نماذج العقل: كيف شكلت الفيزياء والهندسة والرياضيات فهمنا للدماغ
لا تَنفَد أسرار الدماغ ولا تنضُب مكنوناتُه؛ فهذا العضو — الذي يتألَّف من ٨٥ مليار خلية عصبية تتصل معًا بواسطة ما يزيد على ١٠٠ تريليون مَشبك عصبي — لا يتوقَّف عن إذهالنا بعجائبه وقُدراته. ولطالما حاوَل الباحثون، على سبيل المثال، إيجادَ لغةٍ يمكِن استخدامُها لتوضيح جوهرِ ما تفعله الخلايا العصبية، وكشف آلية التواصُل فيما بينها، وإماطة اللِّثام عن الكيفية التي تنشأ بها أفكارُنا وتصوُّراتنا وأفعالنا بفضل نشاطها.
ويُوضِّح هذا الكتاب كيف مكَّنت نماذجُ الرياضيات العلماءَ من فَهْم العديد من عمليات الدماغ ووصفها، ومن بينها اتخاذُ القرارات، وتلقِّي الرسائل من المستقبِلات الحِسِّية وتحويلها إلى استجاباتٍ حركية وسلوكية ملائمة، وتخزينُ المعلومات واسترجاعها. وأثناء ذلك يُطلِع القارئَ على أهم المفاهيم في علوم الأعصاب الحديثة، مسلِّطًا الضوءَ على التوتُّرات التي نشأت عن إدخال النماذج الرياضية التي تتَّسم بالتجريد إلى علم الأحياء المليء بالتفاصيل. لننطلق إذن في هذه الرحلة المشوِّقة التي نستكشف من خلالها أسرارًا جديدة لهذا العالَم العجيب.