لصٌّ من نوعٍ جديد!
لصٌّ من نوعٍ جديد!
قال رقم «صفر» وهو يتحدَّث من خلف الكابينة الزجاجية السوداء: «إن التقرير الذي تلقَّيتُه أمسِ … أقل ما يُوصف به أنه تقريرٌ مذهل … إنه يتحدث عن لصٍّ إلكتروني … وقد عرفنا أنواعًا وأشكالًا من اللصوص والمجرمين، ولكن هذا اللص من نوعٍ جديد علينا.»
لقد أدخل العلم الحديث إلى حياتنا أنواعًا من الاكتشافات … تُفيد الإنسان في حياته وفي عمله … وتُساعِد على إنجاز الأعمال وعلى رفاهية الإنسان … ولكن بعض ضعاف النفوس يستخدمون هذه الاكتشافات والاختراعات في أعمالهم الإجرامية … وأمامنا الآن نموذجٌ فريد ومدهش ومثير لهذا النوع من الأعمال الإجرامية …
وصَمَتَ رقم «صفر» قليلًا ثم قال: «لقد أرسلَت إلينا بعض الحكومات العربية تقول … إن مبالغَ ضخمة من الأموال العربية في البنوك الأجنبية تتعرَّض لسرقةٍ منظمةٍ لا يمكن اكتشافها … فقد تم تحويل مبالغَ تصل إلى ٣٠٠ مليون دولار من الحسابات العربية إلى حساباتٍ أخرى … ثم سُحبَت هذه الأموال.»
والسؤال كيف تمَّ هذا التحويل … لقد اكتشفَت البنوك أن شخصًا معينًا، أو مجموعة من الأشخاص قد استطاعوا التسلُّل إلى العقول الإلكترونية في البنوك، ومعرفة أرقام الحسابات، ثم قاموا بتحويل مبالغَ ضخمة من الحسابات العربية إلى حسابات أشخاصٍ آخرين صَرفوا هذه المبالغَ ثم اختفَوا …
قالت «إلهام»: إن هذه النقطة ليست واضحةً تمامًا!
عاد رقم «صفر» يقول: «سأشرح أكثر … فنحن نعلم أن البنوك الكبرى في العالم تستخدم الآن العقول الإلكترونية في ترتيب حسابات العملاء … ولكل عميلٍ رقمٌ سريٌّ معيَّن ولنقُل مثلًا إنه ٦٦٦ وشفرةٌ خاصة ولنقُل مثلًا «إلهام» … إن جميع المبالغ التي تَرِد إلى البنك لحساب هذا الرقم وهذه الشفرة تُوضع فيه فورًا … ولا يستطيع أي شخصٍ أن يسحب مبلغًا من هذا الحساب إلَّا إذا عرف الرقم الكودي والشفرة السرية … فإذا استطاع شخصٌ أن يعرف هذا فإنه يستطيع أن يأمر العقل الإلكتروني بتحويل أي مبلغٍ من هذا الحساب إلى حسابٍ آخر!
إلهام: هذا يعني أن العقول الإلكترونية في هذه البنوك قد تم اختراقها!
رقم «صفر»: «هذا صحيحٌ تمامًا … ولا بد أن يتم هذا بواسطة عقلٍ إلكتروني استطاع أن يخترق سرية الحسابات، ثم أعطى تعليماته للعقول الإلكترونية في البنوك بتحويل هذه المبالغ التي تحدثنا عنها!»
أحمد: إن المهمة تبدو شاقَّة حقًّا!
رقم «صفر»: «نعم … وقد طلبنا من عميلنا في «نيويورك» وهو رجلٌ كُفء جدًّا، تم تعيينه منذ شهور … طلبنا منه أن يبذل أقصى جهدٍ لمعرفة ما حدث … بالضبط … وأعتقد أنكم ستَلقَون منه كل معونةٍ!»
عثمان: هل يمكن أن يقوم قسم الأبحاث الإلكترونية في المقر بزيادة إيضاح هذه المعلومات؟
رقم «صفر»: «لقد طلبتُ منهم فعلًا إطلاعكم على كافَّة الموضوعات المتعلِّقة بالموضوع!»
