التعريفات الجمركية والحصص
ستتعلم في هذا الدرس
-
تعريف «المركنتلية».
-
الحُجَّة العامة وراء تأييد «التجارة الحرة».
-
كيف تزيد «التعريفات الجمركية» و«حصص الاستيراد» البلدان فقرًا.
(١) المركنتلية
فنَّد الاقتصاديون البريطانيون القدامى — على وجه التحديد ديفيد هيوم وآدم سميث — التبرير الفكري لسياسات المركنتلية في كتاباتهم. (سنستعرض بعض مشكلات المركنتلية في الأجزاء التالية.) وربما تتملكك الدهشة عندما تعلم أن القوى الكبرى تصرفت بالفعل بناءً على تلك المعرفة المكتشفة حديثًا. فخلال القرن التاسع عشر، استمتع العالم بفترة «تجارة حرة» نسبيًّا، وفيها تراجعت الحكومات تراجعًا ملحوظًا عن تطبيق سياساتها التي أعاقت من قبل حركة الواردات وشجَّعت الصادرات.
لعلك تدرك أن حكومات اليوم لا تدعم التجارة الحرة على نحو حقيقي. فبالرغم من توقيع اتفاقيات تجارية من أجل الاستفادة الظاهرية بفوائد التجارة، فلا تزال هناك عقبات كبرى تعترض حركة السلع حول العالم. لا يؤيد القادة السياسيون المركنتلية بالاسم، وإنما يؤيدون سياسات «حمائية» مشابهة تميز صناعات محلية (معينة) على الصناعات المنافسة الخارجية. ولأن الدول لم تعد تستخدم الذهب أو الفضة نقودًا متداولة، فالتبرير النظري للقيود التجارية اليوم صار يستند إلى «توفير الوظائف» في الصناعات الداخلية الخاضعة للحماية (بدلًا من تجميع الثروة المادية).
(٢) الحُجَّة العامة وراء تأييد التجارة الحرة
دحض الاقتصاديون البريطانيون القدامى — وأشهرهم آدم سميث في كتابه «ثروة الأمم» عام ١٧٧٦ — أفكار المركنتلية، وشرعوا في إقامة الحجة القوية التي تؤيد التجارة الحرة. وبمرور السنوات، أطلق المفكرون الاقتصاديون هذه الحجج، وابتكروا أيضًا وسائل أبسط وأكثر بداهة لتفسير مزايا التجارة الحرة بين الدول. في هذا الجزء سنستعرض المنطق الأساسي وراء التجارة الحرة؛ وفي الأجزاء المتبقية منه سنتناول المشكلات الرئيسية لنوعين من قيود التجارة، وهما «التعريفات الجمركية» و«حصص الاستيراد».
من الناحية الاقتصادية، لا معنى للحد السياسي الفاصل بين السلع «الأجنبية» والسلع «المحلية». فمثلما يتاجر أمريكي مع أمريكي ليحصل على الغذاء، والملبس، وخدمة إصلاح السيارة، والرعاية الطبية، فما من شيء «غير اقتصادي» في التجارة المجمعة التي تمارسها الولايات المتحدة مع اليابان.
الحقيقة أن الخلط الرئيسي الذي يميز مغالطات الحمائية هو إظهار «الولايات المتحدة» على أنها تستورد سلعًا من «اليابان». فالواقع أن «الأفراد في الولايات المتحدة» هم الذين يشترون سلعًا من «بائعين أفراد» في اليابان، والحديث عن «واردات الولايات المتحدة» لا يعدو أن يكون تجميعًا لكل تلك المشتريات الفردية. عندما نقول إن الولايات المتحدة تواجه عجزًا تجاريًّا مع اليابان، فكل ما يعنيه ذلك هو أن الأفراد في الولايات المتحدة مجتمعين أنفقوا نقودًا أكثر في شراء السلع من البائعين في اليابان مقارنة بما أنفقه الأفراد في اليابان على شراء السلع من البائعين في الولايات المتحدة. وما من مشكلة في ذلك؛ تمامًا مثل شراء مواطنين في ولاية تكساس سلعًا من آخرين في ولاية فلوريدا أو العكس. فلم يحدث أن سمعنا من قبل قط عن قلق مواطني تكساس بسبب حدوث «عجز تجاري» مع فلوريدا.
