لست وحدك بالشهيد١
مسهِّدَ أمة وغدٍ شرودِ
وحقك لست وحدك بالشهيدِ
لكم أمل طواه الموت غضًّا
وأحلام بأعمار الورود
وكم مستشهد منا صريع
على ناب الأسى ويد الجمود
جراحك في حنايانا جراح
ومضجعنا مقامك في الصعيد
لأنت ولو نَزَحْت نداء حرٍّ
مهيب بالسهول وبالجرود
وأنت نأيت لا تشقى لحي
ونشقى للقريب وللبعيد
تعز بك الحياة وندَّعيها
ويدفعك الخلود إلى الخلود
لِموتك في أضالعنا دويٌّ
وعصف مستبدٌّ في الكبود
فما ندري أيحيا الموت فينا
ونورده المنى قبل الورود
أَمَ انَّا نحن من نَرِدُ المنايا
وتصدرنا إلى عيش كئود
كأنك ما نزحت ولا عرفنا
بنات الدهر من بيض وسود
شهدت لجارة الأقداس لما
لَبِست ملاءة البطل النجيد
أبى الطغيان إلا أن يراها
ممزقة موزعة الحدود
وإلا أن تطوِّحها الرزايا
وأن تسبى وترسف بالقيود
وأن تمسي مكبَّلة وترمى
مكبلة لمقتنصٍ صيود
ولم تردعه أقداس نماها
سخاء الله من كرم وجود
فيا لك من مولَّهة تجازي
على الإحسان بالعمق الكنود
تعلِّم رحمة، وتسام خسفًا
وتحلم والأنام على جحود
لنا الحق الصراح، أكلُّ حق
أواصره من الطعن السديد؟!
بني أمي فدونَكُمُ رحاها
ولا تبقوا على بغيٍ ولود
أنسكر بالوعود إذا وُعدنا
ونُضْرِبُ حين نُضْرَبُ بالوعيد
ونجلو كل ليل مدلهمٍّ
بإرنان إلى المجد التليد
كأنَّ المجد يُطلب بالتغنِّي
وبالإكثار من ذكر الجدود
أعدَّتكم لدى البلوى دموع
وذخرُكُمُ النواح على اللحود
لأن تغنوا أبر وأن تواروا
أعز من التردد والقعود
ومن رضى المقام على هوانٍ
أحق به الفناء من الوجود
وكيف نطيق دفع الضيم أما
يهم بنا ونحن على حدود
أخي في الرافدين وفي البوادي
عدو أخي بجلَّقَ والصعيد
قبائل في النضال، فكيف نرجو انْـ
ـعتاقًا من يد القدر العنيد
وليس غريمكم وغدًا غريبًا
ولا ذاك العتي من اليهود
أعاديكم حُماتكمُ الدواهي
وكل مجلجل في السلم سِيدِ
يفرِّق في الخفاء ولا يُبالي
ويُبدي غيرة البطل النجيد
كأن الأرض إرثٌ عن جدودٍ
وهذا الشعب سرب من عبيد
ولو عادت فلسطين لباعوا
وأهدوا ما تيسر من جديد
فيا شعبًا سليبًا، كيف تُبلى
بما تُبلى، وتقبل بالرقود؟!
أتصبر مستزيدًا بعد صبر
وليس وراء صبرك من مزيد؟!
فجرِّد نقمة الأحرار سيفًا
وألهِب ما بصدرك من وقود
ولا تترك لباغٍ مستبدٍّ
مجالات إلى أجلٍ بليد
أدِلْ تلك الرءوس كما أدالت
وأهلِكْ باللهيب وبالحديد
إذا سُفِك الحياء فأيُّ نفعٍ
لِما يجري وينبض في الوريد؟
وعُد أنت الزعيم، فأنت أولى
بنفسك من أخي صلف حقود
تحدَّ الموت واعتصر الليالي
بجرأة مؤمن ويدَي مريد
يُلبِّ المجد من أقصى معد
ويهفُ العز خفَّاق البنود
صريع الغدر لا توحشْكَ دار
تباعد بِيدها في إثرِ بِيد
يطل بك الربيع، فأنت منه
مكان الطيب من مُهج الورود
١
في ذكرى الدكتور منصور معوض.