قصيدة مترجمة عن المَلَك
وانطلق ذلك المَلَكُ وتركها في يدي لُغَةً من طهارته للمرأة الشرقية في ملائكيتها:
احذري …!
«احذري أيتها الشرقية وبالغي في الحذر، واجعلي أخصَّ طباعك الحذرَ وحدَه.
احذري تَمَدُّنَ أوروبا أن يجعل فضيلتك ثوبًا يُوَسَّعُ ويُضَيَّقُ؛ فلُبْسُ الفضيلة على ذلك هو لُبْسُها وخَلْعُها …
احذري فَنَّهم الاجتماعي الخبيث الذي يَفرض على النساء في مجالس الرجال أن تؤدِّيَ أجسامُهُن ضريبةَ الفن …
احذري تلك الأنوثة الاجتماعية الظريفة؛ إنها انتهاءُ المرأةِ بغاية الظرف والرقة إلى … إلى الفضيحة.
احذري تلك النسائية الغزلية؛ إنها في جملتها ترخيص اجتماعي للحرة أن … أن تشارك البَغِيَّ في نصف عملها.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري التمدُّن الذي اخترعَ لقتلِ لقبِ الزوجة المقدَّس، لقبَ «المرأة الثانية» …
واخترع لقتل لقبِ العذراء المقدس، لقبَ «نصف عذراء» …
واخترع لقتل دينيَّة معاني المرأة، كلمةَ «الأدب المكشوف» …
وانتهى إلى اختراع السرعة في الحب … فاكتفى الرجل بزوجة ساعة …
وإلى اختراع استقلال المرأة، فجاء بالذي اسمه «الأب» من الشارع، لتلقي بالذي اسمه «الابن» إلى الشارع …
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري، وأنتِ النجم الذي أضاء منذ النبوة، أن تقلِّدي هذه الشمعة التي أضاءت منذ قليل.
إن المرأة الشرقية هي استمرار متصل لآداب دينها الإنساني العظيم.
هي دائمًا شديدة الحفاظ، حارسةٌ لحَوْزتها؛ فإن قانون حياتها دائمًا هو قانون الأمومة المقدس.
هي الطهر والعفة، هي الوفاء والأَنَفة، هي الصبر والعزيمة، وهي كل فضائل الأم.
فما هو طريقها الجديد في الحياة الفاضلة، إلا طريقها القديم بعينه!
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري — ويحكِ — تقليدَ الأوروبية التي تعيش في دنيا أعصابها محكومةً بقانون أحلامها …
لم تعد أنوثتها حالةً طبيعية نفسية فقط، بل حالة عقلية أيضًا تشكُّ وتجادِل …
أنوثةٌ تفلسفت فرأتِ الزوج نصف الكلمة فقط … والأم نصف المرأة فقط …
إنها بذلك حرة مساوية للرجل، ولكنها بذلك ليست الأنثى المحدودة بفضيلتها …
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري خجل الأوروبية المترجِّلة من الإقرار بأنوثتها.
إن خجل الأنثى يجعل فضيلتها تخجل منها …
إنه يُسْقِطُ حياءها ويكسو معانيها رجولة غير طبيعية.
إن هذه الأنثى المترجِّلة تنظر إلى الرجل نظرة رجل إلى أنثى …
والمرأة تعلو بالزواج درجةً إنسانيةً، ولكن هذه المكذوبة تنحطُّ درجةً إنسانية بالزواج.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
لقد ساوتْه في الذهاب إلى الحلَّاق، ولكن الحلَّاق لم يجد في وجهها اللحية …
إنها خُلقتْ لتحبيب الدنيا إلى الرجل، فكانت بمساواتها مادة تبغيض.
العجيبُ أن سرَّ الحياة يأبى أبدًا أن تتساوى المرأة بالرجل إلا إذا خسرتْهُ.
والأعجبُ أنها حين تخضع، يرفعها هذا السر ذاته عن المساواة بالرجل إلى السيادة عليه.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري أن تخسري الطباع التي هي الأليق بأمٍّ أنجبت الأنبياء في الشرق.
