قصة شابٍّ فقير!
أدار «أحمد» مُحرِّك «الأوستن» المرتفع الصوت، ثم انطلق خارجًا من الجراج … وعندما بدأ خط سيره كانت المرسيدس تقترب من الجراج … فلم يكتشف مَن فيها لعبة «أحمد» … ولكن أحمد كان قد تجاوَز مرحلة الخطر … فالمرسيدس تبحث عن «الفورد اسكوت» الحمراء … بينما هم يركبون سيارة «أوستن» سوداء.
سار كل شيء على ما يُرام … فقدت المرسيدس أثَرهم … فانطلقوا في هدوء في طريقهم إلى «آبي رود»، وقد فضَّل «أحمد» أن يترك السيارة «الأوستن» في مكانٍ ظاهر أمام فندق «ويستمورلاند» في أول طريق «آبي رود».
ساروا جميعًا في اتجاه المقر السري … كان «أحمد» يفكِّر بسرعةٍ في هذا الضيف الغريب الذي لم يتسع الوقت لمعرفة حقيقته …
وقد كان على «عثمان» أن يشرح ما حدث فأخذ يتحدث إلى «أحمد» هامسًا: إن هذا الشاب اسمه «كلارك» … وهو فيما أعتقد الشخص الذي اكتشف أو اخترع جهاز الكومبيوتر الذي يستطيع أن يُحوِّل الحسابات بين البنوك المختلفة … وقد كان «لتل ماك» في انتظاره … فهناك من يُريد شراء الجهاز … إنه رجلٌ من كبار رجال العصابات يُدعى «كروز»!
أحمد: إن هيئته تدل على أنه طالبٌ جامعي!
عثمان: أظنه كذلك، وأظنه أيضًا ضحية استغلالٍ من جانب «لتل ماك» وعصابات الإجرام المنظَّمة!
اقتربوا من المقر السري … وأدار «أحمد» عينَيه حول المكان لعله يرى أثرًا لشيءٍ يُثير الشبهة، ولكن كل شيءٍ كان هادئًا وطبيعيًّا …
دخلوا إلى المقر السري … وكان «كلارك» يمشي كأنه نائمٌ ومذهول، وظَهرتْ «إلهام» و«زبيدة» وشاهدَتا «كلارك» وبدَت على وجهَيهِما علامات الاستفهام!
قال «أحمد»: ستسمعان القصة الكاملة منه!
استلقى «كلارك» على أحد المقاعد … كان وجهه شاحبًا ومُنهَكًا، فقال له «أحمد»: تستطيع أن تغتسل وتُغيِّر ثيابك … سنُعِد لك بعض الطعام!
دخل «كلارك» إلى دورة المياه، وقدَّم له «أحمد» بعض ملابسه التي كانت واسعةً عليه بعض الشيء … وأعدَّت له «إلهام» بعض الطعام الخفيف وكوبًا من الشاي.
بينما فتح «عثمان» الحقيبة الثقيلة … وكما توقَّع شاهدوا جميعًا جهازًا يُشبه الكومبيوتر، وإن كانت له ٤ شاشاتٍ صغيرة وليس شاشة واحدة … وكان واضحًا أنه رديء الصنع؛ فهو مجموعٌ من أجهزةٍ مختلفة … وله ذراعٌ جانبية لا تُوجد في أجهزة الكومبيوتر العادية …
وبعد نصف ساعة خرج «كلارك» وقد بدا أفضل حالًا … أخذ يتناول طعامه بشهية … ونظر «أحمد» إلى ساعته، كانت قد تجاوزَت الثانية صباحًا … وفي هذه اللحظة دقَّ جرس التليفون … كان المتحدث هو «روس» وردَّ عليه «عثمان» …
قال «روس»: آسف أن أُبلغكم أن الرجل الذي كنتم تبحثون عنه … أقصد «لتل ماك» قد وُجد قتيلًا منذ ساعةٍ في منزلٍ قرب «سوهو» وفقَدنا بهذا الخيط الذي كنا نمشي خلفه!
عثمان: لا بأس … لقد انتهت مهمة «لتل ماك»!
روس: كيف؟
عثمان: سنروي لك التفاصيل غدًا صباحًا … فنحن على وشك النوم!
وضع «روس» السماعة والتفَت «عثمان» إلى الجالسين وقال: لقد قتلوا «لتل ماك».
