حلقات النصر
(موسيقى.)
صوت
:
الحمد لله هزم المرتدين.
آخر
:
سبحانه! الحمد له أوَّلًا وأخيرًا.
الأول
:
لقد نصَرنا على القوم الظالمين، وهيَّأ لنا ذلك السيف الصقيل.
الثاني
:
سيف الإسلام، وقاهر الشرك، وعدو الكفار.
الأول
:
إنه خالد يا أخي، ما سار على جيشٍ إلَّا كان النصر بعض جنده.
الثاني
:
عقلٌ وحسامٌ، يدبِّر فهو الملهَم لا تنِد عن فكره بادرة، ثم يخوضها فهو الإعصار
المحيط بأعداء الله.
الأول
:
لقد ثاب المرتدُّون جميعهم إلى الرشد، ومن أصرَّ منهم على كفره قُتل.
الثاني
:
تلك حدود الله، ولا زالت حدود الله قائمةً على الزمان.
الأول
:
والآن، أمَا آن لنا أن نستقبل جيوشنا وننعم بأولادنا؟
الثاني
:
يا أبا زياد، وما ضرَّ لو ابتعد عَنَّا البنون يرفعون لدين الله العمد، ويشدُّون
للإسلام الأطناب.
الأول
:
إنه والله عزُّ الدنيا والآخرة، والله ما ضقتُ بالشيخوخة يا أبا حنظلة إلا حينما
رأيتُ جيوش الله تزحف ولا تقوم بي الساق لأواكبها، ولا ينهض الجسم لألتمس إحدى
الحسنيَين من نَصرٍ أو جَنَّة.
الثاني
:
ليُخيَّل إليَّ أبا زياد أن الروح مني تتمرد على جسمي هذا الضاوي الهزيل تُريد أن تفك
عقالها وتنبعث إلى جيوش النصر تستبق واحدة من اثنتَين كلتاهما أحبُّ إليَّ من الشباب
الذي ولى، ومن كل أملٍ حقَّقَته لي أيامٌ مواضٍ أو ستُحقِّقه لي أيامٌ قوادم.
الأول
:
لك الله، أُحِس والله أن قلبي ينطق على لسانك. لكن أتظن الجيوش اليوم في طريقها
إلى العدو؟
الثاني
:
بل ما أظنها عائدة وشيكًا يا أبا زياد.
الأول
:
ولِمَ؟
الثاني
:
سمعتُ أبا بكرٍ بالأمس يبحث في أمرٍ جليلٍ.
الأول
:
وما هو؟
الثاني
:
لقد دعا بالأمس مشيريه وأصحاب الرأي.
الأول
:
وفيمَ دعاهم؟
الثاني
:
لقد ترامت إليه الأنباء بأن المثنى بن حارثة الشيباني قد استولى على القطيف وهجر،
وسار بجيش له حتى بلغ مصبَّ دجلة والفرات هازمًا الفرس كلما التقى بهم، وقد سأل أبو
بكر عن المثنى؛ فهو لم يكن يعرفه، فأجابه قيس بن عاصم المنقري.
صوت
:
هذا رجلٌ غير خامل الذكر ولا مجهول النسب ولا ذليل العماد، هذا المثنى بن حارثة
الشيباني، وهو من آل شيبان بن بني بكر بن وائل، وقد انضمَّ إلى جيوش المسلمين في
حرب المرتدين، وتزعَّم من بقي على الإسلام في بلاده.
الثاني
:
فعرف أبو بكر أنه يستطيع الاعتماد عليه.
الأول
:
الاعتماد عليه فيمَ؟ مالك لا تُبيِّن الأمر ولا تجلوه؟ تقول إن أبا بكر دعا ذوي الرأي
والمشورة، ثم تقول إنه سمع عن المثنى! أتراها الشيخوخة، أبا حنظلة، ألمَّت بك، فأنتَ
تَهرِف بما لا تعلمه؟!
الثاني
(ضاحكًا)
:
نحن شيوخ الجزيرة، يزيدنا السن عقلًا أبا حنظلة، ولكنه الأمر الجسيم.
الأول
:
ما هو؟
الثاني
:
أن أبا بكر يفكر في (يصمت).
الأول
:
بربك يا أخي قل: فيمَ يُفكِّر أبو بكر؟
الثاني
:
في فتح العراق.
الأول
(جازعًا)
:
فيم؟! أتعي ما تقول؟! في فتح العراق؟! في حرب كسرى؟!
الثاني
:
في حرب كسرى وفتح العراق.
