قنبلة بالبارود لا بالماء المقطر …
حيَّاكم الله يا شباب الجامعة المصرية؛ لقد كتبتم الكلمات التي تصرخ منها الشياطين …
كلمات لو انتسبن لانتسبت كل واحدة منهن إلى آية مما نزل به الوحي في كتاب الله.
وطلب الفصل بين الشبَّان والفتيات يرجع إلى هذه الآية: ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ.
وطلب إيجاد المَثَل الأخلاقي لهذه الأمة من شبابها المتعلِّم هو معنى الآية: هَٰذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ.
قوة الأخلاق يا شباب، قوة الخلاق، إن الخطوة المتقدِّمة تبدأ من هنا.
حياكم الله يا شباب الجامعة؛ لقد كتبتم الكلمات التي يُصفِّق لها العالم الإسلامي كله.
كلمات ليس فيها شيء جديد على الإسلام، ولكن كل جديد على المسلمين لا يوجد إلا فيها.
كلمات القوة الروحية التي تريد أن تقود التاريخ مرة أخرى بقوى النصر لا بعوامل الهزيمة.
كلمات الشباب الطاهر الذي هو حركة الرُّقِيِّ في الأمة كلها، فسيكون منها المحرك للأمة كلها.
كلمات ليست قوانين، ولكنها ستكون هي السبب في إصلاح القوانين …
قوة الأخلاق يا شباب، قوة الأخلاق: إن الخطوة المتقدمة تبدأ من هنا …
•••
يريد الشباب مع حقيقة العلم حقيقة الدين؛ فإن العلم لا يعْلَم لا يُعلِّم الصبرَ ولا الصدقَ ولا الذمةَ.
يريدون قوة النفس مع العقل، فإن القانون الأدبي في الشعب لا يضَعُه العقل وحده ولا ينفِّذه وحده.
يريدون قوة العقيدة، حتى إذا لم ينفعهم في بعض شدائد الحياة ما تعلَّموه نفعهم ما اعتقدوه.
يريدون السمُوَّ الديني، لأن فكرة إدراك الشهوات بمعناها هي فكرة إدراك الواجبات بغير معناها.
يريدون الشباب السامي الطاهر من الجنسين، كي تُولَد الأمة الجديدة سامية طاهرة.
قوة الأخلاق يا شباب، قوة الأخلاق؛ إن الخطوة المتقدمة تبدأ من هنا …
•••
أحسَّ الشباب أنهم يفقدون من قوة المناعة الروحية بقدر ما أهملوا من الدين.
وما هي الفضائل إلا قوة المناعة من أضدادها؟ فالصدق مناعة من الكذب والشرف مناعة من الخِسَّة.
والشباب المُثْقَل بفروض القوة هو القوة نفسها؛ وهل الدين إلا فروض القوة على النفس؟
وشباب الشهوات شباب مفلس من رأس ماله الاجتماعي، يُنفِق دائمًا ولا يكسب أبدًا!
والمدارس تُخرِّج شُبَّانها إلى الحياة، فتسألهم الحياة: ماذا تعوَّدتم لا ماذا تعلَّمتم!
قوة الأخلاق يا شباب، قوة الأخلاق؛ إن الخطوة المتقدمة تبدأ من هنا …
•••
وأحس الشباب معنى كثرة الفتيات في الجامعة، وأدركوا معنى هذه الرِّقَّة التي خلقتْها الحكمة الخالقة.
والمرأة أداة استمالةٍ بالطبيعة، تعمل بغير إرادة ما تعمله بالإرادة، لأن رؤيتها أول عملها.
نعم إن المغناطيس لا يتحرَّك حين يجذب، ولكن الحديد يتحرَّك له حين ينجذب!
ومتى فهم أحد الجنسين الجنس الآخر، فهمه بإدراكين لا بإدراك واحد!
وجمال المرأة إذا انتهى إلى قلب الرجل، وجمال الرجل إذا استقر في قلب المرأة …
… هما حينئذٍ معنيان. ولكنهما على رغم أنف العلم معنيان متزوِّجان …
•••
لا، لا؛ يا رجال الجامعة، إن كان هناك شيء اسمه حرية الفكر فليس هناك شيء اسمه حرية الأخلاق.
وتقولون: أوروبا وتقليد أوروبا! ونحن نريد الشباب الذين يعملون لاستقلالنا لا لخضوعنا لأوروبا.
وتقولون: إن الجامعات ليست محلَّ الدين، ومَن الذي يجهل أنها بهذا صارت محلًّا لفوضى الأخلاق.
وتزعمون أن الشباب تعلموا ما يكفي من الدين في المدارس الابتدائية والثانوية فلا حاجة إليه في الجامعة …
أفترون الإسلام دروسًا ابتدائية وثانوية فقط؛ أم تريدونه شجرة تُغرَس هناك لِتُقلَع عندكم …
لا، لا؛ يا رجال الجامعة، إن قنبلة الشباب المجاهد تُملَأ بالبارود لا بالماء المقطَّر …
•••
إن الشباب مخلوقون لغير زمنكم، فلا تفسدوا عليهم الحاسة الاجتماعية التي يحسون بها زمنهم.
لا تجعلوهم عبيد آرائكم وهم شباب الاستقلال؛ إنهم تلاميذكم، ولكنهم أيضًا أساتذة الأمة.
لقد تكلَّم بلسانكم هذا البناء الصغير الذي يُسمَّى الجامعة، وتكلم بألسنتهم هذا البناء الكبير الذي يُسمَّى الوطن.
أما بناؤكم فمحدود بالآراء والأحلام والأفكار، وأما الوطن فمحدود بالمطامع والحوادث والحقائق.
لا، لا؛ إن المسلمين الذين هَدَوا العالم، قد هَدَوْه بالروح الدينية التي كانوا يعملون بها لا بأحلام الفلاسفة.
لا، لا، إن الفضيلة فطرة لا عِلْم، وطبيعة لا قانون، وعقيدة لا فكرة؛ وأساسها أخلاق الدين لا آراء الكتب …
•••
مَن هذا المتكلم يقول للأُمَّة: «الجامعيون لن يقبلوا أن يدخل أحد في شئونهم مهما يكن أمره»؟
أهذا صوت جرس المدرسة لأطفال المدرسة تِرِنْ تِرِنْ … فيجتمعون وينصاعون؟
كلَّا يا رجل! ليس في الجامعة قالب يُصَبُّ فيه المسلمون على قياسك الذي تريد.
إن التعليم في الجامعة بغير دين يعصم الشخصية، هو تعليم الرذيلة تعليمها العالي …
وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ.
قوة الأخلاق يا شباب، قوة الأخلاق … إن الخطوة المتقدمة تبدأ من هنا.