أستغفر الله
وبلغت به الجرأة أنه صار يعلِّق البندقية على كتفه ويطلب البهائم في رائعة النهار، فإذا مقودها في يده ثم ما هي إلا يوم أو بعض يوم حتى تلحق به الفدية.
بكرت الشمس إلى مكانها من السماء فوجدت جماعة من قرية المهدية قد خرجوا من ديارهم وأخذوا سمتهم إلى طريق القرية الرئيسي الذي يؤدي إلى موقف السيارات العامة، وكأن بينهم اتفاقًا صامتًا على المكان الذي يقصدون؛ فقد ألقى كلٌّ منهم إلى الآخر تحية وحاول كلٌّ منهم ما وسعه الجهد أن يكسو صوته برنين من الفرح. وساروا طريقهم. كانوا خمسة رجال؛ عبد الصمد الحياني ومسعود عبد الخالق وراضي عبد الرحمن والسيد أبو الليل ومحمد العضل، وكانوا يقصدون إلى السجن ليستقبلوا سعد الله الحياني بعد أن قضى في السجن خمسة عشر عامًا لارتكابه جريمة سرقة.
فأما عبد الصمد فهو أبو سعد الله، وأما مسعود وراضي والسعيد أبو الليل فهم أفراد العصابة القديمة، وأما محمد العضل فهو شاب لم يتعدُ الثانية والعشرين من عمره. أطبق الصمت عليهم بعد أن تبادلوا التحية وذهل كلٌّ منهم إلى الماضي والحاضر والمستقبل يفكر فيما كان وما هو كائن، وما يحمله خروج سعد الله من جديد على حياته.
أما عبد الصمد فهو يدعو الله أن يهدي ابنه إلى صراط مستقيم؛ حتى يتيح له الأمن على حياته ومستقبله، وما تلبث الآمال أن ترنو إليه بعين طيبة. خمسة عشر عامًا لا شك أنها قد هدت العاصي وأسلست من طِباع سعد الله ما كان جامحًا، وها قد تهيَّأ له من الأرض ما يكفيه فلو أنه فلح أرضه لاستغنى عن الليل وما فيه من سرقات مضرجة بالدماء، أكان سعد الله يسرق للمال أم هو حب المخاطرة والتلهُّف على مديح من معه، والحرص على هذا الخوف يشيعه في كل من حوله من ناس وبلدان، ولكن خمسة عشر عامًا قد مضت فأي طريق يا ترى يسير فيه سعد الله؟ وأما مسعود فقد كان يفكر في خروج سعد الله تفكيرًا يختلف كل الاختلاف عن تفكير عبد الصمد؛ فقد قضى هذه السنوات يفلح الأرض في غير معرفة بأسرارها فامتنعت الأرض أن تكافئ جهده؛ فهو منذ ذلك الحين في فقر مدقع صاحبه احتقار قوم كانوا يُظهرون له الولاء في ظل سعد الله حتى إذا خلوا به بعيدًا عن زعيمه أنزلوا به المذلة والهوان، وقد كان يعلم أنه لا يقدر على الليل وحده فهو منذ بدأ حياته فيه تعوَّد أن يكون مقودًا غير قائد. وهكذا رضي عن المخاطرة التي تعود عليه بالربح الوافر بكسرة من خبز يغمسها في الزجر العنيف الذي يأخذه به صاحب الأرض متولي العضل، فهو اليوم في فرحة غامرة، لقد عادت أيام المجد أو هي بسبيلها أن تعود، ولينزلن الأهوال بكل هؤلاء الذين اعتدوا على كرامته وليكونن متولي العضل في الطليعة منهم.
وأما راضي عبد الرحمن فهو حائر لا يدري مصيره؛ فهو في هذه السنوات قد أخذ نفسه أن يقوم بالسرقات الصغيرة التي لا تحتاج إلى كثير من شجاعته، وليس يدري اليوم أيستطيع أن يخاطر بحياته مرة أخرى ويشارك سعد الله في مغامراته التي تغلب عليها الجرأة المجنونة التي لا تعبأ بالعواقب؛ فلقد تزوج وأصبح له طفلان وهو يريد لهذين الطفلين أن يجدا أباهما حتى يشتد عودهما ويتمكَّنا من لقاء الحياة.
وأما السيد أبو الليل فقد تجشَّم المسير حفاظًا على الود القديم، فما عاد له من الليل مأرب فقد أصبح اليوم عجوزًا يتوكأ إلى الستين من عمره.
وأما محمد العضل فهو ابن متولي العضل شبَّ منذ وعى الحديث وهو لا يسمع من مسعود حديثًا إلا حديث سعد الله وأيام مجده الأول؛ فأحلامه منذ ذلك الحين ومسالك فكره لا موضوع لها إلا سعد الله؛ إن نام رآه وإن صحا تخيله، وإن لعب مع الأطفال كانت اللعبة حوادث سعد الله، إذا سعى به السن إلى الشباب كان سعد الله مثله الأعلى.
