التبادل المباشر وأسعار المقايضة
ستتعلم في هذا الدرس
-
لماذا يمارس الأفراد التبادل التجاري فيما بينهم.
-
تعريفَي التبادل المباشر والمقايضة.
-
كيف تُحدَّد الأسعار في عملية المقايضة.
(١) لماذا يمارس الناس التبادل التجاري فيما بينهم؟
في الدرس الرابع تعلمنا الكثير عن الاقتصاد من خلال دراسة حالة روبنسون كروزو و«عمليات التبادل» التي كان يقوم بها مع الطبيعة. لكن جوهر علم الاقتصاد يكمن في دراسة عمليات التبادل التي تتضمن أكثر من شخص واحد. ولفهم اقتصاد السوق نحن أولًا بحاجة لأن نفهم عمليات التبادل الفردية بين شخصين، لأنها تمثل حجر الأساس لاقتصاد السوق بالكامل.
في حالة روبنسون كروزو، كان كل «تبادل» يمارسه مع الطبيعة مقصودًا منه أن يعود بالنفع عليه. فهو لم يكن يختار إلا البدائل التي يرى أن فوائدها تفوق تكاليفها.
وينطبق ذلك أيضًا على عمليات التبادل التي يقوم بها الفرد مع فرد آخر وليس مع الطبيعة. وبما أننا نفترض (في الجزء الثاني من هذا الكتاب) وجود اقتصاد سوق يؤمن حقوق الملكية الخاصة، فنحن نعلم أن كلا الشخصين في أي تبادل طوعي ينتظران أن تفوق فوائد التبادل تكاليفه. وبعبارة أخرى، يتوقع كلا الطرفين أن ينهيا التبادل وهما على حال أفضل مما كانا عليه قبل البدء فيه.
كيف يمكن ذلك؟ يعتقد بعض من ينتقدون الرأسمالية أنه عندما يربح شخص ما من عملية تبادل تجاري، فلا بد أن يكون ذلك على حساب الطرف الآخر؛ فهم يعتقدون أن مكسب شخص ما لا بد وأن يعني خسارة الآخر. لكنهم مخطئون! لعلك تذكر أن التفضيلات مسألة شخصية. لنفترض أن تينا ذهبت إلى المدرسة ومعها برتقالة، بينما صديقها سام معه تفاحة. لن يكون غريبًا لو فضلت تينا تفاحة سام على برتقالتها، وفي نفس الوقت قد يفضل سام برتقالة تينا على تفاحته. إذا علم كل من سام وتينا بمشكلة الآخر، فيمكنهما أن يصبحا سعيدين من خلال التبادل.
في كثير من الأحيان يخطئ الأفراد بشأن توقعاتهم حول ما سيمنحهم الشعور بالسعادة. على سبيل المثال: ربما كان سام يعاني حموضة في جهازه الهضمي، ومن ثم سيسبب له أكل البرتقالة حرقة في المعدة، فينتهي الأمر بإلقائه البرتقالة بعد قضمتين فقط. في تلك الحالة سيندم سام على إجراء عملية التبادل السابق ذكرها مع تينا. مع ذلك، ما يهمنا هو أنه في اللحظة التي يحدث فيها التبادل الاختياري يتوقع كلا الطرفين الاستفادة منه. وما دامت عمليات التبادل طوعية ونزيهة — أي ما دامت غير قسرية أو مبنية على الغش والخداع — يمكن أن يحقق الأفراد مزيدًا من أهدافهم من خلال تبادل ممتلكاتهم فيما بينهم.
(٢) التبادل المباشر/المقايضة
نود في النهاية شرح عمليات التبادل التي تتضمن استخدام «النقود». وسوف يعني ذلك في نظر معظم القراء شرح أسعار السلع والخدمات التي تباع وتشترى مقابل الدولار أو اليورو أو الين … إلخ. سنبين هذه المبادئ في الدرس التالي. أما في هذا الدرس فسنبين المبادئ الخاصة بعمليات التبادل التي لا تتضمن استخدام النقود. وسنركز تحديدًا على ما يسميه الاقتصاديون «التبادل المباشر»، أو ما يُعرف أيضًا باسم «المقايضة».
في التبادل المباشر يكون للأشياء التي يحصل عليها كلا الطرفين من عملية التبادل استخدام «مباشر». تضمنت قصة سام وتينا تبادلًا مباشرًا، لأن كلًّا منهما أراد استهلاك الثمرة التي استبدلها مع الآخر.
قد لا يقتصر التبادل المباشر (أو المقايضة) على السلع الاستهلاكية فحسب، بل يتضمن السلع الإنتاجية أيضًا. (راجع الفصل الرابع إذا كنت لا تتذكر الفرق بينهما.) فمثلًا، قد يعطي المزارع براون رطلًا من اللحم المقدد للمزارع جونز مقابل كيس من بذور الطماطم. يرى جونز اللحم المقدد على أنه سلعة استهلاكية؛ فسيقليه ويتناوله في إفطار ذلك الصباح. أما براون فلا يرغب في أكل بذور الطماطم التي حصل عليها من هذا التبادل! فهي سلعة إنتاجية، لأنه سيخلطها مع أشياء أخرى (مثل التربة والأسمدة) لكي تنتج له محصولًا من الطماطم في المستقبل. بالرغم من أنك قد تقول إن براون لا يستفيد «مباشرة» من بذور الطماطم، فما زال هذا التبادل «تبادلًا مباشرًا» (أو مقايضة) لأن كلا المزارعين لديهما رغبة شخصية في استخدام العناصر التي يحصلان عليها من هذا التبادل.
