحية هذه العملية. وهذا لأن صاحب المشروع الذي يدير هذه العملية سيدفع أموالًا اليوم ولسنوات عدة على أمل الحصول على إيرادات في وقت غير محدد في المستقبل البعيد. وكلما زاد معدل الفائدة زادت «الغرامة» المرتبطة بمدة العملية، وزاد تشجيع السوق لأصحاب المشروعات كي يسرعوا بتحويل مواردهم إلى سلع نهائية لتلبية حاجات المستهلكين.
على الجانب الآخر، يعطي معدل الفائدة المنخفض «ضوءًا أخضر» لأصحاب المشروعات للبدء في عمليات إنتاج طويلة المدى. حتى وإن ظلت أسعار المواد الخام والمنتج النهائي كما هي، قد يكون المشروع غير مربح في ظل معدل الفائدة المرتفع، وإنما يكون مربحًا مع انخفاض معدل الفائدة. ومثل جميع أسعار السوق الأخرى تُوجِّه معدلات الفائدة أصحاب الأعمال التجارية نحو الاستثمار الفعال لمواردهم المحدودة.
(٢) الادخار والاستثمار والنمو الاقتصادي
تذكر أننا رأينا في الدرس العاشر كيف تحقق زيادة المدخرات استثمارات أكبر ونموًّا اقتصاديًّا أسرع. والآن سنرى كيف يساعد معدل الفائدة السوقي في ذلك.
لاحظ أن المحور السيني في الرسم البياني السابق يشير إلى إجمالي الأموال المقترضة (المطلوبة) والمعروضة للإقراض؛ في حين يشير المحور الصادي إلى سعر القرض الذي هو نفسه معدل الفائدة. يقول البعض إن الفائدة هي «سعر النقود»، لكن قولهم يفتقر إلى الدقة؛ فالفائدة هي سعر «اقتراض» النقود. ففي المثال السابق، عليك أن تدفع ٨ دولارات لتقترض ١٠٠ دولار لمدة عام؛ فبعد أن يقترض الفرد ويعيد أصل مبلغ القرض يكون ملزمًا بدفع ٨ دولارات أخرى.
يوازن معدل الفائدة المتوازن بين الكمية المطلوبة من الأموال المقترضة والكمية المعروضة للإقراض. عندما تكون معدلات الفائدة مرتفعة للغاية، سيرغب المقرضون في إقراض أموال أكثر مما يرغب المقترضون في اقتراضه. (أقنع نفسك أنه عند ارتفاع معدلات الفائدة — مع ثبات جميع العوامل المؤثرة الأخرى — يرغب المقرضون في عرض أموال أكثر ويرغب المقترضون في طلب أموال أقل.) في المقابل، إذا كان معدل الفائدة أقل من ٨٪ في الرسم البياني السابق، سيكون هناك عجز في الأموال المعروضة للإقراض، لأن المقترضين سيسعون إلى اقتراض أموال (مقدرة بالدولار) أكثر مما يرغب المقرضون مجتمعين في إقراضه. وفي منحنيي العرض والطلب الموضحين سابقًا، لا نرى توازنًا إلا عندما يكون معدل الفائدة ٨٪، حيث تتساوى الكمية المعروضة من القروض تمامًا مع المطلوبة منها.