وشاءت الأقدار أن يكون محمد العضل ضامر الجسم هزيلًا ضئيلًا، وأدرك — منذ توقف جسمه عن النمو — ألا سبيل له أن يكون شبيهًا لسعد الله أو رفيقًا له في مغامراته؛ فالتفت إلى أرض أبيه يزرعها فأتقن زرعها وأخذ يحمل عن مسعود بعض عبئه راضيًا أن يكون الثمن حديث مسعود عن سعد الله، فما منعه ضعف جسمه أن يحب سعد الله بل لعل هذا الضعف قد زاده حبًّا له وإقبالًا على الحديث يجري عنه؛ فهو لهذا يتخذ سبيله مع هؤلاء القوم ليرحِّب بالقادم العزيز ويراه في أول لحظة يتمكن فيها من رؤيته، لا يريد أن تفوته هذه الفرصة التي قضى الأعوام الطوال في انتظارها.
وبلغ القوم السجن والشمس تعلن الظهيرة، ولم يطل بهم الانتظار حتى خرج إليهم سعد الله الحياني. وتعانق الأب وولده ثم فرغ سعد الله إلى أصدقائه حتى إذا بلغ إلى محمد قدمه إليه مسعود بأنه ابن متولي العضل؛ فصافحه وأشار الأب إلى سيارة أجرة قريبة من السجن وركبوا فيها جميعًا واتجه الركب إلى القرية. وحين اقتربت السيارة من المهدية وجدوا جماعة كبيرة من الناس منتظرة بظاهر البلدة تعلن فرحها بالطبل والمزمار. وأصرَّ المستقبلون أن ينزل سعد الله من السيارة ويدخل بلدته بين مظاهر الحفاوة هذه التي ينتظرونه بها، وكان ما أرادوا.
وحين استقر بهم المقام في بيت عبد الصمد دار الحديث بعيدًا عن السجن وإنما هي أنباء القرية وما جرى فيها. واستمع سعد الله واستمع ولكن سؤالًا ما يزال يلحُّ عليه إلحاحًا غير هيِّن يريد أن يلقيه ولكنه ينتظر من القوم أن يفصحوا عنه دون سؤال، ولكن الأحاديث تدور والأنباء تُلقى إليه واحدًا بعد الآخر، وليس عن جواب هذا السؤال كلام. وكأنما دبَّر القوم مؤامرة صمت فيما يتصل بهذا الموضوع، وطال صبر سعد الله وطال حتى لم يعد يستطيع صمتًا: أين عبد الهادي الأكتع؟
وكأنما كان الحديث آلة عظيمة الضجيج أصابها العطب فجأة فهوَّم الصمت المفاجئ على أجزائها، صمت الجميع ونظر كل منهم إلى الآخر وعاد سعد الله يقول: خير يا جماعة، هل أصابه شيء؟
وعاد الصمت مرة أخرى وعاد سعد الله يقول: لا بد أن شيئًا أصابه وأنتم تخفون، لا يمكن أن يتأخر الأكتع عن لقائي.
وكان سعد الله محقًّا؛ فعبد الهادي رفيق العمر، لعب وسعد الله في الملعب الصغير في ظل الطفولة، ثم كان صديقه الأول ويده اليمنى في مغامراته، لقد صاحب سعد الله حياة الأكتع جميعًا، بل لقد شاهد الحادثة التي جعلت اسمه الأكتع. في ذلك اليوم السحيق البُعد من تاريخها يوم داست الجاموسة على ذراعه وتناوله حلاق الصحة بما زاده سوءًا، حتى إذا أدركه الطبيب أصلح ما أمكنه إصلاحه من الذراع المهشَّم فظل عبد الهادي بعد ذلك بذراع ينثني ولا يمتد، ولم تكتفِ القرية بهذا الذي أصابه وإنما أطلقت اسم الأكتع فلازمه وظل يكبر معه ومع الأيام حتى اندثر اسمه الأصلي وهو عبد الهادي أبو جراد. وحين كان سعد الله يمازحه: أراك لم تغضب من قول الناس عنك الأكتع.
فكان يقول في ابتسامة خالية من الغضب: الحقيقة أن اسم الأكتع أحسن عندي من اسمي الأول. فسعد الله محق إذن حين يسأل عن الأكتع ويلحُّ في السؤال، ولم يجد مسعود بدًّا آخر الأمر من أن يقول: لقد كوَّن عصابة وأصبح رئيسها، وأظنه يخشى أن يجيء حتى لا تجعل منه مساعدًا مرة أخرى.
