ماك الصغير!
عاد «أحمد» إلى المقرِّ السري، وتحدَّث مع زملائه عن مقابلته مع دكتور «كورشو»، واتفقوا جميعًا على أنها كانت زيارة على جانبٍ كبير من الأهمية … ثم جلس إلى جهاز الشفرة، وأرسل لرقم «صفر» تقريرًا موجزًا عما تمَّ في «لندن» …
عندما استيقظ «أحمد» في صباح اليوم التالي تحدَّث إليه «روس» وقال: لقد ذهبتُ إلى اسكوتلانديارد، واتَّفقتُ معهم على أن يرفعوا الرقابة عن «كورشو» لمدة أسبوعٍ على ضمانتي الخاصة!
أحمد: عظيم!
روس: إنني أُريده أن يتجوَّل بحريةٍ حتى يتمكَّن من العثور على «ماك الصغير» فهو مفتاحٌ لا بأسَ به إذا صحَّ الِاستنتاج الذي توصَّل إليه «كورشو»!
أحمد: من أين تتحدَّث؟
روس: من اسكوتلانديارد!
أحمد: هل تستطيع أن تحصل على صورة «ماك الصغير»؟
روس: لماذا؟
أحمد: لنشتركَ في البحث عنه؛ فقد نعثر عليه قبل «كورشو»!
روس: إنها فكرةٌ رائعة، ومن الممكن طبعًا الحصول على صورة «ماك الصغير» من أرشيف البوليس هنا!
أحمد: إذن نلقاك في المساء … وسوف نتوزَّع على الأماكن المختلفة التي يتردَّد عليها أمثال «ماك» الصغير!
روس: إنها أماكنُ خطيرة … وكلها تتركَّز في حي «سوهو» السيئ السمعة!
أحمد: لقد دخلنا أماكنَ أكثر سوءًا منها فلا تخف!
روس: إلى اللقاء في المساء إذن!
أحمد: إلى اللقاء في المساء!
قضى الشياطين يومهم في حديقة «هايد بارك» الواسعة الأرجاء حيث يقف خُطباء من كل لون وجنس ضد أي شيءٍ … أو مع أي شيءٍ، ويلتفُّ حولهم المشاهدون، ويتبادلون معهم الحديث … وهي ظاهرةٌ لا تُوجد في العالم كله إلا في هذه الحديقة الكبيرة في قلب «لندن».
وعاد الشياطين في وقت الغداء ليجدوا «كاتي» قد أعدَّت لهم غداءً شهيًّا من «الجرين مولت» وهو سمكٌ يشبه البوري … ومعه سلطة خضراء رائعة، وقبلوها جميعًا شاكرين!
وفي المساء حضر «روس» ومعه عدد من الصور ﻟ «ماك الصغير» …
وقال روس: لقد قمتُ بإعادة تصوير الصورة، حتى يكون مع كل واحدٍ منكم نسخة!
أحمد: بالتأكيد فكرةٌ جيدة!
وأخذ كل واحدٍ من الشياطين صورة.
وقال «روس»: خُذوا حِذْرَكم … إن حيَّ «سوهو» من أكثر الأماكن خطرًا في العالم؛ حيث يعيش فيه المجرمون والمنحرفون …!
عثمان: مرحبًا بمعركة … فقد أصابنا الكسل!
روس: إنني أعرف حي «سوهو» جيدًا؛ فقد عملتُ فيه وأنا شابٌّ مثلكم، وكنت كضابط بوليس أقضي أغلب الوقت في مطاردة المجرمين!
أحمد: سنذهب في الساعة الثامنة.
روس: سأكون قريبًا منكم قَدْر استطاعتي … وبالمناسبة عندكم ٤ سيارات من أنواعٍ مختلفة صغيرة وكبيرة لاستخدامكم هنا!
أحمد: عظيم!
وخرج «روس»: وفي الثامنة تقريبًا وقبل خروج الشياطين الأربعة اتصل به «أحمد»، ولكن «روس» أخبره أنه لم يعثُر حتى الآن على «ماك الصغير»!
فقالت له «إلهام»: سنرى ما يمكن عمله، وعلى كل حالٍ دعه يواصل البحث، فقد يعثر عليه ليلًا!