لا شك أن هناك حججًا بشأن قيود التجارة التي تفرضها الحمائية تتفاوت في درجة تعقيدها. فعلى سبيل المثال: قد يشعر أحد الأمريكيين بالقلق من حدوث عجز تجاري مع الصين — في حين أن العجز الداخلي بين الولايات الأمريكية بعضها مع بعض لا يُقلقه البتَّة — بسبب السياسات النقدية أو قوانين العمل الهشَّة نسبيًّا في الصين. وفي هذا الكتاب لن نتناول على وجه التحديد هذا المبرر وراء فرض القيود التجارية؛ إنما سنحاول فقط أن نطلعك على المنطق العام وراء الحجج المؤيدة للتجارة الحرة، ونريك أن العجز التجاري (وهو مصطلح يحمل الكثير من المعاني!) في حد ذاته لا يمثل أي مشكلة.
لعلك تذكر مما درسناه في الدرس الثامن فوائد التخصص ومفهوم الميزة النسبية عندما يطبَّقان بين الأفراد في اقتصاد سوق خالص. والحجة المؤيدة للتجارة الحرة بين الدول ما هي إلا تطبيق لتلك المبادئ العامة. ففرض قيود على استيراد السيارات من اليابان بغرض «خلق وظائف» للعمال الأمريكيين في ديترويت لن يكون أقل حماقة من رجل يرفض الذهاب إلى طبيب الأسنان كي يوجِد وظيفة لزوجته بحيث تصبح هي المسئولة عن معالجة أسنانه والعناية بها.
ناقشنا في الدرس الثامن الرأي المنطقي القائل إن الأفراد يستطيعون الاستمتاع بمستوى معيشة أفضل كثيرًا إذا تخصص كل منهم في نشاط واحد أو بضعة أنشطة، ثم تبادلوا فائض إنتاجهم مع الآخرين الذين تخصصوا في نشاط آخر. فعندما يركز كل شخص في المجتمع على قدراته (النسبية)، يمكنه أن يحظى بمزيد من السلع والخدمات من خلال مزايا التبادل الطوعي.
المنطق نفسه ينطبق على الدول. فبدلًا من الاضطرار إلى إنتاج جميع السلع محليًّا، يمكن إثراء جميع الأفراد في كل دولة (في المتوسط) من خلال إتاحة خيار التجارة مع الأفراد في الدول الأخرى. وبسبب اختلاف هبات الموارد الطبيعية — التي يمكن أن تشمل ثروات البترول أو الماس، وأيضًا أشياء مثل سقوط الأمطار وسطوع الشمس — تتمتع مناطق العالم المختلفة بميزة نسبية في إنتاج سلع مختلفة، مثل براميل النفط الخام أو القمح. وإلى جانب الموارد الطبيعية، هناك اختلافات بين الدول تنبع من مصدر أقل وضوحًا. على سبيل المثال: ولأسباب تاريخية مختلفة، تشكل مدينتا نيويورك ولندن معقلين ماليين رئيسيين يجتذبان عددًا من أكبر المؤسسات المالية. إذا فكرنا في تلك الحقائق، فسنجد أنه أمر طبيعي (وفعَّال) أن يتدفق جزء كبير من المعاملات المالية العالمية من هذين المركزين، مثلما هو أمر طبيعي (وفعَّال) أن تبيع المملكة العربية السعودية النفط لدول العالم الأخرى.
لا يلاحظ الأفراد في بعض الأحيان العلاقة بين (أ) التجارة بين الدول و(ب) التجارة بين الأفراد الذين يعيشون داخل دولة واحدة. صحيح أن القيود المفروضة على استيراد السلع في الدولة لن يكون له قدر الضرر الناجم عن القيود التي يفرضها الأب على السلع الآتية من خارج المنزل، لكن الاختلاف هنا في الدرجة وليس في النوع. إلى حد ما، يمكن تشبيه الأفراد الذين يعيشون في إحدى الدول بأنهم في منزل كبير جدًّا، وهكذا لا يكون حجم الضرر على الدرجة نفسها عندما يعلن «رب أسرتهم» (أي الحكومة) حظر التداول مع أفراد من خارج المنزل.
