اعترافات فتى العصر
سقطَت أوروبا مُثخَنةً بالجراح بعد الحروب النابليونية الكبرى، لا تجد فرقًا بين مهزوم ومنتصر؛ فقد أكلَت المعارك زهرةَ شباب القارة، وتركَت البقيةَ الأخرى بجراحٍ روحية ونفسية يَصعب أن تندمل، وكان الألم الأكبر من نصيبِ شبابِ فرنسا الذين حلَّقت أرواحهم لذُرى ما ظنوه مجدَ الوطن، وأسكرَتهم الانتصاراتُ المتوالية، ليستيقظوا ذاتَ صباحٍ على هزيمةٍ منكرة سقطت بهم من علٍ، وطبعت أرواحَهم بالقلق والحيرة، وملأت أنفسَهم بالشكوك حيال الحياة وجَدْواها، مُزعزِعةً إيمانَهم بكل شيء. وكان بطل روايتنا «أوكتاف» أحدَ هؤلاء الشباب؛ فلم تُوفِّر له تجرِبتُه العاطفية الأولى السلوانَ عن مُصابه في وطنه، فابتُلِي بالخيانة من حبيبته مع صديقِ طفولته العابث، ثم فرَّ يبحث عن حبٍّ جديد وحياةٍ جديدة، لتَتكشَّف له عيوبُه التي لم يُخفِها، بل قرَّر أن يعترف بها للقارئ مُقرًّا بهشاشته وأنانيته.