عذاب الضمير
كان حديث «كلارك» حديثًا ممتعًا بالنسبة لما يحصل عليه الشياطين من معلومات … فقد عُرف الآن أن هذا الشاب الصغير الموهوب كان وراء السرقة الكبرى التي بلغَت ملايين الدولارات …
وقال «أحمد»: ثم ماذا؟
كلارك: طلبا منِّي تحويل مبالغَ تصل إلى بضعة ملايين … وعندما لاحظ الثلاثة أنني غير راضٍ عن العمل، بدءوا يدفعون لي مبالغَ كبيرة … وأحسستُ أنني وقعتُ في فخٍّ … فأنا أريد النقود، وفي نفس الوقت أُدرك أن الرجال الثلاثة يستغلُّونني في أعمالٍ غير مشروعةٍ … خاصةً وأن الأسماء تعدَّدتْ … ولم تعُد اسمًا واحدًا كما قالوا لي في البداية … وقرَّرتُ الاتصال بالبوليس ولكن «لتل ماك» قال لي إنني متورطٌ معهم في السرقة وإنني سأُحاكَم … ولم يعُد أمامي إلا الرضوخ … ولكن البنوك بدأَت تُدرك ما يحدث … وثارت ضجةٌ كبيرة في أمريكا … وقال «لتل ماك» إن علينا أن نرحل سريعًا قبل أن يَصلوا إلينا … وأخبرني أن رجلًا يُدعى «كروز» على استعدادٍ لشراء الجهاز وتطويره مقابل مبلغٍ كبير.
وهكذا حضَرتُ إلى «لندن»، ولكن ظهر أن هناك من يريد شراء الجهاز بمبلغٍ أكبر، وقرر «لتل ماك» أن يبيعه للزبون الجديد …
عثمان: إننا نعرف بقية القصة؛ فقد قابل «لتل ماك» «كروز» في المقهى، وأخبره أنكَ لم تحضُر بعدُ، ثم أخذك إلى شقته قرب «سوهو» حيث هاجمكما «كروز» ورجاله … وكنتُ أنا هناك، وشاهدتُ وسمعتُ ما حدث وقمت بإنقاذك …!
كلارك: تمامًا!
أحمد: إنك ستتعاون معنا … أليس كذلك؟
كلارك: هل أنتم الزبائن الجُدد الذين يُريدون شراء الجهاز؟
ابتسم الشياطين الأربعة، وقالت «إلهام» إننا لسنا لصوصًا يا سيدي «كلارك» … إننا نعمل من أجل العدالة!
كلارك: إذن سوف تُسلمُونني إلى رجال البوليس!
أحمد: ليس تمامًا … ولكن إذا تعاونتَ معنا، فسوف نُساعدك على أن تكون «شاهد مَلِك» … وهو الشاهد الذي إذا اعترف على شركائه، وساعد الشرطة في القبض عليهم، فإنه يلقى أقل عقوبةٍ ممكنة … أو ربما البراءة حسب جسامة التهمة!
كلارك: في هذه الحالة فإنني على استعدادٍ للتعاون معكم إلى أقصى الحدود … إن ضميري يؤنِّبني … وأنا خائفٌ … وعلى كل حال فالنقود التي حصلتُ عليها ما زالت موجودةً … لم أُنفق منها إلَّا القليل وأنا على استعدادٍ لردِّها فورًا!
أحمد: إن هذا سيُحسِّن موقفك كثيرًا!
إلهام: أليس من الأفضل أن نُؤجل بقية الحديث إلى الصباح؟!
أحمد: نعم … تَفَضَّل أنت يا «كلارك» إلى غرفتك ودَعِ الجهاز هنا!
وقاد «عثمان» «كلارك» إلى غرفته لينام، وقال «أحمد»: رغم أنه يبدو شخصًا بسيطًا خدعَه رجال العصابات إلا أننا سنقوم بحراسته حتى الصباح، وسأظل مستيقظًا ثلاث ساعات، ثم يأتي دور «عثمان»، وفي فترة حراستي سوف اتَّصل بالمقر السري لإعطاء المعلومات الجديدة!