الآن بات لدينا فهم أكثر اكتمالًا للعملية التي أشرنا إليها في الدرس العاشر. فعندما يزيد ادخار أفراد المجتمع بوجه عام، يؤدي ذلك إلى انخفاض معدلات الفائدة وزيادة إجمالي الأموال المعروضة أمام المقترضين. وتعطي معدلات الفائدة المنخفضة الضوء الأخضر لأصحاب الأعمال التجارية للدخول في مشروعات طويلة الأجل لأنها ستكون مربحة حينئذ. وقد رأينا في الدرس العاشر أنه عندما خفَّض أفراد المجتمع في المتوسط استهلاكهم الحالي (على المطاعم الفخمة، وقضاء العطلات، وشراء الأجهزة الإلكترونية … إلخ)، أدى ذلك السلوك التدبيري إلى إطلاق الموارد المادية، وأتاح زيادة الاستثمار في الماكينات والمعدات والسلع الرأسمالية الأخرى التي ستعزز الناتج المستقبلي في نهاية الأمر. لكن نرى الآن كيف يلعب معدل الفائدة السوقي دورًا في مساعدة أصحاب الأعمال التجارية في التكيف مع التفضيلات الجديدة لعملائهم، وفي توجيههم نحو تغيير هيكل الإنتاج بالكامل ليصبح أكثر تركيزًا على المستقبل.
(٣) المعاملات الائتمانية الشائعة
(٣-١) السندات
عندما ترغب إحدى الشركات في اقتراض المال، فإنها تبيع «سندًا»، وهو حق قانوني يخوِّل لحامل السند الحصول على سلسلة من المدفوعات النقدية من مُصدِر السند (أي الشركة). وليس هناك شيء مبهم وراء «إصدار» السند، فهو ليس سوى عقد معياري تقترض بموجبه إحدى الشركات نقودًا من شخص آخر في المجتمع. ومن «يشتري السند» لا يفعل شيئًا سوى أنه يقرض المال (سعر السند) مقابل تعهد رسمي من الشركة بدفع مبالغ فائدة على فترات منتظمة، ورد أصل القرض في النهاية.
(٣-٢) البنوك
عندما يرغب شخص في اقتراض المال يمكنه أن يجري ترتيبات شخصية مع عدة أفراد. لكن في كثير من الأحيان يلجأ المقترضون للاستفادة من خدمات «وسيط ائتماني» مثل «البنك». والبنك وسيط بين المقرِضين والمقترضين النهائيين في السوق. أولًا: يقوم البنك بدور المقترض عندما يقرض «المودعون» أموالَهم للبنك (ويربحون معدل فائدة محدد على ودائعهم). ثانيًا: يستخدم البنك هذه الأموال ليقرض الأفراد الذين يرغبون في الاقتراض من البنك (وفي دفع معدل فائدة محدد وأعلى على قروضهم).
والبنك الناجح قادر على كسب ما يكفي من المال من «هامش الفائدة» (الفارق بين معدل الفائدة التي يدفعها المقترضون للبنك، ومعدل الفائدة التي يدفعها البنك للمودعين) من أجل دفع رواتب موظفيه وغيرها من النفقات، وأيضًا توفير دخل لرواد الأعمال الذين يديرون البنك. وأحد الأسباب الرئيسية في قدرة البنك على الحفاظ على هذا الفارق هو اختلاف «المخاطرة الائتمانية» من مقترض لآخر.
تخيل أن زوجين شابين يرغبان في اقتراض «رهن عقاري» لشراء منزل جديد بمبلغ ٢٠٠٠٠٠ دولار. سوف يقترضان المبلغ في النهاية من عدة مدخرين في المجتمع. لكن إذا طرق الزوجان الأبواب لكي يعثرا على ٢٠٠ شخص كل منهم على استعداد لدفع ١٠٠٠ دولار مقابل توقيع الزوجين على عقد قرض، فلن يجدا على الأرجح هذا العدد من المقرضين، وإن وجداه فسيكون معدل الفائدة الذي سيدفعانه مرتفعًا للغاية. المشكلة أن المدخرين الأفراد لا يعرفون الزوجين حق المعرفة، وحتى إن كانا كادحين في عملهما وعلى قدر من الأمانة، فهناك احتمال تسريحهما من العمل أو تعرضهما لظروف صحية تؤدي بهما إلى «التعثر» في سداد الدين.