الأول
:
ولكن بربك ما الذي يدعوه إلى هذا التفكير؟
الثاني
:
أمورٌ كثيرة؛ فهو يعلم أن هؤلاء المرتدين الذين هزمناهم لن يستنيموا على الهزيمة،
فلا بد أن يشغلهم بالفتح عن الثأر، ثم إن كثيرًا من إخواننا العرب يقيمون في الشام
والعراق، ولا بد لهم أن تبلغهم الدعوة إلى الدين القيِّم، ولعل هذه الفروع من العرب
تذكُر أصولها الضاربة في جزيرتنا فيميل العرق إلى العرق وتتجه الدماء إلى الدماء،
يجتذبهم دينٌ جديدٌ ناصع ومذهَّب رفيع متحد، هو أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا
رسول الله.
الأول
:
الله في عون الخليفة يا أبا حنظلة، الله في عون الخليفة.
(موسيقى.)
الراوية
:
وإن الله في عون الخليفة. وقد أرسل أبو بكر يدعو إليه المثنى بن حارثة الشيباني
كما أرسل يدعو إليه خالد بن الوليد. وما أسرع ما جاء الرجلان! فقال المثنى:
المثنى
:
يا خليفة رسول الله، أمِّرني على من قِبَلي من قومي، أقُاتل من يليني من أهل فارس
وأكفيك ناحيتي.
الراوية
:
فأمَّره أبو بكر على قومه، ورجع إليهم، وحين سأل أبو بكر خالدًا رأيه قال:
خالد
:
سيف الله في يدكَ يا خليفة رسول الله، أطلقني حيث شئتَ أعُد بالنصر المؤزر إن شاء
الله.
الراوية
:
وأمَّر أبو بكر خالدًا على القيادة العامة لجيوش الفتح.
(موسيقى عنيفة وطبول حرب تلازم كلام الراوية.)
وخرج خالد على عشرة آلاف من الجند، وسار بهم حتى التقى بالمثنى ورهطه.(تنقطع أصوات الطبول.)
خالد
:
إن طريقنا إلى الحفير.
المثنى
:
فكيف تريدنا أن نسير إليه؟
خالد
:
في فرقٍ ثلاث، وعليكَ أنت يا مثنى أن تسير في باكر الصباح مع جيشك، وبعد غدٍ سيلحق
بك عدي بن حاتم الطائي، ثم أتبعكم أنا.
(موسيقى تُعبِّر عن السير ويحسُن أن تتخلَّلها أصوات خيل وضجيج.)
الراوية
:
وسارت الجيوش، وأرسل خالد من قِبَلِه رسولًا إلى هرمز أمير الفرس في هذه المنطقة،
وكان رسول خالد يحمل رسالةً خطَّها خالد بسيفه، فهي الرعب المُفرِّق، وبلَّغ الرسول
هرمز.
صوت
:
أسلم تسلم، واعتقد لنفسك وقومك الذمة، وأَقرِر بالجزية، وإلا فلا تلومن إلا نفسك؛
فقد جئتُكَ بقومٍ يُحبون الموت كما تُحبون أنتم الحياة.
الراوية
:
ونزل خالد عند الحفير ونزل برجاله عند الماء، وقال لهم:
خالد
:
ألا انزلوا وحُطُّوا أثقالكم، ثم حاربوهم عن الماء، فلعمري ليصيرن الماء لأصبر
الفريقَين وأكرم الجندَين.
الراوية
:
وجمع هرمز جيوشًا، ولكنه كان خالدًا لا يُهزم؛ فهو يجمع رءوس قومه
يشاورهم.
هرمز
:
إنه خالد.
صوت
:
نعلم ذلك. إنه خالد.
هرمز
:
وماذا تَروْن؟
صوت
:
إننا في الكثيف من الجند، فلو كانوا ألف خالدٍ ما استطاعوا اليوم لكثرتنا
دفاعًا.
هرمز
:
بل إنه خالدٌ واحد يا أخي، ولا سبيل لنا إليه.
صوت
:
ونحن في هذا العدد الضخم، ونحن على هذه الخيول المطهَّمة، ونحن بهذا الزاد الوافر
وهذا الجيش العنيف؟!
هرمز
:
ونحن كذلك. لا سبيل لنا إلى النصر ما دام خالد على رأس هذه الجيوش.
الصوت
:
نعود إذن أدراجنا نقول للملك أردشير إنه خالد وإننا لم نُطِق له دفعًا.
هرمز
:
بل اصبر يا أخي، إنما نحن نتفاوض الأمر فنرى فيه.
الصوت
:
إن جيوش العرب أمامنا تذودنا عن المياه، ولا ماء عندنا فنصبر، ثم أنت أيها الأمير
تقول تُفاوض الأمر وتَرى فيه.
