بشارة الخوري
لبنان، جدد آية للناس
واقْدم لهم قبسًا من الأقباس
علَّمتهم علم السماء فأدغلوا
من دون ما علَّمت بالأرجاس
وظننت أنك صنت قدر نفوسهم
فإذا النفوس رهينة الوسواس
طُرَدَاء همٍّ لا يقرُّ قرارهم
قلقون بين الشك والإيجاس
ضلوا الإله فكلهم متوهِمٌ
في نفسه ربًّا شديد الباس
واليأس يحترم القلوب بيأسه
فيقضِّب الأحلام حدَّ الكاس
أخذوا بناحية الرياح، وأمعنوا
في الفتح من قدسٍ إلى أقداس
فتكشَّفَتْ لَهُمُ الذرى عن سرها
وانصاع مكنون الجماد القاسي
وإذا عصارة كل سعي خيبة
فمنائح، فمآتم، فمآسي
من ذا لأقوام مدى أفراحهم
يأس أقلَّ على دروب الباس
فانهض ورُدَّ إلى الصواب قياسهم
أو ضلَّ كل فتى صريع قياس
انهض، فقد آتاك ربك سيدًا
متحدِّرًا من سادة سوَّاس
الرأي ما يبدي إذا طلب الحجى
أن يطمئنَّ إلى ركين أساس
فاسأله يمحضك المشورة أنه الـ
ـهادي إلى المشكاة والنبراس
كم محنة بكِ يا جبال أزاحها
وكريهة محبوكة الأمراس
هلَّا ذكرت غداة ليلك قاتم
عجز الأنيس به عن الإيناس
وبنوك أسلاب الشكوك أصابهم
خرس بما في الهول من إخراس
تلك الخطوب وقاك شر بلائها
ذاك الجريح بها، وذاك الآسي
في رفقة عهد الزمان وفاءهم
خلوًا من الأخلاف والأنكاس
فإذا دعا داعي الجفاء أزاله
متفانيًا، وكأنما هو ناسي
فتعلَّمي كيف السخاء، وعلِّمي
ما طاب من حلمٍ وصدق مراس
يا ذا الرئيس، لقد عصمت قصائدي
وجعلتهن مغانِي الإحساس
أنا ما مدحتك، غير أن شمائلًا
أملت عليَّ وجوَّدَتْ أنفاسي
لبنان، أدرك أن فضلك واحد
يزهى به أدبًا وطيب غراس
الراسيات الشامخات جباله
لولا جلالك كُنَّ غير رواسي
فلأنت من يحمي الحمى ببصيرة
عزَّتْ على الحكماء والفُرَّاس
قد جددوا لك، فالرئاسة تزدهي
والمجد في لبنان عالي الراس