الآن بتنا نفهم دور الوسيط الائتماني كالبنك؛ فأفراد المجتمع يرغبون في إيداع أموالهم لدى البنوك، لأن احتمال فقدان مدخراتهم في تلك الحالة أقل كثيرًا عما يكون عليه الأمر مع المقترضين الأفراد. ومن ثم يكونون على استعداد لإقراض أموالهم للبنك بمعدل فائدة أقل مما كانوا سيصرون على طلبه من الزوجين اللذين يحاولان شراء المنزل. على الجانب الآخر، يستطيع البنك إقراض الزوجين، لأن لديه خبراء مهمتهم تقدير مدى قدرة الزوجين على سداد أقساط القرض في مواعيد استحقاقها. وعندما يقدم البنك رهونًا عقارية ليس لهؤلاء الزوجين فقط، وإنما لمئات وآلاف من مشتري المنازل، فإنه يقلل مخاطر التعثر في سداد رهن معين. وما دام البنك قد قدر جيدًا المخاطر الائتمانية للمقترضين المختلفين، فسوف يستوعب حالات «التأخر في السداد» وأيضًا حالات التعثر المتوقعة بوصفها جزءًا من تكلفة نشاطه التجاري. ومعدلات الفائدة التي يحددها البنك في عقود الرهون العقارية المختلفة وغيرها من القروض الأخرى ستعكس درجة الخطورة المرتبطة بكل مقترض.
عندما يُقرض المدخرون في مجتمع ما أموالهم إلى مقترضين عبر وسيط ائتماني كالبنك، فإن ذلك يسمح بتجميع المخاطر وتوزيعها بانتظام. فإذا انتهى أمر ١٪ من الأزواج المقترضين أموالًا لشراء منزل بالتعثر في سداد أقساط القرض، فتلك الخسارة لا يتكبدها بالكامل ١٪ من المقرضين سيئي الحظ الذين يفقدون مدخراتهم. على العكس — إذا افترضنا أن البنك أدى مهمته كما ينبغي — تتوزع الخسارة التي تحدث في مدفوعات الرهون العقارية بالتساوي على جميع المقرضين، ويتمثل ذلك في حصولهم على معدل فائدة على ودائعهم البنكية أقل مما يدفعه المقترضون النهائيون على ما يحصلون عليه من رهون عقارية.
(٣-٣) البطاقات الائتمانية
أحد أشكال المعاملات الائتمانية الشائعة في وقتنا الحاضر يتضمن استخدام «بطاقة الائتمان». فعندما يشتري أحد الأفراد زوجًا من الأحذية من أحد مراكز التسوق، ويمرر بطاقته الائتمانية عبر الماكينة، يدفع مُصدر بطاقة الائتمان النقود للمتجر، ثم يسجل القرض على حساب هذا الشخص. وكما هو الحال مع المعاملات الأخرى التي أشرنا إليها من قبل، فإن هذه العملية لا توجِد نقودًا جديدة. من الناحية النظرية، يمكن تشبيه الأمر بأن ممثلًا عن البنك المُصدِر لبطاقة الائتمان يدخل المتجر، ويعطي النقود للمستهلك مقابل الحصول على توقيع منه يضمن رد النقود بالإضافة إلى الفائدة، وبعدها يدفع المستهلك النقود التي اقترضها لتوه إلى صاحب المتجر. يتعلق الاستخدام الشائع لهذه البطاقات البلاستيكية بمسألة توفير الراحة، إذ إنه يختصر خطوتي عملية الاقتراض المرهقة إلى بضع ثوان فحسب.