وانطلَق الشياطين الأربعة في سيارتَين صغيرتَين من طراز «فورد اسكوت» وهو طرازٌ شائع في إنجلترا …
ركب «أحمد» و«إلهام» معًا … وعثمان و«زبيدة» معًا، وخلال ثلث ساعة كانوا يقفون عند مدخل حي «سوهو» المُضاء حيث تكثُر الملاهي الليلية … والنوادي والبارات والمقاهي، ومختلف أماكن السهر، واتفق الشياطين على أن يُقسِّموا الحي إلى قسمَين بطول الشارع، ينطلق «أحمد» و«إلهام» يمينًا، و«عثمان» و«زبيدة» يسارًا، على أن يلتقوا في منتصف الليل تمامًا عند السيارتَين في مدخل الحي …
كانت خطَّتهم المرور بأكبر عددٍ من المقاهي والنوادي وغيرها للبحث عن «ماك الصغير»، أو «لتل ماك» … كما يدعوه «روس».
كانت حانة «الديك الذهبي» هي أول حانة يدخلها «عثمان» و«زبيدة» … وقالت «زبيدة» في نفسها: «معه حقٌّ» مستر «روس»؛ فالوجوه كلها شريرة ومخيفة، وتكشف عن نوعٍ مرعب من الناس!
قضى «عثمان» و«زبيدة» نصف ساعة من الوقت ثم خرجا … وتنقَّلا من نادٍ إلى مقهًى إلى ملهًى … كان الشياطين الأربعة يقابلون نفس النماذج من البشر … وفي بعض الأحيان كانوا يَلمَحون وجه «روس» بين الزبائن …
ومضى الوقتُ دون أن يظهر «لتل ماك» … ودبَّ اليأس في نفوس الشياطين والساعة تقترب من منتصف الليل …
وفجأةً لمحَتْ «زبيدة» رجلًا متوسط العمر يمرق داخل إحدى الحانات وهو يلبس معطفًا خفيفًا ويرفع ياقته ليُخفيَ وجهه، وقبَّعتُه مائلة لتزيد من إخفاء الوجه، رغم هذا أحسَّت «زبيدة» أنه يشبه «لتل ماك» فهَمسَت في أُذن «عثمان» وكانا في طريقهما للعودة إلى السيارة، فأسرعا خلف الرجل الذي اتجه مباشرةً إلى أحد الموائد حيث كان يجلس رجلٌ آخر شديد الأناقة لا يتناسب مظهره مع رُوَّاد المكان …
سمع «عثمان» و«زبيدة» «لتل ماك» يقول: آسف … لقد تأخرتُ عليك، كنتُ في انتظار الرجل في المطار لتُقابِله، ولكن الطائرة تأخَّرتْ عن موعدها … وفي نفس الوقت لم يحضُر الرجل!
بدا الضيق على وجه الرجل الأنيق وقال: إنني لا أحب هذه الألاعيب يا «لتل ماك»!
تأكَّد «عثمان» و«زبيدة» أنه «لتل ماك»، وهمس «عثمان» في أُذن «زبيدة»: أسرعي إلى مكان السيارتَين، أخبري «أحمد» بما حدث، وعودوا جميعًا إلى هنا!
زبيدة: وإذا لم نجدك؟
عثمان: أكون قد انطلقتُ خلف الرجل «لتل ماك»!
انطلقَت «زبيدة» مسرعة … وعاد «لتل ماك» يقول للرجل: إنني لا أكذب عليك … لقد كنت متفقًا معه على كل شيءٍ … وأنا صاحب مصلحة!
الرجل: إنني لا أستطيع أن أبقى في «لندن» أكثر من ذلك!
ماك: أعطني فقط مهلة ٢٤ ساعة … وستقابل الرجل!
قام الرجل واقفًا وهو يقول: بعد ذلك تعرف جيدًا يا «لتل ماك» أن الأمور ليست بهذه البساطة!
لتل ماك: إنني أعرف طبعًا يا مستر «كروز» … أن كلمة الشرف هي التي تربطنا!
كروز: إذن متى نتوقَّع وصول صديقك؟
ماك: غدًا … في مثل هذا الموعد!
كروز: قد تغيَّر المكان … سأتصل بكَ تليفونيًّا!