ونحن لا نتحول من حالة المقايضة إلى حيز «التبادل غير المباشر» إلا عندما يحصل الأفراد في التبادل على شيء لا يرغبون في استخدامه سواء للاستهلاك أم الإنتاج. وفي هذه الحالة ينوي هؤلاء الأفراد استبدال هذا الشيء مع شخص آخر في المستقبل. هذا بالضبط ما يحدث في جميع عمليات التبادل التي تتضمن استخدام المال. فعندما تقضي بضع ساعات من وقت فراغك في جز الأعشاب في حديقة جارك مقابل ٢٠ دولارًا، فأنت تشارك في تبادل غير مباشر، لأنك بالطبع لا تنوي تناول العشرين دولارًا، ولا تنوي خلطها مع مواد أخرى بغرض بناء شيء ما. السبب في أنك تقدر هذه النقود هو أنك تتوقع العثور على شخص آخر (في المستقبل) يبيعك شيئًا لديه قيمة مباشرة لك مقابل هذه النقود. سوف نتناول نظرية التبادل غير المباشر في الدرس التالي، لكننا هنا نتناول التبادل المباشر (أو المقايضة) حيث ينوي كلا الطرفين استخدام الأشياء المستبدلة من أجل الاستهلاك أو الإنتاج (وليس في تبادل تال).
(٣) الأسعار
في أي تبادل سوقي تُستبدَل بوحدات من سلعة (أو خدمة) معينة وحداتٌ من سلعة (أو خدمة) أخرى. و«السعر» هو النسبة بين هذه الوحدات. على سبيل المثال: إذا كان سعر قرص الفيديو الرقمي ٢٠ دولارًا، فهذا يعني أن على المشتري التخلي عن ٢٠ وحدة من الدولارات بينما يتخلى البائع عن وحدة قرص رقمي واحدة.
في المقايضة يختفي التمييز الشائع بين البائع والمشتري، نظرًا لعدم وجود النقود. فمثلًا عندما يعطي المزارع براون رطلًا من اللحم المقدد للمزارع جونز مقابل مائة بذرة من بذور الطماطم، يكون براون «مشتريًا» للبذور وفي نفس الوقت «بائعًا» للحم المقدد. (طبعًا ينطبق العكس على جونز، فهو مشتر للحم وبائع للبذور.) يمكننا أيضا أن نقول إن سعر رطل اللحم المقدد هو مائة بذرة من بذور الطماطم، وسعر بذرة الطماطم يساوي ١٠٠/١ من رطل اللحم المقدد.
وكما سنرى في الدرس التالي، يكمن جزء من جمال الاقتصاد النقدي في أننا لا نحتاج لاستخدام أسعار المقايضة حيث يكون لكل سلعة (وخدمة) قائمة كاملة بأسعار جميع السلع (والخدمات) الأخرى في الاقتصاد. فمثلًا: إذا كان هناك ٢٠ نوعًا مختلفًا من السلع يُستبدَل بعضها مع بعض، فسيحتاج التاجر في ظل الاقتصاد القائم على المقايضة لأن يكون على علم بأن (٢٠ × ١٩)/٢ = ١٩٠ سعر صرف (أو سعر مقايضة) مختلفًا. لكن إذا كان هناك نوع واحد من السلع في جميع عمليات التبادل — وهذا هو ما تفعله النقود — فكل ما سيحتاجه التاجر معرفة ٢٠ سعرًا فحسب تمثل سعر استبدال كل سلعة من السلع العشرين مقابل وحدات من النقود. لكن قبل أن نتناول (في الدرس المقبل) الحالة الخاصة لكيفية تحديد الأسعار عند استخدام النقود في المعاملات التجارية، علينا أولًا فهم الحالة الأعم وهي المقايضة.
(٤) كيف تتحدد الأسعار في عمليات المقايضة
يدور مثالنا حول ثلاثة أشقاء — أليس وبيلي وكريستي — عادوا إلى منزلهم يوم عيد القديسين (الهالوين) بعد أن قضوا المساء يطوفون على بيوت الحي يطلبون الحلوى وإلا سينصبون شركًا لأصحاب البيت كعادة الأطفال في هذا العيد. جمع كل طفل من الأطفال الثلاثة مقادير مختلفة من شوكولاتة سنيكرز وميلكي واي. وكما سنرى، فبسبب اختلاف مقتنيات الأطفال من الحلوى واختلاف أذواقهم، سيحققون «مكاسب من التبادل». بعبارة أخرى، من خلال عمليات التبادل الطوعية، سيخرج الأطفال من «سوقهم» الصغيرة وهم أسعد حالًا مما كانوا عليه من قبل. في مثالنا الافتراضي نود في نهاية الأمر أن نبين السبب وراء ظهور سعر صرف معين بين شوكولاتة سنيكرز وميلكي واي. بعبارة أخرى نود أن نفهم كيف ستؤدي مقتنيات الأطفال وتفضيلاتهم إلى وضع سعر محدد لشوكولاتة سنيكرز مقابل شوكولاتة ميلكي واي، أو (بالمثل) وضع سعر محدد لشوكولاتة ميلكي واي مقابل شوكولاتة سنيكرز.
