عن الحرية أتحدث
«وحريةُ التفكير إنما هي نوعٌ واحد من صورٍ متعددة تتبدَّى فيها الحرية، فهنالك العبدُ يعتقه مَولاه فيصير حرًّا، وهنالك السجينُ يُفكُّ القيدُ عن يدَيه أو قدمَيه أو يُفتح له بابُ سجنه ليخرج طليقًا، وهنالك الفردُ أو الشعب الذي تستبدُّ به سلطةٌ ما لتُرغِمه على سلوكٍ معين أو لتَحرمه من سلوكٍ معين، وقد يثور الفرد أو الشعب على مَن استبدَّ به، ليَسلكَ في حياته كما يريد لنفسه، أو أن يحكم نفسَه بنفسه على الصورة التي اختارها، وهنالك وهنالك …»
يتحدَّث «زكي نجيب محمود» عن الحرية، ولكنْ أيَّ حريةٍ يقصد؟ يُجيب عن هذا السؤال عبر تحليلِ مجموعةٍ من المفاهيم، بعضُها لصيقُ الصلة بالحرية، وبعضُها الآخر تَولَّد عنها، لإدراك المعنى الشامل لها، وكيف يتسنَّى لنا فَهمُها في إطارها الغربي الذي وُلدَت فيه مع الثورة الفرنسية رافعةً شعارَ الحرية، وما تَبِعها من الحريات الفردية التي أعلَت قيمةَ الفرد؛ وفي إطار التحرُّر من تقديس التراث العربي، بقراءةٍ مُعاصِرة تقوم على إعمال العقل؛ وفي إطار تحمُّل الإنسان العربي المعاصر مسئولياتِ هذه الحرية. كما يطرح سؤالًا آخَر حول الإنسان، وهو: ما الذي يجعل الإنسانَ إنسانًا؟ للوصول إلى الصورة المُثلى التي يطمح أن يكون عليها الإنسان، وهي وثيقة الصلة بالحرية، التي تُعَد الأساسَ لجميع القِيَم الإنسانية الأخرى، مثل: الحكمة، والعدل، والشجاعة، وغيرها من القِيَم.