انتفض «كلارك» وهو يقول: ماذا تقول؟
عثمان: صديقك «لتل ماك» وُجد مقتولًا في المنزل الذي كنتَ معه فيه، ولولا أنني تدخلتُ في الوقت المناسب لأصابكَ ما أصابه!
بدا الذهول على «كلارك» لحظاتٍ فقال له «أحمد»: إن ما حدث خيرٌ لك إذا صحَّ استنتاجي، إنهم كانوا يستغلونك دون أن تعلم … أكمل طعامك حتى تتحدَّث!
انتهى «كلارك» من طعامه سريعًا، ثم قال: إنِّي على استعدادٍ للكلام!
أحمد: من الأفضل أن تقُصَّ علينا ما حدث لك بالتفصيل وبالصدق حتى نستطيع مساعدتك … ومن المهم أن تعرف أننا فقط الذين يستطيعون هذه المساعدة؛ فأنت مطاردٌ من عصاباتٍ غاية في الوحشية والإجرام!
كلارك: لقد بدأَت قصَّتي منذ كنتُ في السابعة عشرة من عمري … لقد هويتُ الكومبيوتر … ولأنني من أسرةٍ فقيرة في «نيويورك» فقد كنتُ أتردَّد على أصدقائي الذين يملكون أجهزة … وأظَل الساعاتِ الطِّوال أدرُسُها وأفهم أسرارها … وبعد ثلاث سنواتٍ أصبحتُ خبيرًا في أجهزة الكومبيوتر … وكنتُ أعمل نهارًا في أحد المقاهي … وفي الليل أجلس الساعاتِ الطِّوال مع أجهزةٍ قديمةٍ اشتريتُها من مصروفي الخاص … واستطعتُ أن أقوم بتجميع جهازَي كومبيوتر … وأن أضع لهما برامجَ مماثلة، ثم أُطلِق أحدهما على الآخر لأرى من الذي يهزم الآخر. وبمرور الأيام استطعتُ أن أُطوِّر جهاز كومبيوتر له قوة «الريموت كونترول» وهو كما تعرفون جهاز التحكُّم عن بُعد!
قالت «زبيدة»: إنها فكرةٌ ممتازة!
إلهام: وبعد ذلك!
كلارك: أصبحتُ أتحدَّى أصدقائي الذين يملكون أجهزة كومبيوتر، وأخذتُ أُدير أجهزتهم بجهازي هذا!
وأشار «كلارك» إلى الحقيبة المفتوحة … ثم تنهَّد وقال: وكنتُ أحكي لبعض رواد المقهى قصَّتي أحيانًا مع جهازي الصغير القوي، ولكن لم يُصدِّقني أحد … حتى قابلتُ «لتل ماك» الذي استمع إليَّ باهتمام … ثم قال لي إن هذا الاكتشاف يمكن أن يكون نافعًا لي، وأن يدرَّ عليَّ آلاف الدولارات!
عثمان: طبعًا.
عاد «كلارك» يقول: وغاب «لتل ماك» يومًا ثم عاد لي وطلب أن يرى الجهاز … فأحضرتُه معي إلى المنزل حيث اطَّلَع عليه … وسأل بضعة أسئلة … وفي اليوم التالي جاءني ومعه رجلان وقالا إنهما سيطلبان منِّي خدمة، وسآخذ منهما خمسة آلاف دولار … ولم أُصدق نفسي!
وسكت «كلارك» قليلًا ثم قال: وقلتُ لهما إنني على استعدادٍ لخدمتكم لقاء هذا المبلغ، فقالا إن لأحدهما حسابًا في أحد البنوك، ولأسباب كثيرةٍ لا يستطيع أن يسحب منه … لهذا يطلب منِّي الدخول على كومبيوتر البنك الذي به النقود، لتحويل حسابه إلى حساب صديقه في بنكٍ آخر …
سكت «كلارك» ثم قال: وقلتُ لهما إنني لا أستطيع القيام بهذا العمل، إلَّا إذا حصلا لي على الشفرة الخاصة بالبنك وبالتحويلات … فوعَداني بذلك … وقضيتُ بضعة أيام أقابل «لتل ماك» يوميًّا اسأله عن صديقَيه حتى حضرا ومعهما المعلومات المطلوبة.