ساد المقر السري الصغير الهدوء، ودخل «أحمد» إلى غرفة العمليات، وظل يعمل نحو ساعة … وعندما تلقَّى رد رقم «صفر» أحسَّ بالرضى …
كانت برقية رقم «صفر» بعد فكِّ شفرتها تقول «إنني سعيدٌ جدًّا بكل هذا النشاط في فترةٍ وجيزة … سأُعطي تعليماتي لعميلنا في نيويورك «روجر» أن يستعدَّ لاستقبالكم … خذوا «كلارك» معكم … وإذا كان خائفًا فاحصلوا منه على أسماء مَن تعامل معهم في نيويورك … ودعوه ينزع بعض أجهزة الجهاز بحيث لا يعمل بدونها … ثم سلِّموا الجهاز كُله إلى «روس» وخذوا القطع الصغيرة معكم … أرجو أن تبلغ «عثمان» أنه تصرَّف بحكمةٍ رائعة!»
بعد ثلاثِ ساعاتٍ نام «أحمد» بعد أن تَسلَّم «عثمان» نوبة الحراسة التي استَمرَّت حتى التاسعة صباحًا … فاستيقظَت «إلهام» و«زبيدة» … وفي العاشرة تمامًا حضر «روس»، وأخذ يستمع من «عثمان» إلى القصة المُدهِشة التي وقعَت فصولها ليلًا …
وقال «روس»: لقد كنتُ في «سوهو» حتى الواحدة صباحًا!
عثمان: لقد شاهدناك أحيانًا!
روس: وما هي خطَّتكم؟
عثمان: إننا في انتظار استيقاظ «أحمد» لنُقرِّر الخطوة التالية!
ظهر «أحمد» و«كلارك» في وقتٍ واحد …
وقال «روس»: أُهنئكم على العملية!
أحمد: إنكَ صاحب الفضل؛ فقد كان اللقاء الذي دبَّرتَه لنا مع دكتور «كورشو» هو البداية … بالمناسبة ما هي أخبار «كورشو»؟
روس: لقد اتصل بي هذا الصباح وقال إنه لم يجد «لتل ماك» فقلتُ له إن «لتل ماك» قد قُتل، وقد أَفزعَه ذلك كثيرًا، إنه لصٌّ محترف، ولكنه ليس قاتلًا … لهذا فهو يخشى القتَلة … وقد طلب أن ينسحب من العملية كلها بعد أن علم بمصرع «لتل ماك»!
أحمد: إنه لم يعد مفيدًا لنا!
روس: وما هي خطْوتكم التالية؟!
أحمد: لقد انتهى عملنا في «لندن»، وسوف نُغادرها في أقرب فرصةٍ، ولكن المطلوب منك أن تضع البوليس خلف «كروز»؛ فربما هو أو أحد رجاله كانوا وراء مقتل «لتل ماك»!
وروى «عثمان» ﻟ «روس» بالتفصيل أحداث الليلة الماضية، وما شاهَد وسمعَ في منزل «لتل ماك» قُرب حي «سوهو»، وقام «روس» إلى جهاز التليفون وطلب الاتصال بالمفتش «كنجز» في اسكوتلانديارد، وردَّ «كنجز».
فقال «روس»: هل في ملفاتكم شيء عن شخصٍ يُدعى «كروز»؟
وبعد أن استمع إلى ردِّ «كنجز» قال: إنني لا أعرف أي الثلاثة هو «كروز»، ولكن الرجل الذي أُحدِّثك عنه طويل القامة، تبعث رؤيته على الاحترام!
واستمع مرةً أخرى ثم قال: إنه إذن «كاري كروز»! هو أو أحد رجاله وراء قتل «لتل ماك» ليلةَ أمس!
واستمع قليلًا ثم وضع سماعة التليفون وقال: إن رجال البوليس يقولون إنهم يعرفون «كاري كروز» أو «ك. ك»، وهو رجل أعمال كان ناجحًا قبل أن ينحرف إلى الجريمة المُنظمة، وهو رجلٌ خطير وله عصابةٌ دموية!
أحمد: سنتصل بك هذا المساء بعد أن نضع الترتيبات اللازمة!
قام «روس» واقفًا، فقال «أحمد»: نسيتُ أن أقول لك إن إحدى السيارات من طراز «فورد اسكوت» قد تركناها في جراجٍ قريبٍ من نهر «التايمز» وقد يتصلون بك من أجلها … أليست مسجَّلةً باسمك؟
روس: نعم.
أحمد: قد نلقى من أجلها بعض المتاعب!
روس: سأقول إنها سُرقَت!
أحمد: إنك رجلٌ مُدهِش!
روس: إنها مسألةٌ بسيطة … والآن أترككم على أن أراكم في المساء!
أحمد: اتفقنا!