الآن وبعد أن استعرضنا الحجة العامة وراء تأييد التجارة الحرة، دعنا نتناول الأساليب المعتادة التي تستخدمها الحكومة في تقييد تدفق السلع عبر حدودها.
(٣) التعريفات الجمركية
«التعريفة الجمركية» (أو الرسم الجمركي) ضريبة تفرضها الحكومة على الواردات الأجنبية. ومع أن الحكومة قد تفرض تعريفة لمجرد جمع المزيد من الإيرادات، عادةً يكون المبرر الرسمي وراء فرض تعريفة جديدة (أو زيادة تعريفة سارية) أن ذلك سيساعد المنتجين المحليين للسلع المستوردة. وذلك الادعاء — أن فرض تعريفة على الواردات الأجنبية يساعد العمال في القطاع ذي الصلة داخل الدولة — هو ما سندرسه في الجزء التالي.
ولتبسيط التحليل سنستعرض مثالًا حيًّا يضم الولايات المتحدة واليابان، وسنستخدم فيه أرقامًا تقريبية غير واقعية. افترض أنه في بادئ الأمر كانت التجارة الحرة متاحة تمامًا بين البلدين، وأن سعر التوازن السوقي لسيارة «سيدان» هو ١٠٠٠٠ دولار. عند هذا السعر يمكن للمصنعين الأمريكيين إنتاج بعض السيارات وتحقيق ربح من ذلك، وإن كان ما ينتجونه لا يكفي لتلبية حاجة المستهلكين الأمريكيين. السيارات الباقية يوفرها منتجون يابانيون بحيث يمكن للمستهلك الأمريكي شراء أي عدد يريد من السيارات بسعر ١٠٠٠٠ دولار.
أرسل منتجو السيارات الأمريكيون جماعات ضغط إلى واشنطن، وأوضحوا أن تكاليف العمالة أقل في اليابان، وأن الحكومة اليابانية تقدم دعمًا غير عادل لشركات السيارات هناك … إلخ، وأنه على واشنطن المعاملة بالمثل. إذا استطاعت الحكومة الفيدرالية فرض رسم ١٠٪ على الواردات اليابانية، سيتمكن المنتجون الأمريكيون من توسيع نطاق عملياتهم بما يحقق لهم الربح ويوفر المزيد من الوظائف للعمال الأمريكيين!
في كتاب تمهيدي كالذي بين أيدينا، لن نتعرض بالتدقيق لكافة التفاصيل، وإنما سنستعرض ثلاثة أسباب بديهية نثبت من خلالها أن فرض تعريفة جديدة يفقر الدولة في المتوسط.
(٣-١) التعريفات ضرائب مفروضة على المواطنين
كل ما أشرنا إليه بشأن الآثار الضارة المترتبة على ضرائب المبيعات في الدرس الثامن عشر تنطبق هنا أيضًا، لأن التعريفة الجمركية ليست سوى ضريبة مبيعات على السلع التي تصنَّع في الخارج. وقد كان سعر السوق الأصلي وهو ١٠٠٠٠ دولار للسيارة إشارة تدل المستهلكين والمنتجين على أكثر الأساليب فعالية فيما يتعلق باستغلال الموارد. اعترضت التعريفة طريق هذه الإشارة، وجعلت الأمريكيين يتصرفون كما لو أن باقي دول العالم أقل قدرة على إنتاج السيارات مما هي عليه بالفعل. أولئك الذين يؤيدون فرض التعريفات بغرض «حماية» الصناعة الأمريكية يقولون إن فرض الضرائب على الأمريكيين هو السبيل إلى الرخاء.