وكحال المقرضين الآخرين، يتعين على مُصدري بطاقات الائتمان توخي الحذر عند إقراض المال للمقترضين. فعندما يتقدم أحد الأفراد بطلب للحصول على بطاقة ائتمان، فإن الشركة المُصدرة تراجع «التاريخ الائتماني» لطالب البطاقة من أجل الحكم على مدى قدرته على سداد أي أموال سيقترضها. وهناك العديد من الشركات التي تقدم خدمة متابعة التاريخ الخاص بديون المقترضين ووفائهم بهذه الديون. وهذه الشركات تزود المقرضين بنقاط لكل متقدم لطلب البطاقة كي يسهل على المقرض تحديد إمكانية رد المقترض للدين في موعده. فالمتقدمون الذين يحصلون على «ائتمان جيد» (أي «درجة ائتمان» مرتفعة) هم من أثبتوا كونهم على درجة من المسئولية ويمكن الوثوق بهم فيما يتعلق بسداد أرصدة بطاقاتهم الائتمانية. أما من يتقدم لطلب استصدار البطاقة وعليه ديون كثيرة لشركات أخرى، وتاريخ من التعثر في سداد الديون، فإنه يحصل على «ائتمان رديء» (أي «درجة ائتمان» منخفضة)، وربما لا يُمنح بطاقة جديدة أو يُمنح بطاقة ذات «حدٍّ ائتماني» متواضع للغاية. ومما يبعث على السخرية أن من لم يسبق له استصدار بطاقة ائتمانية، ولم يقترض نقودًا بأي وسيلة أخرى، قد يجد صعوبة في الحصول على بطاقة ذات حد ائتماني مرتفع، لأنه ليس لديه تاريخ يراجعه مُصدر البطاقة ليتأكد من أهلية هذا الشخص لسداد الدين.
(٤) إيجابيات الاقتراض وسلبياته
لأسباب مفهومة يحذرك بعض الأفراد من الاستدانة قائلين إنك إن لم تستطع دفع ثمن شيء ما نقدًا، فأنت إذن لا تقوى على شرائه. والحقيقة أن في هذا التحذير كثيرًا من الصواب، والكثيرون يؤكدون أن الإفراط في استخدام بطاقات الائتمان دمَّر حياتهم. في السوق الحرة، إذا قرر أحد المستهلكين شراء سلعة بالآجل، فذاك تصرف طوعي، والمستهلك فكَّر وقت الشراء أن فوائد امتلاك هذه السلعة في الوقت الحاضر تفوق التكاليف المرتبطة برد الدين (وفائدته) في المستقبل. وهكذا عندما ينتقد البعض عمليات الشراء بالائتمان على أنها تفتقر إلى الحكمة، فإنهم يعتمدون على حقيقة أن الأفراد قد يندمون على قراراتهم الطوعية التي اتخذوها في أوقات سابقة.
تظهر أكثر أمثلة «القروض المنتِجة» وضوحًا عندما يقترض أحد رواد الأعمال أموالًا من أجل التوسع في نشاطه التجاري. على سبيل المثال: قد تقرر إحدى الشركات الكبرى إصدار سندات جديدة بقيمة ١٠ ملايين دولار من أجل تمويل إنشاء مصنع جديد. إذا سارت الأمور وفق الخطة الموضوعة، فإن الشركة ستقترض ١٠ ملايين دولار من المدخرين الأفراد في المجتمع، وتستخدم الأموال المقترضة في شراء مواد خام، ومعدات وخدمات أيدي عاملة. وبعد إنشاء المصنع وبدء تشغيله، سترتفع إيرادات الشركة عما كانت عليه من قبل، وباستخدام هذه الزيادة يمكن للشركة أن تفي بمدفوعات الفائدة الدورية لحاملي السندات الجديدة، وأخيرًا تتخلص من القرض تمامًا عن طريق سداد أصل القرض. الاستدانة ليست سوى واحدة من الطرق التي من خلالها يمكن للشركات أن تجمع المال بغرض الإنفاق على استثمار جديد، إلى جانب طريقة أخرى وهي إصدار الأسهم الذي سنتناوله في الدرس الرابع عشر.
يمكن للأفراد أيضًا اقتراض قرض منتِج إذا اقترضوا المال من أجل الالتحاق بكلية الطب على سبيل المثال؛ فالسمة الأساسية للقرض المنتِج أن الأموال المقترضة تُستثمر بهدف زيادة دخل المقترض في المستقبل، ومن ثم لا يكون سداد القرض عبئًا عليه.