وتصعق القوم دهشة آخذة حين يجدون سعد الله قد انفجر ضاحكًا مقهقهًا لا يتوقف ثم يقول والضحكة ما زالت عالقة بألفاظ حديثه: لا، حدَّ الله بيني وبين هذا، دعوه يأتِ، فلن يجد عندي ما يخشاه.
ويفرح الأب بهذه الإجابة تدنيه من الأمل الذي طالما داعبه، وتهدأ الحيرة في خاطر راضي ويقول في نفسه بركة يا جامع، ويأخذ الجزع بمجامع مسعود فإنه يرى الأمل الذي عاش له طول هذه الفترة يوشك أن يولِّي، ولكنه ما يلبث أن يقول لنفسه يطمئنها لعله ينتوي أمرًا جليلًا لا يصلح له الأكتع وتوشك نفسه أن تصدقه. ويظل محمد العضل حائرًا لا يدري ما يقصد إليه سعد الله بهذا الحديث الذي يسوقه.
ويأتي الغداء فهو غداء ضخم فخم يتصدره خروف بأكمله، ويعود الحديث إلى الضجيج يصاحبه ضجيج آخر من مطالب الطاعمين حتى إذا رُفعت الأطباق والصواني علا في السماء صوت الأذان فإذا بسعد الله يصاحب كلمات الأذان: الله أكبر، الله أكبر، هيا يا أبي تقدمنا لنصلي العصر.
وبقلب مليء بالفرح تقدَّم عبد الصمد وخلجات السرور تهز صوته هزًّا: الله أكبر، الله أكبر.
وانتظمت الصفوف من خلفه ولكن مسعود لا يطيق. لم تعد الأيام القادمة تحمل له من المجد الضائع شيئًا فهو ينفتل من باب البيت ويلحق به محمد العضل، أهذا هو سعد الله! ها هو ذا يقيم الصلاة شأن القرية جميعًا، لكم غررت به الأحلام.
شاع أمر سعد الله بين الناس، وتسامعت القرى من حوله أنه قد تاب إلى صراط مستقيم وأنه يقيم الصلاة ولا يقبل الحرام، وباركوا منه هذه التوبة وفرح هو بمباركتهم، وسعت به وبهم الأيام، عجيب أمر هؤلاء الناس ما له يرى من كان يحيِّيه خائفًا مرحِّبًا قائمًا غير جالس قد أصبح اليوم يلقاه في يسر وهدوء وجالسًا غير قائم؟ أتراه اختار طريقًا غير جدير به؟ أين التحايا الهاتفة؟ أين الترحاب المشرق، أين الإجلال والإكبار حيث بدا؟ أين هذا جميعه؟ بل إن بعضهم قد زاد الهوان هوانًا فأصبح يطالب بحقه في ري أرضه قبل أن تُروى أرض سعد الله، وإن بعضهم ليطالب بالجرن قبل أن يدرس قمح سعد الله، حاول أن يقول «اختشوا» أو «النار لا تأكل حطبها كله.» أو يقول أنا سعد الله، فلا يرى إلا ابتسامة متهافتة ووجهًا مزورًا وحديثًا على الشفاه يوشك أن يقول: «كان زمان»، لولا أن تمسك به بقية من خوف أو بقية من ذكرى.
بل إن مسعود لم يعد يأتي إليه فإن مر أحدهما بالآخر فتحية عابرة لا أثر فيها من الماضي الطويل، بل الأدهى من ذلك، محمد العضل الذي أحسَّ في أول لقاء لهما أنه يحمل له إكبارًا وتقديسًا، هذا المحمد العضل الهزيل الضامر القميء ينظر إليه في سخط وكأن بينهما ثأرًا دفينًا. هيه يا دنيا، أهكذا، ألا بدَّ لي أن أحمل السلاح الصاخب القاتل حتى أنال التبجيل والاحترام؟ أما يكفي سلاح الإيمان والطيبة؟ والاسم القديم ألا يكفي؟ ألا يكفي؟
تحمَّل سعد الله هذه الأيام في صبر راضَ نفسه عليه، لا يبدو منه غير الصمت، ولكنه في دخيلته كان مرجلًا يغلي، وكان يحس أنه يصبر فيزيده شعوره بأنه يصبر ثورة على ثورته.
وفي يوم صحا سعد الله من نومه فلقيه من أهله وجوم وصمت، ما لبث أن عرف أسبابه، لقد سرقت البهائم في الليل، جاموسة وثور وبقرة.
لم يكن بين البركان في نفسه وبين أن يثور إلا قشرة رقيقة إن هي انتزعت فهي الثورة الآخذة الماحقة. ولم يكن ما انتزع قشرة. وإنما هي ضربة تغور في أعماق النفس وتغور حتى تصل إلى القاع، هل قُدِّر لسعد الله أن يقبل هذا؟ لا، ودون ذلك الحياة والموت.