لكي نستخدم هذا المثال سنحتاج أولًا إلى طريقة مناسبة لعرض المعلومات. يوضح الجدول التالي تفضيلات — أو مراتب التفضيل لدى — أليس فيما يتعلق بالمجموعات المختلفة من شوكولاتة سنيكرز وميلكي واي. ولكي تظل الأمور تحت السيطرة سندرس الحالات التي يمتلك فيها الأطفال أربع قطع حلوى كحد أقصى من كل نوع. وذلك يعني أن هناك ٢٥ مجموعة محتملة قد يمتلكها كل طفل في المثال الحالي. (أحد الاحتمالات هو امتلاك ٤ سنيكرز و٤ ميلكي واي، والثاني امتلاك ٣ سنيكرز وصفر ميلكي واي، بينما الاحتمال الثالث امتلاك ١ سنيكرز و٢ ميلكي واي، إلى آخر الاحتمالات الخمسة والعشرين.)
قبل استكمال المثال دعنا نتأكد من أنك تفهم المعلومات الواردة في الجدول التالي. اخترنا الأعداد بحيث يكون هناك جزم بأن أليس «تحب شوكولاتة سنيكرز أكثر من ميلكي واي». فمثلًا، إذا لم تكن لدى أليس في بادئ الأمر أي قطع من شوكولاتة سنيكرز أو ميلكي واي، وكان عليها أن تختار أحد النوعين، فستختار سنيكرز. والجدول التالي يخبرنا بذلك، لأن المجموعة (صفر سنيكرز، صفر ميلكي واي) تقع في أدنى مرتبة، بينما المجموعة (١ سنيكرز، صفر ميلكي واي) تقع في المرتبة الثالثة والعشرين متقدمة على المجموعة (صفر سنيكرز، ١ ميلكي واي) التي تقع في المرتبة قبل الأخيرة.
بالرغم من ذلك، من المهم أن تتذكر أن الأفراد يقيمون السلع «وحدة وحدة» (أو «على الهامش»). صحيح أنه لو لم يكن لدى أليس في بادئ الأمر أي حلوى على الإطلاق، فإنها ستفضل الحصول على شوكولاتة سنيكرز أكثر من ميلكي واي. لكن افترض أن أليس بدأت ومعها بالفعل قطعة سنيكرز، وعُرض عليها أن تختار بين قطعة سنيكرز (إضافية) أو قطعة ميلكي واي، فستختار ميلكي واي. ذلك لأن أليس تضع المجموعة (١ سنيكرز، ١ ميلكي واي) في المرتبة السابعة عشرة التي تتقدم كثيرًا على المجموعة (٢ سنيكرز، صفر ميلكي واي) التي تقع في المرتبة الحادية والعشرين.
١ | ٤س، ٤م | |
٢ | ٤س، ٣م | |
٣ | ٣س، ٤م | |
٤ | ٣س، ٣م | |
٥ | ٤س، ٢م | |
٦ | ٢س، ٤م | |
٧ | ٣س، ٢م | |
٨ | ٢س، ٣م | |
٩ | ٤س، ١م | |
١٠ | ١س، ٤م | |
١١ | ٢س، ٢م | |
↑ المجموعات المفضلة ↑ | ١٢ | ٣س، ١م |
١٣ | ١س، ٣م | |
١٤ | ٢س، ١م | |
١٥ | ١س، ٢م | |
١٦ | ٤س، ٠م | |
١٧ | ١س، ١م | |
١٨ | ٠س، ٤م | |
١٩ | ٣س، ٠م | |
٢٠ | ٠س، ٣م | |
٢١ | ٢س، ٠م | |
٢٢ | ٠س، ٢م | |
٢٣ | ١س، ٠م | |
٢٤ | ٠س، ١م | |
٢٥ | ٠س، ٠م |
حددنا ترتيبات الأفضلية لدى أليس بغرض التنظيم؛ فهي تحب شوكولاتة سنيكرز أكثر من ميلكي واي، وتفضل أيضًا امتلاك الكثير من الحلوى على امتلاك القليل منها. لكن لاحظ أن أليس تفضل التنوع أيضًا. على سبيل المثال: نجدها تفضل الحصول على قطعة سنيكرز وقطعة ميلكي واي (المرتبة السابعة عشرة) أكثر من الحصول على ٣ قطع سنيكرز وصفر ميلكي واي (المرتبة التاسعة عشرة). في هذه المقارنة تحديدًا يبدو للوهلة الأولى أن أليس تخل باثنتين من «قواعد» ذوقها؛ فهي تختار عددًا أقل من شوكولاتة ميلكي واي وعددًا أقل من شوكولاتة سنيكرز! لكن هذا ليس غريبًا على الإطلاق. فالمجموعة الواقعة في المرتبة السابعة عشرة تعطيها مزيجًا متساويًا من شوكولاتة سنيكرز وميلكي واي، بينما المجموعة الواقعة في المرتبة التاسعة عشرة — على الرغم من احتوائها على عدد أكبر من قطع الشوكولاتة — فإنها جميعًا من النوع سنيكرز. لذلك ليس هناك شيء غريب أو «غير عقلاني» في تفضيل أليس للمجموعة التي تحتوي على قطعة واحدة من كل نوع. وكما لا يمكننا أن نقول إن الأفراد يقدرون الماء أكثر من الماس، لا يمكننا أيضًا أن نقول إن أليس تقدر سنيكرز (أو المزيد من الحلوى) على ميلكي واي (أو القليل من الحلوى). فالأمر يعتمد على عدد الوحدات التي كانت أليس تمتلكها في بادئ الأمر قبل أن تواجَه بالاختيار بين النوعين.