خلاصة الدرس
-
في اقتصاد السوق تساعد معدلات الفائدة في التوفيق بين تفضيل المستهلكين الاستمتاع بالسلع عاجلًا وليس آجلًا، وبين استثمارات المنتجين في مشروعات قد تستغرق أمدًا قصيرًا أو طويلًا كي تكتمل. إذا لم يكن الأفراد صبورين، فسترتفع معدلات الفائدة وسيستثمر المنتجون في مشروعات قصيرة الأجل نسبيًّا. أما إذا كان الأفراد على استعداد لتأجيل الإشباع الحالي عن طريق الادخار، فسوف تنخفض معدلات الفائدة، وعندها يمكن للمنتجين أن يستثمروا في مشروعات أطول أجلًا.
-
من بين أمثلة المعاملات الائتمانية الشائعة اقتراض الشركات الأموالَ عن طريق إصدار السندات، والرهون العقارية التي تقدمها البنوك لراغبي شراء المنازل، واستخدام الأفراد للبطاقات الائتمانية عند سداد قيمة مشترياتهم.
-
للاستدانة إيجابيات وسلبيات. من الناحية الإيجابية يمكِّن القرض المقترضَ من الشراء العاجل، أما على الجانب السلبي، فإن عبء القرض الكبير يجبر المقترض على تخصيص نصيب أكبر من دخله لسداد الفائدة (أو تكاليف التمويل) إلى المقرِض، وهو ما يقلل من الدخل المتاح أمامه لإشباع رغباته في المستقبل. قد يكون الحصول على قرض «منتجًا» في بعض الحالات إذا استُثمرت الأموال المقترضة بدلًا من إنفاقها على إشباع الرغبات اللحظية.
مصطلحات جديدة
- التفضيل الزمني: درجة تفضيل الأفراد الاستهلاك العاجل على الآجل، وهو أيضًا مقياس لعدم صبر الأفراد على إشباع رغباتهم.
- الخصم: النسبة المئوية التي تقل بمقدارها قيمة وحدة من النقود، لأنها لن تؤخَذَ إلا في المستقبل.
- سعر الصرف: «سعر» إحدى العملات مقارنة بأخرى، أو عدد الوحدات التي يمكن التخلي عنها من عملة مقابل الحصول على وحدة من عملة أخرى.
- الاستحقاق: المدة المحددة لسداد القرض، ومعدل الفائدة المرتبط به. (تتفاوت مدد استحقاق القروض وسندات القروض.)
- سوق الأموال القابلة للإقراض: السوق الذي يتنازل فيه المقرضون عن المال للمقترضين بمعدل فائدة متفَق عليه.
- معاملة ائتمانية: عملية تبادل يتنازل فيها أحد الطرفين عن شيء (كالنقود) اليوم، في حين يَعِد الطرف الثاني بالتنازل عن شيء (كالنقود) في المستقبل.
- سند: إقرار بالدين تصدره إحدى الشركات، وهو تعهد ملزِم قانونًا برد الأموال المقترضة بالإضافة إلى الفائدة. يعطي مشتري السند النقود للشركة اليوم، على أمل استرداد أصل المبلغ إضافة إلى الفائدة في المستقبل.
- الصيرفة الاحتياطية الجزئية: نظام لا تحتفظ فيه البنوك بجميع ودائع عملائها في الخزانة. بعبارة أخرى، تكون ودائع جميع عملاء البنك أكبر من النقود الفعلية الموجودة لدى البنك.
- وسيط ائتماني: شخص أو مؤسسة تؤدي دور الوسيط بين المقرضين والمقترضين.
- البنك: وسيط ائتماني معروف يتلقى الودائع من عدة مقرضين ويعطي قروضًا لعدة مقترضين.