لم يتمهَّل سعد الله فقد طالما تمهَّل، انطلق إلى مسعود: سلاحك عندك؟
– نعم.
– هاته واتبعني.
وانسعر سعد الله الهادئ الطيب ليعود سعد الله الجامح الذي لا يقف به أحد أو شيء، هو النار، قتل الأكتع أول ما قتل واسترد بهائمه، ثم أصبح يقتل الناس ويأخذ بهائمهم، ثم أصبح يأخذها ويردها بعد دفع الفدية عنها، ومحمد العضل يتسمَّع هذه الأنباء فتعود نفسه إلى إكبارها لسعد الله ويزداد الإكبار ويزداد؛ فقد أصبح يسمع الأحداث ويشهد آثارها، وإنه اليوم ليتقرَّب إلى سعد الله ولكن سعد الله اليوم يشيح عنه في عزة واستكبار، وعادت القرية تقف لسعد إن لاح ظله أو شبيه لظله من بعيد، وعادت الحياة: تُسقى أرض سعد أول ما تُسقى. وأصبح الجرن يدرس قمح سعد الله أول ما يدرس، عاد سعد الله على أروع ما يمكن أن يعود.
وبلغت به الجرأة أنه صار يُعلِّق البندقية على كتفه ويطلب البهائم في رائعة النهار فإذا مقودها في يده ثم ما هي إلا يوم أو بعض يوم حتى تلحق به الفدية.
وفي يوم قصد سعد الله إلى حيث يربط محمد العضل بهائمه وطلب إليه البهائم. وذهل العضل؛ فهو لم يفكر يومًا أنه سيكون ضحية لسعد الله، إنه يحبه ويعجب به ويقدِّره على أن تكون الضحايا قومًا آخرين، أما هو، إنه لم يتصوَّر هذا في يوم من الأيام، وبفم فاغر من الدهشة وقلب كسير من الحزن أسلمه مقود البهائم، وعاد إلى أبيه يخبره أن سعد الله يطلب خمسين جنيهًا فدية للجاموسة والبقرة والحمار، وثار أبوه ثم خرج يدبر أمره. لم يهتم العضل بالخمسين جنيهًا وإنما راعه هذا الذي حدث، إذن فهذه هي البطولة التي كان يحلم بها، إذن فتلك هي آماله وأحلامه ومُثُله العليا، يا لضيعة عمره، أهذا هو المجد الذي لم يتصوره إلا ويثب اسم سعد الله إلى ذهنه وروحه وقلبه؟!
عادت البهائم بعد أن دُفعت الفدية، ولكن نفس سعد الله لم تكن قد شفيت من محمد العضل الذي ظل فترة طويلة يتجاهله، ونفس مسعود أيضًا لم تكن قد شفيت من الهوان الذي لقيه خمسة عشر عامًا على يد متولي العضل. فما هي إلا أيام قلائل أخرى حتى ذهب سعد الله ومسعود إلى محمد العضل وقد أبى سعد الله أن يصحب أحدًا آخر من أفراد عصابته فما كان محمد العضل جديرًا بغير اثنين وإنهما لكثير، وحين بلغ الاثنان مكان محمد وجدا إلى جواره رجلين آخرين يرقبان جملين لهما يرتعيان فقال سعد الله: لقد تضاعف الصيد.
ودون أن يكلف نفسه عناء استعمال البندقية المعلَّقة على كتفه تقدم إلى الرجلين وطلب إليهما أن يسلِّماه جمليهما ففعلا صامتين. وأمسك مسعود بزمام الجملين وتقدم سعد الله إلى محمد يطلب إليه البهائم ونظر إليه محمد نظرة حسيرة ثائرة، هذا الهوان الذي لا هوان مثله، أمرتين في أيام قلائل؟ أيكون هذا إلا تحديًا؟ وقبل أن يجيب؟ بل وقبل أن يمعن التفكير وجد نفسه يرفع الفأس في ثورة مجنونة ويهوي بها على سعد الله، وفي لمحة خاطفة كان واحد من صاحبي الجملين قد هوى على مسعود فجرده من سلاحه ثم انهال عليه ضربًا، ولم تمضِ لحظات حتى كان سعد الله ومسعود خبرًا مضى، وجثتين يتولى أمرهما النهر الصغير الذي يروي قرية المهدية فيما يروي.
وأدهش القرية هذا الهدوء الذي ران عليها بضعة أيام، ثم ما لبثت دهشتها أن زالت يوم أعلن موت سعد الله ومسعود، ولكن دهشة أخرى صغيرة كانت تنتظر القرية، لقد أصبح محمد العضل تقيًّا لا يترك فرضًا أو سنةً، ولا تَنِي شفتاه عن التمتمة وأصابعه عن تحريك حبَّات المسبحة. ولو قُدِّر لأحد أن يسمع حديثه إلى الله لما سمع منه إلا أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر …