عُد، فأنت المراد١

أيها النازح المغرَّب مَهْلَا
نحن أوفى عهدًا وأقرب أهلَا
كلما أمعن الحبيب اغترابًا
أمعن الشوق في النفوس وأبلى
ما ترانا إلا كما نحن وجدًا
لا سلونا ولا الحنين تولَّى
أيها النازح المغرَّب لم تبـ
ـرح قلوبًا فلا برحت مطلَّا
أنت في كل ما يشيع من الحسـ
ـن بلبناننا وما يتجلَّى
في ازدحام الأضواء تعصب صنيـ
ـن وفي روعة الظلام المدلَّى
في خرير الغدران في صخب الشطـ
ـآن في نغمة أعز وأحلى
أفننساك؟ كيف؟ والنبع لا يُنـ
ـسى ولا النهر عن هواك تسلَّى
كيف؟ والدوح لا يصفِّق إلا
إن تسمَّى ولا يرقِّص ظلَّا
كيف؟ والزهر لا تبوح ولا تتـ
ـفق إلا كما على اسمك يُتلى
فكأنَّ الطِّيب الذي في الحنايا
لفتات إلى زمانك قبلَا

•••

من هو المرجف الذي أفسد الود
وأحيا الشكوك فيك وأملى
المريب الموثب الحقد والبغـ
ـضاء لم يفتأِ الأذل الأذلَّا

•••

عفو كفيك من تنكَّر للسمـ
ـح السخي المخصب الأرض بذلَا
من نفى سعيك الشجاع ومن أنـ
ـكر جدواك في العلا واستقلَّا
من تغاضي عن فضل معتنق الدهـ
ـم ومستكبر على الدهر فضلَا
أفتجزي مضناك صدًّا وإعرا
ضًا بما غَيْره يسومك ذلَّا؟
نحن صنوا هوًى وصنوا الْتياعٍ
عاذلي فيك من أرابك عذلَا
فَدَعِ اللوم والجفاء وعُد لي
وخذ الروح واحتكم وتَوَلَّا
عُد فأنت المراد أنت، «ولا عا
شت يمين تريد قطعًا وفصلَا»
عُد على الرحب، لن تضيق بأهليـ
ـها بلادي، ولن تشحَّ محلَّا
والتي يسأل العفاة فتحميـ
ـهم بنوها بما تكرَّم أولى
والحمى لن يكون إلا الحمى السمـ
ـح ومنا محكِّم فيه عقلَا
هزل الدهر، لا جننا مع الدهـ
ـر فأغنى من تعرفون وولَّى
تركوا المرتع الخصيب يبابًا
والمغاني الخضراء قفرًا ورملَا
واستباحوا حق الضعيف وسدُّوا
دون سعي الساعين للرزق سبلَا
قيدوا الشعب ويلهم! وأذاقو
ه ضروب الهوان صبرًا وخلَّا
وأنابوا عنه المخانيث حتى
كاد أن يكره الحمى المستقلَّا
قل لمستكبر عنيد له السيـ
ـف تواكل، فالحق أمضى وأعلى
١  ألقيَتْ سنة ١٩٤٨.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