(٣-٢) التعريفة لا تزيد الوظائف، بل تعيد ترتيبها فحسب
الأفراد الذين يرون التعريفات طريقة جيدة لتدعيم الاقتصاد عادةً ما يقصرون تركيزهم على الوظائف التي تصبح متاحة في القطاع الذي يتمتع بالحماية، ثم يأخذون في الاعتبار جميع الوظائف الإضافية التي تصبح متاحة عندما ينفق هؤلاء العمال الجدد رواتبهم في مراكز التسوق، والمطاعم وغيرها. ولا جدال في أن زيادة الوظائف في مثالنا لن تقتصر على مصانع السيارات الأمريكية فحسب، بل ستمتد إلى مصانع أخرى ذات صلة.
غير أن هذا التحليل القاصر يغفل حقيقة أن الوظائف قد تنهار في قطاعات أخرى في الدولة، فأولًا: أي شخص يشتري سيارة جديدة سيدفع ١٠٠٠ دولار إضافية مقارنة بما كان عليه الوضع قبل فرض التعريفة. هذا المشتري قلَّ إنفاقه على المطاعم والمسارح وغيرها في الحي الذي يسكنه بمقدار ١٠٠٠ دولار، ومن ثم سيعاني التجار في منطقته.
الواقع أن هذا ليس صحيحًا؛ فتحليل هذا الحمائي الذكي لا يزال يغفل واحدًا من التأثيرات بالغة الأهمية للتعريفة؛ عند فرض تعريفة على الواردات الأمريكية، فإن هذه التعريفة تفرض قيودًا على الصادرات الأمريكية في الوقت نفسه. على وجه التحديد، مقابل كل سيارة يشتريها المستهلكون الأمريكيون من مصنع محلي بدلًا من اليابان، يقل إنفاق المواطنين اليابانيين على السلع المصنوعة في أمريكا بمقدار ١٠٠٠٠ دولار. وهكذا فإن النشاط الإضافي الذي حلَّ على منتجي السيارات الأمريكيين عادله انخفاض في المبيعات بين المنتجين الأمريكيين للقمح وبرامج الكمبيوتر وغيرها من الصادرات الأخرى.
قبل أن نترك هذا الجزء حري بنا أن نؤكد على نقطة مهمة، وهي أن التركيز على المبالغ النقدية قد يكون مضللًا، لأن السلع والخدمات الفعلية هي ما تشكل في النهاية المستوى المعيشي الذي يتمتع به المواطنون. وفي الفقرات السابقة لم نتبع النقود إلا لنبين النقاط التي تغفلها الحجج المألوفة التي تدافع عن الحمائية، والمنتجين الذين عادة ما يُنسَون. الواقع أن أهمية التعريفة لا تكمن في تأثيرها على عملات الدولار؛ فعدد الدولارات لا يتغير بفرض تعريفة جديدة، علاوة على أن قطع الورق الأخضر هذه ليست ما يجعل الأمريكيين أثرياء أو فقراء. ما يجعل الأمريكيين أثرياء أو فقراء هو «مقدار ما يستطيعون إنتاجه» باستخدام أياديهم العاملة وغيرها من الموارد، و«مقدار ما يستطيعون استهلاكه» إما بالشراء من المنتجين المحليين أو بتبادل فائض إنتاجهم مع الأجانب.
فرض تعريفة جديدة يحول الأيدي العاملة والموارد الأمريكية الأخرى من الصناعات التي تتمتع فيها هذه الموارد بميزة نسبية إلى صناعات تفتقر فيها إلى الميزة النسبية. والتعريفة أيضًا تعيق الاستفادة من مزايا التخصص بين الدول. فمثلما تؤدي عمليات التبادل التجاري النافعة إلى تحسين وضع كلا الطرفين، فإن التجارة الحرة تجعل جميع الدول المشاركة فيها في وضع أفضل. عندما تتدخل الدولة في نتاج السوق الحرة من خلال فرض تعريفة جديدة، فإنها لا تضر الدول الأجنبية فحسب، بل تضر مواطنيها أيضًا.