هرمز
:
إنها الحرب يا أخي، رَويَّة وتفكير.
الصوت
:
بل إنها الحرب أيها الأمير، ضِراب وطِعان.
هرمز
(ساخرًا)
:
غرَّتكَ نفسُك أيها المسكين. إنها الحرب والطعان إن كان الجيشان متكافئَين. أمَّا
وخالد على رأس جيش فلِعَدُوِّه الموت والهلاك.
الصوت
:
لنقعد إذن نندبُ حظَّنا، أم نعود أدراجنا، أم لديك أيها الأمير حيلةٌ تُخرج لنا بها
الماء من هذه الصحراء فنشرب؟
هرمز
(في فرح)
:
الحيلة. لا يُغلَب خالد إلا بالحيلة. لا سبيل لنا إليه في الحرب ولكنَّنا قاتلوه
بالحيلة. اسمعوا إني أعرف في خالد حميةً عربيةً تثور إذا أُثيرت، فإنِّي أدعوه إلى
المنازلة حتى إذا خرج إليَّ …
(موسيقى.)
هرمز
(صائحًا)
:
أين خالد؟
خالد
(ساخرًا في صوتٍ خفيضٍ)
:
ساذجةٌ حيلتُك يا عبد الكفر. اسمعوا أيها الإخوان إني سأخرج، فتربَّصوا بالقوم،
فإنهم حين يَرونَني منفردًا وإياه سيخرجون إليَّ يَبْغون قتلي وأنا بمعزلٍ عنكم،
فانفروا أنتم إليهم قبل أن يبلُغوا مكاني.
صوت
:
أيريدون قتلكَ غيلة؟ والله لنُصلينَّهم نارًا حامية؟
خالد
:
انتبهوا.
هرمز
(صائحًا)
:
فخالد إذن حديثُ خرافة لا جدَّ فيه، أين مُدوِّخ الأبطال، أين صاحب الأساطير، أين؟!
خالد
(مقاطعًا)
:
إليك، إليكَ يا فتى الكفر.
(موسيقى فيها خطورة تنتهي بقعقعة سلاحَين.)
صوت
:
الله أكبر. إلى الكفرة أيها المسلمون.
الراوية
:
وصدق حَدْس خالد؛ فقد كان هرمز قد أوصى قومه إذا رأوا خالدًا يُقارِعه أن يخرجوا
إليهما ويُحيطوا بخالد فيقتلوه، ولكن جيش خالد أحبط حيلتَهم وسارع إلى جيوش الكفار قد
استلَّ الروح الكافرة من جسم هرمز، وصاح جنود الفرس.
صوت
:
لقد قُتل هرمز.
أصوات
:
الفِرار، الفِرار (أصوات سلاسلَ
شديدة).
أصوات
:
وكيف الفِرار وهذه السلاسل تُحيط بنا؟
صوت
:
سلاسل؟
آخر
:
يا لَجبنِ الكفار، لقد قيَّدوا أنفسهم بالسلاسل حتى لا يفرُّوا من الحرب!
أصوات
:
حطموا السلاسل والفِرار، الفِرار (أصوات تحطُّم
السلاسل).
أصوات
:
الفِرار، الفِرار.
الراوية
:
وكان الفِرار، وانهزمَت جيوش الكفر وتبدَّد جمعهم هزيمًا، وخالد يصيح بجنوده:
خالد
:
أدركوهم. أريدهم أسرى، أو أريدهم قتلى. إن المواقع أمامنا كثيرةٌ، من ينجو منهم
اليوم فهو عائدٌ علينا في الغد. أدركهم أنت يا مثنى. تابعهم فلا تتركهم.
الراوية
:
وكانت ذات السلاسل هي الغزوة الأولى في فتح العراق، وقد أفاء الله على المسلمين
منها الفيء الوفير، وأرسل خالدٌ خُمس الغنائم إلى أبي بكر، وكان من بينها فيلٌ تعجَّب
له سكان المدينة، حتى قال بعضهم:
صوت
:
أيستطيع الفرسُ أن يصنعوا أفيالًا كثيرة كهذا؟
الراوية
:
ولكن الحرب لم تكن قد انتهت بعدُ؛ فإن أنباء الهزيمة كانت قد بلغَت الملك أردشير،
فإذا هو يدعو إليه قارن بن قريقس.
أردشير
:
يا قارن، إنها الهزيمة المنكَرة.
قارن
:
وإني لجالبٌ لك النصر يا مولاي.
أردشير
:
فالجيوشَ الجيوش، والسلاحَ السلاح.
قارن
:
فداؤك يا مولاي.
أردشير
:
أريد جيشًا لم يسمع العالم به. أيظن هؤلاء العرب أن شيئًا لا يردُّهم؟! هلُم يا
قارن.
قارن
:
لبَّيكَ يا مولاي.
الراوية
:
وتجمَّعتْ جيوش الفرس وسارت لتلتقي جيوش المسلمين. وفي الطريق التقى جيش الفرس
بالبقايا المتناثرة من جيوش هرمز، وحين يسألهم قارن:
قارن
:
ماذا حلَّ بكم؟
صوت
:
لا ندري.
قارن
:
لا تدرون؟!
صوت
:
هي الهزيمة لا ندري من أي مكانٍ كانت تحيط بنا. أهم جِنةٌ هؤلاء العرب؟ احتَلْنا
لنقل قائدهم ففَطنوا إلى حيلتنا، قيَّدنا أنفسنا بالسلاسل حتى لا نفر فإذا الرعبُ
فينا أقوى من سلاسل الحديد. حطَّمنا الحديد من الرعب ولم نستطع للعرب ولا لخالد
دفعًا. تقف أرجلُنا إن واجهنا جيوشهم، وأرجلهم كهبوب الرياح الطائرة إذا ولَّينا
الفرار. الموت يا مولاي، الموت في سيوفهم وأيديهم وخيولهم وعيونهم، بل الموت في
الهواء الخارج من أفواههم، الموت يا مولاي.
قارن
:
بعض ما بكم أيها الإخوان بعض ما بكم. انظروا إلى جيوشنا هذه، وحينئذٍ ستَرونَ
الموت الذي يُشيعونه بينكم سينقلبُ إليهم.
الصوت
(في يأس)
:
هيهات.
قارن
:
بل سننتصر.
الصوت
(في ضعف)
:
نرجو.
الراوية
:
دخل الجيش وكأنما أراد أن يقف في مطاردته هذه، دون المدائن عاصمة الفرس، ولكن
الأنباء جاءت إليه.
صوت
:
حنانَيكَ يا مثنى.
المثنى
:
ماذا؟
الصوت
:
الآلاف تقف الآلاف، على رأسه بطل الفرس وقائدهم قارن بن قريقس، وقد التقَت بفلول
الجيش التي تُطارِدها، وانضمَّت الفلول إلى الجيش فهم العدَد العديد.
المثنى
:
وأين ينزلون؟
الصوت
:
بقرية المذار.
المثنى
:
فمن لي بخالد؟
الصوت
:
من لنا به ودوننا ودونه القفار والعبيد؟
المثنى
:
فهي الشهادة إذن وبغير فتح.
الصوت
:
لا إله إلا الله.
المثنى
(في يأس)
:
لا إله إلا الله.
(موسيقى حزينة تنتهي بأصوات خيول وسيوف وجلبة.)
أصوات
:
البشرى، البشرى يا مثنى.
المثنى
:
هو خالد.
الصوت
:
الله أكبر. إنه النصر. إنه النصر.
الراوية
:
وهل خالد إلا النصر؟! والتقى الجمعان؛ أمَّا الفرس فكثيرٌ بعددهم قليلٌ بخوفهم،
وأمَّا العرب فقليلٌ برجالهم وخيولهم كثيرٌ بإيمانهم وعزيمتهم وخالدهم، ومتى صمد
الخوف للهزيمة ومتى ثبت الكفر للإيمان، ومتى لبث العدو لخالد؟ لقد رأى الفرس قُوَّادهم
من قارن إلى غير قارن يُقتَلون على أعينهم كما تُقتل النعاج، والبطل البطل منهم من
وجد طريقًا إلى الفرار فاتخذ سبيله إلى الفرار عَدْوًا. وإن كانت السلاسل قد عاقَتْهم
هُنَيهةً في الغزوة الأولى فهم اليوم خِفافٌ إلى النجاة سِراعٌ إلى التهرُّب؛ فإنه خالد،
وإنهم المسلمون.
خالد
:
الحمد لله.
المثنى
:
ما أظنهم يجتمعون بعدها أبدًا يا خالد.
خالد
:
تُحسن الظن يا مثنى، بل سيجتمعون. أتحسب أن أكاسرة الفرس يتنازلون عن كِبرهم في هذا
اليسر؟! بل إنها الحرب يا أخي، فانتظرها في كل يوم.
المثنى
:
وأين تراهم سيجتمعون؟
خالد
:
إن كسرى أردشير لن يسكت أبدًا.