إذا قضيت بضع دقائق في دراسة الجدول السابق، فسترى أنماط التفضيل الخاصة بأليس. وفي العالم الواقعي لا تخضع تفضيلات الأفراد لمجموعة مبسطة من «القواعد»، لكننا اخترنا التصنيف المنطقي السابق لنسهل عليك فهم المثال.
والآن وقد تعرفنا على أليس وتفضيلاتها، يمكننا أن نضيف أخاها بيلي إلى المثال. سنفترض أن ذوقه مشابه لذوق أليس. لكن لأن الطفلين بدآ ومعهما مجموعات مختلفة من الحلوى، فلا تزال هناك مكاسب يمكن تحقيقها من وراء التبادل. تتلخص هذه المعلومات (وأكثر) في الجدول التالي.
مرتبة التفضيل | أليس | المفتاح | بيلي |
---|---|---|---|
١ | ٤س، ٤م | ٤س، ٤م | |
٢ | ٤س، ٣م | ٤س، ٣م | |
٣ | ٣س، ٤م | ٣س، ٤م | |
٤ | ٣س، ٣م | ٣س، ٣م | |
٥ | ٤س، ٢م | ٤س، ٢م | |
٦ | ٢س، ٤م | ٢س، ٤م | |
٧ | ٣س، ٢م | ٣س، ٢م | |
٨ | ٢س، ٣م | ٢س، ٣م | |
٩ | ٤س، ١م | ٤س، ١م | |
١٠ | ١س، ٤م | المجموعة الأصلية | ١س، ٤م |
١١ | ٢س، ٢م | السعر: ١س مقابل ١م | ٢س، ٢م |
١٢ | ٣س، ١م | السعر: ٢س مقابل ١م | ٣س، ١م |
١٣ | ١س، ٣م | السعر: ١س مقابل ٢م | ١س، ٣م |
١٤ | ٢س، ١م | السعر: ١س مقابل ٣م | ٢س، ١م |
١٥ | ١س، ٢م | ١س، ٢م | |
١٦ | ٤س، ٠م | ٤س، ٠م | |
١٧ | ١س، ١م | ١س، ١م | |
١٨ | ٠س، ٤م | ٠س، ٤م | |
١٩ | ٣س، ٠م | ٣س، ٠م | |
٢٠ | ٠س، ٣م | ٠س، ٣م | |
٢١ | ٢س، ٠م | ٢س، ٠م | |
٢٢ | ٠س، ٢م | ٠س، ٢م | |
٢٣ | ١س، ٠م | ١س، ٠م | |
٢٤ | ٠س، ١م | ٠س، ١م | |
٢٥ | ٠س، ٠م | ٠س، ٠م |
وبالرغم من أن أذواق الأطفال واحدة فيما يتعلق بالتنويعات المختلفة من شوكولاتة سنيكرز وميلكي واي، فإنهم يعودون إلى المنزل مساء عيد القديسين ومعهم مجموعات مختلفة من الحلوى. جاءت أليس إلى طاولة عقد الصفقات ومعها أربع قطع من شوكولاتة سنيكرز وليس معها أي قطع من شوكولاتة ميلكي واي، بينما لم يكن بحوزة أخيها أي قطع من شوكولاتة سنيكرز وكان معه أربع قطع من شوكولاتة ميلكي واي. إذا ألقينا نظرة سريعة على ترتيب تفضيلاتهما، فسيتضح لنا أن هناك مكسبًا سيعود على كل منهما جراء عملية التبادل. بعبارة أخرى، ومن خلال إعادة ترتيب ممتلكاتهما، يمكن لكليهما الحصول على مجموعة تضم كلا النوعين من الشوكولاتة، وكلاهما يفضل المجموعة التي حصل عليها على التي كان يملكها قبل عملية التبادل.
لكن المنطق الاقتصادي وحده لا يمكنه أن يخبرنا بالشروط المحددة التي سيتفق عليها أليس وبيل فيما يختص بعملية التبادل بينهما. ولتبسيط الأمور دعونا نفترض أنهما لن يقسما قطع الحلوى، بل سيتبادلان باستخدام القطعة كاملة. بالنظر إلى المعلومات الواردة في الجدول ماذا يمكننا أن نقول عن عملية التبادل بين أليس وبيلي؟
المبدأ الأول الذي ينبغي أن نتذكره هو أن كلا الطرفين في التبادل الاختياري يستفيدان. إذا افترضنا — ربما يكون افتراضًا غير واقعي! — أن الأشقاء لا يسرقون الحلوى بعضهم من بعض، فسنعرف أن أي تبادل سيجعل أليس وبيل أفضل حالًا. وذلك يعني أننا نستطيع أن نستبعد احتمال انتهاء التبادل بحصول أليس على المجموعات الواقعة ما بين المرتبتين السابعة عشرة والخامسة والعشرين لترتيب تفضيلاتها، ونستبعد أيضًا احتمال انتهاء التبادل بحصول بيلي على المجموعات الواقعة بين المرتبتين التاسعة عشرة والخامسة والعشرين. دائمًا سيكون لأليس وبيلي حرية الإحجام عن إجراء التبادل والاكتفاء بتناول الحلوى التي حصلا عليها في البداية، ومن ثم سينتهي الأمر بأن يصبح كلاهما على الأقل سعيدًا مثلما كان قبل عملية التبادل.