أمٍّ عليها طابع النفس الجميلة، تنشر في كل موضع جوَّ نفسِها العالية.
فلو صارتِ الحياة غيمًا ورعدًا وبرقًا، لكانت هي فيها الشمسَ الطالعة.
ولو صارت الحياة قَيْظًا وحَرُورًا واختناقًا، لكانت هي فيها النسيمَ يَتَخَطَّر.
أمٍّ لا تبالي إلا أخلاقَ البطولة وعزائمَها؛ لأن جَدَّاتها وَلَدْنَ الأبطال.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري هؤلاء الشبان المتمدنين بأكثر من التمدن …
يبالغ الخبيث في زينته، وما يدري أن زينته معلنةٌ أنه إنسان من الظاهر …
ويبالغ في عرض رجولته على الفتيات، يحاول إيقاظ المرأة الراقدة في العذراء المسكينة!
ليس لامرأة فاضلة إلا رجلها الواحد؛ فالرجال جميعًا مصائبُها إلا واحدًا.
وإذ هي خالطتِ الرجال، فالطبيعي أنها تخالط شهوات، ويجب أن تحذرَ وتبالغَ.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري؛ فإن في كلِّ امرأةٍ طبائعَ شريفةً متهورةً؛ وفي الرجال طبائعَ خسيسةً متهورةً.
وحقيقةُ الحجاب أنه الفصل بين الشرف فيه الميل إلى النزول، وبين الخسَّة فيها الميل إلى الصعود.
فيكِ طبائع الحب، والحنان، والإيثار، والإخلاص، كلما كبرتِ كبرتْ.
طبائع خطرة، إن عملتْ في غير موضعها … جاءت بعكس ما تعمله في موضعها.
فيها كلُّ الشرفِ ما لم تنخدعْ، فإذا انخدعتْ فليس فيها إلا كلُّ العار.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري كلمةً شيطانية تسمعينها: هي فنِّية الجمال أو فنِّية الأنوثة.
وافهميها أنت هكذا: واجبات الأنوثة وواجبات الجمال.
بكلمة يكون الإحساس فاسدًا، وبكلمة يكون شريفًا.
يجب أن تتسلَّحَ المرأةُ مع نظرتها، بنظرة غضب ونظرة احتقار.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
احذري أن تُخدَعي عن نفسك؛ إن المرأةَ أشدُّ افتقارًا إلى الشرف منها إلى الحياة.
إن الكلمة الخادعة إذ تقال لك، هي أخت الكلمة التي تقال ساعةَ إنفاذِ الحُكْمِ للمحكوم عليه بالشنق …
الحب؟ الزواج؟ المال؟ هذه صلاةُ الثعلبِ حين يتظاهر بالتقوى أمام الدَّجاجة …
الحب؟ الزواج؟ المال؟ يا لحمَ الدجاجة! بعض كلمات الثعلب هي أنياب الثعلب …
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
فَيَدُ العارِ تَقْلِبُ الحيطانَ كما تقلبُ اليدُ الثوبَ، فتجعلُ ما لا يُرى هو ما يُرى.
والعارُ حكمٌ يُنفِّذه المجتمع كله، فهو نفيٌ من الاحترام الإنساني.
أيتها الشرقية! احذري احذري!
•••
لو كان العار في بئر عميقة لقلبَها الشيطانُ مِئْذَنَةً، ووقفَ يُؤَذِّنُ عليها.
يفرح اللعين بفضيحة المرأة خاصة، كما يفرح أب غني بمولود جديد في بيته …
واللص، والقاتل، والسكير، والفاسق، كلُّ هؤلاء على ظاهر الإنسانية كالحرِّ والبرد.
أما المرأة حين تسقط، فهذه من تحت الإنسانية هي الزلزلة.
ليس أفظعُ من الزلزلة المرتجة تشق الأرض، إلا عارَ المرأة حين يشقُّ الأسرة.
أيتها الشرقية! احذري احذري!»