- المُودِعون: الأفراد الذين يودعون أموالهم لدى البنوك.
- هامش الفائدة: الفرق بين معدل الفائدة التي يجنيها الوسيط الائتماني (كالبنك مثلًا) من المقترضين منه، ومعدل الفائدة الذي يدفعه هو لمن يقرضونه أو يودعون أموالهم لديه. ويتيح الهامش الإيجابي للوسيط الائتماني تحقيق دخل من وراء الأنشطة التي يمارسها، ما دام قد قدَّر بدقة احتمال تعثر المقترضين في السداد.
- المخاطرة الائتمانية: احتمال عدم قدرة المقترض على سداد القرض.
- رهن عقاري: نوع خاص من القروض يشتري فيه المقترض منزلًا (أو أي عقار آخر) باستخدام الأموال المقترضة. وعادةً يكون العقار ضمانة للقرض.
- التعثر: حالة يتوقف فيها المقترض عن سداد أقساط القرض.
- التأخر في السداد: حالات لا يكون فيها المقترضون في وضع جيد مع المقرض (كالبنك)، لأنهم لم يلتزموا بسداد الأقساط المطلوبة في موعدها.
- بطاقة ائتمان: وسيلة تتيح للمقترض الحصول على قروض فورية من الشركة المصدرة لبطاقة الائتمان عند إتمام عمليات الشراء.
- التاريخ الائتماني: سجل يبين سلوك الفرد فيما يتعلق بعمليتي الاقتراض والسداد.
- درجة الائتمان: رقم تعطيه إحدى الوكالات لشخص ما بناء على تاريخه الائتماني، مما يساعد المقرضين المحتملين على تحديد درجة المخاطرة المتعلقة بإقراض المال لهذا الشخص.
- الحد الائتماني: أقصى مبلغ من المال يمكن للفرد أن يقترضه من مصدر تمت الموافقة عليه مسبقًا (مثل بطاقات الائتمان).
- قرض مضمون: قرض يصاحبه أصل (مثل منزل أو سيارة … إلخ) يُرهن كضمانة للقرض، ووجه الفائدة التي تعود على المقترض أن معدلات الفائدة تكون أقل مما لو كان القرض بلا ضمان.
- قرض بلا ضمان: قرض لا تصاحبه ضمانة؛ فإذا تعثر المقترض لا يكون أمام المقرض خيار آخر. ووجه الفائدة التي تعود على المقترض أنه لا يمكن المساس بأي من ممتلكاته الأخرى في حالة عجزه عن السداد.
- الضمان: أصل يعرضه المقترض عند التقدم بطلب للحصول على قرض. إذا تعثر المقترض في السداد، يحق للمقرض أن يتملك الضمان على سبيل التعويض. (على سبيل المثال إذا أراد أحد المقترضين مالًا لشراء منزل أو سيارة، فهذه الأشياء في حد ذاتها تشكل ضمانات للقرض، بمعنى أنه لو عجز المقترض عن السداد في الموعد المحدد، فمن حق المقرض أن يضع يده على المنزل أو السيارة.)
- قرض منتِج: دين يستخدم لتمويل الاستثمارات. المفترض أن الدخل الإضافي من الاستثمار سيتيح للمقترض سداد مدفوعات الفائدة الناجمة عن تنامي الدين، بحيث يسدد القرض الإضافي نفسه بنفسه.
أسئلة الدرس
-
(١)
لماذا اخترنا للجزء الأول من هذا الدرس عنوان: «الفائدة وارتباطها بالوقت»؟
-
(٢)
⋆ ما العلاقة بين معدلات الفائدة وأسعار صرف العملات؟
-
(٣)
لماذا يعطي معدل الفائدة المنخفض «ضوءًا أخضر» للدخول في عمليات إنتاج طويلة الأجل؟
-
(٤)
ما الذي يُستبدل في أي معاملة ائتمانية؟
-
(٥)
ما هو «القرض المنتِج»؟