في رثاء خليل مطران
أفكرٌ، وتمحوه يد الحدثانِ
فمن خالد في العالمين وفانِ
هو الوهم، حتى قارب الحق ضده
وكادا على الأفهام يشتبهان
وأقوالهم في الشمس غابت، وأشرقت
أحاديث غيٍّ فهي في دوران
ولكن شوق العين يترك حسرة
فينحب مكروب، ويدمع حان
أقِلَّ علينا اللوم إن كنت لائمًا
فليست رؤى الأفهام رأي عيان
ونحن من الدنيا يولِّهنا النوى
وننظر للأخرى بقلب جبان
ونجزع والإيمان ثبت بأهله
وليس لنا فيما نحس يدان
فيا أيها المستنطق الغيب، ما ترى
شهدت؟ وهل غيب هنالك ثان؟
وهل أبصرَتْ عيناك ما كنت تشتهي
على اللون خلف اللون من لمعان
هل الصوت أنغام؟ هل الظل رحمة؟
هل الطيب قلب دائم الخفقان؟
وهل هوت الأستار، وانجاب مظلم؟
مداه المدى، وانفكَّ عقد ثوان
أمَ انَّك ما زلت المنقِّب في الدُّجَى
عن الصبح؟ والإصباح ليس بدان
يُطالعك الحد الذي لا يزيله اجـ
ـتهاد، ولا يبليه وقع سنان
•••
حببناك لما راجع الشعر أهله
وناء بألفاظ وهزل زمان
ذكرناك خلَّاقًا أتى الحسن بابه
يُسائل عن أترابه ويُداني
تحمَّل أشتات الكلام لطائفًا
يُحار بهن الفكر غير مُهان
وتهدي اللآلي خرَّدًا ونظيمة
وترسلها للسبق يوم رهان
وهل كنت إلا ساحرًا وابن ساحر
وذا نسب في الساحرين هجان
ومن تك أرض الشمس أرض جدوده
تك الشمس من معناه لطف بيان
رفعت، وأحكمت القصائد، وانتمى
إليها يجر التيه خير لسان
فظنت مبانيها دنى في بعلبك
بناها، وأعلى صرحها الثقلان
وكم أثر للغرب سيرته لنا
قريشي ألفاظ إليك روان
بفضلك عاد الطيب أذكى، وأمرعت
خمائلنا بانًا ونفحة بان
وأضحى صفاء الضوء أصفى لناظر
وكاد نقيضا العمر يجتمعان
وصار بنو الإنسان أدنى قرابة
وأوفى زمامًا بعد طول حران
•••
ربيب الحجى كم إثر رزئك، والهٌ
بلبنان يروي خده عكفان
يفدِّيك عزًّا للمقيم وموئلًا
لصاف غريب يجتديك وجان
ومستنفر الأحرار في كل أمةٍ
بأرجاء نيل، أو شعاب عمان
تحس الجراحات التي تبتليهم
وتبني لهم، والحب أصدق بان
وما كنت إلا ابنًا للبنان حاملًا
رسالة إشراق وعهد أمان
ويا رب حسن بات بعدك موجعًا
ويا رب أحلام، ورب مغاني
كأنك يتَّمتَ الجمال، فلم يعُد
لساني لصوغ القول فيك لساني
أيهنيك أنَّا في البلية واجد
وشاك طويل الليل بعدك عان؟
فَنَمْ آمِنًا، نم أنت قدوة مُقتَدٍ
وقبلة مرجو الكمال حصان
جزاكَ الذي يُعطِي ويأخذ وحده
فما شأن قولي في نهاك وشاني