(٣-٣) لو أن القيود الجمركية جيدة، أيكون الحصار البحري ممتازًا؟
لعل أبسط الحجج التي تثبت حماقة القيود الجمركية تلك التي ساقها هنري جورج عندما لاحظ أن الدول في أوقات السِّلم تفرض على نفسها قيودًا تمنع عنها السلع الأجنبية، بينما في أوقات الحرب تفرض الدول حصارًا بحريًّا على غيرها لتمنعها من تلقي السلع الأجنبية. لو أن الحجج المؤيدة للحمائية صحيحة، ألا يُفترض بالحصار البحري أن يكون سببًا في ازدهار الدولة المعادية؟
(٤) حصص الاستيراد
«حصة الاستيراد» شكل آخر من أشكال التدخل الحكومي في التجارة الدولية. في هذه الحالة، لا تتدخل الدولة تدخلًا مباشرًا في سعر السلعة المستوردة، وإنما تفرض حدًّا على مقدار الوحدات التي يمكن استيرادها.
بدلًا من فرض تعريفة جمركية بنسبة ١٠٪ على السيارات اليابانية مع ترك القرار النهائي لإجمالي الواردات في يد السوق (المشوَّهة)، يمكن للحكومة الأمريكية فرض حصة استيراد مقدارها ١٠٠٠٠٠ سيارة. في هذه الحالة، سيُسمح للمنتجين اليابانيين ببيع ١٠٠٠٠٠ سيارة في السوق الأمريكية والحصول على سعر السوق (المشوَّه) دون وصول أي من هذه النفقات إلى خزائن الحكومة الأمريكية. لكن بعد بلوغ الحد الأقصى لحصة الاستيراد، سيكون عبور المزيد من السيارات اليابانية للبيع في السوق الأمريكية أمرًا مخالفًا للقانون.
تتشابه الآثار الأولية لحصة الاستيراد مع الآثار المترتبة على فرض تعريفة جمركية. لو كان المشرِّعون الأمريكيون على علم مسبق بعدد السيارات اليابانية التي سيستوردها الأمريكيون بعد فرض تعريفة ١٠٪، لاستطاعوا إحداث الأثر نفسه تقريبًا على الاقتصاد الأمريكي من خلال فرض حصة استيراد مساوية لذلك العدد من السيارات. وفي تلك الحالة، ستكون الآثار الاقتصادية الرئيسية الناجمة عن فرض حصة استيراد متشابهة إلى حد بعيد مع تلك الناجمة عن فرض تعريفة جمركية، وسينطبق عليها التحليل الذي قدمناه في الجزء السابق.
مع ذلك، فالواقع أن حصص الاستيراد أشد خطورة في الأغلب عن التعريفات الجمركية، إذ تبدو وكأنها تفرض عبئًا على المنتجين الأجانب أكثر مما تفعل مع المواطنين المحليين، ولأن مقدار الضرر الذي تسببه مقارنة بنتاج السوق الحرة لا يكون واضحًا. لهذه الأسباب، يميل الساسة في الأغلب إلى فرض حصص استيراد مرهقة للغاية بدلًا من فرض تعريفة جمركية مكافئة.
لتوضيح هذا الاحتمال فكِّر فيما يلي: عند فرض تعريفة نسبتها ٥٠٪، يكون واضحًا تمامًا مقدار الغرامة التي تفرضها الحكومة الأمريكية على المنتجين الأجانب ومقدار المكافأة التي تخص بها المنتجين الأمريكيين على وجه التحديد. باستطاعة الأفراد أن يعرفوا سعر الاستيراد الأصلي، وعندها يدركون أنهم يدفعون ٥٠٪ إضافية تذهب مباشرة إلى الحكومة الأمريكية. أما إذا اكتفت الحكومة بفرض حصة استيراد، فملاحظة مقدار اختلاف نمط الإنتاج المشوَّه عن نتاج السوق الحرة لن تكون بنفس السهولة خاصة مع مرور الوقت وتغير الظروف. فإذا توصل المنتجون الأجانب إلى ابتكارات تمكِّنهم من تخفيض أسعارهم، فسيستفيد المستهلكون الأمريكيون إذا كانت هناك تعريفة جمركية مفروضة، لأن سعر المنتج قبل حساب التعريفة سينخفض. أما في حالة فرض حصة استيراد صارمة، فلن يستفيد المستهلكون الأمريكيون بالقدر نفسه من انخفاض التكاليف المرتبط بتلك الابتكارات.
