الفصل الثاني
الفن الإسلامي
فلما فتح العربُ العراقَ وإيران والشام ومصر وشمالي أفريقيا والأندلس؛ نما في أنحاء
الإمبراطورية فن ليس من الإنصاف أن نسميه فنًّا
عربيًّا Arab Art؛ لأن نصيب العرب فيه كان أقل من نصيب غيرهم من الأمم
الإسلامية.
وقد كان الأوروبيون يسمونه أحيانًا Art Saracenic من كلمة
Saracens التي لا نجد لها مرادفًا في اللغة العربية،
وهي لفظ من أصل يوناني Saraceni كان الإغريق يطلقونه
قديمًا على سكان القبائل البدوية التي كانت تقطن غربي نهر الفرات، ويُظن أنه مشتق من
كلمتي
«شرق» و«شرقيين»، ثم اتسع مدلول هذا اللفظ حتى شمل سكان شبه الجزيرة العربية عامة، وزاد
استعماله في عصر الحروب الصليبية، فغلب على سكان الشرق الأدنى من المسلمين الذين كانوا
يقاتلون الصليبيين. وإذا أردنا ترجمة هذا اللفظ إلى العربية لما وجدنا لتأدية معناه إلا
«العرب» أو «الشرقيين».
وهكذا نرى أن لفظ Art Saracenic لا يصح أن يشمل في العرف
الأوروبي إلا الفنون التي ازدهرت في بلاد العرب والعراق والشام، وربما في مصر أيضًا،
ولكننا
لا نستطيع أن نطلقه في ثقة واطمئنان على الفنون الإسلامية في الأندلس وإيران وتركيا
والهند.
وكذلك كان الأوروبيون يطلقون على الفن الإسلامي أحيانًا اسم Moorish
art والمعروف أن كلمة Moors
بالإنجليزية جاءت من Moro بالإسبانية — وهذه ترجع إلى كلمة
Mauri التي كان الرومان يطلقونها على سكان شمال غربي
أفريقيا، وقد كانوا يسمونها Mauretania — وأصبح لفظ
Moors يطلق على المسلمين في شمالي أفريقيا وفي الأندلس.
فالفن المغربي أو Moorish art هو الفن الإسلامي في إسبانيا
وفي تونس والجزائر ومراكش دون غيرها من الأقطار الإسلامية.
وصفوة القول أن «الفن العربي Arab art» أو «الفن الشرقي Saracenic art» أو «الفن المغربي Moorish art» كلها أسماء ليست جامعة، ولا شك في أن أفضل اسم للفنون التي
ازدهرت في العالم الإسلامي هو «الفنون الإسلامية»؛ لأن الإسلام كان حلقة الاتصال بينها،
ولأنه جمع شتاتها وجعلها وحدة متميزة على الرغم من تباين أصولها.