وفي المساء، اجتمع الشياطين اﻟ ١٣ جميعًا في قسم الأبحاث الإلكترونية … حيث استمعوا إلى محاضرة عن السرقات الإلكترونية التي بدأَت في أمريكا بواسطة شابٍّ من هواة الكومبيوتر استطاع أن يحلَّ شفرة أحد البنوك، ثم يفتح حسابًا في بنكٍ آخر، ويقوم بتحويل المبالغ التي يريدها من حساب العملاء في البنك الأول … ثم يسحب هذه النقود من البنك الثاني ويختفي …
ثم قام المهندس المختص بشرح النواحي الفنية في الموضوع فقال: إن الكومبيوتر يُنفِّذ التعليمات التي تُعطى له … فإذا استطاع شخصٌ خارج البنك معرفة الأرقام السريَّة والشفرة لحسابٍ ما، ففي إمكانه أن يعطي التعليمات للكومبيوتر بتحويل المبالغ التي يُريدها إلى حسابٍ آخر … وهي مسألةٌ صعبة ولكنها ليست مستحيلةً خاصةً على خبراء الكومبيوتر!
قال «أحمد»: إن الكومبيوتر له سيئات كما أن له حسنات!
المهندس: بالطبع … ولكن حسناته أكثر من سيئاته بكثير!
وجاءت تعليماتٌ من رقم «صفر» ليلًا بأن تُسافر المجموعة التي سبق أن عَمِلَت في «نيويورك» في مغامراتٍ سابقة … وهكذا استعدَّ «أحمد» و«عثمان» … و«إلهام» و«زبيدة» للسفر …
وفي مساء اليوم التالي، وبعد الحصول على المعلومات اللازمة عن عميل رقم «صفر» الجديد في «نيويورك» واسمه «روجر»، كانت الفرقة المسافرة على أهُبة الاستعداد لمغادرة المقر السري …
من أقرب مطار إلى المقر السري ركبوا الطائرة «البوينج» إلى «لندن» حيث تقرَّر أن يقضُوا ليلةً هناك، قبل عبور المحيط إلى «نيويورك».
وكان رقم «صفر» قد أعدَّ مقرًّا سريًّا جديدًا للشياطين في «لندن» تُدار منه عمليات أوروبا كلها حتى لا يتعرَّض الشياطين لمخاطر في الشُّقق المفروشة أو الفنادق … وكان المقر الجديد يقع في فيلَّا صغيرة في «آبي رود» وهو شارعٌ هادئ، وإن كان قريبًا من وسط المدينة …
كانت «كاترين» المسئولة عن النظافة والتغذية في المقر السري امرأةً متوسطة السن … قوية كأنها بطلة «كاراتيه» مبتسمة كأمٍّ طيبة … مرحة في رقةٍ وحزم … أحبَّها الشياطين الأربعة من أول لقاء … وطلبَت منهم أن يَدْعوها «كاتي» … وبينما انهمكَت «كاتي» في الحديث إلى «إلهام» و«زبيدة» أخذ «أحمد» يتحدَّث تليفونيًّا مع عميل «رقم صفر» في «لندن» الذي اختار المكان … بينما خرج «عثمان» إلى حديقة الفيلَّا الصغيرة …
قال العميل: لقد عرفتُ بمهمتكم في «نيويورك» … وإنني أنصح أن تلتقي بالدكتور «كورشو»!
أحمد: لماذا؟
العميل: إنه رجلٌ مفيدٌ جدًّا!
أحمد: في أي تخصص؟
العميل: في سرقة الخزائن!
أحمد: وهل هو دكتور حقًّا؟
العميل: بالطبع لا … ولكن العالم السفلي أطلَق عليه هذا اللقب لأنه أحسنُ لص خزائنَ في انجلترا … وهو الآن مُطلَق السراح … وعلى صلةٍ وثيقة بالصفقات الضخمة التي تتمُّ في العالم السفلي … وفي الأغلب عنده فكرةٌ عن سرقات الكومبيوتر … وقد يضع بين يدَيك خيطًا يقودك إلى شيء!
أحمد: بالطبع تهمُّني جدًّا مقابلته!
العميل: سأتصل به لأُحدِّد موعدًا … ومن الأفضل أن تأتي وحدَك … فهو بالطبع لا يُحب الحديث أمام عددٍ كبير من الناس!
أحمد: اتفقنا!