الهبوط في جلبانة!
اندهشت «إلهام» لما يقوله «أحمد» … فهي لا تعرف موقع السيارة … ولا تعرف شيئًا عن «عثمان» … والتقرير الذي قرأته عن السيارة … ليس به شيئًا عن تفجيرها … فمن أين أتى «أحمد» بهذه الأخبار … وبالفعل سألته هذا السؤال قائلة: من أين أتيتَ بهذه الأخبار؟
أحمد: إن كل مقراتنا … وسياراتنا بها خاصية التدمير عن بُعد … تحسُّبًا لموقف مثل …
إلهام: ولكنه ليس بها خاصية التدمير عن بُعد بواسطة «إلهام».
أحمد: إنه استنتاج منطقي.
إلهام: لا أرى فيه منطقًا.
أحمد: إذَن، لماذا طلب منك الزعيم قراءته؟
إلهام: لإيجاد البديل الجاهز ﻟ «عثمان».
ابتسم «أحمد» في سعادة … فقد أعجبه استنتاج «إلهام» … ورأى فيه تفسيرًا منطقيًّا لما طلبه منها رقم «صفر» … ولم يسمعها إلا عندما كرَّرت عليه سؤالها قائلة: أين أنت الآن؟
أحمد: أنا في طائرة هليكوبتر أحلِّق فوق القنطرة غرب.
وبسعادة قالت له: إذَن أنت في طريقك ﻟ «عثمان».
أحمد: هذا صحيح.
إلهام: كُن على اتصال دائم بنا.
أحمد: سيحدث … شكرًا!
إلهام: شكرًا!
نظر «أحمد» لقائد الطائرة بعد أن أغلق تليفونه وقال له: أظنك قد عرفت الآن تفاصيل كثيرة عن المهمة التي أقوم بها.
نظر قائد الطائرة له في تساؤل للحظات ثم قال له: لا تقلق يا سيد «أحمد».
أحمد: كيف سأقلق منك وأنت عضو في المنظمة؟
قائد الطائرة: هذا ما قرأته على وجهك.
أحمد: اعذرني … أنت لا تعرف لغة وجهي.
قائد الطائرة: وهل للوجوه لغة؟!
أحمد: أنت الذي قلت ذلك!
قائد الطائرة: أنا لم أقصده!
أحمد: ولكنه حقيقة.
قائد الطائرة: تقصد …؟
أحمد: نعم للوجوه لغة … ولليدين لغة … وللسان لغة.
قائد الطائرة: أين تعلَّمتَ كلَّ ذلك يا سيد «أحمد» … ومتى؟
أحمد: في كل مكان … وفي كل وقت.
قائد الطائرة: نحن نعرف أنكم أكثر أعضاء المنظمة تميزًا.
لم يتجاوب «أحمد» مع إطراء قائد الطائرة … وآثَر أن يغيِّر الموضوع … فقال له: لقد غادرنا «جلبانة».
قائد الطائرة: إن «بالوظة» على بُعد دقائق من هنا.
أحمد: أيمكنك أن تبحث معي عن مكان مناسب للهبوط؟
قائد الطائرة: هل سنفترق هنا؟
ابتسم «أحمد» وقال له: لم يكُن البحث عن مكان مناسب للهبوط أمرًا صعبًا … فالأرض على جانبي الطريق رملية مستوية وكان آخِر ما قاله قائد الطائرة ﻟ «أحمد» قبل أن يغادرها: إنك قائد ماهر يا «أحمد».
أحمد: أشكرك … ولكن لا تُدِر المحرك قبل أن أُنزل السيارة من الخلف.
وقفز «أحمد» … وقام قائد الطائرة بضغط زر بالتابلوه … ففتح بابًا خلفيًّا بها … ونزل طرفه حتى لامس الأرض … وظلَّ الطرف الآخَر معلقًا بالطائرة.
وصعد «أحمد» إلى بطن الطائرة … فاستقلَّ السيارة «اللاندكروزر» القابعة فيها … وأدارها ثم رجع بها إلى الخلف … حتى غادر الطائرة.
وارتفع باب الطائرة مرَّة أخرى … ثم دارت محركاتها … بإشارة من «أحمد» … وجنت مروحتها … وارتفعت وقائدها يتمنَّى ﻟ «أحمد» التوفيق.
وفي الوقت الذي انطلق فيه «أحمد» بسيارته على الطريق، كانت الطائرة من فوقه … تتابعه فاتصل «أحمد» بقائدها يسأله قائلًا: إلى أين أنت ذاهب؟
القائد: سأدور في المنطقة قليلًا قبل أن أعود.
أحمد: إذَن اسبقني وابحث معي عن «عثمان».
القائد: سيحدث.
ابتعدت الطائرة عن عيني «أحمد» حتى تلاشت تمامًا … غير أنه عندما ارتفع مع الطريق عاد ليراها مرَّة أخرى … فالطريق الدولي في سيناء … يرتفع وينخفض، ممَّا يسمح للطائرة بالاختفاء … وكذلك السيارة عند الابتعاد لمسافات.
وشاهد الطائرة … وهي تدور في كل مكان بحثًا عن «عثمان» إنهم الآن في منطقة بالوظة … وآثار المعسكر المحترق تنبئ عن قرب مكان «عثمان». فأين هو؟
وأكثر من مرَّة حاول «أحمد» الاتصال إلا أنه لم يفلح.
وعندما انطلق الصفير المتقطِّع من كمبيوتر السيارة … ظنَّ أن الذي يتصل هو «عثمان» … غير أنه عند تلقِّيه الاتصال … عرف أن قائد الطائرة … الذي قال له: لقد مسحت كل المنطقة … فلم أجده.
أحمد: شكرًا لك، تستطيع أن تعود.
قائد الطائرة: لولا أن الوقود لم يعُد يكفي إلا للعودة …
ولم يتركه «أحمد» ليكمل كلامه … بل قال له: لا عليك لقد قمتَ بأكثر مما طلبته منك … إلى اللقاء!
ودارت الطائرة في السماء حول نفسها … وقائدها يقول له: إلى اللقاء.
شعر «أحمد» أنه أصبح وحده … وأن عليه التحرُّك بسرعة لإنقاذ «عثمان»، فهناك مهمة أخرى تنتظره بعد ذلك. وهي إنقاذ «باسم».
وعلى يمين الطريق رأى جذع نخلة وبجواره مسدس تُخفي بعضَه الرمال.
فتوقَّف على بُعد خطوات منه … ثم اقترب منه على حذر. وانحنى يلتقطه.
فقرأ على يده حرفين عرف منهما أن هذا المسدس يخصُّ «عثمان».
وأن طرف الخيط أصبح في يده … فقام بالاتصال برقم «صفر» وأخبره بما وصل إليه … فقال له: «عثمان» في أمان.
أحمد: أين الزعيم؟
رقم «صفر»: مع الأعراب.
أحمد: وهل يعرفونه؟
رقم «صفر»: لا.
أحمد: ومَن أبلغك إذَن؟
رقم «صفر»: عميلنا هناك.