الراوية
:
وصدق حدْس خالد، فما كان ليسكُت أردشير أبدًا؛ فقد بلغه ما كان من هزيمة جيوشه فهو
يدعو القوم فيُشيرهم.
أردشير
:
ما تَرون؟
الصوت
:
الذي ترى.
أردشير
:
أرى أن هؤلاء العرب قد طغى أمرهم.
الصوت
(كمن وجد حلًّا)
:
مولاي.
أردشير
:
ماذا؟
الصوت
:
لا شيء.
أردشير
:
كأنك وجدتَ طريقًا، ثم حِدتَ عنه.
الصوت
:
نعم، فقد فكَّرتُ يا مولاي لو أننا استعنَّا …
أردشير
(مقاطعًا)
:
بالعرب على العرب. نعم، فإن القبائل العربية الموالية لي إذا حاربَت هؤلاء
هزمَتْهم؛ فهي أدرى مِنَّا بقتالهم وبطرق قتالهم.
الصوت
:
ولكن إذا انتصروا يا مولاي فإن النصر سيكون ملازمًا للعرب ما يزال، فيهُون أمرنا
ويتسامع الناس عَنَّا إن لم نستطع أن نحارب العرب وحدنا فاستعنَّا عليهم
بإخوانهم.
أردشير
:
أنت مُحق ولكن، هناك حل. نعم، نجعل على العرب الموالين لنا «بهمن» أقدَرَ قُوَّادنا
فيكون النصر بيد العرب ويرجع الفضل فيه إلينا.
الصوت
:
أصبتَ يا مولاي، أحسنتَ يا مولاي، وُفِّقتَ يا مولاي.
(موسيقى.)
الراوية
:
شَهِد الله ما أصاب مولاه ولا أحسن ولا وُفِّق مولاه؛ فقد اجتمع العرب الموالون للفرس
وعلى رأسهم «بهمن»، جاءوا به وهو من أقدرِ قُوَّاد الفرس وأخذوا طريقهم إلى الولجة،
وبلغَت هذه الأنباء خالدًا.
خالد
:
فإني سائرٌ إلى الولجة.
صوت
:
وتترك بعضنا هنا.
خالد
:
سأترك بعض الجيش على هذه البلاد، ولكن حذارِ أن تخدعكم الهزيمة عن أعدائكم،
فكونوا على الحذَر الدائم.
الراوية
:
وأخذ خالد سبيله إلى الولجة، فيلقى بها «بهمن» ومن يلوذ به. وقبل أن يصل …
خالد
:
كتيبتك أنت يا زياد، وكتيبتك أنت يا حنظلة.
صوت
:
ماذا بكتيبتنا؟
خالد
:
ليَبقَ كلٌّ منكما هنا بكتيبته ثم سيرا على مبعدةٍ مِنَّا، حتى إذا تلاحم جيشنا وجيش
الكفار انبعثوا أنتم، أنت يا زياد عن يمين، وأنت يا حنظلة عن يسار.
(موسيقى.)
الراوية
:
وسمع الرجلان لأمر خالد، وتابع خالد مسيره حتى تلاحم الجيشان، ولكن المسلمين قد
أصبحوا في قلةٍ قليلةٍ والكفار ما يزالون في العديد من جيوشهم. لقد ترك خالد بعض
جيوشه في المذار، وترك كتيبتَين من خلفه، والمعركة سجال، يترجَّح فيها النصر بين
المسلمين والكفار. ولأول مرة رأت جيوش الفرس أن النصر لا يُلازم خالد طوال المعركة،
بل هو يميل حينًا إليهم ثم يعود طريقه إلى خالد. وبعث هذا التردُّد من النصر الأمل في
نفوسهم، وتأخَّرت الكتيبتان، واستيأس المسلمون في المدافعة، وكادت الهزيمة، كادت
…
أصوات
(غاية في القوة)
:
الله أكبر، الله أكبر.
المذيع
:
هيهات، هيهات لكلمة الهزيمة أن تصل بجيشٍ يقوده خالد. إنه النصر. إنه النصر
المؤزَّر. وهل كانت أيامُ خالد إلا حلقاتٍ من النصر متلاحقاتٍ متصلات لا يختل لها
نظام؟! لقد شاء ربك وإنما مشيئته أن يقول كن فيكون، وكانت مشيئته سبحانه أن يكون
خالد سيف الإسلام وبطل الحروب وجبَّار المعارك فكان، وكانت مشيئته سبحانه أن يُظهر
دينه على الدين كله فظهر، وتعلو كلمته في الآفاق فعلت، ويُشرق نوره في الأبصار
فأشرق، وصدق سبحانه وتعالى هو القائل:
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.