خلاصة الدرس
-
المركنتلية فلسفة اقتصادية ترى تجميع النقود سبيلًا إلى تحقيق الرخاء القومي. تسعى المركنتلية إلى تشجيع الصادرات وفرض قيود على الواردات من أجل الإبقاء على النقود داخل الدولة وتوفير الوظائف في القطاعات المحلية.
-
الحجة وراء تأييد التجارة الحرة بين الدول ليست سوى تطبيق للحجة العامة وراء تأييد الأسواق الحرة. يمكن لمجموعة من الأفراد الاستفادة عندما يتاح أمامهم المزيد من الخيارات. والتجارة الحرة لا تجبر الأفراد على استيراد السلع من المنتجين الأجانب، وإنما تزيل المعوقات فحسب. وكما أن تخصص الأفراد في وظائف بعينها وتبادل فائض إنتاجهم فيما بينهم أمر منطقي تمامًا، فمن المنطقي أيضًا أن تتخصص دول العالم المختلفة في أنشطة معينة وأن تتبادل فائض إنتاجها فيما بينها.
-
التعريفات الجمركية وحصص الاستيراد قيود مصطنعة تفرضها الحكومات على الواردات الأجنبية. وعلى عكس الادعاءات التي يسوقها مؤيدو تلك القيود، فإن التعريفات والحصص تجعل الأفراد داخل الدولة أكثر فقرًا في المتوسط. (قد يعود فرض تعريفة أو حصة استيراد بالنفع على أفراد بعينهم داخل الدولة، لكن مكاسبهم ستكون أقل من الخسائر التي يتكبدها الجميع.) وعلى المدى الطويل، لا تخلق التعريفات وحصص الاستيراد وظائف جديدة، بل تعيد ترتيب العمال بحيث ينتقلون من قطاعات أكثر كفاءة إلى أخرى أقل كفاءة.
مصطلحات جديدة
- المركنتلية: مذهب اقتصادي يرى تكديس الثروات سبيلًا لازدهار الأمم. تشجع المركنتلية الصادرات، بينما تفرض قيودًا على الواردات.
- الصادرات: السلع (أو الخدمات) التي يبيعها مواطنو الدولة إلى الأجانب.
- الواردات: السلع (أو الخدمات) التي يشتريها مواطنو الدولة من الأجانب.
- الفائض التجاري: مقدار زيادة الصادرات عن الواردات مقاسًا بالنقود.
- العجز التجاري: مقدار زيادة الواردات عن الصادرات مقاسًا بالنقود.
- سياسات إفقار الجار: سياسات (عادةً ما تتضمن فرض قيود على تداول العملات والتبادل التجاري) تجعل الدول الأخرى أكثر فقرًا في محاولة من الدولة التي تتبنى تلك السياسات لإثراء نفسها.
- لعبة صفرية المجموع: موقف يتساوى فيه مكسب فرد (أو دولة) مع خسارة فرد آخر (أو دولة أخرى). في اللعبة صفرية المجموع لا يمكن تحقيق مكسب لكلا الطرفين؛ إذ لا بد من وجود رابحين وخاسرين.
- التجارة الحرة: حالة لا تفرض فيها الحكومات قيودًا مصطنعة على تدفق السلع والخدمات بين مواطنيها ومواطني الدول الأجنبية.
- الحمائية: فلسفة تستخدم القيود التجارية المفروضة من جانب الحكومة في محاولة لمساعدة العمال داخل الدولة. وتقوم على فكرة أنه عن طريق حظر الواردات الأجنبية، تشجع الحكومة المستهلكين على شراء المنتجات المحلية، وهو ما يوفر وظائف للعمال داخل الدولة.
- التعريفة الجمركية (الرسم الجمركي): ضريبة تفرضها الحكومة على الواردات الأجنبية.
- حصة الاستيراد: حد أقصى على مقدار إحدى السلع التي يمكن استيرادها خلال فترة زمنية محددة.