الغائب
«ولكنْ لم يكنْ بينَها وبينَ فريدٍ شيءٌ اسمُهُ آخَرون، أو شيءٌ اسمُهُ نفسُها ضدَّ نفسِه، كانا يتبادلانِ كلَّ شيءٍ في الحُبِّ حتى نفسَيْهما، فتُصبحُ هي نفسَه ويُصبحُ هو نفسَها، ويُدافِعُ هو عن حقوقِها، وتتولَّى هي الدفاعَ عن حقوقِه.»
الغائبُ شبح، وكأنه ظِلٌّ وتلاشَى، ننتظرُه بكلِّ شوق، ورجوعُه محضُ خيال، يُداعِبُنا بذكرياتِنا، ويَخلقُ أملًا يائسًا، نحن نعرفُ ذلك، وأملُنا في الانتظار. على الرغمِ من عدمِ خروجِ الدكتورة « نوال السعداوي» عن أفكارِها المعتادةِ الخاصةِ بحقوقِ المرأةِ والمعاناةِ التي تَلْقاها منذ ولادتِها وحتى موتِها، فإنها في روايةِ «الغائب» استطاعَتْ أنْ تأسِرَنا من جديدٍ في تفاصيلِ شخصياتِها المثيرة؛ «فريدة» تلك الفتاةُ التي تُعاني منذ صغرِها معَ مجتمعِها الذي يُحرِّمُ تفكيرَها، ويُقيِّدُ حرِّيتَها، ويُكبِّلُها بتقاليدِه، الكيميائيةُ الحالمةُ بكسرِ قيودِ عملِها التقليدي، وافتتاحِ معملِها الخاص، والعيشِ بجوارِ حبيبِها «فريد» الذي يهجرُها فجأةً دونَ إبداءِ أسباب، حتى كادَ المرضُ يأكلُها إلى أنْ تأتيَ رسالةُ النجاةِ من الغائب.