ولأن مثالنا بسيط للغاية، يمكننا أن نتعرف سريعًا على نتائج التبادل الممكنة من خلال اختبار «الأسعار» المختلفة. لنفترض أن أليس وبيلي يتبادلان شوكولاتة سنيكرز وميلكي واي بنسبة ١:١. هل يبدو التبادل مرضيًا لكلا الطرفين بهذا السعر؟
دعونا أولًا نلقي نظرة على تفضيلات أليس. تبدأ أليس ومعها في المرتبة السادسة عشرة ٤ سنيكرز وصفر ميلكي واي. وهكذا يكون السؤال: هل أليس على استعداد للتخلي عن قطعة أو أكثر من شوكولاتة سنيكرز مقابل عدد مساو من شوكولاتة ميلكي واي؟ يمكننا أن نرى أن الإجابة نعم. يمكنها استبدال ١ سنيكرز مقابل ١ ميلكي واي، وبذلك ينتهي الأمر بامتلاكها المجموعة (٣ سنيكرز، ١ ميلكي واي) التي تقع في المرتبة الثانية عشرة. لكن يمكنها أن تفعل ما هو أفضل من ذلك إذا تخلت عن وحدة إضافية، ومن ثمَّ تنتقل إلى المرتبة الحادية عشرة التي تحتوي على قطعتين من كل نوع.
وينطبق نفس التحليل على بيلي؛ فبإمكانه الانتقال من المرتبة الثامنة عشرة إلى المرتبة الثالثة عشرة إذا استبدل بقطعة ميلكي واي قطعة سنيكرز. لكن يمكنه أن يصل إلى حال أفضل إذا بادل وحدة إضافية، وانتقل إلى المرتبة الحادية عشرة بين مراتب تفضيلاته.
في هذا الدرس لن نتعمق كثيرًا لمعرفة النهج المحدد الذي اتبعه كل من أليس وبيلي عند إجراء عملية المقايضة. يمكنك أن تتخيل أن أليس تعطي بيلي أولًا قطعة سنيكرز مقابل قطعة ميلكي واي، ثم يتوقفان لإعادة تقييم الموقف. أو يمكنك أن تتخيل أن أليس تعرض على بيلي قطعتي سنيكرز في مقابل قطعتي ميلكي واي. النقطة المهمة هي أننا إذا ثبَّتنا السعر عند ١:١، فستحدث نقطة الاستقرار الوحيدة — «وضع التوازن» الوحيد — عندما ينتهي التبادل بحصول كل منهما على قطعتين من كل نوع. فأليس لن تفرط في قطعة سنيكرز ثالثة من أجل الحصول على قطعة ميلكي واي إضافية، لأن ذلك سيجعلها تتراجع إلى المرتبة الثالثة عشرة (١ سنيكرز، ٣ ميلكي واي).
لكن انتبه! قد يبدو الأمر وكأننا «أثبتنا» أن بيلي وأليس سيحصلان في النهاية على قطعتين من كل نوع، لكننا أوضحنا فقط أن هذه هي نقطة التوقف المنطقية إذا حدث التبادل بنسبة (سعر) ١:١. لكن هناك أسعارًا أخرى لا تزال تسمح بتحقيق مكاسب لكلا الطرفين.
أيضًا سيستفيد بيلي من هذا التبادل، إذ سينتهي به الأمر بالحصول على ١ سنيكرز و٢ ميلكي واي؛ أعلى بثلاث مراتب مما هو عليه إذا أحجم عن عملية التبادل من الأساس. لكنه لن يقبل بمثل هذا التبادل مرة أخرى، لأنه سيحصل حينئذ على (٢ سنيكرز، صفر ميلكي واي)، وهذا تراجع في ترتيب تفضيلاته.
من ناحية أخرى، يمكن أن يوجه بيلي تحذيرًا مماثلًا لأليس قائلًا إنه سيتنازل عن ١ ميلكي واي مقابل ٢ سنيكرز، وإلا سيحتفظ بحلواه كلها لنفسه. وإذا أخذت أليس هذا التحذير على محمل الجد، فيمكنها أن تحسن وضعها بقبول الصفقة. وتشير الخانات المظللة باللون الرمادي الداكن في الجدول إلى المجموعات النهائية التي ستنتج عند التبادل بسعر ١:٢.
وهناك احتمال رابع أيضًا: سنفترض أن أليس قاسية وطلبت ٣ ميلكي واي مقابل ١ سنيكرز فقط. كما توضح الخلايا المظللة باللون الأبيض، هذا أيضًا احتمال وارد. إذا ظن بيلي أن هذا هو السعر السائد، يمكنه تحسين وضعه بالانتقال من المرتبة الثامنة عشرة التي بدأ بها إلى المرتبة السابعة عشرة.
يمكنك أن تتحقق بنفسك من أنه لا توجد أسعار أخرى مقبولة في هذا التبادل، إذا استمررنا في افتراض أن الطفلين لا يتبادلان إلا قطعًا كاملة من الشوكولاتة. لاحظ أنه على الرغم من إمكانية التبادل بسعر ٣:١، فالعكس ليس مقبولًا، لأن أليس ستفضل الاحتفاظ بمجموعتها الأولى أكثر من التخلي عن ٣ سنيكرز مقابل ١ ميلكي واي، ومن ثم لا يمكن لبيلي أن يقنعها بمثل هذا العرض.
خلاصة القول أننا رأينا أن ترتيب التفضيلات والمجموعات الأولية من قطع الحلوى تمكننا من تحديد أربع نقاط استقرار (أو مواضع توازن) مختلفة. وهناك طريقة أخرى لوصف النتائج التي توصلنا إليها، وهي القول إننا حددنا أربع نتائج مختلفة «تُستنفَد فيها مكاسب التبادل». أوضحنا أيضًا أن هناك سعرًا مختلفًا لكل موضع من المواضع الأربعة.
المنطق الاقتصادي وحده لا يمكن أن يخبرنا تحديدًا بعدد قطع الحلوى التي سيحصل عليها بيلي وأليس بعد انتهاء صفقتهما. فلا نستطيع أن نؤكد هل سيتبادلان شوكولاتة سنيكرز مقابل ميلكي واي بسعر ١:١ أم ١:٢ أم ٢:١ أم ٣:١. ستعتمد النتيجة الفعلية على عوامل أخرى غير ترتيب التفضيلات والتوزيع الأولي لقطع الحلوى.
على سبيل المثال: إذا تمكنت أليس حقًّا من إبرام صفقة مربحة وكان بيلي مهادنًا إلى حد ما، فمن المرجح أنها ستستبدل بقطعة سنيكرز واحدة أو اثنتين أو ثلاث قطع ميلكي واي من بيلي. ومن ناحية أخرى، إذا كان بيلي وأليس ماهرين بالقدر نفسه في فن التفاوض، فربما ينتهي الأمر بحصول كل منهما على قطعتين من كل نوع.
في العالم الواقعي من الممكن ألا يلجأ بيلي وأليس إلى التبادل، حتى إذا كان الجدول الأول يعطي صورة صحيحة عن تفضيلات كل منهما وما يمتلكه من قطع الشوكولاتة. لنفترض أن أليس قالت: «أعطني قطعتي ميلكي واي وسأعطيك قطعة سنيكرز واحدة، وإلا لن أجري أي تبادل معك.» لكن بيلي يظن أنها تتحايل عليه، فيرد قائلًا: «كلا، أفضل عرض لدي أن أستبدل واحدة منك بواحدة مني.» في هذه الحالة، من المؤكد أن أليس ستغضب وتنفذ تهديدها. في ضوء تحليلنا فإن هذه ليست نتيجة «متوازنة»، لأنه لا تزال هناك مكاسب من عملية التبادل لم تُستغَل بعد؛ يمكن لبيلي وأليس أن يكونا أفضل حالًا إذا تبادلا ممتلكاتهما. لذا احرص على ألا تعلق قدرًا كبيرًا من الأهمية على مفهوم التوازن من المنظور الاقتصادي، ففي عالم الواقع «انعدام التوازن» موجود طوال الوقت!
(٤-١) انهيار نطاق الأسعار بإضافة متداولين جُدُد
على الرغم من التعقيدات التي يتضمنها المثال السابق، فإنه يرسي بعض المبادئ الأساسية في فهم كيفية تحديد الأسعار في سوق المقايضة. وفي هذا الجزء الأخير من الدرس سنبين أن إضافة متداول آخر لهذه العملية يمكن أن يجعل بعض الأسعار المحتملة الأصلية غير صالحة للاستخدام. لتفهم هذا التحول، انظر الجدول التالي الذي يشتمل على نفس ترتيب الأفضليات لكل من بيلي وأليس، لكن مع إضافة متداولة جديدة هي كريستي:
مرتبة التفضيل | أليس | المفتاح | بيلي | كريستي |
---|---|---|---|---|
١ | ٤س، ٤م | ٤س، ٤م | ٤س، ٤م | |
٢ | ٤س، ٣م | ٤س، ٣م | ٤س، ٣م | |
٣ | ٣س، ٤م | ٣س، ٤م | ٣س، ٤م | |
٤ | ٣س، ٣م | ٣س، ٣م | ٤س، ٢م | |
٥ | ٤س، ٢م | ٤س، ٢م | ٣س، ٣م | |
٦ | ٢س ، ٤م | ٢س، ٤م | ٤س، ١م | |
٧ | ٣س، ٢م | ٣س، ٢م | ٣س، ٢م | |
٨ | ٢س، ٣م | ٢س، ٣م | ٢س، ٤م | |
٩ | ٤س، ١م | ٤س، ١م | ٢س، ٣م | |
١٠ | ١س، ٤م | المجموعة الأصلية | ١س، ٤م | ٣س، ١م |
١١ | ٢س، ٢م | السعر: ١س مقابل ١م | ٢س، ٢م | ٢س، ٢م |
١٢ | ٣س، ١م | السعر: ٢س مقابل ١م | ٣س، ١م | ٤س، ٠م |
١٣ | ١س، ٣م | السعر: ١س مقابل ٢م | ١س، ٣م | ١س، ٤م |
١٤ | ٢س، ١م | السعر: ١س مقابل ٣م | ٢س، ١م | ٢س، ١م |
١٥ | ١س، ٢م | ١س، ٢م | ١س، ٣م | |
١٦ | ٤س، ٠م | ٤س، ٠م | ٣س، ٠م | |
١٧ | ١س، ١م | ١س، ١م | ١س، ٢م | |
١٨ | ٠س، ٤م | ٠س، ٤م | ١س، ١م | |
١٩ | ٣س، ٠م | ٣س، ٠م | ٢س، ٠م | |
٢٠ | ٠س، ٣م | ٠س، ٣م | ١س، ٠م | |
٢١ | ٢س، ٠م | ٢س، ٠م | ٠س، ٤م | |
٢٢ | ٠س، ٢م | ٠س، ٢م | ٠س، ٣م | |
٢٣ | ١س، ٠م | ١س، ٠م | ٠س، ٢م | |
٢٤ | ٠س، ١م | ٠س، ١م | ٠س، ١م | |
٢٥ | ٠س، ٠م | ٠س، ٠م | ٠س، ٠س |
لاحظ أن تفضيلات كريستي من الشوكولاتة تختلف عن تفضيلات كل من بيلي وأليس، لكنها تتفق معهما في أنها تفضل الحصول على عدد أكبر من قطع الحلوى، وأنها تفضل التنوع أيضًا. لكن بلغة الحياة اليومية قد يقول البعض إن كريستي «تحب شوكولاتة سنيكرز أكثر من بيلي وأليس». على سبيل المثال قد تفضل كريستي الحصول على قطعة سنيكرز واحدة بدلًا من ٤ قطع ميلكي واي! (انظر إلى المرتبتين العشرين والحادية والعشرين في ترتيب تفضيلاتها).
وبصفتك مدربًا على التفكير الاقتصادي، فأنت تعلم أن كريستي ستتخلى عن شوكولاتة سنيكرز في بعض الأحيان مقابل الحصول على شوكولاتة ميلكي واي. على سبيل المثال: إذا كان لديها في بادئ الأمر ٤ قطع سنيكرز، فستكون على استعداد للتخلي عن ٢ منها مقابل الحصول على ٢ ميلكي واي، مثلما يتضح من المرتبتين الحادية عشرة والثانية عشرة. لكن بالنظر إلى قائمة تفضيلاتها ومقارنتها بتفضيلات بيلي أو أليس، سيكون من السهل أن نفهم ما يعنيه الشخص العادي بقوله: «كريستي تحب شوكولاتة سنيكرز أكثر من الآخرين.» أو ربما يقول: «كريستي لا تحب شوكولاتة ميلكي واي مثل الآخرين.»
في الجزء السابق تعرفنا على مختلف النتائج المحتملة وأسعار المقايضة عندما كان التبادل مقتصرًا على أليس وبيلي فحسب. ماذا يحدث إذا انضمت إليهما كريستي قبل عقد أي صفقات وكان معها ١ قطعة سنيكرز و٤ قطع ميلكي واي.
قبل أن نبدأ تحليلنا دعونا نرسي القواعد الأساسية لكيفية تصورنا لعملية التفاوض. لتبسيط الأمور قدر الإمكان سننظر إلى النتائج التي تتضمن سعرًا واحدًا لكل عمليات التبادل؛ بمعنى أن أليس لا تستطيع أن تأخذ من كريستي عددًا من شوكولاتة ميلكي واي أكثر مما تأخذ من بيلي. أيضًا سنستبعد أي عملية تبادل يحدث خلالها أن يبدي أحد الأطفال اعتراضه ويقدم عرضًا أفضل لأحد الأطراف. وهكذا، عندما تظهر كريستي في المشهد، ستختفي بعض «أوضاع التوازن» الممكنة التي سبق أن ناقشناها في المثال الأول.
على سبيل المثال: سنفترض أن أليس وبيلي على وشك تبادل شوكولاتة سنيكرز وميلكي واي بسعر ١:١. إذا لم تظهر كريستي، فستنتهي الصفقة بحصول كل من بيلي وأليس على قطعتين من كل نوع مثلما أوضحنا من قبل. عندما يكون السعر ١:١، سترغب كريستي في المشاركة. وبعد أن ينتهي بيلي وأليس من تبادل ٢ سنيكرز مقابل ٢ ميلكي واي، ربما تقول كريستي: «حسنًا، يمكنني التخلي عن ٣ ميلكي واي مقابل الحصول على ٣ سنيكرز من أي منكما.» (عمليات التبادل الثلاثة المتتالية ستنقل كريستي من مجموعتها الأصلية الواقعة في المرتبة ١٣ إلى المجموعات الواقعة في المراتب ٩ و٧ و٦).
إذا أجاب بيلي وأليس بأنهما قد أنهيا كل عمليات التبادل التي كانا يرغبان في إجرائها بسعر ١:١، فستحزن كريستي. ويمكنها أن تقول لأليس: «لماذا بادلتِ شوكولاتة سنيكرز بهذا السعر البخس؟! كنت سأعطيكِ ضعف ما أعطاك بيلي.»
ولأغراض التحليل الذي نحن بصدده، سنقول إن هذا الموقف لا يشكل نتيجة متوازنة. قد تشعر أليس وكريستي بالندم، إذا حدث التبادل بسعر ١:١ وأتم بيلي وأليس عملية التبادل وفقًا للنتيجة الأصلية قبل ظهور كريستي. وبوجه عام، يمكن القول إن كريستي ظهرت في المشهد وتسببت في «انهيار» السعر ١:١.
هناك سيناريو آخر قد يقضي على النتيجة المتوازنة (الأصلية) الأخرى عندما تعرض أليس قطعتي سنيكرز مقابل قطعة واحدة من ميلكي واي. إذ سيكون من الجنون أن تستبدل أليس من بيلي بهذا السعر المجحف، بينما تعرض عليها كريستي سعرًا أفضل بكثير.
