للرجال فقط!
كان «أحمد» و«بو عمير» و«فهد» و«قيس» ومعهم «عثمان» على وشك الانتهاء من تجهيز وتحزيم حقائبهم، وقد وقف «أحمد» أمامهم، وقد أمسكَ بورقة صغيرة يُراجع فيها احتياجات المهمة الصعبة، وأخذ يردِّد من ورائه «عثمان» يؤكِّد … أسلحة … مساحيق … تخدير … مسدسات … إبَر … أجهزة تشويش … أدوات تنكُّر وغيره، كلُّ هذا من متطلبات العمل … وبعد أن تأكد الجميع من وجود كلِّ ما يلزم المهمة تفرَّق الشَّياطين للنوم عدا «أحمد» الذي ظلَّ ساهرًا يفكِّر في وَضْع الخطة المناسبة لفك أَسْر المصوِّر العربي «عبد الرحمن»، وأخذ يجول بفكره لدراسة كلِّ الاحتمالات التي يمكن أن يواجهوها هناك.
كانت خيوط الفجر تقترب ومعها النعاس الذي أطبقَ على جفنَي «أحمد»، فراحَ في سبات نوم عميق.
جاء الصباح الباكر بيوم عمل مشحون، فقد كانت التعليمات الصادرة من الزعيم رقم «صفر» بضرورة وجود رجال «المهمة الانتحارية» بقاعة الاجتماعات الصغرى في تمام الساعة الحادية عشرة صباحًا.
على الفور توجَّه «أحمد» و«عثمان» و«بو عمير» و«فهد» و«قيس» إلى القاعة، وما إنْ دقَّت الساعة لتُعلن الحادية عشرة حتى سمعوا أقدام الزعيم الخفي رقم «صفر»، فحيا الزعيم الشَّياطين بسرعة، ثم جلس خلف منصته الزجاجية.
قال رقم «صفر»: لقد جاءتنا معلومات جديدة بشأن «عبد الرحمن خميس» المصوِّر العربي المُحتجَز هناك، وأهم هذه المعلومات ما تخص الحارس الأعور الغريب ويدعى «ميسوفيتش»، فهو في منتهى الخطورة … وتصل مهارته في التصويب إلى درجة مائة في المائة، فهو يستطيع أن يستخدم يده اليسرى بمهارة غير عادية وهو قادر أيضًا على إصابة مجموعة من الأفراد متفرِّقين على نحو يثير الدهشة، فلا بد وأن تأخذوا حذركم تمامًا من ذلك القناص ذي العين الواحدة، فهو بمثابة عشرة رجال بمفرده. وأكرِّر: كونوا حَذِرين عند التعامل معه.
أما عن خطة السفر، فهي كالآتي: ستستقلون الطائرة المتوجهة إلى «إيطاليا» غدًا في الساعة التاسعة مساءً على خطوط شركة «مصر للطيران»، وستهبط الطائرة في مطار «روما» الدولي … وسيكون بانتظاركم في المطار أحد أعواننا، وستتعرفون عليه بسهولة؛ لأنه سيرتدي قبعة حمراء اللون بشريط أسود، وما عليكم إلا أن تذكروا كلمة «فرعون» سيرفع بعدها قبعته تحيةً لكم، ثم يسير أمامكم على بُعد ثلاثة أمتار … وفور خروجكم من المطار ستجدون سيارة ميكروباص زرقاء اللون بانتظاركم … ستركبون السيارة ومعكم صاحب القبعة الحمراء وستعرفون اسمه داخل السيارة ويُدعى «باريزي».
ستتجه بكم السيارة عَبْر رحلة طويلة إلى بلدة صغيرة على شاطئ البحر «الأدرياتيكي» اسمها «باري»، حيث تقضون ليلتكم هناك … وسينصرف «باريزي» عندما تصعدون على غرفكم … وفي الصباح سيكون «باريزي» بانتظاركم أسفل الفندق، وسيصحبكم في تمام الساعة العاشرة بتوقيت «إيطاليا» … عَبْر رحلة بحرية تقطعونها بقارب صغير إلى مدينة «سبليت»، ولن يترككم «باريزي» إلا بعد الالتقاء بعميلنا هناك ويُدعى «سلودان»، ومعه تبدأ مهمتكم الحقيقية.
ستجدون معه تفاصيل الرحلة إلى «سراييفو» … ثم أكمل رقم «صفر» حديثه بلهجة تحذيرية: لا تنسوا أن تأخذوا معكم كمية من الطعام تكفيكم أسبوعًا على الأقل، فالظروف في منتهى الصعوبة ومواد التموين قليلة جدًّا!
أخيرًا أتمنَّى لكم رحلة موفقة تعودون بعدها وقد أنهيتم مهمتكم الانتحارية على أكمَل وجهٍ. وفقكم الله. وانتهى الاجتماع على صوت أقدام رقم «صفر» وهي تبتعد … لينهض الشَّياطين بسرعة لإجراء بعض التمرينات الرياضية، وسرعان ما انضموا إلى بقية الشَّياطين.
كانت الساعة تقترب من التاسعة من مساء اليوم التالي حين توقفت السيارة «الشيفورليه» الحمراء أمام مقرِّ الشَّياطين … دقائق معدودة مرَّت، انتهى فيها رجال «المهمة الانتحارية» من وداع بقية الشَّياطين، ثم توجهوا بعدها إلى السيارة التي انطلقت بهم بسرعة باتجاه المطار.
عندما أعلنت ساعات المطار الحائطية تمام الساعة التاسعة، كانت الطائرة تتحرَّك ببطءٍ على الممر الطويل، وسرعان ما زادت سرعتها تدريجيًّا؛ حتى تركت المدرج، وطارت إلى الفضاء … لتبدأ مهمة الشَّياطين الانتحارية.