لكن سيبقى السعران الآخران كما هما حتى بعد ظهور كريستي. عندما يكون السعر ٣:١ ستقف كريستي موقف المتفرج؛ فهي ترى أليس تعرض قطعة سنيكرز واحدة مقابل الحصول على ٣ قطع ميلكي واي من بيلي، وهو ما يراه بيلي عرضًا مغريًا — فهو أفضل من لا شيء — لكنه يلتفت نحو كريستي متسائلًا: «هل لديكِ عرض أفضل مما تقدمه أليس؟» فترد كريستي بالنفي، لأنها لن تكون على استعداد للتنازل عن قطعة سنيكرز الوحيدة لديها مقابل قطعتي ميلكي واي فقط. (لم ندرج هذه الحالة بسبب ضيق المساحة، لكن المجموعة [صفر سنيكرز، ٦ ميلكي واي] تقع في مرتبة أدنى بكثير من المجموعة [١ سنيكرز، ٤ ميلكي واي] بالنظر إلى تفضيلات كريستي). وبالمثل، بعد أن يتم التبادل مع بيلي، قد تقول أليس لكريستي: «أنا مستعدة لأن أتنازل عن قطعة سنيكرز أخرى مقابل الحصول على ٣ قطع ميلكي واي منكِ.» لكن كريستي سترفض هذا العرض أيضًا. وهكذا نرى أن السعر ٣:١ ما زال سعرًا مستقرًّا أو متوازنًا، فمعه تفضل كريستي «البقاء خارج السوق» والاكتفاء بأكل الحلوى التي جمعتها مساء يوم العيد.
لكن السيناريو المثير بحق هو الذي يمكن أن نراه عندما يكون السعر ٢:١. سنفترض أن كريستي جاءت ورأت أليس مستعدة للتنازل عن قطعة سنيكرز مقابل الحصول على قطعتي ميلكي واي من بيلي. ربما تقول كريستي: «سأشارك في هذه العملية!» وستسعَد أليس بإرضائها. وبعد أن تتم عمليات التبادل، ستنتقل أليس إلى المرتبة السادسة، وبيلي إلى الخامسة عشرة، وكريستي إلى الحادية عشرة. وما إن يعاد توزيع قطع الشوكولاتة على هذا النحو، لن يكون هناك مزيد من المكاسب التي يمكن تحقيقها من وراء أي تبادل آخر.
وعلى غرار التحليل الذي كان يتضمن اثنين من الأطفال فحسب، لا يمكننا هنا استخدام المنطق الاقتصادي وحده لنحدد إلام سيئول سعر شوكولاتة سنيكرز مقابل ميلكي واي. ما نستطيع أن نقوله هو أن ظهور كريستي — مع هذه الأرقام تحديدًا — أدى إلى اختفاء عدد محتمل من الأسعار. ظهرت كريستي ومعها عرض كبير من شوكولاتة ميلكي واي وطلب قوي على شوكولاتة سنيكرز، وهو ما أدى إلى استبعاد بعض الأسعار المحتملة التي كان سعر شوكولاتة سنيكرز معها منخفضًا إلى حد ما (السعر ١:١ تحديدًا، والسعر ١:٢ خصيصًا).
من الواضح أن المثال الذي طرحناه يفتقر إلى الواقعية من عدة نواح، وأننا تجاهلنا الكثير من الاعتبارات المرتبطة بالعالم الواقعي. لكننا ركزنا على مبادئ مهمة ستظهر في دروس لاحقة بعد أن نتناول موضوع النقود ونركز على مفهوم «العرض والطلب» في الأسواق. وبوجه عام، في السوق الكبير، الذي يضم عددًا كبيرًا من الباعة والمشترين، يكون هناك نطاق محدود من الأسعار المحتملة التي يمكن وصفها بأنها مستقرة على النحو الذي عرضناه سابقًا. وللتبسيط، سنتحدث بطبيعة الحال عن سعر التوازن كما تحدده التفضيلات والممتلكات المبدئية للمتعاملين في السوق. عرضنا المثال المستوحى من عيد القديسين في الدرس الحالي لتتعرف على المبادئ الأساسية التي سيرتكز عليها الطرح الأكثر تخصصًا والمشتمل على منحنيات العرض والطلب التي تقيس الأسعار بالدولارات.
خلاصة الدرس
-
يتبادل الأفراد السلع فيما بينهم لأنهم يتوقعون تحقيق مكاسب من عملية التبادل.
-
ما دامت عملية التبادل طوعية ونزيهة، فمن المتوقع أن ينتفع كلا الطرفين. فالتبادل يؤدي إلى تحقيق مكسب متبادل.
-
إذا كان الاقتصادي على علم بترتيب التفضيلات لدى مجموعة محتملة من المتداولين، يمكنه التنبؤ بكيفية اتفاقهم على الشروط التي تحكم عمليات التبادل فيما بينهم.
مصطلحات جديدة
- النقود: سلعة يقبلها كل المتعاملين في الاقتصاد، وتكون من أحد الأطراف في أي تبادل تجاري.
- التبادل المباشر/المقايضة: تبادل يحدث عندما يتبادل الأفراد فيما بينهم السلع التي سيستخدمونها استخدامًا مباشرًا.
- التبادل غير المباشر: تبادل يحدث عندما يقبل أحد الأطراف على الأقل سلعة لا ينوي استخدامها بنفسه، وإنما سيبيعها في المستقبل ليحصل على سلعة أخرى.
- السعر: شروط التبادل التجاري، أي عدد الوحدات التي يُتخلَّى عنها من سلعة مقابل الحصول على وحدة واحدة من سلعة أخرى.
- مكاسب التبادل: موقف يتمكن فيه شخصان من ربح مكاسب (شخصية) جراء تبادل ممتلكاتهما أحدهما مع الآخر.
- وضع التوازن: وضع مستقر لا يمكن تحقيق مكاسب إضافية من عملية التبادل بعد بلوغه.
- انعدام التوازن: موقف غير مستقر ينتظر فيه شخصان على الأقل تحقيق مكاسب من عملية تبادل أخرى.